استنفار في مصر وحديث عن فرض حالة طوارئ بعد اغتيال قائد الفرقة التاسعة

برلماني لـ «الشرق الأوسط»: أملك موافقة العدد اللازم من النواب لإدراج اقتراح الطوارئ على جدول أعمال المجلس

تزاحم من مواطنين مصريين على شراء السكر في أحد المتاجر الكبرى بالقاهرة  وسط أزمة عدم توفر هذه السلعة الأساسية وارتفاع أسعارها في الأسواق (رويترز)
تزاحم من مواطنين مصريين على شراء السكر في أحد المتاجر الكبرى بالقاهرة وسط أزمة عدم توفر هذه السلعة الأساسية وارتفاع أسعارها في الأسواق (رويترز)
TT

استنفار في مصر وحديث عن فرض حالة طوارئ بعد اغتيال قائد الفرقة التاسعة

تزاحم من مواطنين مصريين على شراء السكر في أحد المتاجر الكبرى بالقاهرة  وسط أزمة عدم توفر هذه السلعة الأساسية وارتفاع أسعارها في الأسواق (رويترز)
تزاحم من مواطنين مصريين على شراء السكر في أحد المتاجر الكبرى بالقاهرة وسط أزمة عدم توفر هذه السلعة الأساسية وارتفاع أسعارها في الأسواق (رويترز)

