كتب جديدة عن السعودية.. الفهم وسوء الفهم

مقاربات جديدة حيال التخطيط الاقتصادي.. وإعادة النظر إزاء أجندة الإصلاح الداخلية من زوايا جديدة

أغلفة بعض الكتب التي تتناول السعودية بصفتها كيانًا حيًا ومجتمعًا متغيرًا
أغلفة بعض الكتب التي تتناول السعودية بصفتها كيانًا حيًا ومجتمعًا متغيرًا
TT

كتب جديدة عن السعودية.. الفهم وسوء الفهم

أغلفة بعض الكتب التي تتناول السعودية بصفتها كيانًا حيًا ومجتمعًا متغيرًا
أغلفة بعض الكتب التي تتناول السعودية بصفتها كيانًا حيًا ومجتمعًا متغيرًا

يتسابق كتاب كثيرون في أوروبا والولايات المتحدة في الكتابة عن المملكة العربية السعودية وشؤونها، لأسباب متباينة؛ تاريخية وسياسية، فهي دولة عربية كبيرة، ولاعب رئيسي في النظام الجيو - سياسي في منطقة الشرق الأوسط، ومستودع أكبر احتياطي للنفط في العالم، بالإضافة إلى التغييرات الكبيرة التي تشهدها المملكة، التي تجسدت في «رؤية 2030». ولكن القليل من هذه الكتب يتناول المملكة العربية السعودية بصفتها كيانًا حيًا ومجتمعًا متغيرًا، يتعذر فهمهما وإدراك ماهيتهما من خلال الكليشيهات التي عفا عليها الزمن، بينما يسقط كتاب آخرون ضحية أفكارهم المسبقة، وتصوراتهم أو أغراضهم الآيديولوجية، أو في أفضل الأحوال، نتيجة عدم معرفتهم بالبلد معرفة موضوعية شاملة تساعدهم على الفهم الصحيح. وتنشر «الشرق الأوسط» هنا أهم ما جاء في تلك الإصدارات، التي نشرت حديثًا في عدد من الدول الأوروبية، والأميركية.
إن أعددنا قائمة تضم عشرين أو أكثر من البلدان التي دائما ما تظهر أخبارها في الصحف ووكالات الأنباء، وليس ذلك دائما لأفضل الأسباب، فسوف تحتل المملكة العربية السعودية مكانا بارزا بكل تأكيد.
هل تشعرون بشيء من القلق حول الموقع المستقبلي للإسلام في خضم النظام العالمي الذي يزداد تعقيدا؟ حسنا، لن يمكنك الوقوف على عرض كامل للأمر من دون معرفة بعض المعلومات المهمة حول المملكة العربية السعودية. ولعلكم تتساءلون ما الذي سوف يحدث في منطقة الشرق الأوسط الجاثمة على نيران الحروب المشتعلة في العراق، وسوريا، واليمن، والتي تبعث بمزيد من التهديدات والمخاطر، بما في ذلك التحركات الجماعية للاجئين التي تلوح في أفق البحر الأبيض المتوسط، وأوروبا، وربما وصولا إلى الكتلة القارية الأوروبية الآسيوية.
ومرة أخرى، لا يمكن استبعاد المملكة العربية السعودية، وهي الدولة العربية الكبيرة واللاعب الرئيسي في النظام الجيو - سياسي في منطقة الشرق الأوسط، من مشهد الأحداث وتحليلاتها. وهناك، أيضا، مكان بارز للمملكة العربية السعودية، سواء بصفتها ضحية من ضحايا الإرهاب، أو باعتبار أن بعض الإرهابيين هم قلة قليلة من مواطنيها. ولأنها مستودع أكبر احتياطي للنفط في العالم، فإن المملكة العربية السعودية تحتل كذلك مكانة بارزة في أي دراسة علمية معنية بشؤون الوضع العالمي للطاقة.
إن المملكة، التي تحتل موقعها في نقطة التقاء قارتي آسيا وأفريقيا، هي الأقرب من الطرق الملاحية العالمية الأكثر ازدحاما، كما أن لديها موقعها المهم على رقعة الشطرنج الجيو - استراتيجية العالمية، ولقد سلطت الضوء في الآونة الأخيرة على مشكلة قرصنة الخطوط الملاحية في خليج عدن والبحر الأحمر.
وتجتذب المملكة العربية السعودية قدرا من الاهتمام أكبر من المعتاد لسبب آخر: هو أنها تمر بفترة انتقالية تتميز بتغيير في الأجيال، ومقاربات جديدة حيال التخطيط الاقتصادي، وإعادة النظر إزاء أجندة الإصلاح الداخلية من زوايا جديدة. وليس من المستغرب، أن تجود قرائح بعض الكتاب في أوروبا والولايات المتحدة ببعض الكتب الجديدة حول المملكة العربية السعودية وشؤونها.
ويمكن تقسيم تلك الكتب إلى فئات ثلاث: بعض منها تقارير صحافية مباشرة تغلب عليها بعض الانتقاءات التاريخية والتكهنات المستقبلية. والبعض الآخر رسائل جامعية تستند في كثير من الأحيان إلى أسس العمل الأكاديمي. وفي الفئة الأخيرة نجد الكتب التي يحاول أصحابها تصفية بعض من الحسابات الآيديولوجية مع المملكة العربية السعودية.
