طيران الأسد يستهدف مدارس بإدلب.. وأهال قضوا خلال البحث عن أولادهم

ناشط في المنطقة لـ «الشرق الأوسط» : 7 غارات على بلدة حاس تقتل 26 شخصًا

عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا غارات على مجمع مدارس في بلدة حاس بريف إدلب أمس (موقع الدفاع المدني)
عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا غارات على مجمع مدارس في بلدة حاس بريف إدلب أمس (موقع الدفاع المدني)
TT

طيران الأسد يستهدف مدارس بإدلب.. وأهال قضوا خلال البحث عن أولادهم

عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا غارات على مجمع مدارس في بلدة حاس بريف إدلب أمس (موقع الدفاع المدني)
عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا غارات على مجمع مدارس في بلدة حاس بريف إدلب أمس (موقع الدفاع المدني)

قُتل ما يزيد على 26 مدنيا يوم أمس بغارات نفذتها طائرات حربية، يُرجح أنّها للنظام السوري، على قرية حاس في ريف إدلب الجنوبي، التي لطالما اعتبرها أهلها أشبه بمنطقة جبلية آمنة خصوصا أنها لم تتعرض لأي غارة منذ أكثر من 9 أشهر، كما أكّد ناشطون في المنطقة لـ«الشرق الأوسط».
وقال معاذ الشامي، وهو ناشط إعلامي زار موقع المجزرة مباشرة بعد حصولها، أنه «قرابة الساعة الحادية والنصف من صباح يوم أمس، استهدف الطيران الحربي السوري بـ7 غارات بلدة حاس وبالتحديد تجمع مدارس ومعاهد هناك، مما أدّى لمقتل أكثر من 26 شخصا بينهم 12 طفلا وجرح 40 آخرين حالة بعضهم خطرة». وأشار الشامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الطائرات الحربية لم تنفذ الغارات الـ7 بشكل متتال، بل كانت تلقي بمظلات تحمل صواريخ وتغادر لتعود بعد انفجارها لترمي مظلات جديدة. وأضاف: «تم رمي 10 مظلات، وقد قتل عدد من الأهالي وهم يبحثون عن أولادهم بعد قصف مدرستهم».
وأوضح الشامي أن النظام السوري يعتمد ومنذ نحو الشهر على «المظلات التي تحمل الصواريخ لاستهداف المدن والقرى نظرا إلى أنّها تحدث دمارا أكبر، فهي قادرة على تدمير حارات بكاملها، وتشبه بقوتها التدميرية إلى حد كبير القنابل الارتجاجية التي يتم رميها على مدينة حلب شمال سوريا».
ولا يزال أهالي بلدة حاس بحال من الصدمة، فهم يستغربون تماما الهدف من استهداف تجمع المدارس والمعاهد كما البلدة ككل والتي تعيش بطمأنينة منذ أشهر طويلة.
وظهر في أحد الفيديوهات التي عممها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي عدد من الأطفال وهم يبكون ويؤكدون رفضهم العودة إلى صفوفهم، فيما أظهرت صور أخرى أطفالا قتلى ممددين على الأرض إلى جانب كتبهم وحقائبهم المدرسية.
وأصدر الائتلاف السوري المعارض بيانا قال فيه إن «طائرات نظام الأسد وروسيا نفذت هجومًا بصواريخ شديدة الانفجار ومحمولة بمظلات استهدفت مجمعًا للمدارس والسوق الشعبية في بلدة حاس بريف إدلب، مما أسفر عن سقوط 26 شهيدًا على الأقل، معظمهم طلاب ومدرسون، بالإضافة إلى أعداد من الجرحى».
واعتبر الائتلاف أن «محاولات النظام وروسيا المستمرة لاستهداف المراكز الخدمية بشكل ممنهج ومتعمد ومقصود يؤكد أن هناك محاولات لإحداث أكبر قدر من القتل، وذلك بهدف إضعاف الثوار وإجبارهم على القبول بتسويات خارج إطار العملية السياسية».
من جهته، تحدث مدير المرصد رامي عبد الرحمن عن مقتل 22 مدنيا وإصابة العشرات بجروح في ست غارات جوية لم يعرف إذا كانت سورية أو روسية، استهدفت مدرسة ومحيطها في قرية حاس في ريف إدلب الجنوبي، لافتا إلى أن من بين القتلى سبعة أطفال كانوا موجودين داخل المدرسة التي تضررت جراء الغارات.
