تونس: «هيومان رايتس ووتش» تنتقد فرض الإقامة الجبرية على المتهمين

بعضهم متهم بالإرهاب بعد عودتهم من بؤر التوتر خارج البلاد

تونس: «هيومان رايتس ووتش» تنتقد فرض الإقامة الجبرية على المتهمين
TT

تونس: «هيومان رايتس ووتش» تنتقد فرض الإقامة الجبرية على المتهمين

تونس: «هيومان رايتس ووتش» تنتقد فرض الإقامة الجبرية على المتهمين

انتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تونس فرض السلطات الإقامة الجبرية على 139 شخصا، وقالت إن هذا الإجراء انعكس بصورة سلبية على حياة كثير منهم، وجعلهم عاجزين عن متابعة الدراسة والعمل، في وقت بررت فيه السلطات التونسية هذه التدابير في سياق مكافحة الإرهاب، وقالت إن «حالات الطوارئ لا تخوّل التدابير الاستثنائية مثل الإقامة الجبرية، التي يجب أن تكون قابلة للاستئناف ومحدودة زمنيا لكي تكون قانونية».
وأكدت المنظمة أن الإقامة الجبرية تعد وفقا للمعايير الدولية «أحد أشكال الاعتقال وتستلزم ضمانات معينة لاعتبارها قانونية، حتى أثناء حالة الطوارئ».
وكان الرئيس الباجي قائد السبسي قد أعلن حالة الطوارئ في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة الماضية، إثر هجوم إرهابي في العاصمة التونسية ضد حافلة للأمن الرئاسي، أدى إلى مقتل 12 منهم. وتم تجديد حالة الطوارئ لمرات متتالية مدتها تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر.
وتستند حالة الطوارئ في تونس على مرسوم رئاسي يعود لسنة 1978، ويمنح وزارة الداخلية صلاحية فرض الإقامة الجبرية على أي شخص «يعتبر نشاطه خطيرا على الأمن والنظام العامين». وتطالب السلطات في هذا الظرف باتخاذ كل الإجراءات لضمان حياة هؤلاء الأشخاص (تحت الإقامة الجبرية) وعائلاتهم. إلا أن الحكومة لم توفر مثل هذا الدعم وفق تحريات المنظمة، التي أشارت إلى أن وزارة الداخلية صرحت بفرض الإقامة الجبرية ضد 139 شخصا، بحجة أنهم كانوا إما عائدين من «بؤر توتر»، أو يشتبه في صلتهم بجماعات متشددة مثل تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور.
ويؤدي انتهاك أمر الإقامة الجبرية إلى المحاكمة بموجب قانون الطوارئ، الذي ينص على عقوبة قد تصل إلى 6 أشهر في السجن، أو غرامة مالية تصل إلى 2500 دينار تونسي (1135 دولارا).
وفي هذا الشأن قالت آمنة القلالي، مديرة مكتب المنظمة في تونس، إنها قابلت 13 شخصا وضعوا تحت الإقامة الجبرية، موضحة أن 11 منهم وضعوا تحت الإقامة الجبرية في شهر نوفمبر من السنة الماضية، في حين وضع الاثنان الآخران في الوضعية نفسها في شهر أغسطس (آب) الماضي. وأكدت أن بعض الذين قابلتهم متهمون بجرائم متعلقة بالإرهاب، «إلا أن أوامر الإقامة الجبرية ليست لها أي صلة رسمية بتلك التهم، فهي ليست أحد أشكال الرقابة القضائية السابقة للمحاكمة التي تفرضها المحاكم التونسية»، على حد تعبيرها.
وأوضحت القلالي أن «قوات الأمن التونسية أمرت المتهمين بالبقاء في منازلهم بشكل دائم. وكان على البعض منهم مراجعة مركز الشرطة مرتين في اليوم الواحد. وفي حالات أخرى كانت الشرطة تأتي إلى منازلهم يوميا لتفقدهم والتأكد من ملازمتهم بيوتهم».
وفي سياق تدوين الصعوبات التي يلقاها الأشخاص الذين فرضت عليهم الإقامة الجبرية، أكدت المنظمة الحقوقية الدولية أن التونسي حامد بوترعة، الذي كان يملك في السابق محلا لبيع البقول الجافة، قال إن المشكلة الكبرى تكمن في أنه لا يعرف متى ستنتهي هذه الوضعية، وأنه بات مفلسا، وفقد محله التجاري سمعته، مضيفا أن الأصدقاء والأقارب باتوا يتجنبونه، وزبائنه يخافون منه، وصرح لممثلي المنظمة بأنه لا يزال تحت الإقامة الجبرية منذ 11 شهرا، ولم يوضح له أحد السبب، وعندما يسأل رجال الأمن يكون ردهم الوحيد: «أنت مشتبه بك».
على صعيد آخر، قال نبيل بفون، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إن الأجل الأقصى للإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات المجلس الأعلى للقضاء المنتخب لأول مرة، سيكون يوم 21 نوفمبر المقبل على أقصى تقدير، وذلك إثر بت المحكمة الإدارية في مجموع الطعون التي سيقدمها مشككون في إجراءات الانتخابات ونتائجها المعلنة.
وفي حال عدم وجود طعون، فإن هيئة الانتخابات تعلن رسميا الجمعة المقبل النتائج النهائية للانتخابات، وذلك إثر انتهاء آجال الطعن بعد غد الخميس.
وجرت الانتخابات أول من أمس تحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ويتشكل المجلس الأعلى للقضاء الذي سينظم السلطة القضائية لأول مرة في تاريخ تونس، من أربعة هياكل؛ هي: مجلس القضاء العدلي، ومجلس القضاء الإداري، ومجلس القضاء المالي، والجلسة العامة التي تجمع الهياكل الثلاثة. ويضم المجلس 45 عضوا موزعين بين القضاة والمحامين والباحثين وخبراء القانون والشخصيات المستقلة. ويضم مجلس القضاء العدلي 15 عضوا، وهو العدد نفسه بالنسبة لمجلس القضاء الإداري ومجلس القضاء المالي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.