الإعلام الروسي يقارن تحرير الموصل بمعركة حلب لتبرير سقوط مدنيين

موسكو: لو وزعنا مثلجات لذيذة سيقولون إنها «جريمة حرب»

معركة تحرير الموصل ستؤدي إلى سقوط مزيد من المدنيين في الحرب ضد «داعش» (أ.ف.ب)
معركة تحرير الموصل ستؤدي إلى سقوط مزيد من المدنيين في الحرب ضد «داعش» (أ.ف.ب)
TT

الإعلام الروسي يقارن تحرير الموصل بمعركة حلب لتبرير سقوط مدنيين

معركة تحرير الموصل ستؤدي إلى سقوط مزيد من المدنيين في الحرب ضد «داعش» (أ.ف.ب)
معركة تحرير الموصل ستؤدي إلى سقوط مزيد من المدنيين في الحرب ضد «داعش» (أ.ف.ب)

وجدت روسيا في انطلاق معركة استعادة السيطرة على مدينة الموصل من تنظيم داعش الإرهابي موقفًا مناسبًا لتبرير القصف الذي تعرضت له مدينة حلب، الذي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من المدنيين، ودأب الإعلام الروسي على عرض رؤية مشوهة للوضع يساوي فيها بين معركة حلب التي أعلنها النظام السوري، بدعم من روسيا وإيران، ضد شعبه ومجموعات المعارضة المسلحة، ومعركة الموصل التي تجري لطرد غرباء إرهابيين سيطروا على المدنية بتواطؤ مع المالكي «صبي طهران».
ويذهب الإعلام الروسي إلى المساواة بين المعركتين بطريقة منفصلة كليًا عن وقائع وحيثيات ومقدمات وخلفيات كل واحدة منهما. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من قارن بين معركتي حلب والموصل من زاوية سقوط ضحايا بين المدنيين «يصعب تفاديها» خلال القصف الجوي، في إشارة منه إلى أن الولايات المتحدة والغرب الذين ينتقدون روسيا بسبب قصفها لمدينة حلب وسقوط مدنيين خلال القصف، سيواجهون موقفًا مماثلاً، حيث سيضطرون لقصف الموصل.
وقد سارع الإعلام الروسي إلى تلقف تلك الفكرة وأخذ يعمل على تطويرها، بداية عبر عرض تصريحات مسؤولين روس يشبهون فيها ما يجري في حلب بما يجري في الموصل. وعلى سبيل المثال لا الحصر، نقلت «روسيسكايا غازيتا» عن فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة المجلس الفيدرالي الروسي، تصريحات انتقدت وصف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لقصف المقاتلات الروسية مدينة حلب بأنه «جريمة حرب»، وقالت إن مثل ذلك الكلام غير مقبول، لتطلق بعد ذلك وجهة نظر مفادها أن «ما تقوم به المقاتلات الروسية والقوات السورية في مدينة حلب مطابق لما يقوم به التحالف الغربي في منطقة مدينة الموصل في العراق»، والتطابق بين المعركتين حسب ماتفيينكو يعود إلى كونه «جرى في البداية التخطيط لعملية إنسانية، ومن ثم وقف القصف وتنظيم ممرات لخروج المسلحين والمدنيين»، حسب قولها، متجاهلة حقيقة أي نوع من المسلحين يسيطرون على الموصل وأسباب وكيفية ظهورهم هناك، ومن هم الذين يستهدفهم القصف الجوي الروسي والنظام السوري في حلب، ومتناسية أن معركة حلب هي مواجهة بين ديكتاتور قاتل وشعب يطالب بالحرية، بينما معركة الموصل بين إرهابيين قتلة حاقدين وقوات تسعى للقضاء على أولئك الإرهابيين.
