جسور عاصمة الضباب.. أول من بناها الرومان وساعد في هندستها العرب

أغنية «لندن بريدج» تبين فشل الإنجليز في إنشائها.. والبريطانيات شيدن «جسر ووترلو» خلال الحرب

جسر البرج المعلق (تصوير: جيمس حنا)
جسر البرج المعلق (تصوير: جيمس حنا)
TT

جسور عاصمة الضباب.. أول من بناها الرومان وساعد في هندستها العرب

جسر البرج المعلق (تصوير: جيمس حنا)
جسر البرج المعلق (تصوير: جيمس حنا)

تدين لندن بوجودها إلى جسورها الكثيرة، منذ أن تم تعريف موقع العاصمة على ضفاف نهر التيمس، وتكثر الجسور المعلقة التي تربط ضفتي نهر التيمس، أهمها جسر لندن الذي بناه الرومان بهدف احتلال عاصمة الضباب.
فلولا الجسور لاختنقت العاصمة بحركة المرور.. وترتفع الجسور وتمتد لتربط بين ضفتي لندن فوق نهر التيمس.. ورغم ذلك، هي ليست وليدة أفكارها، بل إن الرومان هم الذين بنوا جسر لندن في القرن الثاني عشر ومواده كانت من الخشب. أما الهدف فكان احتلالها، وبقي الجسر الوحيد أكثر من خمسة قرون.
وكان فشل الإنجليز المتكرر في تلك الفترة في بناء جسر لندن بأيديهم، حيث كان كثير الانهيار، سببًا في ظهور أغنية الأطفال الشهيرة في بريطانيا «لندن بريدج إز فولينغ داون» London bridge is falling down.
جسر لندن له باع طويل مع التاريخ، وهو شاهد على حقبة سياسية مفصلية في بريطانيا. وبناءً عليه علقت مشانق لـ«رؤوس الخونة»، الذين أعدموا عند مدخل الجسر، فضلاً عمن وُصفوا بـ«المتمردين» آنذاك، ضد العرش البريطاني. وأشهر هؤلاء ويليام واليس، وهو أحد الأبطال الاسكوتلنديين الذين قاتلوا من أجل استقلال اسكوتلندا عن بريطانيا عام 1297م.
ويعتبر جسر لندن واحدًا من أكثر من 33 جسرًا تمتد فوق نهر التيمس، الذي يربط بين مدينة لندن وساوثوورك، في وسط لندن. ويقع جسر لندن بين جسر سكة الحديد وجسر البرج.
ويعتقد المؤرخون أن «جسر لندن» هو أول جسر تم بناؤه في المدينة على أيدي الرومان، كما أنه كان مصنوعا من الخشب. وبقي الجسر الوحيد على نهر التيمس حتى عام 1750 ودمر الجسر عدة مرات خلال الحروب، أو بسبب الكوارث الطبيعية. وشهد الجسر كثيرًا من الأحداث التاريخية ومنها: الاستعراض العسكري للملك تشارلز الثاني لإعادة اعتلاء العرش. كما علقت «رؤوس الخونة» الذين تم إعدامهم عند مدخل الجسر، وكان أشهرهم توماس كرومويل وزير الملك هنري الثامن الذي أعدم يوم 28 يوليو (تموز) 1540. كان جسر لندن هو الجسر الوحيد على نهر التيمس حتى عام 1750.
يدار جسر لندن من قبل «بيت عقارات الجسر»، وهي جمعية خيرية مستقلة تشرف عليها مؤسسة مدينة لندن، وقد كان جسر لندن الذي تم بناؤه في القرن التاسع عشر الميلادي، والذي كان طوله 30 مترًا قد حل مكانه جسر حجري تم الانتهاء منه عام 1209م ساعد مهندسون من عرب الأندلس في تصميمه وبنائه. وقد ضم 19 قوسًا، وفى عام 1770، تم بناء بعض المحلات التجارية والمنازل.
وفي عام 1831، أعيد بناء جسر لندن من الغرانيت بتصميم المهندس الاسكوتلندي جون ريني، ولكن اكتشف بعد بناء الجسر بتصميم جون ريني أن الجسر أصبح ضيقًا جدًا للتعامل مع تزايد حركة مرور المركبات والمشاة. لذلك تمت إعادة تفكيكه في عام 1969 وأسندت المهمة إلى شركة هندسية تسمى «مولم» (Mowlem) وبتصميم من المهندس المعماري هارولد، تم افتتاحه في يوم 17 مارس (آذار) 1973 وأصبح واحدًا من أحدث الجسور في المدينة، وتكلف بناؤه نحو 4 ملايين جنيه إسترليني. ويقع على الجانب الجنوبي من الجسر كاتدرائية ساوثوورك ومحطة مترو جسر لندن، بينما يقع على الجانب الشمالي من الجسر النصب التذكاري لحريق لندن الكبير ونصب محطة مترو الأنفاق.
