محافظ «المركزي البريطاني» مستمر حتى إتمام «الانفصال»

الإسترليني يتحسن بعد «أسوأ أداء عالمي».. ومخاوف من انحداره «تحت الدولار»

مبنى بنك إنجلترا {المركزي البريطاني} في وسط العاصمة لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا {المركزي البريطاني} في وسط العاصمة لندن (رويترز)
TT

محافظ «المركزي البريطاني» مستمر حتى إتمام «الانفصال»

مبنى بنك إنجلترا {المركزي البريطاني} في وسط العاصمة لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا {المركزي البريطاني} في وسط العاصمة لندن (رويترز)

أعلن مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، بقاءه في منصبه لعام آخر، حتى شهر يونيو (حزيران) 2019، عازيا قراره بالعمل على المساعدة على تسهيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون مشكلات اقتصادية.. وهو القرار الذي استقبله أغلب الأوساط الاقتصادية البريطانية بارتياح كبير، نظرا لما ستشهده بريطانيا في ربيع العام المقبل من خطوات عملية للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وذلك رغم الانتقادات الحادة التي توجه إلى كارني، وتسجيل الجنيه الإسترليني أسوأ مستوى أداء للعملات على مستوى العالم في الشهر الماضي، وسط مخاوف من مزيد من الانحدار، بل وصلت حدة التكهنات إلى أن الجنيه الإسترليني ربما ينخفض إلى أقل من مستوى التعادل مع الدولار خلال العام المقبل للمرة الأولى.
وفي خطاب أرسله إلى وزير الخزانة، فيليب هاموند، قال كارني إنه سيبقى مسؤولاً عن بنك إنجلترا حتى شهر يونيو 2019، حيث سيتقدم باستقالته بعدها، حاسما بذلك التكهنات التي شهدها الأسبوع الماضي بأنه يعتزم عدم التمديد، خصوصا مع «عدم الانسجام» الواضح الذي تشهده العلاقة بين إدارة المركزي البريطاني ورئيسة الحكومة تيريزا ماي.
ويعد كارني أحد أبرز شخصيات المعسكر الذي دعا إلى بقاء بريطانيا في معية الاتحاد الأوروبي، مساندا في ذلك رئيس الوزراء المستقيل ديفيد كاميرون، ووزير الخزانة السابق جورج أوزبورن، لكن قرار الناخبين البريطانيين في استفتاء «البريكست» الذي جرى في يونيو (حزيران) الماضي كان بالانفصال، ما دفع الحكومة السابقة إلى الاستقالة متحملة «الحرج السياسي».
وكان أمام كارني خيار البقاء حتى عام 2021، ممدا ولايته الأولى التي بدأت منذ عام 2013 وتنتهي في 2018، لثلاث سنوات جديدة، لكنه اختار عدم تولي فترة «ولاية كاملة» لمدة ثماني سنوات. وعلى مدار الأسبوع الماضي، راجت التكهنات بأن كارني لن يمدد ولايته للبنك المركزي، وهو الأمر الذي أدى إلى اضطراب كبير في سعر الجنيه الإسترليني، ودفع ماي إلى دعمه علنا رغم ما يردده كثير من الاقتصاديين حول وجود «خلافات داخلية» بينهما. ويعد كارني، الكندي الجنسية ذو الـ51 عاما حاليا، أول أجنبي على الإطلاق يتولى منصب محافظ البنك المركزي البريطاني منذ تأسيسه قبل 322 عاما، وذلك عندما جرى تعيينه خلفا لميرفين كينغ في مطلع يوليو (تموز) عام 2103، في خطوة كثيرا ما وصفت بأنها «جريئة»، كما أشار كثير من الاقتصاديين في حينها إلى أنها «صائبة».
وخلال الأشهر الماضية، واجه كارني ضغوطا كبيرة، خصوصا مع انحدار سعر الجنيه الإسترليني أمام الدولار إلى مستويات قياسية لم تشهدها العملة البريطانية منذ أكثر من 30 عاما، لكن من جهة أخرى، فإن الاقتصاد البريطاني بشكل عام حافظ على مكانته وقوته رغم الضغوط، بل إن انخفاض الجنيه سمح بمزيد من التنافسية التي صبت في جهة اقتصاد بريطانيا إلى حد بعيد، مما سمح بموازنة الأزمة بشكل واسع. وقال كارني إنه قرر تمديد فترة ولايته لضمان الاستمرارية والاستقرار، مع مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي بعد تفعيل المادة «50» من معاهدة لشبونة. وأضاف في رسالته: «من خلال استمرار ولايتي أكثر من المدة المتوقعة لتفعيل المادة (50)، فإن ذلك من شأنه أن يساعد في تأمين انتقال منظم لعلاقة بريطانيا الجديدة مع أوروبا».
من جانبه، قال وزير الخزانة الحالي فيليب هاموند إنه مسرور لسماع أن كارني سيمدد فترته محافظا للبنك حتى عام 2019.
وتأتي تلك الخطوة التي من شأنها تهدئة القلق لدى الأسواق البريطانية، متزامنة مع تقارير تشير إلى أن الجنيه الإسترليني كان العملة الأسوأ أداء خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على مستوى العالم.
وأمس، ارتفع الجنيه الإسترليني قرب أعلى مستوى في أسبوعين، عند 1.2274 دولار في التعاملات المبكرة في لندن، ليحقق مكاسب بقيمة سنت كامل مقابل الدولار، بعد تصريحات كارني.
وارتفع الإسترليني بمقدار 0.3 في المائة إضافية إلى 1.2281 دولار بحلول الساعة 0823 بتوقيت غرينتش صباح أمس، وكان قد سجل قفزة مع تصريحات كارني التي جاءت في نهاية يوم العمل في بريطانيا أول من أمس. بينما زاد الإسترليني 0.2 في المائة مقابل اليورو.
ورغم ذلك التحسن، فإن الجنيه الإسترليني ما زال قابعا في قاع أداء العملات بين 150 عملة على مستوى العالم، التي احتلها في تقييم «بلومبرغ» على مدار شهر أكتوبر الماضي بالتزامن مع بدء إعلان ماي عن خططها العملية لتفعيل مغادرة الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن حقق خسائر تجاوزت 6 في المائة من قيمته خلال شهر واحد.
وتظهر استطلاعات للرأي بين الخبراء ترجيحات بمزيد من الهبوط للإسترليني أمام الدولار عقب بدء الإجراءات الرسمية للانفصال عن الأوروبي، خصوصا في ظل الارتفاع الموازي المتوقع للدولار مع تكهنات برفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) سعر الفائدة قبل نهاية العام الجاري. ووصلت تلك التوقعات مستوى خسارة العملة البريطانية 5 في المائة من قيمتها مقابل نظيرتها الأميركية، لكن ليس من المتوقع نزوله إلى مستوى التعادل مع اليورو.
وإجمالا، خسر الإسترليني منذ الاستفتاء نحو 20 في المائة أمام الدولار. ويشير متوسط التوقعات في استطلاع للرأي أجرته «رويترز» إلى أن العملة البريطانية ستهبط إلى 1.22 دولار بعد شهر، و1.21 دولار بعد ستة أشهر، 1.23 دولار بعد عام. وقال عدد قليل من المشاركين في الاستطلاع، إن «الإسترليني قد يصل إلى مستوى التعادل مع الدولار أو ينخفض عنه»، وهي أول مرة تطرح فيها مثل هذه التوقعات في استطلاعات «رويترز» المستمرة منذ أكثر من 20 عاما بخصوص العملة.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.