قائد في الجيش الوطني: الميليشيات باتت على حافة الانهيار

بليغ التميمي قال إن الوضع الإنساني في تعز يزداد سوءًا وينذر بكوارث

يمنيون يتبضعون في سوق للخضار بمدينة تعز (أ.ف.ب)
يمنيون يتبضعون في سوق للخضار بمدينة تعز (أ.ف.ب)
TT

قائد في الجيش الوطني: الميليشيات باتت على حافة الانهيار

يمنيون يتبضعون في سوق للخضار بمدينة تعز (أ.ف.ب)
يمنيون يتبضعون في سوق للخضار بمدينة تعز (أ.ف.ب)

تتوالى انتصارات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية جنوب العاصمة صنعاء، في مختلف جبهات القتال داخل المدينة وأرياف المحافظة.
وتمكنت قوات الشرعية، أمس، من توسيع نطاق سيطرتها في تعز، حيث استعادت مواقع جديدة كانت خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي والموالين لها من قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في شمال شرق مدينة الوازعية، غرب المدينة، بعد أربعة وعشرين ساعة من استعادة مواقع لها في جبهة الشقب، وجبهة الصلو الريفية، جنوب المدينة.
وقال قائد محور تعز، اللواء الركن خالد فاضل، من جبهة بني عمر بالشمايتين، غرب تعز، إن «قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يحررون عددًا من المواقع الجديدة والتقدم مستمر، حيث تمكنوا من استعادة قرون الشامي المطل على الوازعية في جبل الضعيف منطقة جردد بني عمر، جنوب غرب تعز، بعد هجوم شنوه على مواقع تمركز ميليشيا الحوثي والمخلوع في المنطقة». وأضاف خلال تفقده للمواقع المحررة في بني عمر، بحسب المركز الإعلامي لقيادة محور تعز، أنه «بعدما تمكنت قوات الجيش الوطني من تطهير واستعادة المواقع، أجبروا الميليشيات الانقلابية على التراجع والانسحاب مخلفين الكثير من القتلى والجرحى بصفوف الميليشيات الانقلابية، وتمكن مقاتلو الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من محاصرة آخر مواقع الميليشيات».
إلى ذلك، جددت الميليشيات الانقلابية قصفها المستمر من مواقع تمركزها المختلفة على مدينة تعز وأرياف المحافظة، حيفان والصلو، وقرى مديرية الوازعية، غرب مدينة تعز. وفي مديرية الوازعية، غرب تعز وإحدى بوابات لحج الجنوبية، التي تحاول الميليشيات استكمال سيطرتها الكاملة عليها لأهميتها الاستراتيجية المحاذية للمحافظات الجنوبية، شهدت الجبهة مواجهات عنيفة، واحتدمت بشكل أعنف في جبهة المحاولة بين مديريتي الوازعية تعز والمضاربة بمحافظة لحج، ورافق الهجوم قصف صاروخي ومدفعي من مواقع تمركز الميليشيات الانقلابية في الأحيوق في الوازعية على جبهة المحاولة.
وتمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من تكبيد الميليشيات الانقلابية الخسائر البشرية والمادية الكبيرة في مختلف الجبهات، في المدينة والريف، واغتموا أسلحة وعتادًا تتبع الميليشيات الانقلابية بعد فرارها، بما فيها رشاشات وصواريخ حرارية وقاذفات «آر بي جي» وذخيرة، إضافة إلى أسر عدد من عناصر الميليشيات الانقلابية، وسقوط قتلى وجرحى من قوات الجيش والمقاومة، وذلك بحسب ما أكده مصدر عسكري ميداني لـ«الشرق الأوسط». وأضاف المصدر أن «قوات الجيش والمقاومة تمكنوا من تطهير منطقة الدبح شمال جبل المُنِعمْ في الربيعي، غرب المدينة، بعد هجوم شنته القوات على الميليشيات بالمنطقة، وكبدت فيه الميليشيات خسائر بشرية، حيث قتل 7 من عناصرها وسقط جرحى آخرون، ما جعل الميليشيات الانقلابية تلجأ لقصف المنطقة بالأسلحة الثقيلة، واستهدفت بقصفهم منازل المواطنين في قرية الصياحي في الضباب».
