إسرائيل: طاقم خاص للبحث في الوضع الفلسطيني.. ما بعد أبو مازن

يبحث السيناريوهات المتوقعة في عهد ما بعد الرئيس الحالي.. وأثر ذلك على تل أبيب

إسرائيل: طاقم خاص للبحث في الوضع الفلسطيني.. ما بعد أبو مازن
TT

إسرائيل: طاقم خاص للبحث في الوضع الفلسطيني.. ما بعد أبو مازن

إسرائيل: طاقم خاص للبحث في الوضع الفلسطيني.. ما بعد أبو مازن

كشفت مصادر عسكرية في تل أبيب أن رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي قررت تشكيل طاقم خاص، يبحث في السيناريوهات المتوقعة في الأراضي الفلسطينية في عهد ما بعد الرئيس الحالي محمود عباس (أبو مازن)، وأثر ذلك على إسرائيل.
وقالت هذه المصادر إن الأجهزة الأمنية كلها في إسرائيل تتابع الوضع الفلسطيني، لكن تقديرات تتراكم عندها تفيد بأن تعقيدات الوضع الفلسطيني باتت كبيرة، وأن القوى المتصارعة على كرسي أبو مازن كثيرة، غالبيتها تحمل السلاح، ولذلك فإنه يتوجب على إسرائيل أن تكون جاهزة لكل الاحتمالات، «وأبعدها هو أن تتحول إسرائيل إلى متنفس للغضب والإحباط»، ولذلك قرر الجيش أن يستعد للمواجهة.
وأكدت هذه المصادر أنها ترصد ما يدور في السلطة الفلسطينية، وتلاحظ أن هناك «عملية انهيار بطيئة ولكن ثابتة لحكم الرئيس الفلسطيني. فهو يواجه أصواتا متمردة داخل حركة فتح وحماس أيضا. وفي الآونة الأخيرة أيضا هناك شعور بتدخلات حادة وواضحة من عدة دول عربية. كما أن عزلته المتزايدة تزيد من التوتر الداخلي في رام الله. ويحتمل أن يؤثر ذلك على الاستقرار الداخلي في المناطق وعلى العلاقة المتوترة مع إسرائيل. والتحدي الأصعب لعباس هو التهديد الداخلي، من أحد قادة فتح، محمد دحلان. وقد أدى التنافس بينهما في هذا الأسبوع إلى مظاهرات عنيفة في مخيمات اللاجئين في جنين وبلاطة في نابلس، والأمعري في رام الله. ونتيجة لهذه التطورات وما يرافقها أيضا من صدامات أمنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية قررت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تركيز الاهتمام بشكل خاص. وقد أقيم داخل الجيش الإسرائيلي منذ بضعة أشهر طاقم يهتم بالاستعداد لليوم الذي سيلي عباس في المناطق».
وحرص المصدر الإسرائيلي على أن يؤكد أن «إسرائيل لن تتخذ إجراء فاعلا، خصوصا على المستوى العسكري في موضوع انتقال السلطة الفلسطينية. ولكن يجب عليها الاستعداد لسيناريوهات مختلفة، منها صراع فلسطيني عنيف على وراثة عباس. وبات واضحا أن الرئيس الفلسطيني يعيش في الوقت الضائع. وقد بدأ العد التنازلي لانتهاء حكمه»، حسب ذات المصدر.
ويرى إسرائيليون أن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان «صب الزيت على النار» في المقابلة التي أجراها هذا الأسبوع، وهي الأولى منذ دخوله إلى منصبه قبل خمسة شهور، واختار منحها بالتحديد إلى صحيفة «القدس» الفلسطينية وليس لصحيفة إسرائيلية. وعاد فيها ليؤكد أن عباس «ليس شريكا»، وأن هذا التشخيص زاد لديه على خلفية فشل الانتخابات للسلطات المحلية.
ولكن التهديد القديم تجاه حماس حول الحرب القادمة في غزة، وبأنها حين تنشب ستكون «الحرب الأخيرة»، أي أنها ستنتهي بإسقاط سلطة حماس، أضيفت أيضا إشارة أكثر تفاؤلا؛ من أنه إذا توقفت حماس عن حفر الأنفاق وإطلاق الصواريخ فإن وزير الدفاع على استعداد لفحص إقامة ميناء ومطار في غزة، وهي الأمور التي تحفظ منها في السابق. ومن خلال هذا الطرح، يقوض ليبرمان أكثر فأكثر سلطة عباس ويوجه رسالة تقول إن كل من يستطيع القبض على الحكم سيلقى قبولا من إسرائيل، في حال حقق ما تطلبه من هدوء وأمن.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم