ائتلافات ألمانية تبحث عن جبهة موحدة لخوض الانتخابات

يشارك فيها لأول مرة الحزب الاشتراكي والخضر وحزب اليسار

قادة «R2G» أمام مبنى البرلمان قبل اجتماعهم
قادة «R2G» أمام مبنى البرلمان قبل اجتماعهم
TT

ائتلافات ألمانية تبحث عن جبهة موحدة لخوض الانتخابات

قادة «R2G» أمام مبنى البرلمان قبل اجتماعهم
قادة «R2G» أمام مبنى البرلمان قبل اجتماعهم

للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تشهد ألمانيا محاولات لائتلافات سياسية غير معهودة. إذ اجتمع أكثر من مائة من كوادر الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الخضر وحزب اليسار في صالة تابعة للبرلمان الألماني (البوندستاغ)، لبحث إمكانية تشكيل جبهة موحدة بين أحزاب اليسار لخوض الانتخابات المقبلة في أكتوبر (تشرين الأول) 2017.
ويعرف الجميع أن تياري اليسار في الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الخضر يساندون هذه الدعوة منذ سنوات، إلا أن «زيارة» رئيس الحزب الاشتراكي البراغماتي زيغمار غابرييل إلى الاجتماع الأخير أثارت كثيرا من اللغط حول مستقبل مثل هذا التحالف.
اعتبر غابرييل زيارته للاجتماع، التي دامت 40 دقيقة فقط، «تفقدية» لا أكثر، إلا أن سياسيي الاتحاد المسيحي قابلوه بامتعاض شديد، واعتبروه «رعاية» من رئيس الحزب، ووزير الاقتصاد ونائب المستشارة أنجيلا ميركل، لمحاولة تأسيس مثل هذه الجبهة. وراح بعض المحافظين إلى اعتبار الاجتماع مناقضًا لبنود التحالف الكبير الذي يحكم برلين بين الاشتراكيين والمحافظين، واعتبره آخرون محاولة من غابرييل لإزاحة ميركل عن كرسي المستشارية. بل حذر بعض أعضاء الاتحاد الاجتماعي المسيحي، على طريقة زعيمهم التاريخي الراحل فرنز يوزيف شتراوس، من «مد أحمر» يغمر الجمهورية الديمقراطية.
ويرد أنصار الجبهة اليسارية بأن التحالف لا يستهدف «المحافظين» ولا ميركل، ويتحدثون عن جبهة لمواجهة خطر المد اليميني المتطرف المتمثل في حزب البديل لألمانيا وحركة أوروبيين وطنيين ضد أسلمة أوروبا، وغيرهما من أحزاب النازية الجديدة الصريحة.
نال اجتماع «البوندستاغ» للأحزاب الثلاثة بسرعة في الصحافة اللقب المختصر (R2G) الذي يرمز إلى مرتين «ر» ويعني أحمر بالألمانية، في إشارة إلى الاشتراكيين وحزب اليسار، ومن ثم حرف «ج» الذي يرمز إلى الأخضر (غرون).
ومن يتابع تطورات هذه اللقاءات الثلاثية منذ مطلع الألفية الثالثة سيلاحظ مدى تطور قوة الأجنحة الداعية إلى مثل هذه الجبهة. إذ بدأت هذه اللقاءات سنة 2004 تحت اسم «ورشة الأفكار»، وكان تضم أعضاء كبارا في الحزبين الاشتراكي وحزب الخضر وممثلي بعض النقابات. وتطورت هذه اللقاءات في سنة 2008 بين عدد من ممثلي الأحزاب الثلاثة ببرلين، ونال اللقاء اسم «فالدن»، لأنه كان يعقد مرة كل شهرين في المقهى الذي يحمل هذا الاسم. ثم تم في سنة 2010 تأسيس معهد «الحداثة والتضامن» الذي شارك فيه أكثر من ألف خبير من الأحزاب الثلاثة، وصار يعد الدراسات الاقتصادية والسياسية حول إمكانيات هذا التحالف.