وما ينقص هذه الفئات، مع بعض الاستثناءات القليلة، أو، على أقل تقدير، الفئة التي لم تنل حظها الكافي من الاهتمام، هي الكتب المعنية بالمملكة العربية السعودية بصفتها كيانًا حيًا، ومجتمعًا متغيرًا، يتعذر فهمهما وإدراك ماهيتهما من خلال الكليشيهات التي عفا عليها الزمن، ولنضرب على ذلك مثالا؛ فكثيرا ما وصفت المملكة بأنها «مجتمع مغلق». ولكن كيف يمكن توصيف الدولة التي يعيش 30 في المائة من سكانها في خارجها، مغتربين في أكثر من 80 بلدا حول العالم، بأنها «مجتمع مغلق»، هذا بالإضافة إلى ملايين الحجاج الأجانب الذين يفدون إلى الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية كل عام؟ الادعاء بأن المملكة مجتمع مغلق أمام العلماء الأجانب ووسائل الإعلام الخارجية، هو من الادعاءات التي يصعب الدفاع عنها؛ إذ يمكن للمرء في زيارته لأي من المدن السعودية الكبرى مقابلة نصف دزينة من العلماء والأكاديميين، وأغلبهم من أوروبا أو من الولايات المتحدة، وهم يعملون في مشروعات بحثية غالبًا ما تقوم المملكة العربية السعودية بتمويلها. أما بالنسبة لوصول وسائل الإعلام الخارجية، فهناك من يعتقدون أن كبار المسؤولين السعوديين يمضون كثيرًا من أوقاتهم في الحديث إلى الصحافيين والمراسلين الأجانب.
أما بالنسبة للدين، فهناك كليشيهات تصور المملكة على أنها المكان الذي ينبع منه الإيمان بلون أحادي الطيف. وفي واقع الأمر، ورغم كل شيء، فإن المملكة العربية السعودية تضم مجاميع من كل المدارس الإسلامية تقريبًا، ناهيكم بالمغتربين المسيحيين، والهندوس، والبوذيين، وأتباع الديانات الأخرى، الذين يعيشون في المملكة العربية السعودية.
هناك كتب، أيضًا، تصور المملكة العربية السعودية على أنها مجرد صحراء؛ ماديًا وثقافيًا.
ما يتعلق بالجزء المادي قد يكون صحيحًا إلى حد كبير، رغم أنه في هذه الأيام حتى صحراء الربع الخالي المذهلة، الواقعة في جنوب شرقي المملكة، ليست منطقة معزولة تمامًا كما كان حالها قبل نصف قرن من الزمان. أما بالنسبة للثقافة، فيمكن وصف المملكة العربية السعودية بأي شيء إلا أنها صحراء جرداء؛ فالمكان برمته مليء بالشعراء، والرواة، والمؤرخين، والأكاديميين، والمفكرين، وهي الفئة العزيزة للغاية على قلوب العرب. حتى البرامج التلفزيونية السعودية، بما في ذلك البرامج الكوميدية منها، حازت الآن جمهورَها العريض داخل وخارج حدود المملكة. وشهدت البلاد أيضا إحياء كثير من الفنون القديمة والحرف التقليدية، وإن كانت بسبب أن الطبقة الوسطى باتت توفر السوق الطبيعية لاستيعابها.
وصدقوا أو لا تصدقوا، هناك عدد ليس قليلا أيضا من الرسامين السعوديين الذين تستحق أعمالهم الفنية مزيدا من التقدير والاهتمام. وسوف تتضمن احتفالات توزيع جوائز الأوسكار المقبلة في هوليوود فيلما روائيا سعوديا للمرة الأولى، وهو فيلم كوميدي، ومن الأفلام المرشحة للحصول على جائزة أفضل فيلم أجنبي لهذا العام. (سوف يدخل الفيلم السعودي منافسا لفيلم روائي إيراني في المسابقة ذاتها!)
«المجتمع المحافظ» هو أحد الأوصاف الملحقة دائما بالمملكة العربية السعودية، الذي يصورها على أنها مجتمع مناهض للتغيير. ورغم ذلك، فإن هناك بعضًا مما يسمى «الدول النامية» التي خبرت مختلف مستويات وصعوبات التغييرات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية التي مرت بها المملكة العربية السعودية منذ عقد الخمسينات من القرن الماضي، عندما اتخذ العاهل الراحل الملك سعود بن عبد العزيز أولى خطواته نحو الإصلاح.
ويمكن لأولئك الذي تابعوا أحوال المملكة العربية السعودية خلال نصف القرن الماضي الشهادة على التغيرات المادية الهائلة، التي غيرت من وجه الحياة تماما في المدن والقرى السعودية شبه المهجورة، وحولتها إلى مراكز حضرية حديثة. ويمكن لنتائج تلك التحولات الهائلة ألا ترضي أولئك الذين يقتلهم الحنين إلى الماضي العربي الرومانسي القديم. ولكن ليس بمقدور أحد إنكار مختلف مجالات التغيير المشهودة حاليا في مختلف أصقاع المملكة.
