طريق عون إلى الرئاسة اللبنانية: حروب.. مصالحات

قاتل سوريا و«القوات اللبنانية» وخاصم «حزب الله» والحريري.. ثم تفاهم معهم جميعًا

طريق عون إلى الرئاسة اللبنانية: حروب.. مصالحات
TT

طريق عون إلى الرئاسة اللبنانية: حروب.. مصالحات

طريق عون إلى الرئاسة اللبنانية: حروب.. مصالحات

لم تكن طريق رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون إلى قصر الرئاسة اللبنانية، المتوقع أن يدخلها بعد ظهر يوم الاثنين المقبل معبدة بالورد، بل بكثير من الصعوبات التي جعلت منها «حلما مستحيلا» لمدة 27 سنة. وهذا، قبل أن يتحقق هذا «المستحيل» بقبول رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري بترشيحه، فاتحًا له أبواب القصر المقفلة منذ 26 مايو (أيار) 2014 بعدما غادره الرئيس السابق ميشال سليمان من دون أن يتمكن البرلمان من انتخاب بديل له في سدة الرئاسة.
خاض ميشال عون في مسعاه لرئاسة لبنان حروبًا دموية قاسية، كما أجرى مصالحات تتحدى المنطق السياسي في أبسط صوره، لكن النتيجة أتت إيجابية بالنسبة إليه مع تذليل آخر العقبات أمام الحلم المستحيل، الذي من المقرر أن يتحول حقيقة في صناديق الاقتراع يوم الاثنين.
بدأ الحلم «العوني» بالرئاسة في سبتمبر (أيلول) 1989، عندما عيّنه الرئيس السابق أمين الجميل رئيسًا لـ«حكومة عسكرية» - استقال وزراؤها المسلمون الثلاثة فور إعلانها - مهمتها تولي الحكم مؤقتًا بعد فشل البرلمان في الانعقاد لانتخاب رئيس جديد للبلاد. وتولد هذا الوضع عن احتدام الخلافات الداخلية، وانهيار مبادرة أميركية - سورية بالتوافق على النائب مخايل الضاهر للرئاسة. يومذاك حذر الأميركيون القيادات المسيحية الرافضة انتخاب الضاهر بوضعها أمام معادلة تقول: «مخايل الضاهر أو الفوضى».
ودخلت البلاد في الفوضى الفعلية بعد فشل انتخاب رئيس جديد، واستقالة نصف وزراء الحكومة العسكرية (الأعضاء المسلمين) وبقاء حكومة الرئيس سليم الحص مسيطرة على أجزاء كبيرة من لبنان.

