صنعاء: الميليشيات تسقط قتلى وجرحى في السجن المركزي

احتجوا ضد الإفراج عن محكومين بعقوبات مشددة

صنعاء: الميليشيات تسقط قتلى وجرحى في السجن المركزي
TT

صنعاء: الميليشيات تسقط قتلى وجرحى في السجن المركزي

صنعاء: الميليشيات تسقط قتلى وجرحى في السجن المركزي

استأنفت طائرات التحالف، أمس، غاراتها الجوية على مواقع ميليشيات الحوثي – صالح الانقلابية في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيات بالقوة، وذلك بعد انتهاء هدنة الـ72 ساعة التي طلبتها الأمم المتحدة.
وقالت مصادر محلية في صنعاء إن طائرات التحالف قصفت معسكر الحفا، في جبل نقم، بشرق صنعاء، وكذا قاعدة الديلمي الجوية، جوار مطارق صنعاء الدولي في شمال غربي المدينة، وقد تزامن القصف المكثف مع اشتباكات في معظم جبهات القتال في شمال وشرق وشمال غربي البلاد، بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، والميليشيات الانقلابية من جهة أخرى.
إلى ذلك، قمعت الميليشيات الانقلابية في العاصمة صنعاء، أمس، احتجاجات لنزلاء السجن المركزي، بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والعصي وبأعقاب البنادق، وقد لقي سجين واحد، على الأقل، مصرعه وجرح آخرون جراء عملية القمع، التي وصفت بالوحشية لاحتجاجات نزلاء السجن.
وعمدت الميليشيات الانقلابية إلى قمع احتجاجات واعتصام السجناء في باحة السجن بصورة عنيفة. ورفع نزلاء السجن مطالب تتعلق بتوفير مياه نظيفة للشرب والوجبات الغذائية المقررة قانونا، إلى جانب المطالبة بالرعاية الصحية، بعد تردي وضع السجن والإهمال وحالات الفساد، خصوصا في ظل منع الزيارات بصورة غير رسمية والسماح بها للأهالي الذين يقدمون الرشاوى للضباط والجنود.
غير أن مصدرا أمنيا في صنعاء، رفض الكشف عن هويته، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الاحتجاجات تعود لسببين رئيسيين، هما قيام الميليشيات بإطلاق سراح كثير من المحكومين بعقوبات مشددة، كالإعدام والسجن المؤبد وغيرها، ممن هم موالون للميليشيات أو جرى الاتفاق معهم على تنفيذ عمليات خارج السجن لصالح الميليشيات، وذلك في مقابل رفض إطلاق سراح النزلاء الذين انتهت فترة سجنهم، وسجن العشرات دون أحكام قضائية ومطالبتهم باستصدار أحكام قضائية مقابل الإفراج عنهم أو دفع مبالغ مالية كبيرة. ووفقا لشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فإن الميليشيات استقدمت قوات مكافحة الشغب إلى داخل السجن قبل اندلاع الاحتجاجات بساعات، وأفاد الشهود بأن سحب الدخان شوهدت ترتفع من مبنى السجن المركزي الواقع شمال العاصمة صنعاء.
وسبق وأن شهد السجن المركزي احتجاجات مماثلة، الأشهر الماضية، عقب قيام الميليشيات بإطلاق سراح العشرات من السجناء المحكومين في جرائم قتل واختطاف وقطع طريق، والتحاق هؤلاء المحكومين بالميليشيات في احتفالات رسمية أقيمت في صنعاء. ويقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني، همدان العليي، إن السجناء في اليمن «يعيشون ظروفا إنسانية بالغة السوء قبيل الحرب، أما اليوم وفي الوقت الذي تمر به البلاد بأوضاع اقتصادية صعبة فمأساتهم تتجاوز المألوف والمعقول، وما يزيد من معاناة السجناء أن معاناتهم غير مرئية ولا يعرف عنها الناس»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوضاع الإنسانية للسجناء بالغة السوء، فلا غذاء ولا بيئة صحية مناسبة ولا يوجد تعامل إنساني معهم، كما يتم ابتزازهم من قبل العاملين في السجون، وهذا الأمر يدفعهم للاحتجاج بين الفترة والأخرى لتنتهي هذه الاحتجاجات بقمع من قبل القائمين عل السجون». ويؤكد العليي أن جماعة الحوثي «عملت على إطلاق سراح السجناء الذين يقبلون الالتحاق بجبهات الحرب مع الحوثيين، وهذا قد يدفع كثير ممن رفضوا العمل لصالح الحوثيين للشعور بالغبن والظلم، لا سيما أن هناك من ترفض سلطات الأمر الواقع الإفراج عنهم رغم عدم إدانتهم. كل هذه الظروف وأكثر تجعل السجناء يحتجون بصورة مستمرة ويدخلون في مواجهة مباشرة مع السجانين».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.