في حين كشفت إحصائية رسمية لوزارة الهجرة والمهجرين العراقية أمس الأربعاء عن «نزوح أكثر من 9 آلاف مدني من محافظة نينوى مع انطلاق العمليات العسكرية لتحرير الموصل»، فإنه ومع اقتراب القوات العسكرية من بوابة مدينة الموصل التي تضم أكثر من 1.5 مليون نسمة، حذر رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي رعد الدهلكي النائب عن محافظة ديالى من «المخاطر الكارثية على مستقبل المناطق السنية التي شهدت نزوح ما لا يقل عن أربعة ملايين إنسان خلال السنوات الثلاث الأخيرة بسبب الإهمال الحكومي الواضح والأجندات التي تعمل على إضعاف هذه المناطق بكل الطرق والوسائل».
وقالت وزارة الهجرة في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «آخر إحصائية لها للنازحين من الأقضية والنواحي والقرى التابعة لمحافظة نينوى منذ انطلاق عمليات تحريرها بلغت 9795 نازحًا، وبواقع 1670 عائلة نازحة». ولفت البيان إلى أن «الأعداد توزعت بين مخيمات جدعة في القيارة، ديبكة في قضاء مخمور، الخازر 37 كلم شرق الموصل ومخيم زيلكان في قضاء الشيخان».
وأضاف التقرير أن «الوزارة مستعدة باتخاذ التدابير اللازمة لإيواء النازحين واحتواء أزمة النزوح حال وقوعها، مؤكدًا أن الطاقة الاستيعابية لمخيمات الوزارة تكفي لإيواء 250 ألف نازح»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى «وجود تنسيق مع محافظة دهوك لبناء 12 ألف وحدة إيواء للنازحين في منطقة النركزلية».
في سياق متصل عزا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري تأخر عودة النازحين لمناطقهم إلى «أبعاد سياسية»، وذلك خلال زيارته أمس الأربعاء إلى محافظة كركوك. وطبقًا لبيان صدر عن مكتبه، أكد الجبوري أن «قضية النازحين قضية وطنية ولا يمكن لأي طرف أن يتخلى عن مسؤوليته تجاهها». وعد الجبوري «عمليات هدم المنازل وطرد العوائل التي شهدتها بعض المناطق غير مرضية ولا يمكن القبول بها»، مضيفًا: «هناك أبعاد سياسية وأخرى انتخابية تتلاعب بعواطف ومشاعر النازحين وتؤخر عودتهم إلى بعض المناطق وهو أمر مرفوض تمامًا».
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ كركوك نجم الدين كريم دعا الجبوري إلى ضرورة إيجاد «ملاذات آمنة ومؤقتة للنازحين لضمان استقرارهم»، مبينًا أن «وجود النازحين في كركوك يُشكّل عبئًا اقتصاديًا وماليًا وأمنيًا ولا بد من حلول لأزمتهم». وأوضح الجبوري أن «النازحين بين نارين؛ إما عوائق وأسباب وإما إرادات أو وجود مسلحين في مناطق مسيطر عليها».
وتابع الجبوري أن «الدولة معنية بإيجاد حل لمشكلات النازحين وينبغي ألا يتخلى أحد عن مشكلتهم التي نعدها مشكلة ضاغطة تؤثر في مشكلات أخرى». كما دعا رئيس البرلمان العراقي الأمم المتحدة إلى أن «تجعل من أولوياتها ضمان عودة النازحين»، مشيرا إلى أن «الانتصار العسكري بالموصل وقواطع أخرى هي صفحة أولى، ولدينا صفحات أخرى معظمها إنسانية}، مؤكدًا: «نحتاج لفتاوى من أطراف متعددة تؤكد عودة النازحين».
من جهته، قال محافظ كركوك نجم الدين كريم، خلال المؤتمر، إن «كركوك ما زالت تستقبل النازحين وما حصلت عليه من دعم حكومي فقط نحو 10 ملايين دولار منذ عامين ونصف العام إلى جانب الضغوط على مواطنينا ودوائر الخدمة بشكل فاقم حجم التحديات بعد أن استقبلنا أكثر من 600 ألف نازح»، مؤكدًا أن «أهالي كركوك قدموا موقفًا بطوليًا وشجاعًا اثبت أن كركوك لن تكون مأوى للإرهابيين».