«حرب التحرير».. وسوريا
تسلم عون قيادة الشطر الشرقي من بيروت، وبزغ نجمه بوصفه أحد القادة المسيحيين البارزين، فانتقل للإقامة في القصر الجمهوري. ثم ما لبث أن فتح أبوابه أمام مناصريه مطلقا عليه اسم «بيت الشعب» حيث كانت تقام النشاطات المتضامنة معه، والداعمة لوصوله إلى رئاسة الجمهورية.
ويورد كثير من القياديين السابقين في تيار عون وجود اتصالات بين عون والقيادة السورية، قبل وبعد، تعيينه رئيسا للحكومة العسكرية، تهدف إلى إقناعهم بالقبول به رئيسا للبلاد باعتباره حلا وسطا بين الأطراف المتنازعة.
ويورد إيلي محفوض، القيادي السابق في تيار عون، رواية مفادها أن عون أوفد أحد مساعديه إلى الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد حاملاً إلى الأسد رسالة يقول فيها: «إنني عسكري، وبهذه الصفة أتمنى أن يعتبرني القائد الكبير حافظ الأسد ضابطًا صغيرًا في جيشه. وأقدر كل التقدير ما قدمته دمشق للبنان عمومًا وللمسيحيين خصوصًا، وواجبي إذا ما حظيت بتأييدها أن أرد لها الجميل. إنني أتفهم مصالح سوريا في لبنان، وأسلم بأن أمن لبنان من أمن سوريا. ومن حق سوريا علينا أن نوفر لها أسباب الطمأنينة، وأن نشرّع وجودها العسكري في لبنان لمواجهة أي اعتداء محتمل عليها، كذلك أنا مستعد لعقد أي اتفاقات أمنية، إضافة إلى تمتين العلاقات المميزة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كلها». ويتحدث محفوض عن «شبكة الموفدين المتعددة الأسماء، التي تبدأ سلسلتها بالوزيرين السابقين ألبير منصور ومحسن دلول ولا تنتهي بصديق عون الشخصي المحامي فايز القزّي الذي تولى شخصيًا معظم ترتيبات عودة ميشال عون الأخيرة من منفاه في باريس إلى بيروت، كما تولى شخصيًا، وفي مرات عدة نقل رغبات وطلبات وتمنيات ميشال عون الرئاسية».
وفي حين أكد محفوض لـ«الشرق الأوسط» ثقته بهذه المعلومة من منطلق أن «أحدا لم ينفها»، من جهتها، نفت مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» وجود رسالة مماثلة نفيًا قاطعًا، قائلة إن الموضوع مختلق جملة وتفصيلا، ولافتة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن من أشاع هذه الأخبار قبل سنوات «معروف التوجهات والأهداف» حسب تعبيرها. وتضيف المصادر العونية أن «تاريخ العماد عون ناصع كالثلج.. أما الذين يختلقون الأخبار لتشويه صورته فهؤلاء تاريخهم وحاضرهم يشهد لفشلهم».
وبعد فشل كل محاولات التسوية السياسية، انتقل عون إلى الهجوم، معلنًا «حرب التحرير» ضد الوجود السوري في لبنان، مطلقًا حملة عسكرية عنيفة لم تؤد إلى تغييرات جغرافية، لكنها حملت كثيرا من الدمار والموت إلى طرفي خطوط التماس بين المنطقتين الشرقية والغربية. وفي وقت لاحق تبادل عون و«القوات» اللبنانية الاتهامات حول التسبب بالقصف الذي أوقع عشرات القتلى يوم اندلاع المواجهة العسكرية الأولى في مارس (آذار) 1989. إلا أن الثابت أنها كانت واحدة من الحلقات الدموية في الحرب الأهلية اللبنانية.
ولكن عجز هذه الحرب عن إحداث تغييرات بنيوية، أدّى في وقت لاحق إلى خروج النار من تحت الرماد في علاقة عون مع «القوات اللبنانية»، إذ قرّر عون توحيد البندقية في الشارع المسيحي وبسط سلطة المؤسسة العسكرية اللبنانية (أو الجزء الذي يقوده) على كامل هذه المناطق، فاصطدم مع «القوات اللبنانية» في عام 1990 بحرب دموية شرسة قلّ مثيلها في لبنان طوال الحرب الأهلية اللبنانية وأدت إلى مقتل المئات من الجانبين وسميت بـ«حرب الإلغاء».

«حرب الإلغاء»
فتحت هذه الحرب الباب واسعًا أمام الإطاحة بعون. ذلك أن قائد «القوات»، سمير جعجع، انضم إلى الجهات الداعمة لـ«اتفاق الطائف» الذي توافق عليه النواب اللبنانيون في مدينة الطائف السعودية بدعم عربي ودولي غير مسبوق. وبقي عون وحيدًا في قصر بعبدا، وفي المنطقة الجنوبية من جبل لبنان التي انحصر فيها نفوذه العسكري.
ولما رفض عون الانصياع للتفاهمات الدولية، كان «الضوء الأخضر» للنظام السوري لاجتياح مناطق نفوذه صبيحة يوم 13 أكتوبر 1990 عندما وصلت طائرات السوخوي السورية لأول مرة إلى أجواء بيروت لتقصف القصر الجمهوري ومواقع الجيش الموالي لعون، ثم تتقدم القوات السورية والقوات العسكرية اللبنانية الموالية للرئيس إلياس الهراوي لتخترق مناطق نفوذه من ثلاثة اتجاهات.
لجأ عون إلى السفارة الفرنسية في بيروت، وأعطى من هناك أوامره لوحداته بأن تأخذ أوامرها من قائد الجيش الذي عينته حكومة الحص العماد إميل لحود. ومن السفارة انتقل بعد مفاوضات فرنسية - لبنانية - سورية إلى باريس للإقامة في المنفى، شرط عدم العودة إلى لبنان لفترة زمنية اختلفت الروايات حولها.

