مطربات من ميكرفون الغناء إلى ميكرفون التقديم التلفزيوني

نقاد مصريون لـ «الشرق الأوسط» : أصالة أنجح التجارب.. وفي انتظار تجربة شيرين

شيرين عبدالوهاب في إحدى حفلاتها  -  أصالة نصري
شيرين عبدالوهاب في إحدى حفلاتها - أصالة نصري
TT

مطربات من ميكرفون الغناء إلى ميكرفون التقديم التلفزيوني

شيرين عبدالوهاب في إحدى حفلاتها  -  أصالة نصري
شيرين عبدالوهاب في إحدى حفلاتها - أصالة نصري

عرفهم الجمهور من خلال عالم الغناء والطرب، لكن أخيرا اتجه عدد كبير من المطربات لتقديم البرامج التلفزيونية المنفردة.
منهن من استطاعت وببراعة أن تنجح، وأخريات لم يحالفهن الحظ وعدن مره أخرى إلى الغناء فقط، بينما توجد تجارب لاقت استحسانا من الجمهور.
من أبرز هذه التجارب التي استطاعت حجز مكان للمتابعة برنامج «صولا» للسورية أصالة الذي يعتبره نقاد من أنجح التجارب التي قدمت. كما لمعت اليمنية أروى في برنامجي «نورت» و«خليها علينا»، على عكس زميلتها التونسية لطيفة التي لم يحالفها الحظ، وكذلك اللبنانية رولا سعد التي لم تنل تجربتها الإعلامية إعجاب الكثيرين.
وأخيرًا، لحقت بالقطار المصرية شيرين عبد الوهاب التي تستعد لإطلاق تجربتها الأولى في تقديم البرامج، إلى جانب مشاركتها في برنامج المسابقات الغنائية «ذا فويس»، حيث تقوم الآن بتصوير برنامجها الذي وصلت تكلفته تقريبًا إلى نحو 150 مليون جنيه، تقاضت منهم شيرين 30 مليونًا. وهو برنامج منوعات ضخم تستضيف من خلاله كبار النجوم، وإلى جانبهم بعض خريجي برامج اكتشاف المواهب الغنائية الأخيرة. وقد طرحت «الشرق الأوسط» سؤالاً على المختصين عن أسباب الاتجاه الملحوظ للمطربات نحو البرامج التلفزيونية، ورصدت الإجابات التي جاءت على النحو التالي:
البداية كانت مع الناقد الفني كمال رمزي الذي قال: «مغامرة في الاتجاه الصحيح، ولا يوجد ما يمنع من أن يقدم نجم محبوب برنامجا تلفزيونيا، وهذا التقليد متبع في كافه أنحاء العالم. والمعيار هنا هل هو قادر على تقديم شيء له قيمة، أم أنه يقدم عملا لمجرد شغل أوقات الجمهور في محتوى لا يفيد؟».
واستشهد رمزي بتجربة الفنانة إسعاد يونس في برنامج «صاحبه السعادة»، معتبرا إياها نموذجا ناجحا لا بد أن يحتذي به، موضحا أن يونس استطاعت تقديم نموذج الفنان الناجح في تقديم البرنامج التلفزيوني، وأن التجربة بها قدر كبير من الذكاء والأمل والثقة في النفس، ويتنوع محتواها ما بين السياسة والمجتمع والفن، ومؤكدا على أن الشاشة الصغيرة قادرة على استيعاب الجميع، سواء إعلاميين أو فنانين أو حتى لاعبي كرة قدم، ويبقى الأهم هو أن يثبت مقدم البرنامج كفاءته وجدارته وتميزه عن الآخرين.
وقدم رمزي نصيحة للفنان الذي يقرر الاتجاه إلى تقديم البرامج، قال فيها: «لا بد أن يتدرب جيدا على تقديم البرامج حتى لا يتعرض لانتقاد من أصحاب المهنة، وأيضًا أن يمتلك الأدوات التي تؤهله للعمل في هذا المجال»، مشيدا بتجربة شيرين عبد الوهاب في برامج المسابقات التي قدمتها علي شاشة «إم بي سي»، وتوقع أن تنجح في تجربتها الجديدة لامتلاكها لونا جديدا في الأداء، وأيضًا لأنها تمتلك موهبة وجماهيرية عريضة.