لكن رئيس لجنة الهجرة والمهجرين في البرلمان العراقي رعد الدهلكي النائب عن محافظة ديالى دق ناقوس الخطر عما تعانيه «المناطق والمحافظات السنية في المنطقة الغربية أو بعض المناطق السنية التي تقع في مناطق مختلفة مثل نازحي منطقة جرف الصخر ذات الغالبية السنية والتي تقع جنوب غربي بغداد وشمال محافظة بابل المختلطة مذهبيًا».
وقال الدهلكي إن «المشكلة الأساسية التي يعانيها النازحون وكلهم من العرب السنّة، الذين تم تحرير مناطقهم ويزيد عددهم الآن على نحو أربعة ملايين نسمة، هي عدم وجود جدية من قبل الحكومة في التعامل مع ملفهم رغم أن العراق يعاني وضعًا أمنيًا واقتصاديًا صعبًا يجعل من الحكومة ومسؤوليها تعلن ليل نهار أنها لا تملك الأموال الكافية للإنفاق على النازحين، أو أنها غير قادرة على توفير الأمن والاستقرار لهم بينما هي لا تحرك ساكنا في إعادتهم إلى مناطقهم، وبالتالي لم يعد أحد يطالبها بإنفاق فلس واحد عليهم أو توفير أمن إضافي لهم لأن سيكونون في منازلهم في مناطقهم التي جرى تحرير بعضها منذ أكثر من سنتين مثل جرف الصخر في بابل ويثرب في صلاح الدين ومناطق كثيرة في ديالى وتكريت ما عدا ما حصل من عودة للنازحين في الرمادي والفلوجة وهو ما نعده إجراءً سليمًا». وأوضح الدهلكي أن «هناك أجندات بعضها خارجية تعمل على التغيير الديموغرافي في كثير من المناطق المختلفة، التي يوجد فيها السنة وهي سياسة معروفة وأول من يعرفها الحكومة ولكنها بين لا تملك الإرادة الكافية للوقوف بوجهها أو إنها تغض النظر عنها».
وتابع الدهلكي «أتحدى كل من يقول بعكس هذا الكلام ويعطي صورة أخرى عما أقول وأتمنى أن يظهر من يقول لي إن كلامي غير صحيح»، مبينًا أنه «إذا استمرت الأمور على ما هي عليه في ديالى وأنا أنتمي إليها فإننا (العرب السنة) سنتحول في الانتخابات القادمة إلى نظام (الكوتة) بينما نحن نشكل ثلثي سكان المحافظة».
على الصعيد نفسه وفي ضوء المباحثات التي أجراها رئيس البرلمان مع محافظ كركوك بخصوص ما أشير إليه خلال الفترة الأخيرة من وجود عملية تهجير للنازحين العرب في كركوك نفى عضو البرلمان العراقي عن الاتحاد الوطني الكردستاني من محافظة كركوك شوان داودي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حصول عمليات تهجير، قائلاً إن «أعداد المهجرين والنازحين العرب في كركوك يزيد على 600 ألف نازح حيث لدينا نحو 105 عائلات، لكنهم يقطنون منطقة خارج نطاق السيطرة الأمنية علما بأن بين هؤلاء نحو 20 عائلة كردية». وأشار إلى أن «اللجنة الأمنية في المحافظة قررت ترحيل هؤلاء نحو مخيم نظامي بين منطقتي داقوق وكركوك حفاظا عليهم، لكن ارتفعت أصوات تريد إثارة الفتنة بالقول إن الأكراد قاموا بتهجير العرب، وهو أمر عار عن الصحة تمامًا».
من جهتها عبَّرت الأمم المتحدة عن قلقها من إجبار السلطات الكردية 250 عائلة نازحة من العرب على مغادرة كركوك، بعد هجوم «داعش» على المدينة الخاضعة لسيطرة الأكراد، ووصفت الخطوة بأنها «عقاب جماعي».
تهجير العرب السنة في العراق يوسع المشكلات بين القيادات السياسية
لجنة المهجرين البرلمانية: الحكومة تغض الطرف عن عمليات التغيير الديموغرافي
تهجير العرب السنة في العراق يوسع المشكلات بين القيادات السياسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة