نواب الرئيس العراقي يعودون إلى مناصبهم.. وعلاوي يحمل الجبوري مسؤولية خطأ العبادي

مستشار رئاسي لـ «الشرق الأوسط» : معصوم يجتمع بثلاثتهم اليوم

نواب الرئيس العراقي يعودون إلى مناصبهم.. وعلاوي يحمل الجبوري مسؤولية خطأ العبادي
TT

نواب الرئيس العراقي يعودون إلى مناصبهم.. وعلاوي يحمل الجبوري مسؤولية خطأ العبادي

نواب الرئيس العراقي يعودون إلى مناصبهم.. وعلاوي يحمل الجبوري مسؤولية خطأ العبادي

أعلن رئيس «ائتلاف الوطنية» إياد علاوي، عن عودته لمزاولة عمله نائبا لرئيس الجمهورية، في وقت أكدت فيه رئاسة الجمهورية أن «نواب الرئيس الثلاثة، نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي، سجلوا مباشرتهم للعمل نوابا للرئيس، بعد القرار الذي صدر عن المحكمة الاتحادية والذي ألغى القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء حيدر العبادي بإلغاء منصب نواب الرئيس.
وقال علاوي في مؤتمر صحافي عقده بمقر ائتلافه أمس، إن «المحكمة الاتحادية أصدرت قبل ثلاثة أسابيع قرارا اعتبر بموجبه طلب إلغاء مواقع نواب رئيس الجمهورية غير قانوني، وليس دستوريا، بعد أن تقدم أحد إخواننا من نواب الرئيس بشكوى إلى المحكمة الاتحادية»، لافتًا إلى أنه «على الرغم من انتصار المحكمة الاتحادية للدستور والقانون، ونحن نرحب بذلك، فإن القرار جاء متأخرًا». وحمّل علاوي رئيس البرلمان سليم الجبوري مسؤولية ما حصل من أخطاء ارتكبها رئيس الوزراء حيدر العبادي، سواء على صعيد إلغاء منصب نواب الرئيس أو ما أسماه «الإصلاحات المزعومة»، قائلا: «لا بد أن أسجل هنا أن رئاسة مجلس النواب الموقر تتحمل المسؤولية كاملة عما حصل؛ لأنها قدمت المقترحات حول الإصلاح المزعوم حزمة واحدة بدلا من مناقشتها»، مشيرا إلى أن «هذه سابقة خطيرة نسفت مهام مجلس النواب الرقابية والتشريعية». وأضاف علاوي: «أبديت لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم وعلى الهاتف تحفظاتي على العودة لمزاولة عملي، واتفقنا على لقاء تم مساء يوم الخميس الماضي»، لافتا إلى أنه «عند التشاور مع قيادات حزب الوفاق وائتلاف الوطنية ونخبة من قادة جبهة الإصلاح من الذين نشترك معهم في الرؤى السياسية، وكذلك مع لجنة التنسيق الوطنية الشعبية للإصلاح، كانت آراؤنا متطابقة فيما لو تحققت القضايا الجوهرية». وشدد علاوي على «ضرورة تطبيق المادة الدستورية التي تحدد دور رئاسة الجمهورية في السلطة التنفيذية، وتحقيق المصالحة الوطنية»، وأكد: «إنني قررت العودة لمزاولة عملي نائبا لرئيس الجمهورية لتحقيق وحدة الصف». كما أعلن علاوي عن تنازله عن أي استحقاق مالي، قائلا: «أتبرع بتلك الاستحقاقات كاملة إلى صندوق لدعم النازحين الكرام وعوائل الشهداء، ونتمنى على الرئاسة أن ترعى مثل هذا الصندوق».
من جهته، أعلن الدكتور عبد الله علياوي، مستشار رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «نواب الرئيس الثلاثة كانوا قد سجلوا مباشرتهم بالفعل عملهم نوابا للرئيس بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية، الذي كان مخالفا للدستور أصلا»، مبينا أن «الرئيس فؤاد معصوم ونوابه سيجتمعون (اليوم) الأحد ويصدرون بيانا بشأن ما حصل». وأضاف علياوي أن «الرئيس كان قد قدم ورقة لرئيس البرلمان سليم الجبوري بشأن إلغاء منصب نواب الرئيس بوصفه إجراء غير قانوني ومخالفا للدستور، لكن رئاسة البرلمان في حينها لم تقرأ الورقة أمام أعضاء البرلمان من منطلق أن هناك ضغطا جماهيريا باتجاه المطالبة بالإصلاح، مما يصعب الوقوف أمامه، إضافة إلى ذلك أن الإجراء الذي اتخذه رئيس الوزراء في وقته لم يتم بالتشاور مع الرئيس، وهو ما جعله غير راض أصلا عن هذا الإجراء؛ لأننا في النهاية لا بد أن نحترم الدستور بوصفه هو الخيمة الوحيدة التي تجمعنا، وأي تهاون في حسن تطبيقه يمكن أن تترتب عليه أمور في غاية الخطورة».
وحول الجدل بشأن القرار الذي اتخذته المحكمة الاتحادية، وما إذا كان يشترط عودة النواب أم لا، قال المستشار القانوني أحمد العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحكمة الاتحادية استندت إلى مواد دستورية في تفسير ما حصل، وبالتالي هي ليست معنية بما يترتب على ذلك من إجراءات سياسية» مشيرا إلى أن «المادة 69 من الدستور العراقي تنص على تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، على أن ينظم ذلك بقانون، وبالفعل فقد صدر القانون رقم واحد لسنة 2011 نظم عمل نواب الرئيس، بما في ذلك الحق في إقالة الرئيس لأي من نوابه، على أن يعلن مجلس النواب بمرور 15 يوما عن ترشيح بديل للنائب الذي جرت إقالته». وأوضح العبادي أن «المادة 75 من الدستور تنص على أن يحل محل الرئيس عند غيابه نائب الرئيس، وفي ضوء ذلك يكون الإجراء الذي اتخذه العبادي خاطئا بالأصل، وأن المشورة القانونية التي قدمت له بإلغاء المنصب غير صحيحة، لتعارض ذلك مع الدستور ومع قانون نافذ».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.