جسر لندن ليس الوحيد الذي يميز المدينة، هنالك جسور أخرى منها «جسر البرج» (tower bridge) هو أعلى جسور لندن، وأهم معالمها السياحية.. بُنِي على نحو متحرك عند مدخل لندن النهري لمنع الغزاة من دخول العاصمة.
في عام 1876، تشكلت لجنة خاصة لإيجاد حل لمشكلة عبور نهر التيمس ولمواجهة الزيادة في النشاط التجاري وحركة النقل، حيث قامت اللجنة بعمل مسابقة لأفضل تصميم لإنشاء جسر يربط ضفتي نهر التيمس ويحل مشكلة عبور النهر مع مراعاة تلبية التوسع المستقبلي في حركة النقل. فاز تصميم المهندس جون وولفي باري بمسابقة تصميم الجسر، حيث كانت فكرة التصميم تعتمد على فكرة الجسر المتحرك. افتتح كل من الملك إدوارد السابع (ولي العهد آنذاك) وزوجته ألكساندرا الجسر رسميًا في 30 يونيو (حزيران) 1894.
ومع تطور عاصمة الضباب وتوسعها جنوبا، أصبحت هنالك الحاجة إلى جسور أخرى تربط بين الشمال والجنوب لذلك تم بناء جسر تشيلسي Chelsea Bridge الذي كان اسمه في الأول «جسر فيكتوريا»، وهو جسر يقع فوق نهر التيمس غرب لندن، يربط الجسر منطقة تشيلسي الواقعة في الضفة الشمالية بمنطقة باترسي الواقعة على الضفة الجنوبية لنهر التيمس، كان هناك جسران لتشيلسي في موقع الجسر الحالي، وكانا يسميان باسم «جسر فورد القديم».
واقترح إنشاء جسر تشيلسي الأول في العقد 1840م كجزء من تطور كبير على الضفة الجنوبية لنهر التيمس في حديقة باترسي الجديدة، وكان تصميمه كجسر معلق يهدف إلى توفير سهولة الوصول من الضفة الشمالية المكتظة بالسكان إلى حديقة باترسي الجديدة، على الرغم من أن بناء وإدارة الجسر تم من قبل الحكومة، فإنها قامت بفرض رسوم في بداية تشغيل الجسر في محاولة منها لاسترداد تكلفة الجسر، وقد تأخر العمل في مشروع حاجز تشيلسي القريب من مكان بناء الجسر مما تسبب في تأخير افتتاح الجسر، أما التسمية ففي البداية اقترح تسميته باسم «جسر فيكتوريا»، ولم يفتتح حتى عام 1857.
كان «جسر تشيلسي» ضيقًا وغير سليم من الناحية الهيكلية، مما أدى بالسلطات الحكومية إلى إعادة تسميته باسم «جسر تشيلسي» لتجنيب العائلة المالكة انهيارًا محتملاً لجسر يحمل اسم أحد أفرادها، في عام 1926 اقترح أن يتم إعادة بناء الجسر القديم أو استبداله، وذلك بسبب زيادة حجم المستخدمين وبسبب النمو السكاني، وبدء دخول السيارات، وتم هدم الجسر في الفترة (1934 - 1937)، والاستعاضة عنه بالهيكل الحالي الذي افتتح في عام 1937.
وكان الجسر الجديد أول جسر يستعمل راسية ذاتية في جسر معلق في بريطانيا، بني بالكامل من مواد مصدرها داخل الإمبراطورية البريطانية، خلال وقت مبكر من العقد 1950 أصبح للجسر شعبية مع سائقي الدراجات النارية، الذين نظموا السباقات العادية عبر الجسر. كما شهد الجسر أحداثًا مهمة، منها اندلاع أعمال عنف في أحد الاجتماعات في عام 1970، مما أدى إلى وفاة رجل وسجن 20 آخرين. وتتم إضاءة جسر تشيلسي من الأسفل خلال ساعات الظلام، عندما تضاء الأبراج والكابلات على ارتفاع 936 قدمًا (285 مترًا) من الصمامات الثنائيات الباعثة للضوء. في عام 2008 حقق الجسر الدرجة الثانية للحالة «بناء مدرج»، وهو نوع من التصنيف يُعمل به في المملكة المتحدة الهدف منه هو المحافظة على الأبنية الأثرية. وفي عام 2004 تم افتتاح جسر صغير اسمه جسر باترسي للمشاة، في الجهة الجنوبية من الجسر، ليحمل مسار التيمس تحت الجسر الرئيسي.