واتفقت مع رمزي الناقدة ماجدة خير الله، قائلة: «إن شيرين عبد الوهاب تمتلك مقاييس النجاح في تقديم البرامج التلفزيونية»، موضحة: «إن تجربتها في برامج المسابقات أعطتها الخبرة والثقة، وستجعلها أكثر تمكنا، وستتفادى الأخطاء التي وقعت فيها من قبل». وأضافت أنه يوجد تجارب قد نجحت وأخرى لم تنجح، وأن كل ذلك يتوقف على التجهيزات، وكل تجربة لها خصوصيتها، وأرجعت سبب اتجاه القنوات الفضائية إلى إنتاج برامج للفنانين بشكل عام إلى أنه رهان «كسبان» وكارت رابح، إذ يتم استغلال جماهيريته، ودائما يكون هدف القنوات هو الربح، وحصد أعلى نسبة مشاهدة.
وأضافت خير الله أن هذا سبب رئيسي وراء اختيار شيرين عبد الوهاب للمشاركة في البرامج، لنجاحها في التمثيل والغناء، وهذا نوع من الاستثمار، كما أن عفويتها من الممكن أن تكون سببا آخر في نجاح تجربتها المقبلة، معتبرة أن المطربة التي استطاعت أن تنجح وتجذب الجمهور هي السورية أصالة، ببرنامج «صولا»، حيث كانت الأفضل من بين من قدموا، نظرا لتقديم روحها.
وفي السياق نفسه، يقول الناقد أمجد مصطفي: «هذا الأمر متعلق بمسألة قلة الحفلات، ويرجع ذلك إلى ضعف العملية الإنتاجية، سواء كانت الفنية أو الغنائية في الفترة الأخيرة، فلم يعد أمامهم سوى الاتجاه لتقديم البرامج التلفزيونية، مضيفا أن النجم لديه التزامات، منها إنتاجه لألبوماته، ومن ثم تصبح البرامج مصدر دخل كبير ومهم بالنسبة لهم»، متابعا: «بعضهم ينجح في التجربة، والبعض الآخر يفشل، وذلك لأن تجربة تقديم البرامج أمر ليس بالسهل على شخص أن يقوم به، وإلا كان أي شخص، سواء فنان أو غير ذلك، بوسعه أن يتجه للإعلام»، مشيرا إلى أن معرفة مدي نجاحهم من فشلهم يحدد من قبل الجماهير، فهي الحاكم الأساسي.
ويستطرد مصطفى موضحا أن اتجاه أغلب النجوم أخيرًا، مثل عاصي الحلاني وصابر الرباعي وشيرين عبد الوهاب وغيرهم «يعتبر نوعا من مواجهه متطلبات حياتهم، وأيضًا نوعا من الوجود المستمر علي الساحة. في المقابل، يوجد نجوم لا يظهرون، ولكن لا نستطيع نسيانهم، منهم محمد منير وعلي الحجار ومحمد الحلو».
كما أشاد الناقد بتجربة السورية أصالة، مؤكدا أنها الأنجح نظرا لبساطة الفكرة وقربها من شخصيتها، واعتبرها النموذج المثالي للنجاح، لكنه اعتبر أن التجربة التي لم يحالفها الحظ هي تجربة التونسية لطيفه، موضحا أنها لم تقدم جديدا، بل قدمت شكلا تقليديا مكررا. وتوقع نجاح شيرين في تجربتها الجديدة، بشرط أن تتخلى عن عفويتها الشديدة في التعامل، والالتزام بسكربت مكتوب، موضحا أن عفويتها غير مطلوبة لأنها تثير المشكلات والانتقاد، كما حدث في برامج المسابقات التي قدمتها، ويجب أن تكون نموذجا يحتذي بها، فهي تمثل بلدا. وأشار إلى أن هناك وجودا لنجوم بالبرامج نفسها لم يخرجوا عن الإطار.



