تركيا لا تستبعد عملية عسكرية برية في شمال العراق

الأمم المتحدة: «داعش» يرتكب مجازر في الموصل

تركيا لا تستبعد عملية عسكرية برية في شمال العراق
TT

تركيا لا تستبعد عملية عسكرية برية في شمال العراق

تركيا لا تستبعد عملية عسكرية برية في شمال العراق

أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن بلاده قد تشن عملية برية في شمال العراق بهدف القضاء على أي «تهديد» لمصالحها. مضيفا في تصريح صحافي ردا على سؤال عن احتمال تنفيذ القوات التركية عملية برية انطلاقا من قاعدة بعشيقة في شمال العراق قائلا: «إذا كان هناك خطر يهدد تركيا، فسنستخدم كل وسائلنا، بما في ذلك عملية برية.. للقضاء على هذا التهديد». مؤكدا: «هذا أبسط حقوقنا الطبيعية».
وتقول تركيا إن وجود تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه بالمنظمة الإرهابية في شمال العراق، يشكل تهديدا لها.
وفي قاعدة بعشيقة، يتمركز مئات من الجنود الأتراك الذين أرسلوا، كما أعلن رسميا، لتدريب متطوعين من السنة تمهيدا لاستعادة الموصل. الأمر الذي يثير حفيظة بغداد التي طالبت أنقرة مرارا بسحب قواتها.
وتخشى أنقرة أن يعزز حزب العمال الكردستاني الذي يخوض حركة تمرد دامية ضدها منذ أكثر من ثلاثين عاما، مواقعه في شمال العراق لا سيما في منطقة سنجار الحدودية.
وذكر أوغلو أن تركيا نفذت في أغسطس (آب) عملية برية ضد التنظيم بشمال سوريا، مشيرا إلى أن بلاده على استعداد لتنفيذ عملية مماثلة في العراق، مبينا: «إذا اشتد خطر التنظيم سواء في سنجار أو في مناطق أخرى (من العراق)، عندها سنستخدم كل قوتنا» للقضاء عليه، وهدد أوغلو الذي طالب مجددا بانسحاب الأكراد من مدينة منبج في شمال سوريا بـ«إخراجهم بوسائلنا الخاصة».
من جهته، أعلن مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف الدولي بريت ماكغورك، أن بغداد هي من تحدد بقاء القوات الأميركية في العراق بعد القضاء على تنظيم (داعش)، مبينا أن الحوار مع الحكومة العراقية سيحسم هذا الأمر.
ووصف ماكغورك في مؤتمر صحافي عقد في مقر السفارة الأميركية بالمنطقة الخضراء وسط بغداد، منظمة «بي كه كه» بأنها إرهابية وهي تقلق تركيا وحكومة إقليم كردستان، وأضاف أن «وجود الـ(بي كه كه) في العراق يجب أن يناقش بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم».
ويوجد عناصر من حزب العمال الكردستاني المعروفون باسم الـ«بي كه كه» في العراق، فيما تقوم أنقرة بقصف مقار تابعة له في العراق، مع إعلان الحزب عن مشاركة عناصره بعدد من العمليات العسكرية داخل العراق.
وشدد ماكغورك على أن وجود القوات التركية في بعشيقة العراقية لا يدخل ضمن عمل التحالف الدولي، وفيما بيّن أن الهدف الأساس هو احترام سيادة العراق ويجب أخذ موافقته بأي تحرك، أكد مناقشة وجود القوات التركية في العراق خلال الأيام المقبلة مع سعي واشنطن لحل الموضوع دبلوماسيا. مضيفا أن «تركيا عضو بالتحالف الدولي وهناك هجمات إرهابية ضد الأتراك في تركيا وهي تقاتل (داعش) في سوريا».
وتوجد قوات تركية في معسكر زليكان بناحية بعشيقة بمحافظة نينوى، وفيما ترفض بغداد وجود هذه القوات في العراق وترفض مشاركتها بمعركة تحرير الموصل، تصر أنقرة على وجودها البري في العراق وتطمح للمشاركة في العملية الجوية للتحالف الدولي على الموصل، الأمر الذي يرفضه بشدة أيضا رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي. وبين ماكغورك أن «بقاء عدد من القوات العسكرية الأميركية الموجودة حاليا في العراق بعد دحر (داعش)، قرار عراقي بحت»، مضيفا أن «الحوار مع الحكومة العراقية سيحسم هذا الموضوع».
وبشأن موضوع النازحين أوضح ماكغورك أن «واشنطن قدمت منحا بقيمة 150 مليون دولار كمساعدات إنسانية للنازحين عن طريق الأمم المتحدة»، وأن «الاستعدادات تجري لاستقبال أكثر من 100 ألف نازح من الموصل».
إلى ذلك كشف مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن تلقيه تقارير أولية عن عشرات العمليات من القتل التي نفذها تنظيم داعش المتطرف حول الموصل في الأسبوع المنصرم، فضلاً عن معلومات جديدة تعزز الاعتقاد بأنّ المقاتلين يستخدمون المدنيين دروعا بشرية. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في إفادة دورية للأمم المتحدة في جنيف، إنّ قوات الأمن العراقية عثرت على جثث 70 مدنيًا عليها إصابات بالرصاص في قرية تلول ناصر في 20 أكتوبر (تشرين الأول)، كما وردت تقارير عن قتل 50 شرطيًا سابقًا خارج مدينة الموصل يوم الأحد. مضيفًا أنّ التقارير التي وردت من مصادر متعددة استخدمت في الماضي، يصعب التحقق منها ومن ثم يجب التعامل معها على أنها أولية وليست نهائية.
وفي قرية السفينة على بعد نحو 45 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل، قتل 15 مدنيًا وألقيت جثثهم في نهر في محاولة لبث الرعب، وربط ستة رجال أقارب فيما يبدو لزعيم عشائري يقاتل «داعش»، بعربة وجرّوا حول القرية.
وقال كولفيل إنّ هناك تقارير تفيد بأن مقاتلي التنظيم قتلوا بالرصاص أيضا ثلاث نساء وثلاث فتيات وأصابوا أربعة أطفال آخرين بسبب سيرهم ببطء خلال ترحيل قسري نتيجة إعاقة أحد الأطفال.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.