المنفى الفرنسي
أنهت العملية العسكرية وما سبقها من حروب، كل التواصل بين عون ودمشق، فانتقل من مقر إقامته في فرنسا لتنظيم الحملات على فرنسا وعلى ما يسمى «حزب الله» وانتقل إلى الولايات المتحدة لدعم قانون عرف بقانون «محاسبة سوريا» في الكونغرس الأميركي هدفه محاربة الوجود السوري في لبنان. وأكد النائب السابق غطاس خوري، أمام غرفة البداية في المحكمة الخاصة بلبنان، أن «القرار 1559 جاء على خلفية قرار الكونغرس الأميركي بمحاسبة سوريا. والعماد ميشال عون سعى للحصول على هذا القرار في محاولة لرفع الهيمنة السورية عن لبنان والعودة من المنفى». ونشر ناشطون معارضون لعون مؤخرًا تسجيلا صوتيا قديما له يصف فيه سوريا بالدولة الإرهابية وينتقد ما يسمى «حزب الله» الذي قال عنه إنه امتداد للسياسة الإيرانية.

العودة.. وبدء «التفاهمات»
انتهت مرحلة مواجهة عون للنظام السوري وما يسمى «حزب الله» مع نهاية الوجود السوري في لبنان. فبعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005، وما تلاه من تداعيات أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان، عاد عون إلى لبنان بعد 15 سنة من الغياب. والتحق جمهور عون بصفوف تحالف «14 آذار» وشارك مع أنصاره في الاعتصامات المناوئة للنظام السوري، لكنه عاد ليفاجئ الجميع بتصريحات، قال فيها «إن مشكلتي مع سوريا انتهت وسنبني أفضل العلاقات (..) لا أحب الصليب المشطوب (شعار القوات)، هذا ضد المفاهيم المسيحية (..) رفيق الحريري أدخل لبنان في نفق اقتصادي لا نعرف أين ينتهي ومستقبلنا برسم القدر (..) رئاسة الجمهورية رمز وممنوع المسّ بالموقع رغم اختلافنا مع الرئيس الحالي».
وانتقل عون إلى الضفة الثانية، مفاجئًا الجميع بعد أقل من سنة من عودته إلى لبنان بتفاهم مع ما يسمى «حزب الله» الذي يعد الحليف الأول للنظام السوري و«رأس حربة» المواجهة في الفريق الموالي للنظام. وأقيم احتفال كبير عند خط التماس السابق بين ضاحيتي بيروت الشرقية والغربية، في كنيسة مار مخايل تخللها قطع قالب كبير من الحلوى. ويومذاك نصت هذه الورقة على أن «إقامة علاقات لبنانية - سورية وصحيحة تقتضي مراجعة التجربة السابقة باستخلاص ما يلزم من العبر والدروس ولتلافي ما علق بها من أخطاء وشوائب وثغر، وبما يمهد الطريق للنهوض بهذه العلاقات على أسس واضحة من التكافؤ والاحترام الكامل والمتبادل لسيادة الدولتين واستقلالهما على قاعدة رفض العودة إلى أي شكل من أشكال الوصاية الخارجية».
بعدها، في «حرب تموز» 2006 التي خاضها، ما يسمى «حزب الله»، عسكريًا مع إسرائيل، بعد كمين استهدف خطف عسكريين إسرائيليين عبر الحدود، كان يخوضها إلى جانبه عون سياسيا وشعبيًا ولوجستيا. والمناطق التي ينتشر فيها أنصار عون تحوّلت إلى ملاجئ آمنة لأنصار الحزب الهاربين من القصف الإسرائيلي ما خفف عن الحزب من ثقل المواجهة، كما أن الغطاء المسيحي الذي وفّره عون للحزب لا يكاد يقل أهمية عن الحرب العسكرية. وهكذا، انتقل ما يسمى «حزب الله» وعون من مرحلة التفاهم إلى مرحلة التحالف سريعًا، وتوطّدت العلاقات بين الطرفين بسرعة قياسية.
وسرعان ما أصبح عون مرشح ما يسمى «حزب الله» المفضل، ثم الوحيد لرئاسة لبنان. لكن هذا الدعم لم يكفه للوصول إلى سدة الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، على الرغم من الانتصار العسكري لما يسمى «حزب الله» في بيروت، التي اجتاحها الحزب في مايو (أيار) 2007. إذ أدت التوازنات الإقليمية والدولية ورفض قوى «14 آذار» الشديد لعون في الرئاسة، إلى الوقوف بوجه حلم عون، خصوصًا أن في «14 آذار» أكثر من طامح للرئاسة.