محمد ثروت: الجمهور مشتاق لزمن الغناء الأصيل

مع مطربي حفل روائع عبد الوهاب في صورة تذكارية (هيئة الترفيه)
مع مطربي حفل روائع عبد الوهاب في صورة تذكارية (هيئة الترفيه)
TT

محمد ثروت: الجمهور مشتاق لزمن الغناء الأصيل

مع مطربي حفل روائع عبد الوهاب في صورة تذكارية (هيئة الترفيه)
مع مطربي حفل روائع عبد الوهاب في صورة تذكارية (هيئة الترفيه)

صدى كبير حققه حفل «روائع محمد عبد الوهاب» في «موسم الرياض»، سواء بين الجمهور أو مطربي الحفل، ولعل أكثرهم سعادة كان المطرب المصري محمد ثروت ليس لحبه وتقديره لفن عبد الوهاب، بل لأنه أيضاً تلميذ مخلص للموسيقار الراحل الذي لحن له 12 أغنية وقد اقترب ثروت كثيراً منه، لذا فقد عدّ هذا الحفل تحية لروح عبد الوهاب الذي أخلص لفنه وترك إرثاً فنياً غنياً بألحانه وأغنياته التي سكنت وجدان الجمهور العربي.

يستعد ثروت لتصوير أغنية جديدة من ألحان محمد رحيم وإخراج نجله أحمد ثروت ({الشرق الأوسط})

وقدم محمد ثروت خلال الحفل الذي أقيم بمسرح أبو بكر سالم أغنيتين؛ الأولى كانت «ميدلي» لبعض أغنياته على غرار «امتى الزمان يسمح يا جميل» و«خايف أقول اللي في قلبي» وقد أشعل الحفل بها، والثانية أغنية «أهواك» للعندليب عبد الحليم حافظ وألحان عبد الوهاب.

وكشف ثروت في حواره مع «الشرق الأوسط» عن أن هذا الكوكتيل الغنائي قدمه خلال حياة الموسيقار الراحل الذي أعجب به، وكان يطلب منه أن يغنيه في كل مناسبة.

يقول ثروت: «هذا الكوكتيل قدمته في حياة الموسيقار محمد عبد الوهاب وقد أعجبته الفكرة، فقد بدأت بموال (أشكي لمين الهوى والكل عزالي)، ودخلت بعده ومن المقام الموسيقي نفسه على الكوبليه الأول من أغنية (لما أنت ناوي تغيب على طول)، ومنها على أغنية (امتى الزمان يسمح يا جميل)، ثم (خايف أقول اللي في قلبي)، وقد تعمدت أن أغير الشكل الإيقاعي للألحان ليحقق حالة من البهجة للمستمع بتواصل الميدلي مع الموال وأسعدني تجاوب الجمهور مع هذا الاختيار».

وحول اختياره أغنية «أهواك» ليقدمها في الحفل، يقول ثروت: «لكي أكون محقاً فإن المستشار تركي آل الشيخ هو من اختار هذه الأغنية لكي أغنيها، وكنت أتطلع لتقديمها بشكل يسعد الناس وساعدني في ذلك المايسترو وليد فايد، وجرى إخراجها بالشكل الموسيقي الذي شاهدناه وتفاعل الجمهور معها وطلبوا إعادتها».

وبدا واضحاً التفاهم الكبير بين المايسترو وليد فايد الذي قاد الأوركسترا والفنان محمد ثروت الذي يقول عن ذلك: «التفاهم بيني وبين وليد فايد بدأ منذ عشرات السنين، وكان معي في حفلاتي وأسفاري، وهو فنان متميز وابن فنان، يهتم بالعمل، وهو ما ظهر في هذا الحفل وفي كل حفلاته».