وكان استحداث أدوات الحياة الحديثة كافة في المملكة العربية السعودية، وبوتيرة سريعة، من نظام الهواتف المبكر، الذي كان محظورا لفترة طويلة، قد نقل المملكة إلى العصر الحديث لتكنولوجيا المعلومات العالمية. ودخل كثير من الجوانب الأخرى للحياة المعاصرة كذلك في نسيج المجتمع السعودي، ملتفّة في بعض الأحيان على حالات التردد العصيبة أو العداءات الناجمة عن بعض التفسيرات الدينية. ومن بين هذه الملامح الحديثة كانت المصارف، وشركات التأمين، والمؤسسات العامة، وبطبيعة الحال، الخدمات المدنية والعسكرية المنظمة تنظيما حديثا. كما نتج عن توفير التعليم الأساسي الإلزامي والتوسع السريع في التعليم الثانوي والجامعي، للبنين والبنات على حد سواء، وجود جيلين من المواطنين السعوديين من أصحاب الخلفيات التعليمية ذات الطراز الحديث.
ومن التوصيفات الأخرى التي وصفت بها المملكة العربية السعودية، صفة «المجتمع القبلي»، من حيث استحضار صورة محاربي الصحراء القدماء الذين ينطلقون على الجياد أو الجمال إلى المعارك بالسيوف والرماح. ومع ذلك، فإن المملكة العربية السعودية اليوم مجتمع حضري إلى حد كبير، وظهرت أشكال جديدة من التنظيم إلى حيز الوجود، بما في ذلك النقابات المهنية، وغرف التجارة والصناعة، والأندية الأدبية والاجتماعية، ونقابات الخريجين، وجماعات الضغط التي تنظم الحملات لنصرة مختلف القضايا. وبالطبع، هناك مجلس الشورى السعودي، الذي تطور وبشكل مطرد إلى جهاز تشريعي حديث مفعم بالحيوية والنشاط.
وللأسف، فإن أغلب الكتاب والمؤلفين في الشأن السعودي يخصصون مساحة كبيرة من مؤلفاتهم للحديث عن الماضي، منذ منشأ الدولة السعودية في القرن الثامن عشر، ويصورونه كمجتمع بدائي وذلك على حساب المجتمع السعودي القائم والحيوي والمتغير الذي تشهده المملكة في العصر الحاضر، وكذلك في الماضي. وهو مثل تأليف كتاب عن الولايات المتحدة الأميركية مع تكريس جُل صفحات الكتاب للحديث عن الأيام الأولى للمهاجرين الأوروبيين وحروبهم مع الهنود الحمر.
أما كتاب «المملكة العربية السعودية في المرحلة الانتقالية: رؤى حول التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية»، وهو من تأليف برنارد هيكال، وتحرير توماس هيغهامر، وستيفان لاكروا، ويتضمن إسهامات من بعض الأكاديميين السعوديين، فهو يقفز بالقارئ متجاوزا الماضي البعيد، ويخصص الفصول الخمسة عشر لمعالجة مختلف جوانب التطوير والتنمية في المملكة العربية السعودية.
وفي بعض الأحيان، يعترف الكتاب بواقع التغيير المشهود في المملكة العربية السعودية. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك كتاب يحمل عنوان «التفحيط في الرياض: ثورة التغيير في النفط والعمران والطرق»، من تأليف باسكال مينوريه. وهو يعرض لنا في كتابه صورة للشباب حديثي السن الذين ينطلقون في سياراتهم الحديثة يلتهمون الطرق السعودية السريعة التي غالبا ما تكون، لحسن الحظ، خالية من المارة أو السيارات. ويعد المؤلف هذا الأمر صورة من صور المشكلات الاجتماعية ذات النغمات المثيرة. ومع ذلك، فإن هواية «التفحيط» في الشوارع ليست بكل تأكيد من اختراع المملكة العربية السعودية. ففي واقع الأمر، أن المثال الأول لها كان في فيلم «ثائر بلا قضية» من إخراج نيكولاس راي في عام 1955 وبطولة الممثل الأميركي الراحل جيمس دين.
لو حاول السيد مينوريه أن يمعن النظر قليلا، لكان لاحظ أن للشباب السعودي وسائل أخرى للترفيه وقضاء الأوقات بدلا من مجرد تقليد جيمس دين. ومع ذلك، فإن الكتاب يستحق الاهتمام لأنه ينظر للمجتمع السعودي من زاوية فنون العالم الحديث المشتبكة بهموم الحياة الحضرية المعاصرة.
