حركة فتح تعقد مؤتمرها الأول منذ 2009

وسط استمرار الانقسامات الفلسطينية الداخلية

حركة فتح تعقد مؤتمرها الأول منذ 2009
TT

حركة فتح تعقد مؤتمرها الأول منذ 2009

حركة فتح تعقد مؤتمرها الأول منذ 2009

تعقد حركة فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤتمرها الأول منذ العام 2009 خلال أسابيع، بحسب ما أعلن عنه مسؤول فلسطيني، في خطوة يرى فيها محللون محاولة من عباس لإبعاد منافسيه، فيما يضغط آخرون لتحقيق مصالحات داخلية من خلالها.
وتوقع مسؤول فلسطيني طلب عدم الكشف عن اسمه أن يعقد المؤتمر العام السابع لأكبر فصيل في منظمة التحرير الفلسطينية نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقال: إن «كل التحضيرات لعقد المؤتمر قد أنجزت ولم يتبق سوى القضايا الإجرائية لحضور كافة الأعضاء من الخارج ومن قطاع غزة، علما بأن المؤتمر سينعقد في مقر المقاطعة في رام الله»، حيث يوجد مقر الرئاسة الفلسطينية.
ومن المقرر أن يتخلل المؤتمر انتخابات للجنة المركزية لحركة فتح، المؤلفة من 23 عضوا والتي يترأسها عباس، بالإضافة إلى انتخابات للمجلس الثوري المؤلف من 132 عضوا. ويأتي الإعلان عن المؤتمر بعد تقارير عن ضغوط تمارسها دول عربية على عباس لإعادة منافسه المفصول من الحركة محمد دحلان إلى الأراضي الفلسطينية، علما بأن دحلان يعيش حاليا في الإمارات العربية المتحدة.
وتسعى الرباعية العربية، المؤلفة من السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة، إلى الضغط على الرئيس الفلسطيني لحل الخلافات مع خصومه في حركة فتح بهدف تحقيق مصالحة أوسع مع باقي الفصائل الفلسطينية. ويترافق هذا السعي مع تساؤلات عن الخلافة المحتملة للرئيس الفلسطيني (81 عاما). وبهذا الخصوص يقول منسق مشروع إسرائيل فلسطين في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هيو لوفات إن «الجميع يفكر في مرحلة ما بعد عباس. ولدى الجميع مرشحوهم المفضلون»، وتابع موضحا أن «عباس يقوم بتعزيز مكانته، ويستبعد منافسيه المحتملين. ولا يوجد شخص واضح في معسكره يمكن أن يقوم بخلافته»، مرجحا أن الرباعية العربية تريد تشجيع عباس لإعادة دحلان إلى الساحة.
وكان دحلان يتولى رئاسة جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة، التي غادرها عندما سيطرت حركة حماس على القطاع إثر مواجهات دامية مع فتح في 2007. وفي 2011 طرد دحلان من اللجنة المركزية لفتح بتهمة الفساد، وغادر إلى مصر ومن بعدها إلى الإمارات.
وبحسب لوفات فإنه «ليس سرا أن دحلان هو المرشح المفضل للرباعية العربية». وكان دحلان دعا عباس في الماضي إلى التنحي، وانتقده في تصريحات صحافية. وقد تظاهر مئات من مؤيديه مؤخرا في مسقط رأسه في قطاع غزة، داعين إلى عودته وأحرق بعضهم صور عباس.
وبحسب جهاد حرب من المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، فإن «دحلان يحاول استخدام الرباعية للعودة إلى حركة فتح، بينما يريد أبو مازن استثناء دحلان بغطاء قرارات فتح».
ومن المتوقع شغور ثلاثة مراكز على الأقل في اللجنة المركزية لحركة فتح، ويتوقع إسقاط عضوية دحلان بشكل رسمي منها، واستبدال عضوين توفيا في السنوات الأخيرة. كما تتزايد الشائعات حول إمكانية استبعاد آخرين.
وترى المستشارة السابقة للرئيس الفلسطيني ديانا بطو أن الخطوات لعزل المنافسين خلقت حالة من عدم اليقين بشأن خلافة الرئيس، على النقيض من الانتقال السلس للسلطة بعد وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات العام 2004. وتقول بطو إن «سنتين قبل وفاة عرفات كان لدينا يقين عمن سيخلفه. لكن مع أبو مازن لا نعرف من سيخلفه ولا نعرف حتى كيف سيتم ذلك».
إلا أن مسؤولين فلسطينيين يؤكدون أن توقيت عقد مؤتمر فتح لا علاقة له بخلافة الرئيس الفلسطيني.
ومن جانبه يقول مستشار عباس للشؤون الاستراتيجية حسام زملط إن المؤتمر سيعقد لأن على الحركة عقده مرة كل خمس سنوات، مضيفا أن «هناك الكثير من التحليلات حول التوقيت. لكن التوقيت يأتي بسبب استحقاق مؤتمر حركة فتح». بينما يرى جهاد حرب من المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن المؤتمر يوفر فرصة للرئيس الفلسطيني لدرء ما يعتبره «تدخلا» من دول عربية. ويركز القريبون من عباس من جهتهم على أهمية حل المشاكل مع قطاع غزة، وتحريك عملية السلام مع إسرائيل. ويوضح المسؤول الفلسطيني أن اللجنة المركزية للحركة «تجمع على أهمية وضرورة انعقاد المؤتمر، لأن هناك انحباسا في المسار السياسي وانسدادا في أي أفق لعملية سلمية بسبب مواقف حكومة الاحتلال وتعنتها»، وتابع موضحا «هناك متغيرات يقوم بها الاحتلال لتدمير قيام دولة فلسطينية مستقلة، وأيضا هناك واقع الحركة في قطاع غزة بعد الانقسام وعلى المؤتمر معالجته».
وقال المصدر إنه سيتبع مؤتمر فتح جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني، حيث ستقدم فتح مشروعها السياسي بالتنسيق، والاتفاق مع كل فصائل منظمة التحرير ومكونات المجلس، باعتباره الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها.
وأضاف المسؤول ذاته «نأمل أن تحضر حركة حماس من خلال 74 عضوا في المجلس التشريعي هم حسب القانون والنظام أعضاء في المجلس الوطني». ويعرقل الخلاف السياسي بين حركتي فتح وحماس إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية. كما أدى أخيرا إلى إرجاء الانتخابات البلدية.
وتابع المسؤول الفلسطيني أن «حركة فتح هي الشريك الفلسطيني الوحيد للمنطقة وللمجتمع الدولي، لذلك نريد أن نكون على مستوى الشراكة ونجدد الشرعية، ونحافظ على كوادرنا بحيث تتواصل الأجيال ولا تتصارع».
وتوقف عند «استحقاق سياسي مهم» قبل نهاية العام «وهو المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي في فرنسا»، معربا عن أمله في أن يكون تم حتى ذلك الوقت «إنجاز المصالحة الداخلية الفلسطينية».
وكشف استطلاع رأي أجري مؤخرا أن 65 في المائة من الفلسطينيين يشعرون بالتشاؤم إزاء فرص تحقيق المصالحة، بينما يشعر 31 في المائة فقط بالتفاؤل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم