«الثورات الملونة» تفجر أزمة دبلوماسية بين موسكو وبودابست

بعد تصنيف انتفاضة 1956 ضمن «سيناريو الغرب» للفوضى

«الثورات الملونة» تفجر أزمة دبلوماسية بين موسكو وبودابست
TT

«الثورات الملونة» تفجر أزمة دبلوماسية بين موسكو وبودابست

«الثورات الملونة» تفجر أزمة دبلوماسية بين موسكو وبودابست

تسبب رهاب «الثورات الملونة» المنتشر في الأوساط السياسية والإعلامية الروسية في أزمة دبلوماسية بين روسيا والمجر، على خلفية تعليق لصحافي روسي حاول فيه وضع انتفاضة الشعب المجري عام 1956 على قائمة «سيناريو الثورات الملونة» التي يجري إعدادها في مطابخ الاستخبارات الغربية، وفق ما يكرر الروس دومًا، الأمر الذي أثار استياء بودابست، ورأت فيه القوى السياسية المجرية الحكومية والمعارضة إساءة لا يمكن القبول بها.
وفي التفاصيل، عرضت قناة «روسيا - 1» تقريرا حول انتفاضة المجر عام 1956، بمناسبة مرور 6 عقود على تلك الانتفاضة، وكان التقرير ضمن برنامج يقدمه الإعلامي الروسي دميتري كيسيلوف، المقرب من مؤسسة السلطة الروسية ومدير عام وكالة «روسيا سيغودنيا». وفي مقدمته للتقرير، قال كيسيلوف إن «تلك الانتفاضة جاءت نتيجة تعطش للتغيير من جانب، لكن من جانب آخر التقطت الحدث أجهزة الاستخبارات الغربية التي كانت في ذلك الوقت تختبر تحويل الاحتجاجات السلمية إلى فوضى دامية». وبعد هذه العبارة، أضاف كيسيلوف: «ربما يكون ما جرى حينها تحديدا في المجر بمثابة أول ثورة ملونة في واحدة من الدول الصديقة لنا». وقد أثارت كلماته الأخيرة هذه استياء السلطات المجرية. وإثر ذلك، استدعت الخارجية المجرية السفير الروسي في بودابست لتعرب له عن موقفها بهذا الصدد.
وقد رأى حزب «السياسة قد تكون مختلفة» المجري المعارض في استخدام كيسيلوف لتلك الصيغة، خلال حديثه عن الانتفاضة المجرية، «إهانة»، وطالب الحزب في بيان رسمي وزارة الخارجية المجرية باستدعاء السفير الروسي، وتبليغه احتجاجها على الكلام الذي صدر عبر واحدة من قنوات التلفزة الحكومية. أما الصحافي دميتري كيسيلوف، فقد أكد في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» الروسية أنه لا يتراجع عن الكلام الذي قاله في مقدمة التقرير حول انتفاضة 1956 في المجر، مبديا دهشته من رد فعل الجانب المجري على النشاط الصحافي، وموضحا أن برنامج «أخبار الأسبوع» الذي جرى عرض التقرير خلاله، هو «برنامج يعده الفريق الفني القائم عليه»، متابعا: «كنت قد عبرت خلاله عن رأيي بما يتماشى مع مبادئ حرية التعبير. وقد عرضنا في البرنامج ذكريات شهود عيان ومشاركين في تلك الأحداث من الجانبين».
كانت المجر قد شهدت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 1956 احتجاجات طلابية وعمالية، طالب المتظاهرون خلالها بالحريات المدنية، وانسحاب القوات السوفياتية من بلادهم. وتحولت تلك الانتفاضة السلمية إلى مواجهات مسلحة، بعد أن بادر عناصر الاستخبارات المجرية يوم 23 أكتوبر بإطلاق النار على المتظاهرين. وتدخلت القوات السوفياتية التي وصلت المجر بأوامر من الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف، حيث تمكنت في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) من قمع الحركة الاحتجاجية. وسقط خلال تلك الانتفاضة 2502 مواطن مجري، بينما بلغت خسائر القوات السوفياتية 669 قتيلاً. ومع أن دول المعسكر الاشتراكي رأت حينها في تلك الاحتجاجات حركة مناهضة للمعسكر الاشتراكي، فإن القوى السياسية المجرية ترى في تلك الأحداث «ثورة حرية»، وقد تم اعتماد يوم الثالث والعشرين من أكتوبر عيدا وطنيا للمجر.
وبعيدا عن التقرير الذي أذيع على القناة الروسية، وما قاله مقدم البرنامج بشأن الانتفاضة المجرية، يبدو الإعلام الروسي بشكل عام وكأنه يعاني من «رهاب» (فوبيا) بشأن ما يطلقون عليه «ثورات ملونة»، وهو يعكس في هذا رؤية تسود في أوساط النخب السياسية الروسية الحاكمة من أن أي انتفاضة شعبية أو احتجاجات هي عبارة عن سيناريو جرى إعداده في كواليس أجهزة الاستخبارات الغربية، ويهدف إلى الإطاحة بأنظمة الحكم التي تتعارض سياساتها مع مصالح وسياسات الولايات المتحدة. وكان للثورتين الأوكرانية المعروفة باسم «الثورة البرتقالية» والجورجية المعروفة باسم «الثورة الوردية» أو «الثورة المخملية» تأثيرا مباشرا على تكون تلك الرؤية لدى النخب الروسية، ذلك أن الغرب لعب دورا واضحا في «الثورتين»، وكانت النتيجة الإطاحة بأنظمة حكم «مريحة» لموسكو، والمجيء بأنظمة بديلة موالية للولايات المتحدة، معادية بدرجات متفاوتة لروسيا.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت موسكو ترى في أي انتفاضة، لا سيما إن جرت في واحدة من الجمهوريات السوفياتية السابقة، «ثورة ملونة» أعدتها الاستخبارات الغربية، وتهدف إلى التخلص من أنظمة الحكم الصديقة لموسكو في الفضاء السوفياتي. إلا أن الأمر تجاوز الجمهوريات السوفياتية السابقة، وتصر روسيا حاليا على اعتبار ما جرى في ليبيا وسوريا، وحتى تونس ومصر، «ثورات ملونة» يقف الغرب خلفها. وفي هذا الشأن، يقول بوريس ماكارينكو، رئيس مجلس إدارة مركز التقنيات السياسية الروسي، إن «التلفزيون الحكومي الروسي يلعب بشكل مستمر بورقة (الثورات الملونة). وفي أي احتجاجات مناهضة لموسكو، يرى ذلك الإعلام أيادي الغرب»، مضيفا أنه «في الوقت الذي تكون فيه (يد الغرب) إما فكرة يبتدعها الإعلام، أو يضخمها، فإنه (أي الإعلام) يصمت إزاء فرض النظام الشيوعي على المجر بالقوة».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.