ومن الكتب التي تتبع آثار الماضي كتاب «تحديث الصحراء: الأميركيون، والعرب، والنفط على التخوم السعودية بين 1933 - 1973 (الثقافة، والسياسة والحرب الباردة)»، من تأليف تشاد باركر. وهو يسرد لنا قصة شركة «أرامكو»، أو شركة النفط الأميركية السعودية التي أسست في ثلاثينات القرن الماضي، وأصبحت واحدة من كبريات شركات الطاقة في الأسواق العالمية.
وأسلوب السيد باركر حاد بعض الشيء، وفي بعض الأحيان هادئ ولطيف. ولكنني أرى أنه يغالي كثيرا في الدور الذي تلعبه الشركة النفطية، والولايات المتحدة في المجمل، في صياغة وجه الحياة في المملكة العربية السعودية حاليا. والزعم المبالغ فيه بصورة خاصة، هو ادعاؤه أن «أرامكو» قد ساهمت في «بناء الدولة» في المملكة، وهو الأمر الذي لم تكن الشركة النفطية مؤهلة له من الناحية المادية أو مجهزة له من الناحية الفكرية.
وليس هناك من شك أنه، بعد الاجتماع التاريخي الذي جمع العاهل السعودي الراحل الملك عبد العزيز بالرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت في عام 1945، قد احتلت الولايات المتحدة الأميركية مكانا بارزا في المشهد الجيو - سياسي السعودي الكبير.
غير أن ذلك لا يعني بالضرورة أن واشنطن حاولت تصدر الدور الريادي في تنمية وتطوير المملكة العربية السعودية كما يشير باركر في كتابه،
حيث يقول إن الدبلوماسيين الأميركيين كانت لديهم أوامر مسبقة بالتركيز على «القضايا المعتادة» من حقوق الإنسان، والمساواة للمرأة، والتنوع الديني، من واقع أنها مسائل روتينية الطرح في معرض الاتصالات الرسمية الدائمة مع المسؤولين السعوديين. ولكن واشنطن لم تنتوِ أبدا ممارسة أي قدر من الضغوط الحقيقية على المملكة العربية السعودية في ما يتعلق بقضايا كهذه.
بل في الواقع، أصدر دين راسك، وزير الخارجية الأميركي في إدارة الرئيس الأسبق جونسون، أوامره إلى الدبلوماسيين الأميركيين عام 1965 بالابتعاد الواضح عن أي تصريحات تمس الشأن السعودي الداخلي، إذ قال آنذاك: «إن العاهل السعودي يدرك جيدا وأفضل منكم صالح شعبه وبلاده».
ويسرد كتاب توبي ماثيزن الذي يحمل عنوان «السعوديون الآخرون: التشيع، والمعارضة، والطائفية» افتراضات روتينية يدلي بها كثيرا مختلف الكتاب حول الشأن السعودي أن الدولة التي أسسها الملوك السعوديون المتعاقبون كانت ملتزمة للغاية بمصادقة علماء الدين على سياساتها الداخلية. غير أن السيد ماثيزن، رغم كل شيء، يقول إن الأمور في المملكة العربية السعودية لم تكن بمثل هذه البساطة.
في واقع الأمر كان الدين في المملكة الناشئة، هو الملحق بالدولة، وليس العكس من ذلك. وفي أغلب الحالات والقضايا تقريبا، كانت مصالح الدولة، وعلى رأس أولوياتها الاستقرار والأمن، تتفوق على الاعتبارات والتفسيرات الدينية التي كان يثيرها غالبية رجال الدين.
وكما هو ملاحظ بالفعل، كانت شبه الجزيرة العربية مفعمة بالتنوع الديني بأكثر مما كان معروفا أو مفترضا.
ومنذ القرن الثامن الميلادي، كانت هناك طوائف شيعية تعيش في المدينة المنورة، وقبائل الشيعة الإسماعيلية في نجران، ناهيكم بالشيعة الزيدية، وهي من العشائر الأصيلة الموجودة في مختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية
ويحاول السيد ماثيزن توصيف شيعة المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية بأنهم محرومون من حقوقهم، ولكنه سرعان ما يلاحظ أن تلك الطائفة لديها مدارسها الدينية الخاصة، والمعروفة باسم الحوزات العلمية، التي تشرف على تعليم وتدريب علماء المذهب الشيعي، ومن بينها إحدى الحوزات الخاصة بالنساء، وهي على اتصالات دائمة ومنتظمة مع رجال الدين الشيعة في مدن النجف، وبيروت، وقُم، كما يُسمح لهم دوما بإقامة الاحتفالات الشعبية الخاصة بالأعياد الدينية في تقويمهم السنوي، ولا سيما في شهري المحرم وصفر من كل عام.
ويكرر سيمون روس فالانتين الخطأ نفسه الذي وقع فيه كثير من المؤلفين عن الشأن السعودي، وذلك في كتابه المعنون: «القوة والتعصب»، حيث تصور وجود عقيدة دينية محددة ورفعها لمستوى الدين الرسمي في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، يعلم علماء الدين الإسلامي جيدا أنه لا يوجد في الإسلام ما يُعرف بمذهب محدد، وأن الدولة السعودية تقدم نفسها للعالم بصفتها دولة ملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وليس بنسخة ما من أي آيديولوجية دينية محددة.
ومن الواضح أن فالانتين قد بذل قصارى جهده للوقوف على التجاوزات ووضعها تحت أضواء المسرح العالمي، حيث يستشهد بعدد من القواعد والقيود الصارمة التي يفرضها المجتمع السعودي، وكثير منها يعود بجذوره إلى التقاليد القبلية القديمة بدلا من كونها تفسيرات لتعاليم الدين الإسلامي. ومع ذلك، كان من الأمانة بمكان؛ حيث أشار إلى أن كثيرا من هذه القيود يُحتفى بها من خلال التجاهل بأكثر من الالتزام بها.
والتحدي الذي يواجهه فالانتين وغيره من المؤلفين الغربيين حول الشأن السعودي يكمن في أنهم يعجزون عن تحرير أنفسهم وأفكارهم من فكرة أن هناك «نموذجا مثاليا واحدا» ينسحب على كل المجتمعات. فالمملكة العربية السعودية بكل تأكيد ليست مجتمعا متحررا على الطراز الغربي، ومن الممكن، بطبيعة الحال، أن يكون أغلب سكانها لا يرغبون في المعيشة في المجتمعات الغربية المتحررة. ولكن السؤال الحاسم هنا هو ما إذا كان المجتمع السعودي متماسكا وفق قيمه وتقاليده الخاصة، وما إذا كان يحترم قواعده المنصوص عليها والمعمول بها.
هذا، ولم يُجهد فالانتين نفسه في التعامل مع المشكلة ومعالجتها على نحو مباشر. ولكن، وربما بسبب الجهل بالأمر، يحاول الكشف عن بعض ما يسميها التناقضات. وبناء على ذلك، فإن قائمته الخاصة من السلوكيات «الممنوعة» قد تكون بطول دليل الهواتف في مدينة جدة!
وفي الواقع، وفي كل عام، تستضيف جدة مهرجانا تحت شعار: «كنا كده»، (ما اعتدنا أن نكون عليه)، يعكس مدى التنوع الواسع الذي تحفل به المملكة، من حيث وتيرة الحياة المعاصرة المحسوبة والدرجة المدهشة من الحريات.
أما كتاب «المملكة العربية السعودية: المملكة على حافة الخطر»، من تأليف بول آرتس وكارولين رولانتس، فهو الحلقة الأخيرة من سلسلة مؤلفات ظلت تتنبأ بالتغييرات الجذرية الكبيرة في المملكة العربية السعودية. ولقد بدأت تلك السلسلة في عام 2012 بكتاب «المملكة العربية السعودية على الحافة: المستقبل الغامض للحليف الأميركي»، من تأليف توماس ليبمان، الذي، على العكس من العنوان، قد أظهر أن المملكة العربية السعودية ليست قريبة من أو تستشرف أي حافة أو هاوية تُذكر.
ويحاول بول آرتس وكارولين رولانتس، رغم ذلك، استخدام كليشة «الربيع العربي» لتبرير «الخطر» الذي يداهم المملكة كما يوحي عنوان الكتاب. وقد انتهى بهما الأمر أيضا بمناقضة فكرتهما الأساسية المطروحة بين دفتي الكتاب التي تفيد بأن المملكة العربية السعودية «قد» تكون في خطر داهم ووشيك. ولقد بذلا القليل من الجهد في تصوير أي تهديدات خارجية تواجهها المملكة العربية السعودية، أو قد واجهتها منذ تأسيسها، محاولين التركيز على التهديدات الداخلية، لا سيما من الجماعات الإرهابية.
تواجه المملكة العربية السعودية كثيرا من التحديات في منطقة غير مستقرة ومهتزة إثر الحروب الطائفية المنتشرة في المنطقة، من حيث الاشتباك مع طموحات بناء الإمبراطوريات، والفراغ العميق الذي يبتلع الدول واحدة تلو الأخرى في ثقب أسود هائل من الفشل المنهجي العقيم. والخيار المطروح يدفع الدول إما إلى استخدام تلك الخلفية المرعبة مبررا لفرض القبضة الأمنية الصارمة وتأخير كل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الضرورية، أو الوقوع في هوة الذعر والهلع والشروع في تغييرات مصممة على عجالة ومفعمة بالمخاطر الشديدة
تجنب كل من بول آرتس وكارولين رولانتس مناقشة تلك الخيارات المهمة. ولا تزال الحاجة ماسة وقائمة لإجراء فحص أعمق وتحليل أوسع لاحتياجات المملكة العربية السعودية الراهنة والآفاق المستقبلية المتوقعة.



ثماني محطات إيرانية بعد «طوفان الأقصى»

خامنئي يؤم صلاة الجنازة على القيادي في «الحرس الثوري» رضي موسوي ديسمبر الماضي (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يؤم صلاة الجنازة على القيادي في «الحرس الثوري» رضي موسوي ديسمبر الماضي (موقع المرشد الإيراني)
TT

ثماني محطات إيرانية بعد «طوفان الأقصى»

خامنئي يؤم صلاة الجنازة على القيادي في «الحرس الثوري» رضي موسوي ديسمبر الماضي (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يؤم صلاة الجنازة على القيادي في «الحرس الثوري» رضي موسوي ديسمبر الماضي (موقع المرشد الإيراني)

عندما بدأت عملية «طوفان الأقصى» ونشوب الحرب في غزة، كانت إيران تواجه تداعيات الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة إثر وفاة الشابة مهسا أميني، التي جعلت خريف 2022 الأكثر دموية في الداخل الإيراني.

اندلعت الحرب في قطاع غزة، في لحظة محورية بالنسبة لمؤسسة المرشد الإيراني؛ حيث زادت الضغوط الدولية عليه بسبب قمع الاحتجاجات الداخلية، وإرسال الطائرات المسيّرة إلى روسيا، مع وصول المفاوضات النووية إلى طريق مسدود.

ومنذ الموقف الرسمي الأول، رأت طهران أن هجوم حركة «حماس» هو «رد فعل طبيعي وحركة عفوية على السياسات الحربية والاستفزازية والإشعال المتعمّد للصراعات من قبل رئيس الوزراء المتطرف والمغامر لإسرائيل».

دأب المسؤولون الإيرانيون على نفي أي دور في اتخاذ قرار عملية «طوفان الأقصى»، لكن الحراك الدبلوماسي والسياسي أوحى بأن أركان الدولة، بما في ذلك الجهاز الدبلوماسي، كان على أهبة الاستعداد للتطور الكبير الذي يهز المنطقة.

بعد أقل من أسبوع على هجوم «طوفان الأقصى» بدأ وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبد اللهيان، أول جولاته الخمس على دول المنطقة قبل وفاته في 19 مايو (أيار)؛ بهدف عقد مشاورات مع مسؤولي دول الجوار ولقاءات تنسيقية قادة جماعات «محور المقاومة» وتوجيه رسائل إقليمية، وتوجه إلى العراق وواصل زيارته إلى دمشق، ومنها إلى بيروت، وانتهى المطاف في الدوحة.

وحينها وجهت إيران رسالة لإسرائيل، بأنها قد تواجه عدة جبهات إذا لم تتوقف عملياتها العسكرية في غزة.

ودفعت طهران باتجاه تعزيز صورة الجماعات المسلحة في المنطقة، والعمل على إضفاء الشرعية على دورها في دعم تلك الجماعات، مستغلة الأوضاع السياسية والاضطرابات الإقليمية.

اجتماع ثلاثي بين عبداللهيان وزياد النخالة أمين عام «الجهاد الإسلامي» وصالح العاروري رئيس مكتب حركة «حماس» في بيروت مطلع سبتمبر 2023 (الخارجية الإيرانية)

وشكل هذا الموقف المحطة الأولى لإيران. وترى طهران أنها نقلت جماعات «محور المقاومة» من نطاق محصور إلى نطاق «عالمي»، أو ما يسميه الدبلوماسيون الإيرانيون من «عالم المقاومة» إلى «المقاومة العالمية».

بذلك، انتقلت إيران، التي حاولت الحفاظ على مرحلة التهدئة مع جيرانها الإقليميين، إلى وضع هجومي فيما يتعلق بالجماعات المرتبطة بها، وهو ما يراه البعض انعكاساً لاستراتيجيتها على توسيع نفوذها ودورها في المنطقة.

