رغم مساعي كارتر.. العبادي يرفض مشاركة تركيا في معركة الموصل

أنقرة تعهدت بالانسحاب من شمال العراق بعد إعلان النصر في المدينة

وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر لدى وصوله إلى بغداد أمس (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر لدى وصوله إلى بغداد أمس (أ.ب)
TT

رغم مساعي كارتر.. العبادي يرفض مشاركة تركيا في معركة الموصل

وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر لدى وصوله إلى بغداد أمس (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر لدى وصوله إلى بغداد أمس (أ.ب)

قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس خلال لقاء مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر الذي يزور بغداد، ردا على مطالبة تركيا بالمشاركة في معركة استعادة الموصل من المتطرفين: «نقول لهم شكرا».
وقال العبادي خلال لقائه كارتر الذي وصل إلى العراق في زيارة غير معلنة تستمر يوما واحدا: «أعلم أن الأتراك يريدون أن يشتركوا في المعركة، نحن نقول لهم شكرا، هذه سيحسمها العراقيون وسيحررون باقي المناطق».
ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله «الآن العراقيون الأكراد والعرب السنة والشيعة والتركمان والمسيحيون والإيزيديون، يقاتلون معا لتحرير الموصل، لا توجد لدينا مشكلة». وتابع: «إذا احتجنا إلى مساعدة سنطلبها من تركيا أو من باقي دول الجيران». وأضاف العبادي: «نحن حريصون على علاقات طيبة مع تركيا وألا يكون هناك تصادم لأنها بلد جار، لكن معركة الموصل معركة عراقية».
ودعت بغداد أنقرة مرارا إلى سحب قواتها الموجودة في معسكر بعشيقة الواقع شمال شرقي الموصل، المدينة الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية منذ أكثر من عامين.
ويرفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تبقى تركيا بعيدة عن العمليات العسكرية لتحرير الموصل، ويريد أن يشارك الجيش التركي فيها.
وحذر رئيس الوزراء حيدر العبادي في وقت سابق، من أن انتشار القوات التركية على أراضي بلاده يهدد بحرب إقليمية، فيما تتمسك تركيا بالإبقاء على قواتها وتطالب بالمشاركة في عمليات استعادة الموصل. وتفيد وسائل الإعلام التركية أن نحو ألفي جندي تركي ينتشرون في العراق بينهم 500 في بعشيقة حيث يدربون متطوعين عراقيين سنة من أجل معركة استعادة الموصل.
وفي وقت أكد فيه المتحدث الإعلامي باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي الدكتور سعد الحديثي، أن زيارة وزير الدفاع الأميركي إلى العراق تندرج في إطار الزيارات الاعتيادية التي يقوم بها كبار المسؤولين الأميركيين إلى العراق، فإن مصدرا عراقيا مطلعا كشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن «كارتر سيبحث مع العبادي طبيعة التواجد التركي الحالي في العراق، الذي يبدو أنه تحول إلى أمر واقع بعد أن كثفت تركيا هذه الأيام طلعاتها الجوية في بعض قواطع العمليات، ولا سيما الفرقة 16، التي يعمل في إطارها الحشد العشائري الوطني الذي يقوده محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي».
وأفاد مسؤول عسكري أميركي كبير أفاد أمس بأن كارتر سيقيّم مع العبادي سير عمليات تحرير مدينة الموصل. وقال المسؤول الأميركي للصحافيين قبل الزيارة «سنلتقي رئيس الوزراء ونحصل على أفضل تقييم لديه بشأن عمليات الموصل».
وأضاف «إنها بداية الحملة، ولدينا مشاعر إيجابية بشأن كيف انطلقت الأمور، ولا سيما مع الطبيعة المعقدة لهذه العملية».
وكان كارتر أعلن أول من أمس خلال زيارته تركيا، أن أنقرة وبغداد توصلتا إلى اتفاق مبدئي حول دور تركيا في معركة الموصل، وشدد على احترام سيادة العراق. لكن الحكومة العراقية نفت بشكل رسمي إعلان كارتر عن الاتفاق مع تركيا. في هذا السياق، أكد المتحدث الإعلامي باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة كارتر إلى بغداد تأتي في سياق الدعم الذي تقدمه واشنطن للعراق بوصفها جزءا من التحالف الدولي في معركته ضد تنظيم داعش، كما أن العراق والولايات المتحدة الأميركية تربطهما اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وهو ما يستلزم استمرار المشاورات بين الطرفين»، مبينا أن «المسؤولين الأميركيين، ولا سيما المعنيين بالجانب العسكري يقومون بزيارات مستمرة إلى بغداد من أجل بحث مختلف المسائل التي تتعلق بالحرب ضد الإرهاب وما يتطلبه ذلك من تنسيق مشترك بين الطرفين خصوصا مع انطلاق معركة الموصل».
إلى ذلك، قال مصدر عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه إن كارتر «يريد فرض التواجد التركي في العراق في سياق يمكن أن تقبله الحكومة العراقية، ولا سيما أن تركيا مشاركة في الطلعات الجوية وبكثافة، خصوصا في قاطع الفرقة 16 التي يشارك فيها الحشد الوطني (حرس نينوى) الذي يتزعمه أثيل النجيفي، حيث كثفت أنقرة طلعاتها الجوية مع علم العراق بذلك» مشيرا إلى أن «هناك دولا عربية تشارك في الطلعات الجوية ضمن التحالف الدولي مثل الأردن».
وأوضح المصدر المطلع، أنه «بموجب الاتفاق الذي يحمله معه كارتر فإن تركيا تتعهد بسحب قواتها من العراق بضمانة أميركية في اليوم التالي لإعلان النصر في الموصل مع تقديمها ما بحوزتها من أسلحة ثقيلة هدية إلى الجانب العراقي، وهي قوة تتكون من 50 دبابة و12 مدفعا و8 مدرعات و8 طائرات هليوكوبتر».
وأشار أيضا إلى أن «هناك صفقة أميركية - تركية تتمثل في مشاركة تركيا بنحو عشرة آلاف مقاتل تركي قي معركة الرقة السورية على أن تنسحب تركيا في اليوم التالي لانتهاء المعركة».
وبيّن المصدر، أن «التحالف الدولي خفض طلعاتها الجوية بنسبة 63 في المائة؛ جزءا من الضغط على الجانب العراقي». وبالفعل فقد دعت أطراف عراقية التحالف الدولي إلى تكثيف طلعاته في قواطع العماليات المختلفة.
وقال عضو البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي حسن خلاطي، إن «طلعات التحالف الدولي في معارك الموصل لا تزال دون المستوى المطلوب، وهو ما يتطلب ضرورة تكثيف هذه الضربات من أجل تأمين الغطاء الجوي للقوات العراقية التي تتقدم بسرعة؛ مما يجعل عدم تأمين غطاء جوي لها يمثل خطورة عليها».
من جهته، انتقد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس القيادة العراقية، قائلا: إن تصريحاتها الأخيرة «استفزازية»، مضيفا أن أنقرة ستستمر في تواجدها في العراق. وقد توقف أيضا تصريحات يلدريم لفترة فرص التوصل لاتفاق بين تركيا والعراق بشأن حملة الموصل.
ونقلت وكالة رويترز» عن يلدريم قوله في مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه في إقليم أفيون الغربي «في الأيام الأخيرة كانت هناك تحذيرات من العراق. لن نستمع لذلك. لا يمكن لأحد أن يقول لنا ألا نقلق بشأن المنطقة». وتابع: «القيادة العراقية استفزازية. تركيا لا تخضع لأي تهديدات. ستستمر تركيا في تواجدها هناك».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.