أكبر موجة نزوح تشهدها نينوى منذ بدء عمليات تحرير الموصل

الهاربون من الموصل بين مفخخات «داعش» وعمليات التصفية

جندي تابع للقوات العراقية الخاصة يلوح لمجموعة جديدة من قوات الشرطة أثناء وصولهم إلى جبهات القتال فوق شاحنة تحمل شعارات طائفية قرب الموصل أمس (رويترز)
جندي تابع للقوات العراقية الخاصة يلوح لمجموعة جديدة من قوات الشرطة أثناء وصولهم إلى جبهات القتال فوق شاحنة تحمل شعارات طائفية قرب الموصل أمس (رويترز)
TT

أكبر موجة نزوح تشهدها نينوى منذ بدء عمليات تحرير الموصل

جندي تابع للقوات العراقية الخاصة يلوح لمجموعة جديدة من قوات الشرطة أثناء وصولهم إلى جبهات القتال فوق شاحنة تحمل شعارات طائفية قرب الموصل أمس (رويترز)
جندي تابع للقوات العراقية الخاصة يلوح لمجموعة جديدة من قوات الشرطة أثناء وصولهم إلى جبهات القتال فوق شاحنة تحمل شعارات طائفية قرب الموصل أمس (رويترز)

أعلن جاسم محمد الجاف، وزير الهجرة والمهجرين العراقي، أن وزارته استقبلت يوم أول من أمس (الثلاثاء)، أكثر من 3 آلاف و300 نازح، في أكبر موجة نزوح منذ بدء العمليات العسكرية لاستعادة الموصل من قبضة تنظيم داعش.
وأثارت معركة الموصل التي بدأت الأسبوع الماضي مخاوف من كارثة إنسانية، فيما حذرت الأمم المتحدة من إمكانية نزوح أكثر من مليون شخص.
وقال الجاف: «شهدنا موجة كبيرة للنازحين تعد الأكثر عددا منذ انطلاق العمليات العسكرية لتحرير محافظة نينوى من دنس الإرهاب المتمثل بعصابات (داعش) الإجرامية». مشيرا إلى أن «الوزارة استقبلت ونقلت أكثر من 3 آلاف و300 نازح».
ومعظم النازحين من محافظة نينوى، لكن قسما آخر يقطن بقرى قريبة من مدينة الحويجة التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم.
من جهته، تبنى البرلمان الكندي بالإجماع أول من أمس (الثلاثاء)، اقتراحا يهدف إلى استقبال، على مدى الأشهر الأربعة المقبلة، لاجئين إيزيديين هاربين من اضطهاد تنظيم «داعش» في شمال العراق، الذي وصفته الحكومة الكندية بـ«الإبادة».
وهذا الاقتراح الذي قدمته المعارضة المحافظة ودعمته كل الأحزاب بما في ذلك الحزب الليبرالي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء جاستن ترودو، يتهم التنظيم بارتكاب إبادة ضد هذه الأقلية الدينية. وأوضحت الحكومة الكندية أن عليها صقل خطتها لإقامة جسر جوي يسمح باستقبال الإيزيديين الموجودين في شمال العراق.
وأشار وزير الهجرة جون ماكالوم أمام مجلس العموم، إلى أن أوتاوا لا تعلم حتى اللحظة عدد اللاجئين الإيزيديين الذين ستستقبلهم خلال 120 يوما، لافتا إلى أن حكومته تمكنت من ترحيل نحو 30 ألف لاجئ سوري خلال بضعة أشهر في بداية العام.
وقال رئيس الوزراء، جاستن ترودو، أمام النواب، إنه «من المهم التأكيد على أن كندا ستظل دائما بلدا مفتوحا»، مصمما على إشراك ودعم الفئات الضعيفة من السكان في كل أنحاء العالم.
من جهتها، استقبلت مخيمات النازحين في إقليم كردستان منذ بداية انطلاقة عملية تحرير الموصل في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وحتى الآن نحو 6 آلاف نازح من المناطق المحررة من تنظيم داعش في أطراف الموصل. فيما يُتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى نحو مليون نازح مع بدء العمليات العسكرية لتحرير مركز الموصل، في وقت تطالب فيه الجهات الحكومية في العراق سكان المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم بالبقاء في منازلهم وعدم الخروج منها حفاظا على سلامتهم.