وواقع الحال أن هناك كثيرا من المؤشرات التي تدل على إمكانية مثل هذا التحالف من إزاحة ميركل عن المستشارية، رغم عدم وجود ضمانات على أن مثل هذا التحالف سيحظى بتأييد غالبية الناخبين في سنة 2017، إذ إن ما يملكه ممثلو الأحزاب الثلاثة في البرلمان الألماني الحالي (320) يزيد عما يملكه التحالف المسيحي (311)، وربما تستمر هذه الحالة بعد انتخابات 2017، رغم الصعود المثير لحزب البديل لألمانيا واحتمال عودة الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) إلى البرلمان.
والفوارق بين برامج أحزاب «R2G» ضئيلة يمكن التغلب عليها بسهولة في بعض النقاط، لكنها تتحول إلى عقد مستعصية في نقاط أخرى، ولا يمكن حلها إلا عن طريق تنازلات قد تكون ممكنة أو غير ممكنة. ففي الجانب الاجتماعي يتفق الأحزاب الثلاثة على تقليل الضرائب عن الناس وزيادة التقاعد ومكافحة الفقر والتحايل على الضرائب واعتماد برنامج بيئي للتحول إلى الطاقة البديلة.. إلخ، إلا أن الحزب الاشتراكي يشكك في مطالب اليسار والخضر الداعية إلى زيادة الضرائب على الأغنياء.
ويتفق الثلاثة في السياسة الخارجية على تقليل صادرات السلاح، إلا أنهم يختلفون في الموقف حول الخروج من الناتو (حزب اليسار)، ومن الامتناع عن إرسال الجيش الألماني إلى مناطق الحروب. ويقف الاشتراكيون موقفًا «متفهمًا» للسياسة الروسية، في حين ينظر الخضر إلى هذه السياسية بنظرة شك، ويرى حزب اليسار ضرورة تعزيز العلاقة مع روسيا. وواضح أن قليلاً من التنازلات هنا يمكن أن تجمع الثلاثة حول برنامج موحد.
ويتفق أحزاب «R2G» في السياسة الداخلية على تشديد مكافحة الإرهاب، وعلى محاربة اليمين المتطرف والنازية والعداء للمسلمين واليهود. ويتفق حزبا اليسار والخضر في قضية فتح أبواب ألمانيا أمام اللاجئين، في حين يفضل الاشتراكيون وضع ضوابط معينة لذلك. وتبقى الخلافات بين الثلاثة في السياسة الداخلية قليلة، ومن الممكن تخطيها بسهولة.
مني الحزب الديمقراطي الاشتراكي بعدة هزائم، وكان الخاسر الثاني في انتخابات عدة ولايات بعد الخاسر الأول (المحافظين). ولا تمنحه أفضل نتائج استطلاعات الرأي في الوقت الحالي أكثر من 20 في المائة، ويعرف زيغمار غابرييل أن طريقه إلى مكتب المستشارية لن يتم بقوى الحزب الانتخابية وحدها ولا بفضل القوى الانتخابية لحزب الخضر، وهذا ما يدفعه إلى تأييد الاحتمال الوحيد الذي يمهد أمامه إعادة الاشتراكيين إلى سدة الحكم: تحالف قوى اليسار.
وطبيعي فإن هذا الحلم اليساري وارد لولا وجود معارضين أشداء للتحالف مع حزب اليسار داخل وسط ويمين الحزبين الاشتراكي والخضر. ويأمل اجتماع «R2G» في تذليل هذه الصعوبات حتى فبراير (شباط) المقبل، أي قبل بدء الحملة الانتخابية وإعلان التحالفات.
جدير بالذكر أن الحديث عن تحالف جبهة اليسار كان «محظورًا» قبل بضع سنوات داخل صفوف الحزب الديمقراطي الاشتراكي، لكن هبوط أسهم الحزب بين الناخبين الألمان قد تدفعه إلى رفع هذا «التابو»، والبحث عن بدائل تعيده إلى قمة الحكم.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».