على المستوى الرسمي، بعثت إيران برسالة للأوساط الدولية بأن تلك الجماعات مستقلة، وتملك قرارها بنفسها، وتصنع أسلحتها، لكن عدة مسؤولين وقادة عسكريين إيرانيين أشاروا في تصريحاتهم إلى دور الجنرال قاسم سليماني وقوات الوحدة الخارجية في «الحرس الثوري» بتسليح تلك الجماعات وتزويدها بتقنيات صناعة الأسلحة.

أما ثاني محطة لإيران بعد «طوفان الأقصى»، فقد بدأت بعد شهر من اندلاع الحرب في غزة؛ حيث دعا المرشد الإيراني علي خامنئي إلى ما وصفه بـ«قطع الشرايين الاقتصادية» لإسرائيل، خصوصاً ممرات النفط والطاقة. ومنها دخلت الجماعات المرتبطة بطهران، وجماعة «الحوثي» تحديداً على خط الأزمة، وشنّت هجمات على سفن تجارية على مدى أشهر، أثرت على حركة الملاحة في البحر الأحمر.

كما باشرت الميليشيات والفصائل العراقية الموالية لإيران، هجمات بالطائرات المسيّرة على إسرائيل والقواعد الأميركية على حد سواء.

وبدأ الجيش الأميركي رده بعدما تعرضت له قاعدة في الحدود السورية بالرد على هجمات طالت قواته، مستهدفاً مواقع للفصائل المسلحة.

على المستوى السياسي، أصرت طهران على وضع شروط الجماعات الحليفة معها أولاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ومنها أبدت معارضتها لأي تسويات دولية، خصوصاً إحياء مقترح «حل الدولتين». وفي ديسمبر (كانون الأول)، قال وزير الخارجية الإيراني إن رفض «حل الدولتين» نقطة مشتركة بين إيران وإسرائيل.

المحطة الثالثة: بموازاتها باشرت إسرائيل بشن هجمات هادفة ضد القوات الإيرانية في سوريا، واستهدفت رضي موسوي مسؤول إمدادات «الحرس الثوري» في سوريا في ديسمبر، وبعد شهر، أعلن «الحرس الثوري» مقتل مسؤول استخباراته هناك، حجت الله أميدوار، لكن أقوى الضربات جاءت في مطلع أبريل (نيسان) عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية اجتماعاً لقادة «الحرس» في مقر القنصلية الإيرانية، وقتلت أرفع مسؤول عسكري إيراني في سوريا ولبنان، الجنرال محمد رضا زاهدي.

المرشد الإيراني علي خامنئي يؤم صلاة الجنازة على جثامين زاهدي وجنوده في حسينية مكتبه 4 أبريل 2024 (أ.ف.ب - موقع المرشد)

أما المحطة الإيرانية الرابعة، فقد وصلت إيران فيها إلى حافة الحرب مع إسرائيل، عندما ردت على قصف قنصليتها، بشن أول هجوم مباشر من أراضيها على الأراضي الإسرائيلية بمئات الصواريخ والمسيّرات.

ورغم تأكيد الجانب الإسرائيلي على صد الهجوم الإيراني، فقد وجهت ضربة محدودة لإيران باستهداف منظومة رادار مطار عسكري في مدينة أصفهان، قرب منشأة نووية حساسة.

وزادت المواجهة من احتمال تغيير مسار البرنامج النووي الإيراني، مع تكاثر الحديث في طهران عن ضرورة التوصل لأسلحة رادعة، وأيضاً التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.

امرأة غير محجبة تمر أمام لافتة دعائية للصواريخ الإيرانية في ساحة «ولي عصر» وسط طهران 15 أبريل الماضي (رويترز)

المحطة الإيرانية الخامسة، جاءت بعد مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، في حادث تحطم مروحية قرب الحدود الأذربيجانية. وسارعت السلطات الإيرانية لنفي نظرية المؤامرة، مستبعدة بذلك أي احتمالات لتعرض أرفع مسؤول تنفيذي في البلاد لضربة إسرائيلية. وأصدرت هيئة الأركان بعد نحو 3 أشهر على مقتل رئيسي، تأكيداً بأن مروحيته سقطت نتيجة ظروف مناخية، رغم أنها لم تُجِب عن كل الأسئلة.

عبداللهيان خلال اللقاء الذي جمعه بنصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية فبراير الماضي (إعلام «حزب الله»)

وفي هذه المرحلة، توسعت الحملة الإيرانية، مع دخول الموقف السياسي الإيراني مرحلة السبات فيما يخص تطورات الحرب في غزة، نظراً لانشغال السلطات بالانتخابات الرئاسية، والسعي لتشكيل حكومة جديدة.

وخلال حملة الانتخابات الرئاسية، تجنب المرشحون للانتخابات إثارة القضايا المتعلقة بحرب غزة والدعم الإيراني. على الرغم من الانتقادات الداخلية لتأجيل القضايا الإيرانية الملحة مثل رفع العقوبات وتعطل المسار الدبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي.

وكان لافتاً أن تصريحات المرشحين بمختلف توجهاتهم لم تذهب أبعد من الإشادة بالبرنامج الصاروخي، وتوجيه الضربة لإسرائيل، والتعهد بتعزيز معادلات الردع.

المحطة السادسة: بمراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في 30 يوليو (تموز)؛ إذ شهدت طهران أكبر تحول في حرب غزة، ألا وهو اغتيال رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية، في مقر تابع لـ«فيلق القدس» في شمال طهران.

هنية ونائب الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني ورئيس حركة «الجهاد الإسلامي» والمتحدث باسم الحوثيين في مراسم القسم الدستوري للرئيس الإيراني بطهران 30 يوليو الماضي (رويترز)

وتعهد المرشد الإيراني علي خامنئي حينها بالرد على «انتهاك السيادة الإيرانية» واغتيال «ضيف إيران»، وتنوعت نبرة ومفردات التهديد بين مسؤولين سياسيين وقادة عسكريين. وشدد المسؤولون الإيرانيون على حتمية الرد مع تقدم الوقت وتراكم الشكوك بشأن رد إيران.

وأثار اغتيال هنية في طهران الكثير من التساؤلات حول طبيعة العملية، خصوصاً مع وجود الاختراقات.

موكب تشييع إسماعيل هنية في طهران يوم 1 أغسطس الماضي (أ.ب)

المحطة السابعة: كان عنوانها تفجيرات أجهزة «البيجر»، بالتزامن مع رسالة تهدئة من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خصوصاً مع الولايات المتحدة، وشملت إسرائيل.

وقبل أن يتوجه إلى نيويورك، قال بزشكيان في مؤتمر صحافي إن بلاده لا تريد أن تكون عاملاً لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ولا تريد تصدير الثورة، مبدياً استعداده للانفتاح على واشنطن، إذا أثبتت أنها ليست معادية لطهران، وذهب أبعد من ذلك عندما استخدم وصف «الأخوة الأميركية».

واصل بزشكيان هذه النبرة في لقاءات على هامش حضوره أعمال الجمعية العامة في نيويورك، وقال: «إيران مستعدّة لوضع أسلحتها جانباً إذا وضعت إسرائيل أسلحتها جانباً»، حسب تسجيل صوتي انتشر من اللقاء نفسه. وقال إن تأخير الرد الإيراني على اغتيال هنية هو تلقي بلاده رسائل بأن اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» سيُبرم خلال أسبوع، مبدياً انزعاجه من عدم التوصل للاتفاق واستمرار الهجمات الإسرائيلية.

خامنئي يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره وفي الخلفية صورة نصر الله (موقع المرشد)

وقلل بزشكيان من قدرة «حزب الله» على مواجهة إسرائيل وحده، وهو ما مزق الصورة التي رسمها مسؤولون مقربون من المرشد علي خامنئي.

وزاد موقف بزشكيان وكذلك الفرضيات بوجود اختراق في هجمات «البيجر»، واستهداف قادة «حزب الله»؛ من الشكوك في طهران بوجود اختراقات للجبهة الإيرانية، وعززت أيضاً مخاوف داخلية من وجود اختراقات.

المحطة الثامنة والخطيرة، بدأت باغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، ثاني أهم لاعب للاستراتيجية الإقليمية الإيرانية، بعد الجنرال قاسم سليماني، خلال 35 سنة من حكم المرشد علي خامنئي. كما أدت الغارة الجوية الإسرائيلية على مقر نصر الله، إلى تسجيل ثاني خسائر «الحرس الثوري» الكبيرة منذ «طوفان الأقصى»، وهو نائب قائد غرفة العمليات، الجنرال عباس نيلفروشان.

ويحظى نصر الله بأهمية كبيرة لدى حكام إيران وخصوصاً الأوساط المحافظة، لدرجة تداول اسمه في بعض الفترات لتولي منصب المرشد الإيراني بعد خامنئي بوصفه «ولي الفقيه»، ولو أن الترشيح بدا مثالياً لأنه ليس مسؤولاً إيرانياً، فسيكون مرفوضاً من غالبية الأطراف السياسية.

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض الصواريخ الآتية من إيران (رويترز)

ورداً على اغتيال هنية في عمق الأراضي الإيرانية، ونصر الله، ونيلفروشان، وجهت إيران هجومها الصاروخي الثاني المباشر على إسرائيل، في خطوة هدّدت إسرائيل بالرد عليها مع التلويح ببنك أهداف غير محدودة تشمل مصافي النفط ومحطات الوقود وأيضاً المنشآت النووية والعسكرية، ما يجعل الأزمة بين إسرائيل وإيران مفتوحة على كل الاحتمالات.