في حلب.. شرب كوب ماء من الصنبور رفاهية غير متاحة

ظهور أعراض أمراض هضمية وجلدية وتسمم الدم لعدم صلاحية مياه معظم الآبار

ورشات صيانة تقوم بتصليح عطل في شبكة المياه بأحد مواقع القصف بالقسم الشرقي من حلب («الشرق الأوسط»)
ورشات صيانة تقوم بتصليح عطل في شبكة المياه بأحد مواقع القصف بالقسم الشرقي من حلب («الشرق الأوسط»)
TT

في حلب.. شرب كوب ماء من الصنبور رفاهية غير متاحة

ورشات صيانة تقوم بتصليح عطل في شبكة المياه بأحد مواقع القصف بالقسم الشرقي من حلب («الشرق الأوسط»)
ورشات صيانة تقوم بتصليح عطل في شبكة المياه بأحد مواقع القصف بالقسم الشرقي من حلب («الشرق الأوسط»)

مع دخول الحصار المفروض من قبل قوات النظام السوري وحلفائه على أحياء حلب الشرقية شهره الثالث، تظهر جليّة التداعيات والتحولات التي فرضت أخيرا على حياة الناس هنا. ففي مدينة حلب، أصبح شرب كوب ماء من الصنبور رفاهية غير متاحة.
ويضطر أهالي المدينة، أخيرا، نتيجة الانقطاع المتكرر أو المستمر للمياه في معظم أحياء المدينة، إلى ملء خزاناتهم يدويًا من الآبار المحلية، ونتيجة لندرة تلك الآبار وعدم توفر المحروقات لتشغيل المضخات الكهربائية، تصبح العملية شاقةً جدًا، وتتطلب ساعات طويلة.
الطفلة بيان، ذات العشرة أعوام، مثلا، تدفع بجهد كبير عربة مكدسة بالأواني المنزلية والدلاء لملئها من خزان المياه الموجود في ساحة الحي، وبينما تنظم تلك الأواني في طابور يقف فيه بضعة أطفال آخرين للغرض نفسه، تشرح لنا بيان ما تواجهه من صعوبات بسبب انقطاع المياه عن منزلهم في حي «الجزماتي» منذ أكثر من شهر: «أقوم أنا وأخي بنقل المياه يوميًا إلى منزلنا بعد الانتهاء من دوام المدرسة»، مضيفة: «هذا العمل متعب جدًا، وعلينا حمل الأواني بعد ملئها إلى منزلنا في الدور الثالث»، متابعة: «نضطر أحيانا إلى القيام بالأمر عدّة مرات يوميًا، عندما نريد الاستحمام.. أصبحنا لا نجد وقتًا للعب أو أداء الواجب المدرسي».
ورغم اعتماد أهالي حلب على الآبار بشكل رئيسي في تأمين احتياجاتهم اليومية من المياه منذ بدء الحصار، فإنها لم توفر لهم بديلاً آمنًا في تأمين المياه الصالحة للشرب، فبدأت تظهر أعراض الإصابات بأمراض هضمية أو جلدية، منها الإسهال والليشمانيا والتيفوئيد وتسمم الدم، نتيجة عدم صلاحية مياه معظم الآبار في حلب للشرب.
وتتحدث هناء، الممرضة من العيادة الداخلية في أحد مستوصفات مدينة حلب، لـ«الشرق الأوسط»، بينما تحضر حقنة لأحد المرضى: «تأتينا عدّة حالات يوميًا لمرضى يعانون آلامًا هضمية، معظمها نتيجة شرب المياه الملوثة، إذ يعتقد الأهالي أن غلي المياه سيجعلها صالحة للشرب، لكن نتائج التحاليل أظهرت احتواء مياه الآبار على شوائب وعناصر ثقيلة كالزرنيخ والرصاص، وهي مواد خطيرة على الصحة، إضافة لبعض الآفات التي لا يمكن معالجتها بغلي المياه»، وتستطرد متسائلة: «ما الخيار الآخر لدى الناس في ظل استمرار انقطاع المياه عنهم؟».
ويعود انقطاع المياه عن أحياء مدينة حلب إلى أسباب، أهمها حملة القصف التي شنها النظام وروسيا على أحياء المدينة، والتي تسببت بتلف كبير في أنابيب نقل المياه على امتداد الشبكة، إضافة لاستهداف المحطتين الرئيسيتين لضخ المياه (محطة سليمان الحلبي، ومحطة باب النيرب) بقصف متكرر تسبب في خروجهما عن الخدمة عدّة مرات.
وبحسب الإدارة العامة للخدمات، وهي المؤسسة الرئيسية التي تتولى الإشراف على تشغيل محطات المياه وصيانة الشبكة في المدينة، فإن نحو 80 في المائة من الشبكة الرئيسية في حلب خرجت عن الخدمة خلال الحملة الجوية الأخيرة، كما أن القصف الذي لحق بمحطات تحويل الكهرباء تسبب بانقطاع التيار عن محطات ضخ المياه، مما أدى إلى الاعتماد على مجموعات التوليد الكهربائي التي لا تستطيع تشغيل المحطة بأكثر من 35 في المائة من طاقتها، نتيجة للأعطال الدائمة ونقص قطع التبديل والمحروقات. وتبذل «مبادرة أهالي حلب» في الأحياء الشرقية والغربية جهودًا في التنسيق بين المؤسسة العامة للمياه لدى النظام والإدارة العامة للخدمات في مناطق المعارضة، لإدخال المحروقات وتأمين ورشات الصيانة، بهدف إعادة تأهيل الشبكة قدر المستطاع للمستخدمين المدنيين بصفتهم الأكثر تضررا من تضررها وغياب الماء عن صنابيرهم.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.