التطبيع مع الأسد
أما العلاقة مع سوريا، فقد أنهى عون كل الكلام الكبير الذي أطلقه بحق النظام وقادته بعبارة قال فيها إن خصومته مع سوريا هي في لبنان، وبما أن سوريا غادرت لبنان، فإني أرمي خصومتي معها. وتوج هذه المصالحة بزيارة إلى العاصمة السورية التقى خلالها رئيس النظام بشار الأسد في العام 2008 متوجا انعطافته السياسية الكبرى. واعتبر عون زيارته لدمشق «تأريخا لنهاية مرحلة قديمة وبداية مرحلة جديدة قائمة على تنقية الوجدانين السوري واللبناني بعد محطات سيئة تاريخيًا، ولا سيما بعد أن أجرى كل من الجانبين النقد الذاتي اللازم فقد سقطت كثير من مخاوفنا وتحفظاتنا إثر ورقة التفاهم مع (حزب الله)، وكذلك بالنسبة للقيادة السورية التي أجرت مراجعة ذاتية».
ومع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في مايو 2014. كانت طموحات عون الرئاسية تصطدم بأرقام التوازنات في البرلمان القائم. وقد زادت الأمور صعوبة مع تمديد ولاية هذا البرلمان مرتين، وفشل عون وحلفائه في الحصول على الأكثرية من خلال الانتخابات. وهذا ما يفسر معارضة عون الشديدة لتمديد ولاية البرلمان، لكن مضي حليفه ما يسمى «حزب الله» في التمديد أسقط إمكانية تعطيله، فكان أن أعلن رفضه التمديد وطعن به دستوريا، معلنا أن البرلمان أصبح غير شرعي.

التعطيل.. برلمانيًا
كان التعطيل، سلاح عون والحزب في مواجهة الأكثرية البسيطة التي تمتلكها قوى «14 آذار» في البرلمان. فغياب نوابهما عن الجلسات أفقدها النصاب القانوني (ثلثا أعضاء البرلمان) ما أدى إلى فراغ دستوري جديد في البلاد استمر حتى اليوم تحت عنوان واحد: انتخاب الرئيس القوي في بيئته (المسيحية).
ولم يكتف عون بالتعطيل، بل فتح باب الحوار مع رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري الذي عقد معه اجتماعات كثيرة، احتفل معه في إحداها بعيد مولده (عون) مع قالب حلوى كبير، وسرى كلام عن تقارب بين الطرفين. ويبدو أن هذا التقارب هو ما أزعج قائد «القوات» سمير جعجع الذي سارع إلى إعلان ترشيح نفسه للرئاسة قاطعا الطريق أمام حليفه (الحريري) واحتمالات التقارب مع عون.
لم ييأس عون، فاستمر مع حليفه بتعطيل جلسات الرئاسة، وأدت محاولة الحريري التفاهم مع النائب سليمان فرنجية المتحالف مع ما يسمى «حزب الله» والنظام السوري، إلى إثارة حفيظة جعجع. ورشح الحريري فرنجية، بعدما فشل في التفاهم مع عون «المتشدد»، فكانت الأمور في صالح الأخير الذي فتح حوارا مع جعجع قاده النائب إبراهيم كنعان من جهة عون، ومستشار جعجع ملحم رياشي، وانتهى إلى إعلان ورقة نوايا مع «القوات»، ومن ثم إعلان تبني «القوات» ترشيح عون للرئاسة في احتفال كبير تخلله أيضا قطع قالب من الحلوى.

