الجيش يصطدم بحائط «الصد البشري» الأول على مشارف الموصل

صعوبة التكهن بخطوات «داعش» المقبلة تعقد مهمته داخل المدينة

الجيش يصطدم بحائط «الصد البشري» الأول على مشارف الموصل
TT

الجيش يصطدم بحائط «الصد البشري» الأول على مشارف الموصل

الجيش يصطدم بحائط «الصد البشري» الأول على مشارف الموصل

أكملت القوات العراقية استراتيجية قضم الأرض بعد أن حررت منذ بدء معركة الموصل قبل ستة عشر يوما عشرات آلاف الكيلومترات المربعة باتجاه مركز مدينة الموصل حيث ينتظر العالم المعركة الفاصلة.
وبينما تقدمت القوات العراقية طوال الأسبوعين الماضيين في أراض شبه مفتوحة وخالية من السكان فإنه ومع وصولها إلى مناطق قريبة من أطراف مدينة الموصل التي يقطنها نحو مليون ونصف المليون مواطن فقد اتبع تنظيم داعش استراتيجية جديدة تختلف عن استراتيجية الانسحاب أمام القوات العراقية باتجاه مركز الموصل، حيث بدأ بتجميع المواطنين من ساكني المناطق القريبة بدءا من ناحية حمام العليل التي جمع منها أكثر من خمسة آلاف مواطن بالإضافة إلى القرى والمناطق الأخرى والذين قدرتهم الأمم المتحدة بنحو 25 ألف شخص.
ويتفق كل من أحمد مدلول الجربا، وهو من شيوخ عشائر شمر في نينوى، والقاضي أصغر الموسوي، أحد قيادات الشبك البارزين في نينوى ووكيل ووزارة الهجرة والمهجرين، في تصريحين منفصلين لـ«الشرق الأوسط» على أن المهمة الأصعب سواء للجيش العراقي أو أهالي الموصل سوف تبدأ بعد أن يدخل الجيش أحياء المدينة.
ومع دخول القوات العراقية أطراف حي الكرامة، وهو أول أحياء الساحل الأيسر من الموصل، فإنه، مثلما يؤكد الموسوي «تكون المعركة الحقيقية قد بدأت بالفعل لجهة المقاومة وحرب الشوارع»، مشيرا إلى أن «داعش بدأ بالفعل سياسة حجز الناس، لأن هذا التنظيم الذي بدأ من الناحية العملية خسارة الأرض والمال والنفوذ لا أحد يعرف ما هي الخطوة التالية له، وبالتالي فإن هناك خوفا وهلعا بين مواطني الموصل، حيث لا أحد يستطيع أن يتكهن بالخطوة التالية التي يمكنه أن يخطوها».
ويضيف الموسوي قائلا إن «المهمة التي تنتظر الجيش معقدة هي الأخرى، ففي الوقت الذي لو تمكن فيه الجيش من القيام بعمليات نوعية داخل الموصل من خلال معرفة أماكن وجد الدواعش فإن هذا من شأنه التقليل من الخسائر في صفوف المدنيين، لكن حتى الآن لا يوجد ما يؤكد إمكانية حصول ذلك، وهو ما يعني أنه في حال جرت معركة شاملة داخل المدينة فإن (داعش) عند ذاك لم يعد لديه ما يخسره وقد يضع الناس دروعا بشرية». وأوضح أنه «يتوجب على الجهات العسكرية والحكومية المسؤولية فتح ممرات آمنة للناس للخروج بهدف تقليل الخسائر وحرمان (داعش) من ورقة مهمة من أوراق المناورة، لكن التنظيم يعمل على منع هذه الممرات الآمنة ما سيجعل المعركة داخل الموصل الأكثر شراسة». ويرى الموسوي أن «خطة داعش هي جلب العوائل داخل المدينة بعد أن قرر عدم الخروج منها، وهو ما يجعل مهمة الجيش أكثر تعقيدا، لأنه في حالات الاحتدام سيصعب التمييز بين المواطن العادي وبين من ينتمي إلى (داعش)، وهذه واحدة من المشاكل التي ستواجهنا حتى بعد انتهاء المعركة، لأن هناك الكثيرين من الدواعش سوف يندسون بين المدنيين ويتخلون عن أزيائهم التي يرتدونها ويحلقون لحاهم، الأمر الذي سيجعل مهمة التدقيق هي الأخرى في غاية الصعوبة».
في السياق نفسه أكد الشيخ أحمد مدلول الجربا، وهو من شيوخ عشيرة شمر في نينوى، أن «داعش بدأ سياسة احتجاز المواطنين سواء كانوا عاديين أو من منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية الحالية أو من ضباط الجيش السابق وله في هذه العملية عدة أهداف من أبرزها تخويف الناس وإشعارهم بأنه لا يزال يتمتع بالقوة بالإضافة إلى حالة الانتقام، حيث أعدم العشرات منهم ورمى جثثهم في نهر دجلة فضلا عن استخدامهم كدروع بشرية في المعركة الفاصلة التي لم تبدأ بعد».
وبشأن ما يشعر به الناس داخل الموصل وما يتوقعون حصوله خلال الفترة المقبلة، يقول الجربا إن «هناك مشاعر متناقضة بين الفرح والخوف، حيث إن الناس بقدر ما تريد الخلاص من (داعش) فإنها قلقة مما يمكن أن يحصل، حيث لا أحد يعرف ما هي الخطوة التالية للدواعش وهم الآن باتوا بحكم المحاصرين في الموصل بعد أن فقدوا كل ما كان بحوزتهم من أراض ومدن ومحافظات ولذلك فإن كل المؤشرات تقول الآن إن عناصر داعش في الموصل الآن يمرون في وضع جنوني صعب وبالتالي يصعب التكهن بخطواته المقبلة»، مشيرا إلى أن «مسار المعركة المقبلة يتوقف على طبيعة الخطط العسكرية وكيفية تعامل الجيش العراقي مع المواطنين برغم أن المواطنين متفائلون في الواقع لجهة أن القوات التي ستدخل الموصل هي قوات الفرقة 16 والفرقة 9 وجهاز مكافحة الإرهاب، وهي قوات مرحب بها بين المدنيين وبالتالي هناك اطمئنان من جهة الجيش العراقي لكن المخاوف هي من خطوة (داعش) التالية».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.