وعلى الجانب الإنساني، قال الرئيس الدوري للهيئة اليمنية للإغاثة الكويتية بتعز، ممثل شبكة استجابة للإغاثة ورئيس مؤسسة فجر الأمل الخيرية للتنمية الاجتماعية، بليغ التميمي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الإنساني في تعز يزداد سوءا وتعقيدا يوما بعد آخر وأن المجاعة بدأت تغزو بعض المنازل والأسر وظهرت سوء التغذية وبالذات لدى الأطفال بشكل مخيف». وأضاف أن «تعز تشهد انعداما كاملا للخدمات الأساسية وشللا كاملا للقوى العاملة مما أدى إلى تراكم القمامة بصورة مزعجة في الشوارع والأحياء السكنية، الأمر الذي ينذر بكوارث صحية وخيمة وارتفاع معدل الإصابات في الكثير من الأمراض والأوبئة». وأشار إلى أنه «إزاء هذه الكوارث والأوضاع الإنسانية الصعبة تدخلت الهيئة اليمنية الكويتية للإغاثة بتعز لتقديم الدعم في الجوانب الغذائية والإيوائية والصحية والمياه»، مشيرًا إلى أن جهود الهيئة مع غيرها من الهيئات الأخرى عادت بالفائدة على عشرات الآلاف من الأسر في المدينة والريف، و«كان لهذه المشاريع أثر طيب في التخفيف من معاناة الناس ورفع الضرر عنهم بقدر المستطاع».
وصحيا، أطلق عدد من النشطاء حملة تضامنية مع هيئة مستشفى الثورة تعز، بسبب ما تعانيه المستشفى العاملة في ظل الحرب والقصف اليومي والمستمر من قبل الميليشيات الانقلابية.
وحملت الحملة التي أطلقها الناشطون هاشتاغ #معا_لإنقاذ_مستشفى_المواطنين، وذلك بهدف تذكير الجهات الحكومية والسلطة المحلية بواجبها في إنقاذ الوضع الصحي التي تمر به تعز والتي كانت مستشفى الثورة تتحمل العبء الأكبر فيه.
وقال القائمون على الحملة، إنه هذه الحملة كرسالة تنديد بصمت للجهات الحكومية وقيادة المحافظة والمنظمات الإنسانية التي لم تبد تجاوبها مع هيئة مستشفى الثورة رغم البيانات والمناشدات المتكررة التي أطلقتها لإنقاذها، حيث تعتبر هيئة مستشفى الثورة أكبر مستشفيات المدينة والتي بقيت تعمل بكل إمكانياتها المتاحة وتقدم خدماتها المجانية لجميع المرضى والجرحى، وذلك بما توفر لها من إمكانيات بسيطة.
وكان رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، قد أكد أن «الحكومة تولي محافظة تعز اهتمامًا كبيرًا في تقديم الخدمات الأساسية المتمثلة في الكهرباء والصحة والمياه والتعليم، وخصوصًا في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها المحافظة جراء الحصار الذي تفرضه الميليشيا الانقلابية ﻷكثر من سنة وستة أشهر». وخلال لقائه محافظ محافظة تعز، علي المعمري، ناقش بن دغر معه مجمل القضايا الاقتصادية والخدمية التي تهم محافظة تعز، وكذا الاحتياجات التي تتطلبها المحافظة في هذه المرحلة وما تعانيه من نقص في الخدمات وعلاج الجرحى، وكذا الاهتمام بأسر الشهداء وإيجاد ميزانية تشغيلية، ودفع الرواتب والأجور للموظفين، بالإضافة إلى فتح فرع للبنك المركزي بالمحافظة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.