وقال وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، جاسم العطية الذي كان يشرف بنفسه على عملية إجلاء النازحين من خطوط التماس إلى داخل المخيم في أربيل لـ«الشرق الأوسط»: «واجبنا اليوم كواجب إنساني، وهو أن نرى كيف نعالج أزمة النزوح، هناك خطة موضوعة وهي عالية المستوى لنقل النازحين، حيث ينقلون في بادئ الأمر من الخطوط العسكرية من قبل قوات الجيش العراقي، ومن ثم تتولى وزارة النقل والمواصلات عملية نقلهم إلى المخيمات المهيأة لهم، ونحن في وزارة الهجرة والمهاجرين نوجد في المخيم لتسلمهم وإيوائهم وتقديم المساعدات الإغاثية لهم».
وأردف العطية: «المواطن النازح من المناطق الخاضعة لسيطرة (داعش) سيجد القوات الأمنية في انتظاره لمساعدته»، لافتا بالقول: «الحكومة الاتحادية تُبدي للخطة الإنسانية لعملية تحرير الموصل أهمية أكبر من الخطة العسكرية، الخطة الإنسانية تسير بشكل صحيح حتى الآن، ولم تشهد أي مشكلات في العمل»، مضيفا: «مع ازدياد أعداد النازحين، نحتاج إلى دعم دولي، لأننا نتوقع نزوح مليون شخص من محافظة نينوى».
وتستقبل مخيمات النازحين في إقليم كردستان الموجودة في محافظتي دهوك وأربيل المحاذيتين للموصل، يوميا المئات من مواطني أطراف الموصل الهاربين من تنظيم داعش. وتشرف «مؤسسة بارزاني الخيرية» على إدارة هذه المخيمات التي أنشأتها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية لاستقبال النازحين القادمين من الموصل وأطرافها مع بدء عملية تحريرها، وفي الوقت ذاته تتولي «مؤسسة بارزاني» إعداد وجبات الطعام للنازحين في هذه المخيمات أيضا، بنما وزع الهلال الأحمر العراقي الاحتياجات الضرورية على النازحين في هذه المخيمات.
بدوره، أوضح رئيس الفريق المشترك لإجلاء النازحين، الفريق الركن باسم حسين علي الطائي لـ«الشرق الأوسط»: «واجب الفريق المشترك لإجلاء النازحين يتمثل في الإشراف على إجلاء النازح من خط التماس، ومن ثم نقله من قبل القطعات العسكرية إلى نقاط التدقيق الأمني، ثم إجلاؤهم إلى مراكز الإيواء»، كاشفا أن نحو 6 آلاف نازح أُجلوا حتى الآن منذ بداية انطلاقة عملية تحرير الموصل». وعما إذا كانت هناك مصاعب تقف في طريق إجلاء النازحين، بين الطائي: «النازح لديه مصاعب في كيفية الوصول إلى القطعات الأمنية».
أم محمد، مواطنة نازحة من قرية طوبزاوة التابعة لناحية برطلة، قتل تنظيم داعش زوجها أثناء تحرير القرية في الأيام القليلة الماضي، وحكت لـ«الشرق الأوسط»، قصتها قائلة: «مسلحو التنظيم أطلقوا النار بشكل عشوائي على سكان القرية، قبل أن يهربوا منها، فأصيب زوجي إصابة بالغة ولم نستطع نقله إلى المستشفى، لأن مسلحي د(اعش) منعونا، فمات متأثرا بجراحه».
وبحسب مواطنين هاربين من «داعش»، فإن الطرق الذي يمرون بها إلى أن يصلوا إلى القوات الأمنية العراقية أو لجبهات قوات البيشمركة طرق لا تخلوا من الخطورة، فتنظيم «داعش» فخخ كل الطرق بالعبوات الناسفة، وينصب الكمائن لقتل المواطنين الخارجين من المناطق الخاضعة لسيطرته، فهو يسعى إلى اتخاذهم دروعا بشرية في المعارك.
من جهته، قال المواطن عمر الشبكي: «أوضاعنا خلال أكثر من عامين من حكم (داعش) كان سيئا جدا، التنظيم جوعنا وأخذ أموالنا وفرض علينا قوانينه المتخلفة، فكنا نتعرض للجلد والتعذيب والسجن على أبسط الأشياء، لم ننم ليلة واحدة بسلام خلال المدة الماضية. كنا نعيش في ظل خوف دائم، هذا بالإضافة إلى البطالة وانعدام الخدمات، وقُتل كثير من أبنائنا من قبل عصابات (داعش)»، متمنيا أن «تتحرر الموصل، ويعود الاستقرار إلى مناطقنا لنعيش فيها».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».