أما جسر «ريتشموند» Richmond Bridge فقد بني في عام 1777، ويشتهر بتصميمه الأنيق والبسيط، وهو يحتضن 13 قنطرة. ويقع الجسر في غرب مدينة لندن التي تشتهر بالقوارب الجميلة التي تبحر في مياه نهر التيمس.
كما بُني «جسر هامرسميث» في عام 1887. وتعرض لثلاث عمليات تفجيرية من قبل الجيش الجمهوري الآيرلندي في أعوام 1939 و1996 و2001.
أما جسر «هانغرفورد» الذي يتألف من 3 جسور رفيعة مخصصة لمرور القطارات والمشاة. ومن هذه الجسور «شرنغ كروس برديج» الذي اختاره الرسام الفرنسي الشهير كلود مونوه لرسم لوحاته الجميلة.
أما جسر «بلاكفريرز» Blackfriars Bridge‬ فقد بُني هذا الجسر في القرن الثامن عشر وأطلق عليه سابقًا اسم «ويليام بيت» تيمنًا باسم رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، إلا أنه تم تغيير الاسم عندما فقد السياسي شعبيته. وأعيد بناؤه في عام 1869. وشهد الجسر حادثة شهيرة ظلت علامة فارقة في تاريخ الجسر وهي شنق المصرفي الإيطالي روبرنو كالفي على يد المافيا الإيطالية في لندن.
ويطلق على «جسر ووترلو» Waterloo Bridge‬ اسم «جسر السيدات» لأن أكثرية الذين أسهموا في بنائه من السيدات، لأن الرجال كانوا يحاربون على الجبهة خلال الحرب العالمية الثانية. ويعتبر الجسر الوحيد في لندن الذي أصابته قذائف الألمان خلال الحرب العالمية.
ويعتبر «جسر ألبرت» من أجمل الجسور في لندن ويتميز بتصميمه الفريد ويضاء ليلا بنحو أربعة آلاف مصباح مما يجعله أشبه بلوحة فنية رائعة. وافتتح الجسر في عام 1873.
ويعد «جسر ويستمنستر» Westminster Bridge‬ الذي بني عام 1739 و1750 بالقرب من ساعة «بيغ بين» الشهيرة والبرلمان البريطاني، من أقدم الجسور في وسط لندن. يتميز بلونه الأخضر حتى يتماشى مع مقاعد البرلمان الخضراء المشرقة وصوره البانورامية الرائعة، كما أنه يُصنف من أكثر الجسور اللندنية اجتذابًا للمصورين في العاصمة.
ويعتبر «جسر فوكسهول» Vauxhall Bridge‬ من الدرجة الثانية، وهو مصنوع من الحديد الصلب ومسطح بالغرانيت في وسط لندن. ويعبر الجسر نهر التيمس في جهة الجنوب الشرقي في اتجاه الشمال الغربي بين فوكسهول على الضفة الجنوبية وبيمليكو على الضفة الشمالية. وافتتح الجسر في عام 1906، واستبدال بجسر سابق، في الأصل كان معروفًا باسم «جسر ريغنت» بُني بين 1809 و1816، لكن سُمِّي لاحقًا جسر فوكسهول.
ويعتبر «جسر لامبث» عبارة عن حصان طروادة يربط بين قصر وستمنستر وقصر لامبث على الضفة الجنوبية. وكان أول جسر حديثة معلق، طوله 828 قدمًا (252.4 متر)، صممه بيتر دبليو بارلو. عندما تولى مجلس متروبوليتان للأشغال مسؤولية صيانته بعد أن تآكل الجسر، وبحلول عام 1910 كان مغلقًا أمام حركة مرور السيارات. وافتتح الجسر يوم 19 يوليو 1932 من قبل الملك جورج الخامس.
وكان آخر هذه الجسور هو جسر الألفية الفولاذي المخصص للمشاة، قد دشن عام 2001، وهو يربط بين كاتدرائية القديس بولس ومتحف «تايت مودرن». ويقدر طول الجسر بنحو 320 مترًا، ويقطع نهر التيمس بالعرض.
أما جسر الحديقة فيُعتبر حبرًا على ورق فقط حتى الآن، وقد حصل مشروع تشييد حديقة على شكل جسر على نهر التيمس بين جسري «ووترلو» و«بلاكفرايرز» على الضوء الأخضر من بلدية لندن. وقد يبصر النور بحلول عام 2018. وتقدر تكلفة هذا المشروع بـ175 مليون جنيه إسترليني (222 مليون يورو).
وسيضم الجسر الممتد على 366 مترًا «فسحة عامة وحديقة مع 270 شجرة وشجيرة ونباتا متسلقا وورود». وستفتح الحديقة أبوابها بالمجان من السادسة صباحا حتى منتصف الليل ويمكن الوصول إليه بالمصعد.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.