استهداف «المركزي».. أمن عدن يحبط عملية إرهابية تحمل «بصمات صالح»

مدير كريتر لـ «الشرق الأوسط»: إصرار انقلابي على إرباك استقرار العاصمة المؤقتة

جندي ومواطنون يمنيون يعاينون مكان انفجار السيارة المفخخة التي استهدفت مقر البنك المركزي في عدن أمس (أ.ف.ب)
جندي ومواطنون يمنيون يعاينون مكان انفجار السيارة المفخخة التي استهدفت مقر البنك المركزي في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

استهداف «المركزي».. أمن عدن يحبط عملية إرهابية تحمل «بصمات صالح»

جندي ومواطنون يمنيون يعاينون مكان انفجار السيارة المفخخة التي استهدفت مقر البنك المركزي في عدن أمس (أ.ف.ب)
جندي ومواطنون يمنيون يعاينون مكان انفجار السيارة المفخخة التي استهدفت مقر البنك المركزي في عدن أمس (أ.ف.ب)

صدت قوات الأمن اليمنية بالعاصمة المؤقتة عدن أمس السبت هجوما إرهابيا بسيارة مفخخة استهدفت البنك المركزي اليمني بالمدينة القديمة كريتر، وأصيب في العملية الإرهابية الفاشلة 4 من عناصر الأمن على بعد عشرات الأمتار من المقر الرئيسي للبنك، ولم يخلف التفجير الإرهابي أي أضرار كبيرة سوى بعض التشققات والأضرار البسيطة جدًا.
وقال مدير عام مديرية كريتر العقيد خالد سيدو في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن العملية تحمل بصمات المخلوع صالح والحوثيين، وتهدف إلى إظهار عدن مدينة غير آمنة كمحاولة منهم لعرقلة نشاط البنك بعد أن تم نقله من صنعاء.
وقال المركز الإعلامي لشرطة عدن إن السيارة المفخخة انفجرت ما بين مستشفى الصين سابقا وملعب الحبيشي المحاذي لمبنى البنك المركزي عند الساعة الخامسة والنصف فجر أمس (السبت)، عقب إطلاق النار عليها من قبل حراس البنك ما أدى إلى انفجارها قبل وصولها إلى المبنى.
وأوضح شهود عيان وعدد من حراس «المركزي اليمني» أن جنود الأمن الذين يتولون حراسة البنك باشروا بإطلاق النار باتجاه السيارة التي كانت تسير بسرعة كبيرة نحوهم ما أدى إلى انفجارها بمحاذاة ملعب الحبيشي ومستشفى الصين، وأدى انفجارها المدوي أيضا إلى احتراق سيارة مدنية كانت متوقفة بالقرب من المكان ونجحوا في إحباط العملية الإرهابية.
نوافذ البنك المهشمة، جّل ما نتج عن العملية، إذ تناثر زجاجها بفعل قوة الانفجار، بالإضافة إلى نوافذ عدد من المنازل القريبة من الموقع.
وعقب ساعات من العملية الإرهابية الفاشلة قام قائد قوات الأمن الخاصة بعدن، العميد ناصر سريع العنبوري بزيارة تفقدية لموقع انفجار السيارة المفخخة بالقرب من البنك المركزي بمدينة عدن القديمة، كما زار ضحايا الحادثة في مستشفى أطباء بلا حدود بمدينة الشيخ عثمان شمال شرقي عدن للاطمئنان على صحتهم.
واستنكر قائد قوات الأمن الخاصة بعدن في تصريحات له الجريمة الإرهابية، مؤكدًا في الوقت نفسه أن العملية، تخدم ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح التي رفضت قرار نقل البنك المركزي إلى عدن.
وفي تعليق له حول الواقعة، قال الباحث السياسي باسم الشعبي رئيس مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام بأن الهدف من التفجير هو الإعاقة الكاملة لنقل البنك إلى العاصمة عدن، والمستفيدون من ذلك كثر، لكن الاستهداف فشل ولم يحقق هدفه، وهي رسالة أراد المنفذون منها عرقلة أي دعم إقليمي ودولي للبنك المركزي في عدن، سيما بعد موافقة عدد من المؤسسات والمنظمات المالية الدولية على تقديم منح وقروض لتحريك عجلة الاقتصاد في عدن والمدن المحررة.
ودعا الشعبي السلطة المحلية في عدن إلى تشديد إجراءاتها الأمنية أمام المصالح المالية والمنشآت الاقتصادية تحسبا لأي هجمات انتقامية من النجاحات التي تتحقق في العاصمة عدن.
ومثل قرار نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن الذي اتخذه الرئيس اليمني منصور هادي أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي مسمار النعش الأخير في وجه الانقلابيين.
وكانت الميليشيات الانقلابية قضت على احتياطيات البنك المركزي اليمني بالكامل والبالغة 5.2 مليار دولار، إضافة إلى 300 مليون دولار من أصل مليار دولار وديعة سعودية كانت في مقر المركزي اليمني في صنعاء، ما يعني أن الانقلابيين قضوا على 5.9 مليار دولار خلال الـ18 شهرا الماضية.
وعزت قيادة البنك الجديدة في حوار مع «الشرق الأوسط» قرار النقل إلى فقدان البنك المركزي حياديته واستقلاليته وتسخير جزء أساسي من موارده لتمويل المجهود الحربي للحوثيين، مشيرة إلى أن الرواتب التي يدفعها البنك المركزي للمسؤولين والمقاتلين الموالين للحوثيين خفضت احتياطي اليمن من النقد الأجنبي من 5.2 مليار دولار في سبتمبر 2014 إلى أقل من 700 مليون دولار نهاية أغسطس (آب) الماضي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.