«فرصة».. من مدونة بسيطة إلى شبكة تربط آلاف الخريجين العرب بسوق العمل

أسسها طبيب أردني يطمح في توسعة مشروعه عالميًا

سامي حوراني الذي أسس المدونة وتحولت إلى منصة توفر فرص عمل وتعليم للشباب من المحيط إلى الخليج
سامي حوراني الذي أسس المدونة وتحولت إلى منصة توفر فرص عمل وتعليم للشباب من المحيط إلى الخليج
TT

«فرصة».. من مدونة بسيطة إلى شبكة تربط آلاف الخريجين العرب بسوق العمل

سامي حوراني الذي أسس المدونة وتحولت إلى منصة توفر فرص عمل وتعليم للشباب من المحيط إلى الخليج
سامي حوراني الذي أسس المدونة وتحولت إلى منصة توفر فرص عمل وتعليم للشباب من المحيط إلى الخليج

في أحد الأحياء الغربية لمدينة عمان، يعمل فريق من الشباب الأردنيين على إدارة منصة عبر الإنترنت، «فرصة دوت كوم». وتحولت المنصة خلال السنوات القليلة الماضية إلى قصة نجاح مدوية وسط جيل الشباب الأردني بعد أن أثمر جهد شاب أردني ترك مهنة الطب ليحقق حلمه بمساعدة جيل كامل من الشباب الوصول إلى أحلامهم. فمن مدونة بسيطة، تحولت «فرصة دوت كوم» إلى موقع يستقطب مئات الآلاف من الشباب من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يوميا طمعا في الحصول على فرص للتدريب أو العمل كمتطوعين لصقل مهاراتهم واختراق سوق العمل، الذي بدأ يعاني من احتكار فئة معينة من المجتمع على معظم جوانبه، كما يشرح مؤسس الموقع، سامي حوراني.
ويهدف فرصة دوت كوم إلى معالجة الفجوة الموجودة في سوق العمل من خلال الموائمة بين الطلاب والخريجين من جهة، مع احتياجات الشركات المحلية من متدربين وموظفين وكذلك المنظمات الدولية الراغبة باستقطاب الشباب العربي عبر المؤتمرات والبرامج التدريبية، خاصة في مجال المشاريع الريادية والتبادل الثقافي.
ويأمل حوراني بأن يتحول موقعه إلى منصة عالمية للعمل والتدريب في مختلف المجالات، كما قال مؤسس الموقع في حديث مع «الشرق الأوسط» إن «ما نأمله هو أن نؤسس شبكة اجتماعية للتعليم، تبدأ محليا وعربيا وتتحول إلى العالمية». وبلغ حتى الآن عدد زوار الموقع يوميا نحو نصف مليون شخص من مختلف دول العالم العربي من المحيط إلى الخليج. كما يوجد للموقع أكثر من 750 ألف «لايك» على الـ«فيسبوك» ويستفيد من خدماته أكثر من ثلاثة آلاف شخص حول المنطقة في السنة.
حوراني ترك مهنة الجراحة بعد أن تخرج في جامعة ستانفورد الأميركية ليؤسس المدونة. ويتحدث الشاب (31 عاما) بحماس عن مشروعه الذي ما زال يتطور يوما بعد يوم، في ظل إقبال عدد من المنظمات الدولية على دعمه مثل منظمة اليونيسكو والاتحاد الأوروبي.
وعن بدايات المشروع، قال حوراني إن الموقع انطلق كمدونة عام 2008 ومن ثم تحول إلى موقع على شبكة الإنترنت عام 2011، قبل أن يتم إطلاق المرحلة الثانية عام 2015 بإضافات متعددة وتطوير تقني يناسب زيادة حجم الإقبال. وفي بداية عام 2016 تم تطوير تطبيق الهواتف الذكية خاص بالموقع للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستفيدين وتماشيا مع التطور التكنولوجي.
ويحاول الموقع استقطاب الشباب من كلا الجنسين، خاصة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و35 عام، حيث يقوم بتزويدهم بالمنح الدراسية، فرص العمل والتدريب والمشاركة في المؤتمرات الإقليمية والدولية.