تبدو سعادته بهذا الحفل أكبر من أي حفل آخر، حسبما يؤكد: «حفل تكريم الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب أعاد الناس لمرحلة رائعة من الألحان والأغنيات الفنية المتميزة والعطاء، لذا أتوجه بالشكر للمستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، على الاهتمام الكبير الذي حظي به الحفل، وقد جاءت الأصداء عالية وشعرت أن الجمهور مشتاق لزمن الغناء الأصيل».

ووفق ثروت، فإن عبد الوهاب يستحق التكريم على إبداعاته الممتدة، فرغم أنه بقي على القمة لنحو مائة عام فإنه لم يُكرّم بالشكل الذي يتلاءم مع عطائه.

ويتحمس ثروت لأهمية تقديم سيرة عبد الوهاب درامياً، مؤكداً أن حياته تعد فترة ثرية بأحداثها السياسية والفنية والشخصية، وأن تقدم من خلال كاتب يعبر عن كل مرحلة من حياة الموسيقار الراحل ويستعرض من خلاله مشوار الألحان من عشرينات القرن الماضي وحتى التسعينات.

يستعيد محمد ثروت ذكرى لقائه بـ«موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب، قائلاً: «التقيت بالأستاذ واستمع لغنائي وطلب مني أن أكون على اتصال به، وتعددت لقاءاتنا، كان كل لقاء معه به إضافة ولمسة ورؤية وعلم وأشياء أستفيد بها حتى اليوم، إلى أن لحن أوبريت (الأرض الطيبة) واختارني لأشارك بالغناء فيه مع محمد الحلو وتوفيق فريد وإيمان الطوخي وسوزان عطية وزينب يونس، ثم اختارني لأغني (مصريتنا حماها الله) التي حققت نجاحاً كبيراً وما زال لها تأثيرها في تنمية الروح الوطنية عند المصريين».

ويشعر محمد ثروت بالامتنان الكبير لاحتضان عبد الوهاب له في مرحلة مبكرة من حياته مثلما يقول: «أَدين للموسيقار الراحل بالكثير، فقد شرفت أنه قدم لي عدة ألحان ومنها (مصريتنا) (عينيه السهرانين)، (عاشت بلادنا)، (يا حياتي)، (يا قمر يا غالي)، وصارت تجمعنا علاقة قوية حتى فاجأني بحضور حفل زواجي وهو الذي لم يحضر مثل هذه المناسبات طوال عمره».

يتوقف ثروت عند بعض لمحات عبد الوهاب الفنية مؤكداً أن له لمسته الموسيقية الخاصة فقد قدم أغنية «مصريتنا» دون مقدمة موسيقية تقريباً، بعدما قفز فيها على الألحان بحداثة أكبر مستخدماً الجمل الموسيقية القصيرة مع اللحن الوطني العاطفي، مشيراً إلى أن هناك لحنين لم يخرجا للنور حيث أوصى الموسيقار الراحل أسرته بأنهما لمحمد ثروت.

يتذكر محمد ثروت نصائح الأستاذ عبد الوهاب، ليقدمها بدوره للأجيال الجديدة من المطربين، مؤكداً أن أولاها «احترام فنك الذي تقدمه، واحترام عقل الجمهور، وأن الفنان لا بد أن يكون متطوراً ليس لرغبته في لفت النظر، بل التطور الذي يحمل قيمة»، مشيراً إلى أن الأجيال الجديدة من المطربين يجب أن تعلم أن الفن يحتاج إلى جدية ومثابرة وإدراك لقيمة الرسالة الفنية التي تصل إلى المجتمع فتستطيع أن تغير فيه للأفضل.

ويستعد ثروت لتصوير أغنية جديدة من ألحان محمد رحيم، إخراج نجله أحمد ثروت الذي أخرج له من قبل أغنية «يا مستعجل فراقي». كل لقاء مع «موسيقار الأجيال» كانت به إضافة ولمسة ورؤية وعلم وأشياء أستفيد بها حتى اليوم