مصادر عراقية تؤكد تراجع الدور الأميركي في معركة الموصل بسبب الخلاف حول تركيا

إمدادات لـ«داعش» من سوريا وانخفاض الطيران الأميركي يطيلان أمد عملية تحرير المدينة

جنود أميركيون يحتمون بعد إطلاق صفارات إنذار من قذائف هاون أطلقت على قاعدة القيارة جنوب الموصل أمس (أ.ب)
جنود أميركيون يحتمون بعد إطلاق صفارات إنذار من قذائف هاون أطلقت على قاعدة القيارة جنوب الموصل أمس (أ.ب)
TT

مصادر عراقية تؤكد تراجع الدور الأميركي في معركة الموصل بسبب الخلاف حول تركيا

جنود أميركيون يحتمون بعد إطلاق صفارات إنذار من قذائف هاون أطلقت على قاعدة القيارة جنوب الموصل أمس (أ.ب)
جنود أميركيون يحتمون بعد إطلاق صفارات إنذار من قذائف هاون أطلقت على قاعدة القيارة جنوب الموصل أمس (أ.ب)

كشف أثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق وقائد حشد ما بات يعرف بـ«حرس نينوى» المشارك في القتال ضد تنظيم داعش في قواطع العمليات في الموصل، إن «هناك تراجعًا في الدور الأميركي المساند للعراق في الحرب ضد (داعش)، لا سيما بعد رفض الحكومة العراقية الطلب الذي تقدم به وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أخيرًا والقاضي بالموافقة على إشراك تركيا ضمن التحالف الدولي».
وفيما أكد الخبير الأمني المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة، الدكتور هشام الهاشمي، أن الطيران الأميركي انخفض بالفعل بنسبة 68 في المائة عما كان عليه في الأيام الأولى للمعركة، فإن كلاً من النجيفي والهاشمي وفي تصريحين منفصلين لـ«الشرق الأوسط» اتفقا على أن كل المؤشرات والمعطيات على أرض الواقع تفيد بأن المعركة مرشحة لأن تطول أكثر مما كان متوقعًا لها وربما «هناك مفاجآت قد تحصل في منتصف الطريق»، مثلما قال النجيفي رافضًا الكشف عن طبيعة تلك المفاجآت.
وحمّل النجيفي الحكومة العراقية «مسؤولية عدم التعاطي مع الطلب الأميركي الذي من المؤكد أنه سينعكس على طبيعة الدعم الذي تقدمه واشنطن لنا في المعركة ضد (داعش)، إذ إن الأميركيين كانوا قد قدموا كل أشكال الدعم من أجل تحرير الموصل، لكنهم فوجئوا برفض طلبهم حيال تركيا، وبالتالي فإن عدم التعاطي مع تركيا بشكل إيجابي يجعل الولايات المتحدة إما أن تنسحب أو تخفف الدعم حتى يفهم الطرف الآخر الدرس».
وحول الأوضاع داخل مدينة الموصل حاليًا، لا سيما على صعيد عمليات النزوح وما هو متوقع حصوله، قال النجيفي إن «عمليات النزوح لا تزال بعيدة عن مركز المدينة، حيث تحصل في القرى التي وصلت إليها القوات المسلحة». وحول إشارته إلى وصول إمدادات إلى «داعش» من سوريا، أوضح النجيفي أن «تنظيم داعش بدأ بالفعل تعزيز دفاعاته بعد وصول هذه الإمدادات، وهو ما يعني أن المعركة لن تكون سهلة، لا سيما أن ذلك تزامن مع الاستياء الأميركي بشأن تركيا وعدم تعاطي بغداد مع ما عرضه وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر الذي أعلن في أنقرة قبل توجهه إلى بغداد أن العراق وتركيا توصلا إلى اتفاق، لكنه وجد في بغداد خلاف ما أعلن عنه في تركيا».
من جهته، أكد الخبير الأمني والمتخصص بالجماعات المسلحة، الدكتور هشام الهاشمي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأميركيين خففوا الدعم بالطيران بنسبة كبيرة جدًا بلغت نحو 68 في المائة، وهو مؤشر على عدم رضاهم عما حصل بشأن تركيا وضرورة إشراكها في التحالف الدولي»، مبينًا أن «تنظيم داعش كان منذ البداية يريد القتال في الموصل وعدم الانسحاب منها طبقًا لرؤية زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، الذي نفذ حكم الإعدام بعدد من قيادات الصف الأول في التنظيم ممن كانوا يتفاوضون عن طريق طرف ثالث للانسحاب من الموصل تجاه سوريا، لكن البغدادي يريد القتال في الموصل حتى النهاية، وهو ما جرى تعزيزه أخيرًا بوصول إمدادات من سوريا إلى الموصل وليس العكس، وهو ما يعني أن رهان التنظيم أصبح على معركة الموصل التي يقطنها نحو مليون ونصف المليون إنسان، كما أن التنظيم أقام تعزيزات كبيرة حول الموصل وداخلها، مما يجعل المعركة معقدة، وقد تحصل فيها خسائر بسبب نيته اتخاذ المدنيين دروعًا بشرية، وهو ما يعقد مهمة الجيوش التي تقاتل من أجل تحريرها».
وردًا على سؤال عما إذا كان البغدادي داخل الموصل أم خارجها، يقول الهاشمي إن «البغدادي مقيم على الأرجح في منطقة البعاج (على الحدود مع سوريا)، وهي لا تزال إحدى المناطق الرئيسية بيد التنظيم».
إلى ذلك، عبر زعيم التحالف الوطني عمار الحكيم ضمنًا عن عدم رضا بغداد عن الموقف الأميركي حيال تركيا، الذي رفضته بغداد بزج قوات تركية داخل الأراضي العراقية. وأكد الحكيم خلال زيارته أمس (الجمعة) القطعات العسكرية المتأهبة لتحرير مدينة الموصل في محور الكوير، جنوب شرقي مدينة الموصل، عدم حاجة العراقيين لغيرهم بإدارة ميدان المعركة.
وأضاف الحكيم حسب بيان لمكتبه أن «تحرير مدينة الموصل من عصابات (داعش) الإرهابية، بداية لواقع العراق الجديد، في حل الإشكاليات عبر التعاون المشترك»، لافتًا إلى أن «الشعب العراقي قادر على إدارة القتال في الميدان، وعدم الحاجة إلى أي مقاتل غير عراقي، فالعراقيون قادرون على إدارة المعركة على الأرض».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.