ويضيف حوراني: «ما نأمل أن نحققه هو أن يكون الموقع عبارة عن منصة متكاملة يستخدمها الشباب والمنظمات الشبابية، مراكز التدريب والشركات لزيادة القدرات لدى الشباب العربي». ويؤكد حوراني أن «التعلم من خلال العمل» هو أهم المبادئ التي يحاول الموقع الترويج لها، كما يعمل على زيادة وعي الشباب المحلي والعربي على أهمية العمل التطوعي.
«يوجد ما يعرف بالحلقة المفرغة للعمل: فلا يستطيع الفرد العمل من دون خبرة، ولا يمكن توفير الخبرة من دون العمل. لذا يتم توفير فرصة التدريب داخل الشركات والمؤسسات، براتب أقل لكن على الأقل تتوفر الفرصة للحصول على الخبرة. وهنا يأتي دور (فرصة دوت كوم) لكسر هذه الحلقة المفرغة»، بحسب حوراني. البطالة في الأردن بين حديثي التخرج تبلغ نحو 27 في المائة، بحسب الدراسات الأخيرة، مما ساهم في ترسيخ ثقافة الهجرة لدى الشباب الراغب في تحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية. لكن ومن خلال التدريب، يمكن للفرد صقل مواهبه، كما يشرح حوراني: «ثقافة التدريب لم تكن موجودة في المنطقة العربية، ويعد هذا من إنجازات الموقع، حيث تمكنا من تنمية هذه الثقافة لدى كثير من الشباب العربي الذي يرغب في أن يصل إلى الوظائف التي يحلم بها».
يوجد لدى الموقع بنك معلومات كبير، تم تطويره بالتعاون مع شركات محلية وإقليمية، بالإضافة إلى منظمة إيرايزموس الأوروبية، المعهد السويدي، معهد غوته، المركز الثقافي البريطاني، والكثير من المنظمات الدولية.
المشروع تم تطويره بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة «اليونيسكو» عبر تقديم برامج التدريب للموظفين داخل الأردن وخارجها ومساعدتها على تطوير خطة العمل من أجل التطور، بحسب ما أكد حوراني.
ونظرًا للنجاح الذي حققه الموقع في عملية تمكين الشباب من الحصول على فرص نادرة لدخول سوق العمل، تنبهت منظمات الإغاثة الدولية لما يمكن أن يقدمه للاجئين السوريين في الأردن. ويؤكد حوراني أن إدارة الموقع تدرس حاليا إيجاد قسم خاص باللاجئين السوريين لتمكينهم من التدرب أو العمل في بعض المجالات المسموح بها. وتعد الأردن من أكثر دول المنطقة استضافة للاجئين السوريين حيث يزيد عددهم عن المليون لاجئ. إلا أن القوانين المحلية لا تسمح بتوظيف اللاجئين، سوى في مجالات ضيقة.
ولكن يعتقد حوراني أن اللاجئين يمكنهم الاستفادة من البرامج المتوفرة في الموقع حتى ولو أن القوانين المحلية لا تسمح بذلك. «يمكن للاجئين السوريين استخدام المهارات التي يحصلون عليها لإعادة بناء بلدهم عند انتهاء الحرب أو في مجالات العمل في المستقبل».
كما من المقرر أن يطلق الموقع خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم إضافة جديدة تتمثل في مشروع «تعلم» والذي يعمل على توفير فرص التعلم عن بعد للشباب غير القادرين على السفر من أجل الدراسة. كما سيوفر فرصًا للخريجين بمواصلة دراستهم في الجامعات والمعاهد الدولية. ولكن يؤكد حوراني أن الموقع لا يقدم المنح، لكنه يقوم على الموائمة بين الطلاب والجامعات العالمية.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».