الرئيس الفرنسي هولاند «يغلق» ملف حربه الثانية في أفريقيا

باريس تسحب قواتها من أفريقيا الوسطى.. ومخاوف محلية من الفراغ العسكري

الرئيس الفرنسي هولاند «يغلق» ملف حربه الثانية في أفريقيا
TT

الرئيس الفرنسي هولاند «يغلق» ملف حربه الثانية في أفريقيا

الرئيس الفرنسي هولاند «يغلق» ملف حربه الثانية في أفريقيا

وضعت فرنسا رسميا ونهائيا حدا لمهمتها العسكرية في جمهورية أفريقيا الوسطى التي بدأت قبل أقل من ثلاث سنوات، عندما أمر الرئيس فرنسوا هولاند وحدات من «الفرقة الأجنبية» بالتدخل في العاصمة بانغي لوضع حد للمجازر الحاصلة بين المسلمين والمسيحيين. لكن السؤال الذي لم تجب عنه السلطات الفرنسية بدقة هو: لماذا الإسراع في سحب الوحدات الفرنسية من بانغي ومناطق أفريقيا الوسطى، بينما الوضع الأمني لم يستتب تماما وقوات الحكومة من جيش ودرك وشرطة لم تصبح بعد قادرة على حفظ الأمن في المستعمرة الفرنسية السابقة التي تبلغ مساحتها مساحة فرنسا وبلجيكا معا؟
وفي تصريحات من بانغي أمس وأول من أمس، شدد وزير الدفاع جان إيف لو دريان على أن «القوة الفرنسية أنجزت المهام الثلاث التي ذهبت من أجلها؛ وهي: وضع حد للفوضى (والمجازر)، ومواكبة قيام القبعات الزرقاء التابعة للأمم المتحدة بمهامها البالغ عددها اليوم عشرة آلاف رجل، وأخيرا توفير الظروف لانتخاب رئيس جديد وفق الأصول الديمقراطية».
وسارع الوزير الفرنسي إلى «طمأنة» القوة الدولية المسماة «مينوسكا» ومسؤولي ومواطني أفريقيا الوسطى بأن باريس «لن تتخلى» عن هذه الجمهورية، وأن القوات الفرنسية «لن تكون بعيدة» في حال برزت الحاجة لوجودها.
ووفق المصادر الدفاعية الفرنسية، فإن القوة الفرنسية، التي كانت تعد في وقت من الأوقات أكثر من ألفي رجل، لن تنسحب تماما، رغم أن صفحة «سنغاريس»، وهو اسم العملية العسكرية، قد طويت. ذلك أن ما لا يقل عن 350 رجلا سيبقون في بانغي، بينهم مائة رجل وظيفتهم تشغيل الطائرات من غير طيار التي توفرها فرنسا. وهذه المعلومات أساسية وضرورية للقوة الدولية المكونة أساسا من جنود أفارقة، خصوصا أنها لا تمتلك الوسائل التقنية المتقدمة لجمع المعلومات الضرورية من أجل القيام بمهامها في هذا البلد الشاسع. فضلا عن ذلك، فإن البعثة العسكرية الفرنسية المتبقية ستستمر في الإشراف على تدريب القوات المسلحة لأفريقيا الوسطى، وهي المهمة التي باشرتها قبل عدة أشهر. إلا أن الأهم من ذلك، هو أن الوزير الفرنسي أبلغ رئيس جمهورية المستعمرة السابقة أن باريس «لن تتخلى عن جمهورية أفريقيا الوسطى»، وأنها يمكن أن تلجأ إلى استخدام قواتها المرابطة في البلدان الأفريقية المجاورة في إطار ما يسمى عملية «بركان»، في حال دعت الحاجة، وأنها تستطيع كذلك استدعاء قواتها الجوية الموجودة في تشاد.
هذه التصريحات كان يمكن أن تكون مقنعة لو أن الوضع الميداني أصبح مستقرا. والحال أنه في الأسابيع الأخيرة، حصلت أحداث خطيرة في أوساط البلاد، ولكن أيضا في العاصمة بانغي نفسها حين كان لو دريان موجودا فيها. وبحسب معلومات محلية، فقد سقط كثير من القتلى في مواجهات. وكانت المذابح قد انطلقت في خريف عام 2013 عندما نجحت «سيليكا» في إسقاط رئيس الجمهورية بوعزيزيه، الأمر الذي ردت عليه ميليشيات «بالاكا» بمهاجمة قرى وأحياء المسلمين، وقامت بتهجير عشرات الآلاف منهم. وحصلت عمليات التهجير في الاتجاهين، وسقط في هذه المواجهات الآلاف من القتلى، كما أن عشرات الآلاف من المهجرين ما زالوا موجودين داخل البلاد، ولكن ليس في مناطقهم، أو خارجها في الكاميرون وتشاد.
حقيقة الأمر أن المسؤولين والمواطنين في هذا البلد لا يثقون كثيرا بقوة «القبعات الزرقاء» رغم عددها الكبير، بل ثقتهم قوية بالقوة الفرنسية التي يعدون أنها «الوحيدة» القادرة على ردع عمليات الثأر والقتل. ففي الأشهر الأخيرة، وجهت اتهامات للقبعات الزرقاء بالضلوع في كثير من أعمال «الاستغلال الجنسي» للقاصرين. وقد عمدت الأم المتحدة إلى فتح تحقيق بهذه الاتهامات. يضاف إلى ذلك أن القوة الدولية لا تتمتع بالشعبية، مما يجعل المواطنين ينظرون إليها بكثير من التشكيك، خصوصا أنها لا تأتمر دائما بأوامر قيادتها الأممية؛ بل بتعليمات عواصمها، مما يفقدها الفاعلية والقدرة على التحرك في الوقت المناسب.
لكن هذه الاعتبارات لم تعد مهمة بعد قرار باريس طي صفحة «سنغاريس». وبحسب الأوساط الفرنسية، فإن وزارة الدفاع الفرنسية استجابت لرغبة الرئيس هولاند بوضع حد لوجود قوات بلاده رسميا في هذا البلد، لأنه منذ البداية عد أنها ستكون مهمة «قصيرة». أما السبب الآخر والأهم، فمرده إلى أن القوات المسلحة الفرنسية معبأة على أكثر من جبهة خارجية، وكذلك أيضا في الداخل بسبب حالة الطوارئ الموجودة في فرنسا منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وهي «تستهلك» الآلاف من الجنود المولجين حفظ الأمن في المناطق والمواقع الحساسة على كل الأراضي الفرنسية. كذلك، فإن القوات الفرنسية ضالعة بشكل أو بآخر في الحرب على «داعش» في سوريا والعراق وليبيا، ولها قوات مرابطة في بلدان الساحل وفي أفريقيا السوداء، مما يبين الحاجة لانسحابها «غير الكامل» من بعض ميادين القتال، كما في أفريقيا الوسطى، التي شكلت «الحرب الثانية» للرئيس هولاند بعد حربه في مالي «بداية 2013»، ثم حروبه اللاحقة في 2014 و2015 و2016 في العراق وسوريا وليبيا.



خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
TT

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف، اليوم (الأربعاء)، إن فرص تطورها خلال الشهرين ونصف الشهر المقبلة تبلغ 55 في المائة. ويكون لظاهرة «النينا عادة تأثير تبريد على المناخ العالمي».

و«النينا»، وتعني بالإسبانية «الفتاة»، هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات. وهي عكس ظاهرة «النينو» التي تعني «الصبي» بالإسبانية، حيث ترتفع درجة حرارة المحيط الهادئ الاستوائي بشكل كبير.

وهذا يؤثر على الرياح والضغط الجوي وهطول الأمطار، وبالتالي الطقس في كثير من أجزاء العالم. وترفع ظاهرة «النينو» متوسط درجة الحرارة العالمية، في حين أن ظاهرة «النينا» تفعل العكس تماماً.

كانت ظاهرة «النينو» لا تزال قابلة للرصد في بداية هذا العام، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقول إن الظروف المحايدة تسود منذ شهر مايو (أيار) تقريباً، ولا يزال هذا الحال مستمراً. ومن المؤكد بالفعل أن عام 2024 سيكون الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن ظاهرة «النينا» لم تتطور بعد بسبب الرياح الغربية القوية غير المعتادة التي تهب بين شهري سبتمبر (أيلول) وأوائل نوفمبر (تشرين الثاني).