«الصليب الأحمر» يأمل تنفيذ عملية إجلاء من شرق حلب قبل نهاية العام

مقتل ضابط كبير بالحرس الثوري الإيراني في سوريا

«الصليب الأحمر» يأمل تنفيذ عملية إجلاء من شرق حلب قبل نهاية العام
TT

«الصليب الأحمر» يأمل تنفيذ عملية إجلاء من شرق حلب قبل نهاية العام

«الصليب الأحمر» يأمل تنفيذ عملية إجلاء من شرق حلب قبل نهاية العام

تستمر الاشتباكات في مدينة حلب شمال سوريا بين فصائل المعارضة وقوات النظام وحلفائها، وبالتحديد في محور الـ1070 شقة جنوب غربي المدينة، وإن كانت حدتها تراجعت إلى حد كبير بالتوازي مع تجميد موسكو والنظام السوري قصفهما بالطيران الحربي للأحياء الشرقية المحاصرة، التي يسكنها 250 ألف مدني وتسيطر عليها المعارضة. وفيما أعربت منظمة «الصليب الأحمر» أمس عن أملها تنفيذ عملية إجلاء من الأحياء الشرقية قبل نهاية العام، لفت ما ذكرته أمس وسائل إعلام إيرانية عن أن ضابطا كبيرا في الحرس الثوري الإيراني قتل في المعارك الدائرة في سوريا، موضحة أن الجنرال غلام رضا سمائي هو أحد مستشاري الحرس الثوري في سوريا، ومن قدامى المحاربين في الحرس، وتقلد مسؤوليات عسكرية واستخباراتية مهمة في السنوات الماضية.
وقتل الشهر الماضي ضابطان إيرانيان، هما أكبر نظري وحسين علي خاني من الحرس الثوري الإيراني بسوريا، إضافة إلى القيادي في قوات التعبئة (الباسيج) عادل سعد، كما أفادت مواقع إيرانية في الشهر ذاته بمقتل العميد في الحرس الثوري أحمد غلامي في سوريا. وبمقتل الجنرال سمائي يرتفع عدد العسكريين الإيرانيين القتلى بسوريا إلى 312 منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، في وقت يُعتقد فيه أن أكثر من 1300 إيراني قتلوا هناك منذ بداية الثورة السورية في عام 2011.
وتستعد فصائل المعارضة في حلب قريبا لإطلاق عملية عسكرية جديدة لفك الحصار عن الأحياء الشرقية. وكشف مصدر معارض مطلع عن «مفاجآت يتم الإعداد لها خلال ساعات»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تغيرات كبيرة ستظهر فعليا على الأرض»، إلا أن المعارضة تتوعد بهذه المفاجآت منذ فترة، لكن على ما يبدو أن الأوضاع الميدانية على الأرض تؤخر العملية المرتقبة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن «الاشتباكات تجددت بشكل متقطع في محور الـ1070 شقة جنوب غربي حلب، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سوريا وغير سوريا من جهة، وجبهة فتح الشام والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى»، لافتا إلى ارتفاع عدد الأطفال الذين قضوا جراء سقوط قذائف على أماكن في منطقة المدرسة الوطنية بحي الشهباء بالقسم الغربي في مدينة حلب إلى 6. مشيرا إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود جرحى بحالات خطرة، في وقت تحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مقتل ستة أطفال، هم ثلاثة تلاميذ وثلاثة أشقاء، وإصابة 15 آخرين بجروح جراء سقوط قذائف على مدرسة ومنزل في غرب مدينة حلب.
كما شهد محيط منطقة قلعة حلب وأماكن أخرى قريبة منها في محيط الأوقاف والقصر العدلي قرب القلعة بحلب القديمة، قصفًا مكثفًا من قبل قوات النظام بعشرات القذائف، رجح «المرصد» أن يكون تمهيدا من قبل قوات النظام قبيل بدء جولة اشتباكات جديدة بينها والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى.
ولم يُحقق وقف القصف بالطيران على المدينة أي خرق يُذكر على صعيد الوضع الإنساني؛ إذ لم يُسجل حتى الساعة أي عملية إدخال مساعدات إلى الأحياء الشرقية أو إخراج جرحى منها. وأعلن المدير العام للصليب الأحمر الدولي، إيف داكور، أن المنظمة تأمل إجلاء المرضى والجرحى من حلب الشرقية خلال الأسابيع القريبة المقبلة. وقال في حديث له على هامش مناقشات «نادي فالداي» في مدينة سوتشي الروسية، إن «المفاوضات جارية حول ذلك، وهناك أمل في تنفيذ عملية إجلاء المواطنين من شرق حلب قبل نهاية العام». وإذ شدد على أن «الموضوع يتسم بالتعقيد»، قال: إن المنظمة حاولت تنفيذ عملية مشابهة قبل أيام عدة، لكنها لم تنجح. وقبل فترة أعلن الصليب الأحمر الدولي، أنه في حالة استعداد مع الهلال الأحمر السوري لبدء عملية الإجلاء، لكن لا توجد حتى الآن ضمانات أمنية، بما في ذلك ضمان الأمان للمرضى والجرحى.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.