وأوضح ناشط في مركز إدلب الإعلامي المعارض في تصريح لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن «أحد الصواريخ سقط على مدخل المدرسة أثناء خروج التلاميذ منها إلى منازلهم بعدما قررت إدارة المدرسة إغلاقها نتيجة الغارات التي استهدفت القرية».
من جهته، قال: «مكتب أخبار سوريا» أن 15 مدنيا لقوا مصرعهم، معظمهم تلاميذ ومدرسون، وأصيب أكثر من 30 آخرين في استهداف الطيران الحربي النظامي بثمانية صواريخ محمولة بمظلات مدرسة للتعليم الابتدائي ومنازل حولها وسط بلدة حاس. وأشار الناشط الإعلامي المعارض خالد الإدلبي من ريف إدلب، إلى أن فرق الدفاع المدني أسعفت الجرحى إلى المشافي الميدانية في البلدة ومدينة معرة النعمان القريبة، في حين لا تزال تواصل عملها بإزالة الأنقاض التي خلفها القصف ببناء المدرسة والمنازل وتبحث عن مفقودين، مرجحا ازدياد عدد القتلى خلال الساعات المقبلة؛ نظرا لوجود حالات خطرة بين المصابين. وأضاف الإدلبي أن الطيران شن أيضا غارات بعضها بالصواريخ الفراغية على مدينة خان شيخون وقريتي حيش ومعرة حرمة في ريف إدلب الجنوبي، ومدينة جسر الشغور بالريف الغربي الخاضعة لسيطرة المعارضة، أسفرت عن إصابة مدنيين بجروح ودمار واسع بالممتلكات.
ولفت ما أعلنه، فضل عبد الغني مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» عن أنّه «لم يَعُد هناك شكٌّ أن القوات الروسية تترصد وتبحث عبر عملائها عن مواقع المشافي بهدف قصفها». وأشار إلى أنّه وقبل نحو 10 أيام، قصفت طائرات ثابتة الجناح يُعتقد أنها روسية مشفى الإيمان في بلدة سرجة في جبل الزاوية بريف محافظة إدلب الجنوبي وهو المشفى الوحيد في البلدة مما تسبب في دمار متوسط في بناء المشفى وخروجه عن الخدمة، إضافة إلى إصابة 5 من الكوادر الطبية ودمار في سيارتي إسعاف. وأوضح عبد الغني أن المشفى كان يُقدم خدماته في تخصصات الجراحة الداخلية والجراحة العامة والعظمية لما لا يقل عن 80 ألف شخص موجودين في بلدات جبل الزاوية.
أما في التطورات الميدانية في حلب، فأفيد بـ«اشتباكات عنيفة على خطوط التماس بين الفصائل وقوات النظام في محوري صلاح الدين وبستان الباشا بمدينة حلب وفي محور الـ1070 شقة جنوب غربي حلب ومحوري تلتي موتة وأحد بريف حلب الجنوبي». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «عدد عناصر (حزب الله) الذين قتلوا خلال قصف واشتباكات مع الفصائل الإسلامية والمقاتلة بجنوب مدينة حلب وريفها الجنوبي، ارتفع إلى 12. فيما ارتفع إلى 14 عدد مقاتلي هذه الفصائل الذين قضوا في قصف واشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في محيط التلال التي تقدمت إليها قوات النظام بالريف الجنوبي لحلب».
وبحسب «مكتب أخبار سوريا»، قتل 15 عنصرا من قوات النظام إثر كمين نصبته لهم فصائل المعارضة، خلال محاولتهم التسلل إلى حي الراشدين جنوبي مدينة حلب. وقال أبو الفاروق الشامي، المقاتل بصفوف «فيلق الشام» المعارض، إن عناصر القوات النظامية والميليشيات الأجنبية المساندة لها، حاولوا التسلل إلى الحي إلا أن فصائل المعارضة الموجودة فيه نصبت لهم كمينا واستدرجت عددا منهم إلى داخله لتتمكن من قتل 15 عنصرا. وأضاف الشامي أن اشتباكات عنيفة دارت بين الطرفين على أطراف الحي، عقب محاولة التسلل واستمرت أكثر من ثلاث ساعات، حيث استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وأدت إلى مصرع عنصرين اثنين من المعارضة وإصابة أكثر من خمسة آخرين نقلوا إلى مشفى ميداني في المنطقة لتلقي العلاج، مؤكدا عدم إحراز القوات النظامية أي تقدم داخل الحي.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.