بوردين من مرحلة المغامرة في «سي إن إن» إلى النجم الأول فيها

«أماكن مجهولة» يستضيف الرئيس أوباما في هانوي.. ويفوز بجائزة أفضل برنامج

الرئيس باراك أوباما خلال استضافته في برنامج «أماكن مجهولة» في هانوي الذي بث على «سي إن إن» الأسبوع الماضي («واشنطن بوست»)
الرئيس باراك أوباما خلال استضافته في برنامج «أماكن مجهولة» في هانوي الذي بث على «سي إن إن» الأسبوع الماضي («واشنطن بوست»)
TT

بوردين من مرحلة المغامرة في «سي إن إن» إلى النجم الأول فيها

الرئيس باراك أوباما خلال استضافته في برنامج «أماكن مجهولة» في هانوي الذي بث على «سي إن إن» الأسبوع الماضي («واشنطن بوست»)
الرئيس باراك أوباما خلال استضافته في برنامج «أماكن مجهولة» في هانوي الذي بث على «سي إن إن» الأسبوع الماضي («واشنطن بوست»)

بينما جلس خلف منضدة بمطعم «تاكشكي» الذي يقدم طعاما يابانيا وكوريا في «القرية الغربية»، قال أنتوني بوردين بمرح، إن «هذا اليوم سيكون الأسوأ في حياة أندرسون». فقبل إذاعة الحلقات الوثائقية الشهيرة بعنوان «أنتوني بوردين في أماكن مجهولة» على قناة «سي إن إن» الذي داوم على الفوز بجائرة أفضل برنامج كل موسم، جلس بوردين وأندرسون كوبر لتناول الطعام وتسجيل حلقة خاصة. من المعلوم أن كوبر لا يحب تناول الأطعمة الجديدة، في حين أن مقدم البرنامج والطاهي بوردين الذي يتناول جميع أنواع الأطعمة يشعر بمتعة كبيرة في رؤية مذيع الأخبار يتشنج أمامه.
وبعد دقائق معدودة، يسير كوبر وهو يرتدي بنطلون جينز، وقميصا بلون أحمر داكن، حيث يظهر بوردين مرتديا زي كوبر المعتاد الذي يتكون من جينز وقميص أسود. قال كوبر: «نحن نعكس صور بعضنا البعض»، في حين علق كوبر قائلا: «أنا أنظر إليك لأرى طريقة ملبسي». يستمر المزاح بينما تتجول الكاميرا، ويتركز النقاش على الموسم الثامن لحلقات «أماكن مجهولة»، التي تستعرض أنواعا مختلفة من الطعام في مناطق بعيدة، والمقرر أن تبدأ في 25 سبتمبر (أيلول) بحلقة يستضيف فيها الرئيس أوباما في هانوي.
تواصل البيت الأبيض مع فريق عمل بوردين الذي سيستضيف الرئيس، وسأل عما إذا كان سبب استضافته أنه من مشاهدي البرنامج، غير أن بوردين غير مجرى الحوار، وبدلا من ذلك تحدث عن أنه تناول الغداء مع الرئيس أوباما على مقاعد بلاستيكية في مطعم عائلي صغير. وما أسعد الناس أن الاثنين تناولا طبقا من هانوي يطلقون عليه «بون تشا» يتكون من أرز بارد ومعكرونة ولحم مشوي. «تلك الوجبة جعلت المسلم السري الكامن بداخله يتنحى جانبا»، وفق بوردين.
لم يكن رجل الخدمات السرية سعيدا بشأن «البيئة صعبة السيطرة»، لكن في النهاية وافق أوباما على تناول العشاء مع بوردين والجلوس سويا لمدة 90 دقيقة. بلغ سعر الوجبة 6 دولارات، وسدد بوردين فاتورة اللقاء الرئاسي غير التقليدي.