«الحلف المسيحي»
ونصت «ورقة النوايا» بين الحليفين الجديدين على ضرورة التزام سياسة خارجية مستقلة بما يضمن مصلحة لبنان ويحترم القانون الدولي، وذلك بنسج علاقات تعاون وصداقة مع جميع الدول، ولا سيما العربية منها مما يحصن الوضع الداخلي اللبناني سياسيا وأمنيًا ويساعد على استقرار الأوضاع، وكذلك اعتبار إسرائيل دولة عدوة والتمسك بحق الفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم ورفض التوطين واعتماد حل الدولتين ومبادرة بيروت 2002، والحرص على ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية السورية بالاتجاهين وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان وباستعمال لبنان مقرا أو منطلقا لتهريب السلاح والمسلحين وأن يبقى الحق في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفولا تحت سقف الدستور والقانون والمصلحة الوطنية العليا».
ورأى الطرفان المسيحيان أن «إعلان النوايا هذا، يهدف إلى وضع المبادئ الديمقراطية ومعاييرها أساسا لتنظيم علاقتهما، ويؤكد إبقاء المبادئ الدستورية والميثاقية فوق سقف التنافس السياسي، كما يؤكد إرادتهما ورغبتهما في العمل المشترك والتواصل في جميع المجالات والمواقع الممكنة لتنفيذ التزاماتهما المنوه عنها أعلاه ويعتزمان العمل على تفعيل إنتاجية اتفاقاتهما حيث يتفقان، والتنافس من دون خصام حيث يختلفان، كما يتعهدان بالتواصل الدائم والتباحث المستمر للتفاهم على كل المواضيع ذات الشأن العام والوطني».
مع إعلان «القوات» تأييد ترشيح عون، بقيت أمام الأخير عقبة وحيدة هي رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي يترأس أكبر كتلة برلمانية تضم (33 نائبا). ورغم سنوات من الشتائم المتبادلة والانتقادات المتواصلة بين الطرفين، فإنهما تلاقيا عند ما يفتح الطريق أمام عون للرئاسة. فعون يحتاج إلى أصوات الحريري، والحريري يحتاج إلى حضور نواب عون الجلسة. وأدى استمرار التعطيل والفراغ الرئاسي إلى شبه انهيار في مؤسسات الدولة، فالحكومة تعمل بأقل من ربع طاقتها والبرلمان مشلول، والوضع الاقتصادي يتجه نحو الانهيار.
ورغم أن اتفاق عون - الحريري، لم يكن مكتوبًا، فإن تسريبات صحافية قالت إنه يتضمن مجموعة من النقاط، أبرزها تعيين قائد الجيش على أن يكون شخصية غير مستفزّة لما يسمى «حزب الله» ثم الاتفاق على عدم مقاربة موضوع سلاح ما يسمى «حزب الله» على اعتبار أنه بند سابق على طاولة الحوار ويحلّ ضمن بند الاستراتيجية الدفاعية. على أن يكون البيان الوزاري للحكومة الجديدة، خصوصًا في الشق المتعلق بالمقاومة، مشابها لما اعتمد في البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام.
وفي المحصلة، احتاج عون الذي يصفه خصومه بأنه «نزق وعصبي وعنيد» إلى كثير من الدبلوماسية لاسترضاء أقوى خصومه وصولا إلى الحلم الكبير.



أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
TT

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)

من شائع القول، أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يجب أن تكون مفتوحة لمشاركة جميع سكان العالم، لما لنتائجها من تأثير سياسي واقتصادي وأمني على الصعيد الدولي الواسع. لكن مما لا شك فيه أن أميركا اللاتينية التي تعد «الحديقة الخلفية» لواشنطن، والتي طالما كان ليد الإدارات الأميركية الطولى وأجهزة استخباراتها الدور الحاسم في تحديد خياراتها السياسية والاقتصادية، هي الأشد تأثراً بوجهة الرياح التي تهبّ من البيت الأبيض. «الصوت اللاتيني» كان هذه المرة موضع منافسة محتدمة بين الجمهوريين والديمقراطيين خلال الحملة الانتخابية، وكان راجحاً في كفّة المرشح الفائز، كما دلّ على أهميته قرار الرئيس العائد دونالد ترمب اختيار منافسه في الانتخابات الأولية، السيناتور الكوبي الأصل ماركو روبيو، لمنصب وزير الخارجية في الإدارة الجديدة. إلا أن ردود الفعل في بلدان أميركا اللاتينية على فوز دونالد ترمب بولاية رئاسية ثانية، جاءت متفاوتة ومتأرجحة بين القلق الدفين في أوساط الأنظمة اليسارية والتقدمية، والابتهاج الظاهر بين الحكومات والأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة.

أول المحتفلين بفوز الرئيس دونالد ترمب والمُنتشين لعودته إلى البيت الأبيض كان الرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف خافيير مَيلي الذي سارع، بعد أسبوع من إعلان الفوز، لملاقاته في مقره بولاية فلوريدا حيث أعرب له عن «استعداد الأرجنتين الكامل لمساعدته على تنفيذ برنامجه».

أيضاَ، المعارضة البرازيلية التي يقودها الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو - الذي يخضع حالياً للمحاكمة بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم وهو ممنوع من السفر خارج البلاد - لم تكن أقل ابتهاجاً من الرئيس الأرجنتيني أو المعارضة الفنزويلية التي عادت لتعقد الآمال مجدّداً على رفع منسوب الضغط الأميركي على نظام نيكولاس مادورو اليساري في فنزويلا والدفع باتجاه تغيير المعادلة السياسية لصالحها.