قال النائب تامر الشهاوي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعتزم التقدم بطلب للجلسة العامة يوم غد (الثلاثاء) بإدراج اقتراح بفرض حالة الطوارئ في القاهرة الكبرى التي تشمل العاصمة القاهرة ومحافظتي الجيزة والقليوبية، على جدول أعمال المجلس، بعد اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة المدرعة أمام منزله، السبت الماضي.
يأتي هذا في وقت شدد فيه وزير الداخلية المصري اللواء مجدي عبد الغفار، خلال اجتماع عقده مع مساعديه أمس، على أن الأجهزة الأمنية لن تسمح بأي محاولة لتكرار «مشاهد مرفوضة للفوضى والتخريب».
ويحتاج النائب، بحسب لائحة البرلمان، لموافقة عُشر الأعضاء لإدراج الطلب على جدول الأعمال، وهو ما يعني الحصول على توقيع 60 نائبا. وقال الشهاوي، وهو لواء سابق في الجيش خدم في المخابرات العسكرية لسنوات، إنه حصل على موافقة مائتي نائب على الأقل.
وأضاف اللواء الشهاوي، أن إعلان حالة الطوارئ في القاهرة الكبرى من شأنه أن يحرر الأجهزة الأمنية وأجهزة جمع المعلومات من عقبات قانونية ودستورية قد تحول دون قدرتها على إحباط العمليات الإرهابية بشكل استباقي، لافتا إلى أن إعلان الطوارئ يسمح أيضا بمحاكمة الجناة أمام القضاء العسكري، ما يعني تحقيق «عدالة ناجزة».
وتعطي حالة الطوارئ سلطات استثنائية للأجهزة التنفيذية، وبخاصة الشرطة التي يخولها إعلان حالة الطوارئ المس ببعض الحريات والحقوق الأساسية الفردية والجماعية.
ويأتي مطلب النائب الشهاوي بفرض حالة الطوارئ عقب مقتل العميد رجائي في مدينة العبور بمحافظة القليوبية المتاخمة للعاصمة المصرية القاهرة، برصاص مسلحين في أول استهداف مباشر لقادة في الجيش خارج مناطق العمليات في شمال سيناء.
وتشهد سيناء حالة من التوتر الأمني بسبب نشاط جماعات إرهابية تستهدف عناصر الجيش والشرطة منذ ما يزيد على عامين. وتقول القيادات الأمنية إن مئات من الجنود والضباط قتلوا خلال تلك الفترة.
وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حالة الطوارئ في مناطق في شمال سيناء منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014. ومنذ انتخاب المجلس العام الماضي تتجدد حالة الطوارئ كل ثلاثة شهور بموافقة ثلثي الأعضاء.
ورأى الشهاوي، وهو خبير في مجال مكافحة الإرهاب، أن قرار فرض حالة الطوارئ تأخر كثيرا، مشيرا إلى أن التضييق على العناصر الإرهابية في سيناء، ونجاح أجهزة الأمن في إحباط عمليات كبرى على غرار تفجير مبنيي مديريتي أمن القاهرة والدقهلية، دفع العناصر الإرهابية للبحث عن عمليات قليلة التكلفة ولا تحتاج لخبرات كبيرة، لكنها واسعة الصدى والتأثير.
وأوضح أنه «خلال الشهور الثلاثة الأخيرة استهدفت العناصر الإرهابية المفتي السابق الدكتور علي جمعة، والنائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز، والعميد رجائي، وثلاثتهم شخصيات ذات ثقل، وفي الوقت نفسه لا يحظون بإجراءات تأمين كبيرة.. هذا هو نمطهم في اختيار أهدافهم.. وعلينا أن نتوقع عمليات استهداف أوسع خلال الأيام المقبلة للقيادات الوسيطة».
وأعرب عدد من نواب مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط» عن رفضهم لاقتراح إعلان حالة الطوارئ. وقال النائب حسن عمر سكرتير وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي، إن «إعلان حالة الطوارئ خطأ ويكلف الدولة كثيرًا، كما أنه يعطي صورة سلبية للبلاد في وقت لا يستدعي فيه الأمر ذلك».
لكن النائب الشهاوي يرى أن استمرار العمليات الإرهابية من شأنه أن يضر بصورة البلاد أيضا، ويضيف: «قطاع السياحة متضرر بالفعل بسبب الهجمات الإرهابية، وكذلك قطاع الاستثمار.. أعتزم التقدم بالطلب يوم الثلاثاء لنضع الناس أمام مسؤوليتها».
وبموجب الدستور المصري يقتصر حق إعلان حالة الطوارئ على رئيس الجمهورية بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب. ويشير النائب الشهاوي إلى العقبات الدستورية التي قد يثيرها طلبه، ويقول إن «هناك جدلا دستوريا قد يرافق إثارة القضية في المجلس، لكننا سنتقدم إلى الجلسة العامة ويمكن مناقشة الأمر من جوانبه القانونية والدستورية كافة، وما إذا كان يمكن أن نتقدم بالطلب كمشروع قانون».
ويشكو نشطاء حقوقيون وأحزاب معارضة بالفعل من «التضييق على الحريات»، وأعلنت عدة أحزاب قبل يومين مقاطعة مؤتمر وطني للشباب دعا له الرئيس السيسي، بسبب اعتقال نشطاء شباب خلال العامين الماضيين بموجب قانون التظاهر.
ويقول النائب الشهاوي إن اقتراحه بإعلان حالة الطوارئ سيكون لمدة ثلاثة أشهر بحسب النص الدستوري، ويمكن بعد ذلك تقييم النتائج الأمنية خلال تلك الفترة والنظر فيما إذا كان ناجعا أو لا. ويأتي اقتراح فرض حالة الطوارئ في وقت وجَّه فيه توم مالينوفسكي، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، انتقادات لاستراتيجية مصر في مكافحة الإرهاب، والتي عدها «الأسوأ على الإطلاق».
وأوضح مالينوفسكي، أثناء منتدى لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بحسب ما أوردت صحيفة «جيروزاليم بوست» أمس، أن «أسوأ استراتيجية في مكافحة الإرهاب على الإطلاق شهدتها مصر هي سياسة الاعتقالات الجماعية ضد الآلاف من النشطاء السلميين والمعارضين، جنبا إلى جنب مع أكثر الإرهابيين تشددا».
وقال وزير الداخلية المصري، خلال اجتماع عقده مع كبار مساعديه، إن الأجهزة الأمنية لن تسمح بأي محاولة لتكرار «مشاهد مرفوضة للفوضى والتخريب».
وطالب عبد الغفار، في بيان نشر عبر صفحة الوزارة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بضرورة الاستعداد لكل السيناريوهات الأمنية المحتملة، وتشديد كل الإجراءات التأمينية والتحلي بأقصى درجات اليقظة في حماية المنشآت والمواطنين.
وكان الرئيس المصري قد عقد أول من أمس اجتماعا مع مجلس الأمن القومي المصغر، بعد ساعات من اغتيال قائد الفرقة التاسعة المدرعة، طالب خلاله بتوخي أقصى درجات الحذر والاستعداد، لحماية وتأمين المنشآت والمواطنين.
وتصاعدت، خلال الفترة الماضية، دعوات للتظاهر يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، احتجاجا على ارتفاع الأسعار.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.