في الحقيقة، ثمة أسباب واضحة دعت الرئيس أوباما لقبول الدعوة، وهي أن برنامج «أماكن مجهولة» استطاع اجتذاب جماهير عريضة في الثلاث سنوات ونصف الماضية، إضافة إلى أن جماهير بوردين تسير خلفه خطوة بخطوة، بينما يستكشف ثقافات ومطابخ العالم المختلفة. والشهر الجاري، فاز البرنامج بجائزة أفضل برنامج تثقيفي على التوالي. ويعتبر البرنامج وقفة عظيمة لرئيس يريد التحدث عن رحلته التي هدفت تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وفيتنام.
«كان هناك من رفضوا.. وتساءلوا لماذا تضع شخصا غير صحافي في قناة (سي إن إن)؟» بحسب أمي أنتيليس، نائب الرئيس لشؤون المواهب وتطوير المحتوى، مضيفا: «اعتقد الناس أن تغيير الاستراتيجية سيشكل تهديدا لقناة (سي إن إن)، فما حدث لم يشكل كارثة كبرى، لكن كان هناك بعض الشك بشأن صحة القرار».
في نفس الوقت، أرادت الشبكة إطلاق بعض الساعات لبث البرامج الأصلية بصفة أسبوعية للتغلب على مشكلة «ساعات الذروة وساعات الفراغ». وما حدث هو أن أعدادا كبيرة من المشاهدين تدفقت على «سي إن إن» لمشاهدة البرامج الإخبارية، لكن بعد أن يخبو الخبر، تتراجع نسب المشاهدة.
فأثناء اجتماع لمناقشة التطوير عام 2012، ظهر اسم بوردين، فقد شكل وقتها ظاهرة ثقافية على المدى البعيد. استطاع بوردين أن يجعل برامج الطهي تتفوق على برنامج «من دون تحفظ» (نو ريسرفيجنس) المذاع على «قناة السفر» (ترافل تشانل) الذي بدأ عام 2005. وكان معروفًا عنه أيضا تأليف الكتب مثل كتابه «المطبخ السري»، الذي حقق أعلى نسبة مبيعات.
وعلى الرغم من أن «سي إن إن» كانت قلقة من إطلاق برنامج يبدو قريب الشبه من تلفزيون الواقع، فإن التنفيذيين رأوا فيه سلسلة حلقات وثائقية قوية ورائعة.
«البرنامج يجعلك تسافر في رحلة معه حول العالم، وهذا ما تريد (سي إن إن) أن تفعله كل يوم أيضا». وقالت إننتاليس، نائبة مدير «سي إن إن»: «هو يتعمد ألا يقول إنه صحافي، ونحن في الحقيقة نبحث عن نمط إخباري مختلف على شاشة (سي إن إن)».
وانتقل بوردين إلى محطة «سي إن إن» بعد انتهاء عقده مع «قناة ترافل»، وبدأ برنامجه «أماكن مجهولة» يبث في أيام الأحد من شهر أبريل (نيسان) 2013. وعرف مصادر أخبار «سي إن إن» وأدرك آفاق الحرية الواسعة والتي كان لها تأثير أكبر مما اعتاد تأديته في السابق.
أفاد بوردين (60 عاما) بأنه لا يتعامل بجدية زائدة مع برنامج «أماكن مجهولة»، حتى وإن تعمق في أمور مثل قضايا المخدرات في مكسيكو سيتي، ومحاكم الكنغر في ميانمار، وتغيير الطقس في كوبا، وكثيرا ما يستضيف صحافيين. ففي إيران مثلا، تقابل مع مراسل صحيفة «واشنطن بوست» جاسون رزيان، قبل أسابيع من القبض عليه (رزيان) واعتقاله أكثر من عام.
قال جيف زوكر: «نتلقى طلبات يمينا ويسارا ممن يرغبون في إظهار بلدانهم في قناتنا، لكن الرئيس كان في فيتنام، وأراد أن يكون جزءا من البرنامج. وأدركت حينها شعبية وانتشار البرنامج وكيف أنه بات جزءا من الثقافة الأميركية الشعبية».
* خدمة «واشنطن بوست»



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.