تشكيل الوزارة الجديدة أبرز تحديات عون في بداية عهده الرئاسي

مصادر: التفاهمات قبل انتخابه تناولت فكرة تأليف حكومة وحدة وطنية تتسع لجميع الأطراف

الرئيس اللبناني المنتخب ميشال عون لدى وصوله القصر الرئاسي (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب ميشال عون لدى وصوله القصر الرئاسي (أ.ف.ب)
TT

تشكيل الوزارة الجديدة أبرز تحديات عون في بداية عهده الرئاسي

الرئيس اللبناني المنتخب ميشال عون لدى وصوله القصر الرئاسي (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب ميشال عون لدى وصوله القصر الرئاسي (أ.ف.ب)

يمثل تشكيل الحكومة الجديدة، أول التحديات التي تواجه حقبة رئيس الجمهورية المنتخب أمس ميشال عون، وأول الاختبارات لجدية التفاهمات التي سبقت انتخابه، وأفضت إلى إيصاله إلى الرئاسة، بالنظر إلى أن التفاهمات «تناولت فكرة تأليف حكومة وحدة وطنية تتسع لجميع الأطراف»، من غير البحث بتفاصيلها، رغم أن التفاهمات عينها، أفضت إلى تسمية رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري رئيسا للحكومة الجديدة.
ودخلت حكومة الرئيس تمام سلام، أمس، حالة تصريف الأعمال بعد انتخاب رئيس للجمهورية، بحكم القانون اللبناني. وعطفا على أحكام البند (1) من المادة (69) من الدستور، المتعلقة بالحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، ونظرا لبدء ولاية رئيس الجمهورية، أعرب عون أمس عن شكره لرئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة، وطلب من الحكومة الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكل حكومة جديدة.
وتنطلق التحديات التي تواجه عهد عون في المرحلة المقبلة، من كون المباحثات التي سبقت انتخابه، وتوصلت إلى تسميته للرئاسة، لم تحظَ باتفاق كل الفرقاء اللبنانيين على المرحلة المقبلة. وكان رئيس البرلمان نبيه بري، من أبرز الداعمين للتوصل إلى تفاهمات تشمل تأليف الحكومة والاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في مايو (أيار) 2017، في ما عُرف حينها بـ«سلة التفاهمات».
وفيما لا يتوقع المتابعون أن يأخذ تشكيل الحكومة الجديدة وقتا طويلا، على غرار حكومة الرئيس تمام سلام التي استغرق تأليفها نحو 8 أشهر، يبدأ عون ولايته الرئاسية، خلال اليومين المقبلين بدعوة نواب البرلمان إلى استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، يليها تكليف رئيس الحكومة الجديد بالتشاور مع رؤساء الحكومة السابقين والكتل السياسية بتشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت مصادر التيار الوطني الحر، لـ«الشرق الأوسط»: «إننا أمام نهج جديد بالحكم، والجنرال لن يترك الأمور تأخذ وقتا طويلا»، مشيرا إلى أن عون «سيعين خلال اليومين المقبلين موعدا للاستشارات النيابية لتسمية رئيس للحكومة، والمفروض أن تشكيل الحكومة لن يأخذ وقتا طويلا»، مشددا على أن «الوقت الآن للعمل، ولسنا بحاجة لشد حبال».
ونفى المصدر أن تكون هناك اتفاقات تفصيلية سبقت الانتخابات على حصص الأطراف السياسية في الحكومة المقبلة، مشيرا إلى أن التفاهمات «طرحت فكرة حكومة وحدة وطنية تتسع لجميع الأطراف». ولفت إلى أن «الاحتمالات عديدة الآن، ولم تظهر صورة الحكومة المقبلة بعد، ولا وجود لتصور واضح الآن قبل معرفة مواقف الأطراف السياسية من المشاركة في الحكومة»، في إشارة إلى موقف رئيس البرلمان نبيه بري من المشاركة، بعدما كان قد أعلن قبل أسبوعين أنه سيكون في موقع المعارضة. وقال المصدر: «أعتقد أن الأجواء الحالية تشير إلى إجماع وطني بما يتخطى المعارضات».
وعلى الرغم من أن بري لم يكن جزءا أساسيا من التفاهمات التي أفضت إلى وصول عون للرئاسة، فإن طي صفحة الانتخابات الرئاسية، ستفتح صفحة مباحثات جديدة مع سائر الأطراف، بينها بري، للتوصل إلى تفاهم على الحكومة، وإمكانية مشاركة بري بها.
وقال عضو كتلة التنمية والتحرير، التي يرأسها بري، ميشال موسى، إن رئيس البرلمان «ينتظر التصور المطروح عن طريقة تشكيل الحكومة ليبني على الشيء مقتضاه»، مؤكدا أن موقفه «سيتوقف على الطرح الذي سيُطرح». وشدد موسى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن «اليد ممدودة من أجل المساهمة بكل ما يعيد الحياة السياسية في لبنان إلى وضعية سليمة».
وينفي موسى التوقعات بأن تكون هناك عراقيل بوجه تشكيل حكومة الحريري، قائلا: «اليوم لا تقديرات بوجود عراقيل ستوضع بوجه تشكيل الحكومة»، مشددا على أن الرئيس بري «سيدرس السبل التي تساهم بتحقيق الهدف بتأليف حكومة جديدة».
وعن الصعوبات التي عادة ما ترافق تأليف الحكومات في لبنان، قال موسى: «عند تشكيل كل الحكومات ثمة مباحثات ومناقشات تبدأ من شكل الحكومة وعدد وزرائها وصولا إلى توزيع الحقائب، وكان ذلك على الدوام إشكالية سياسية مشروعة»، لكنه شدد على أنه «بتقديري، لن يضع أحد العراقيل في وجه تشكيل الحكومة».
ورافق انتخاب عون، جو إيجابي حول تأليف الحكومة، إذ أعلن رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة إثر مغادرته مجلس النواب أنه «أصبح لدينا رئيس للجمهورية ونحن سنتعاون معه».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».