حذر في المكسيك

في المقابل، حاولت السلطات المكسيكية من جهتها إبداء موقف حذر على الرغم المخاوف التي تساورها من أن يفي الرئيس الأميركي العائد بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية حول الهجرة والتجارة ومكافحة المخدرات، والتي تجعل من المكسيك أكثر بلدان المنطقة تعرّضاً لتداعيات السياسة الشعبوية المتشددة التي ستتبعها إدارته الثانية اعتباراً من العام المقبل. ومعلوم أن ترمب كان قد جعل من بناء «الجدار» على الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة عنواناً لحملته الانتخابية الأولى وأحد ركائز حملته الثانية، إلى جانب خطابه العنصري المناهض للمهاجرين المكسيكيين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المهاجرين اللاتينيين إلى الولايات المتحدة. كذلك، كان ترمب قد هدد الرئيسة المكسيكية الاشتراكية الجديدة كلاوديا شاينباوم بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من المكسيك ما لم تمنع تدفق المهاجرين من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة عبر أراضي المكسيك.

الرئيسة شاينباوم قلّلت من شأن تهديدات ترمب، وقالت إن بلادها - كالعادة - «ستتمكن من تجاوز الأزمة»، لكن لا أحد يشك في أن الدولة المرشحة لأكبر قدر من الضرر جرّاء عودة ترمب إلى البيت الأبيض هي المكسيك، أولاً نظراً لكونها الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، وثانياً لأن العلاقات بين البلدين المتجاورين هي أشبه بزواج لا طلاق فيه.

من جهة ثانية، كان لافتاً أن سوق المال (البورصة) المكسيكية لم تتعرّض لأي اهتزازات تذكر بعد إعلان فوز ترمب، خلافاً لما حصل بعد فوزه بالولاية الأولى عام 2016. وهو ما يدلّ على التأقلم مع أسلوبه والتكيّف معه، وأيضاً على متانة «اتفاقية التجارة الحرة» بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة كإطار يحكم المبادلات التجارية بين البلدان الثلاثة.

المشهد البرازيلي

في البرازيل، كما سبقت الإشارة، كان الرئيس السابق جايير بولسونارو بين أوائل المهنئين بفوز دونالد ترمب. إذ أعرب عن ابتهاجه لهذا «النصر الأسطوري الذي منّ به الله تعالى على الولايات المتحدة والعالم»، في حين اكتفت حكومة الرئيس الحالي اليساري الحالي لويس إيناسيو (لولا) بالطقوس الدبلوماسية المألوفة، بعدما كان «لولا» قد أعلن صراحة دعمه لمرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس المودّعة كمالا هاريس.

أكثر من هذا، تابع إدواردو بولسونارو، نجل الرئيس السابق والعضو في مجلس النواب البرازيلي، عملية فرز نتائج الانتخابات الأميركية في منزل ترمب بفلوريدا، حيث صرّح بعد إعلان الفوز: «ها نحن اليوم نشهد على قيامة مقاتل حقيقي يجسد انتصار الإرادة الشعبية على فلول النخب التي تحتقر قيمنا ومعتقداتنا وتقاليدنا». وبالمناسبة، لا يزال بولسونارو «الأب» عازماً على الترشّح للانتخابات الرئاسية البرازيلية في عام 2026. على الرغم من صدور حكم قضائي مُبرم يجرّده من حقوقه السياسية حتى عام 2030 بتهمة سوء استخدام السلطة والتحريض على الانقلاب.

بالتوازي، كان «لولا» قد تعرّض للانتقاد بسبب تأييده الصريح لهاريس، الذي ضيّق كثيراً هامش المناورة أمامه بعد هزيمتها. لكنه علّق بعد تهنئته ترمب: «الديمقراطية هي صوت الشعب الذي يجب احترامه».

اليوم يعتقد أنصار بولسونارو أن المشهد السياسي الأميركي الجديد، والدور الوازن الذي يلعبه الملياردير إيلون ماسك داخل إدارة ترمب، قد يشكّلان ضغطاً على الكونغرس البرازيلي والمحكمة العليا لإصدار عفو عن الرئيس البرازيلي السابق يتيح له الترشح في انتخابات عام 2026 الرئاسية. أما على الصعيد الاقتصادي، فتخشى البرازيل، في حال قرّر ترمب رفع الرسوم الجمركية وفرض إجراءات حمائية، خفض صادراتها إلى الولايات المتحدة وتراجعاً في قيمة موادها الخام. كذلك، من شأن إغلاق السوق الأميركية أمام السلع الصينية أن يؤدي إلى خفض الطلب على المواد الخام التي تشكّل عماد المبادلات التجارية البرازيلية. أما على الصعيد البيئي، فقد حذرت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا من أن الأسرة الدولية ستكون مضطرة لمضاعفة جهودها للحد من تداعيات أزمة المناخ إذا قرر ترمب المضي في تنفيذ سياساته البيئية السلبية المعلنة.