من جانبها، عرضت راديو «كوميرسانت إف إم» وجهة نظر قسطنطين سيمونوف، مدير صندوق أمن الطاقة القومي الروسي، الذي يقول إن الولايات المتحدة والأوروبيين يتهمون روسيا بارتكاب جرائم حرب بسبب دعم المقاتلات الروسية للهجوم الذي تشنه قوات النظام السوري على مدينة حلب، مشيرًا إلى أن «القوات العراقية أطلقت يوم الاثنين عملية لاقتحام الموصل بدعم من القوات الجوية الأميركية»، معربًا عن قناعته بأن «القصتين (حلب والموصل) متشابهتان إلى أبعد حد»، ويرى سيمونوف هذا التشابه انطلق من اعتقاده أن «إرهابيين سيطروا على المدينة في الحالتين، وتقوم القوات الحكومية بمحاولة طردهم من هناك»، «وفي الحالة السورية تقدم روسيا الدعم الجوي، بينما تقدمه الولايات المتحدة في حالة الموصل». كما يعلق الخبير الروسي في حديثه عبر «كوميرسانت إف إم» على تصريحات وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، التي شدد فيها على ضرورة تحرير الموصل من «داعش» الإرهابي، وهنا يقول بتهكم إن هذا الكلام يعني أن «القوات الروسية في حلب ترتكب جريمة ضد البشرية، بينما تقوم القوات الأميركية في الموصل بالتصدي للإرهاب بصورة استثنائية»، ويستنتج بناء على ما سبق أن «اقتحام الموصل مثل انعكاس في المرآة لصورة اقتحام حلب».
إلا أن الوضع في الموصل قد يكون أسوأ من حلب، ذلك أن عدد المدنيين في الأولى يزيد بخمس مرات عن عددهم في الثانية، مما يعني أن الضحايا بين المدنيين خلال اقتحام الموصل سيكون عددهم أكبر بخمس مرات عن الضحايا المدنيين في حلب، وفق ما يقول قسطنطين سيمونوف، في محاولة لتبرير سقوط مدنيين نتيجة القصف الجوي الروسي في سوريا. والهدف من كل هذا التشويه المتعمد لعرض واقع المعركتين يبقى ذاته بالنسبة لموسكو، ألا وهو الإشارة إلى أن «روسيا ليست وحدها من يتسبب قصفها بسقوط ضحايا بين المدنيين، بل الولايات المتحدة تفعل ذلك، لكن الجميع ينتقد ما تقوم به روسيا، بينما يصمتون إزاء ما تفعله القوات الأميركية».
ولم يكن المحلل السياسي فلاديمير ليخين من وكالة «روسيا سيغودنيا» بعيدًا عن وجهة النظر تلك، إذ عرض مقارنة بين حلب والموصل في مقال «رأي» مطول بعنوان «ما الفرق بين معركة الموصل ومعركة حلب». ويبني ليخين وجهة نظره انطلاقًا من تشويه للحقائق في مستهل مقالته، حين أكد أن «المدينتين تقعان تحت سيطرة الإرهابيين، وفي كلا الحالتين تسعى القوات الحكومية لتحريرهما»، متهمًا الولايات المتحدة وحلفاءها بأنهم «في الحالة الحلبية يفعلون كل ما بوسعهم، لوقف تقدم القوات الحكومية، بينما يبذلون جهدهم كي تبدو معركة الموصل على أنها عملية تقودها الولايات المتحدة».
ومع تأكيده مرة ثانية في سياق المقال أن تطابق الوضع في المدينتين يصل إلى درجة تطابق صورة مع انعكاسها في مرآة، يجتهد المحلل الروسي فلاديمير ليخين ويجد نقاطًا مختلفة بين معركتي حلب والموصل، لكن حتى تلك الاختلافات تجافي الواقع والموضوعية، إذ يقول ليخين من وكالة «روسيا سيغودنيا» إن «الفرق بينهما هو أنه في حالة الموصل تقوم القوات الحكومة الموالية للولايات المتحدة بشن الهجوم على الإرهابيين»، زاعمًا أنه في حالة حلب فإن «الأسد» يقوم بذلك. أما الفرق الثاني بين العمليتين فهو عدم وجود ما يُسمى «معارضة معتدلة» بين «المدافعين» عن الموصل، واصفًا المعارضة السورية بأنها «خدم مطيع للولايات المتحدة على شكل مجموعات من المقاتلين لا يختلفون أبدًا عن (داعش)، ورغم هذا هم على اتصال مع العسكريين الأميركيين».
أما نقطة الاختلاف الأخيرة بين المشهدين في حلب والموصل، فهي وفق ما يراها فلاديمير ليخين أن «روسيا تشارك في الحرب ضد الإرهابيين في حالة معركة حلب»، مردفًا: «هناك حيث تشارك روسيا، لا يجوز أن يسجل أي انتصار للقوات الروسية، حتى لو كانت الحرب تجري ضد المجرمين».



مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.