مَيلي متحمّس ومرتاح

الرئيس الأرجنتيني خافيير مَيلي، من جانبه، احتفى بفوز ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهد بالتعاون مع إدارته لتنفيذ برنامجه الانتخابي، معوّلاً على استثمارات أميركية ضخمة في القطاعات الإنتاجية الأرجنتينية. وانضمّ أيضاً إلى «التهاني» من معسكر اليمين الأرجنتيني الرئيس الأسبق ماوريسيو ماكري، الذي يشارك حزبه المحافظ في حكومة مَيلي الائتلافية، والذي سبق أن كان شريكاً لترمب في صفقات عقارية في الولايات المتحدة.

يُذكر أن ترمب كان قد لعب دوراً حاسماً في منح صندوق النقد الدولي قرضاً للأرجنتين بقيمة 44 مليار دولار أميركي عام 2018 ما زالت عاجزة عن سداده. وفي حين يأمل مَيلي بأن تساعده الإدارة الأميركية الجديدة بالحصول على قرض جديد من صندوق النقد يحتاج إليه الاقتصاد الأرجنتيني بشدة للخروج من أزمته الخانقة، فإنه يعرف جيداً أن ترمب سيكون بجانبه في «الحرب الثقافية» التي أعلنها على اليسار الدولي وأجندته التقدمية.

فنزويلا وكوبا

في الدول الأميركية اللاتينية الأخرى، علّق إدموندو غونزاليس أوروتيا، مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية - المنفي حالياً في إسبانيا والذي تدلّ كل المؤشرات على فوزه - علَّق على فوز ترمب بوصفه هو أيضاً الفائز الذي اعترفت به دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقال: «هذه إرادة الشعب الأميركي وأهمية التناوب على الحكم».

أما زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي اضطرت للتنازل عن ترشيحها لصالح غونزاليس بعدما جرّدها القضاء من حقوقها السياسية - فقد هنأت ترمب بقولها: «نعرف أنك كنت عوناً لنا دائماً، والحكومة الديمقراطية التي اختارها الشعب الفنزويلي ستكون حليفاً موثوقاً لإدارتك».

من الجانب الآخر، اختارت الحكومة الفنزويلية اليسارية التزام الحذر في تعليقها الأول على فوز ترمب، وجاء في تهنئتها البروتوكولية: «نوجه التهنئة لشعب الولايات المتحدة على هذه الانتخابات. إن فنزويلا على استعداد دائماً لإقامة علاقات مع الإدارات الأميركية في إطار الحوار والرشد والاحترام». وأضاف البيان الذي صدر عن الرئاسة الفنزويلية مستحضراً خطابه المعهود: «إن الاعتراف بسيادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها هو الأساس لقيام عالم جديد يسوده التوازن بين الدول الحرة»، في إشارة إلى المفاوضات المتعثّرة منذ سنوات بين واشنطن وكاراكاس لإيجاد مخرج من الأزمة الفنزويلية التي تمرّ اليوم بأكثر مراحلها تعقيداً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ترمب كان قد فرض إبان ولايته الرئاسية الأولى ما يزيد عن مائة عقوبة على فنزويلا، وانتقد بشدة قرارات إدارة بايدن برفع بعضها. غير أنه ليس واضحاً بعد كيف ستكون مقاربته لهذا الملف، خاصة، أن فنزويلا يمكن أن تساعد على تلبية الاحتياجات الأميركية من الطاقة في ظروف دولية معاكسة بسبب الحرب في أوكرانيا والاضطرابات في الشرق الأوسط.

وبما يخصّ كوبا، تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض معها أيضاً «سحباً سوداء» فوق كوبا التي تتوقع تشديد العقوبات والمزيد منها. وكان ترمب قد حطّم جميع الأرقام القياسية في العقوبات التي فرضها على النظام الكوبي، وأدرجها على قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، الأمر الذي يضفي صعوبات جمّة على علاقات الدولة الكوبية المالية مع الخارج. ويلفت أن الحكومة الكوبية - حتى كتابة هذه السطور - لم تعلّق بعد على فوز دونالد ترمب بولاية ثانية.

تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض

معها «سحباً سوداء» فوق كوبا

التي تتوقع تشديد العقوبات

الرئيس المكسيكية الاشتراكية كلاوديا شاينباوم (رويترز)

كولومبيا تثير موضوع غزة

كولومبيا أيضاً يسود فيها الترقّب الحذر لمعرفة الوجهة التي ستسير بها العلاقات بين ترمب والرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بترو اللذين لا يجمع بينهما أي رابط شخصي أو عقائدي. بيد أن هذا لم يمنع بترو من توجيه رسالة تهنئة إلى الرئيس الأميركي العائد لعلها الأكثر صراحة في مضمونها السياسي والمواضيع التي ستتمحور حولها علاقات المعسكر التقدمي في أميركا اللاتينية مع الإدارة الأميركية اليمينية المتشددة الجديدة. وجاء في رسالة بترو: «إن السبيل الوحيد لإغلاق الحدود يمرّ عبر ازدهار بلدان الجنوب وإنهاء الحصار»، في إشارة واضحة إلى العقوبات الأميركية المفروضة على فنزويلا وكوبا. ثم تناولت الرسالة موضوع غزة، الذي يستأثر باهتمام كبير لدى الرئيس الكولومبي، وأوردت: «الخيار التقدمي في الولايات المتحدة لا يمكن أن يقبل بالإبادة التي تتعرّض لها غزة».

باقي اليمين يرحب

في المقابل، اكتفت رئيسة البيرو، دينا بولوارتي، التي منذ سنة لا تتمتع بتأييد سوى 8 في المائة من مواطنيها، بتوجيه رسالة تهنئة «للمرشح دونالد ترمب على فوزه في الانتخابات الديمقراطية التي أجريت في الولايات المتحدة»، بينما غرّد دانيال نوبوا، رئيس الإكوادور اليميني الذي تشهد بلاده أزمة سياسية وأمنية عميقة منذ أشهر، على حسابه مرحباً: «مستقبل زاهر ينتظر قارتنا بفوز دونالد ترمب».

وفي تشيلي - التي يحكمها اليسار - كان أول المهنئين خوسيه أنطونيو كاست، زعيم الحزب الجمهوري اليميني المتطرف الذي يطمح للفوز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وفي المقلب الآخر، على الصعيد الرسمي بادر وزير الخارجية التشيلي ألبرتو فان كلافيرين إلى التهنئة المبكرة قائلاً: «نتيجة الانتخابات كانت واضحة وكاشفة على أكثر من صعيد. نقيم علاقة دولة مع الولايات المتحدة، والعلاقات هي بين الدول، ونطمح لأفضلها مع حكومة الرئيس ترمب الجديدة». أما الرئيس التشيلي اليساري غابريل بوريتش، الذي كان آخر المهنئين بين زعماء المنطقة، فجاء في رسالته: «تؤكد تشيلي التزامها توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق تنمية شاملة، واحترام حقوق الإنسان والعناية بالديمقراطية».

 

حقائق

واقع العلاقات والمخاوف في أميركا الوسطى

في أميركا الوسطى، وتحديداً السلفادور، وعلى الرغم من العلاقات الجيدة التي تربط رئيسها نجيب أبو كيلة (الفلسطيني الأصل) مع دونالد ترمب، كما تَبيّن خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي المنتخب، فإن ثمة مخاوف ملموسة من التهديدات التي أطلقها ترمب خلال حملته الانتخابية بطرد جماعي للمهاجرين غير الشرعيين. للعلم، فإن ملايين من مواطني السلفادور يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، ويُشكِّلون مصدر الدعم الاقتصادي الأساسي لعائلاتهم في وطنهم الأم. وحقاً تعدّ تحويلات المهاجرين الواردة من الولايات المتحدة المحرّك الرئيسي لاقتصاد السلفادور، إذ بلغت في العام الماضي ما يزيد على 5 مليارات دولار.وراهناً، يسود الاعتقاد بين المراقبين الأميركيين اللاتينيين - على امتداد القارة - بأن دونالد ترمب، الذي استطاع خلال 8 سنوات أن يهدم المجتمع الأميركي ويعيد تشكيله على مزاجه وهواه، يشكّل اليوم - في أحسن الأحوال - مصدر قلق عميق بالنسبة لبلدان المنطقة. ويتوقع هؤلاء أن تكون التداعيات المحتملة لولايته مرهونةً بأمرين: الأول، مدى اعتماد هذه البلدان سياسياً واقتصادياً على الولايات المتحدة. والثاني، أين سيكون موقع أميركا اللاتينية بين أولويات السياسة عند الإدارة الجديدة في واشنطن.