مواطن في كركوك يروي كيف دخل المسلحون منزله وسرقوا سيارته

«أبو محمد» لأحدهم: كيف تعاملني بهذه الطريقة وابني أكبر منك سنًّا؟

مواطن في كركوك يروي كيف دخل المسلحون منزله وسرقوا سيارته
TT

مواطن في كركوك يروي كيف دخل المسلحون منزله وسرقوا سيارته

مواطن في كركوك يروي كيف دخل المسلحون منزله وسرقوا سيارته

أطلقوا النار على باب منزل «أبو محمد» في كركوك، واقتحموه فجر الجمعة، ثم وضعوا الرشاش على رأسه قبل أن يقولوا له: «أعطنا سيارتك». ولحماية ابنيه وحفيديه، وافق «أبو محمد» على إعطائهم سيارته، وبعد وقت غير طويل سمع دوي انفجار كبير، وتبين له لاحقا أن انتحاريا من تنظيم داعش فجر نفسه بسيارته بعد محاصرته من قبل قوات الأمن.
وعلى الرغم من تهديده المباشر بالسلاح، فإن «أبو محمد»، ضابط الشرطة المتقاعد والأب لولد وبنت مع حفيدين، لم يفقد رباطة جأشه وحاول التعامل مع المهاجمين، مستفيدا من تقدم عمره وشعره الأبيض. وروى «أبو محمد» لوكالة الصحافة الفرنسية، كيف توجه بالكلام إلى عنصر التنظيم المتطرف الذي وضع الرشاش على جبهته، قائلاً له: «أطفالي أكبر منك عمرًا، عمري 69 عامًا، كيف تتعامل معي بهذه الطريقة؟».
وحرصا على سلامة ولديه وحفيديه، قدم «أبو محمد» مفاتيح سيارته رباعية الدفع إلى المتطرفين على أمل التخلص منهم. وغادر أحدهم على متن السيارة باتجاه مقر مبنى المحافظة، لكنه ووجه بوابل من رصاص قوات الشرطة، فلم يستطع أن يكمل طريقه، وفجر نفسه بالسيارة التي تناثر حطامها على جانبي الطريق، حسب ما نقل شهود عيان.
أما باقي عناصر تنظيم داعش، فقد تمركزوا في الطابق الأرضي للمنزل، واشتبكوا مع الشرطة، ما أدى إلى تدمير ثلاث غرف من المنزل بشكل كامل.
وفي إحدى الغرف، غطى الرماد دمية لحفيدة «أبو محمد» ذات السنة الواحدة من العمر، كما ذابت شاشة التلفزيون من الحريق، وتناثرت أجزاء جهاز تكييف الهواء، وعبق المكان برائحة الحريق. وأشار «أبو نور»، ابن «أبو محمد»، الذي يعمل موظفا حكوميا (35 عاما)، إلى أن العائلة «هربت إلى منازل الجيران» فيما بقي هو مع والده في المنزل. وأوضح أنه بعد ساعة «قرع عناصر من القوات العراقية بقوة الباب ومشطوا المنزل». وأضاف «أبو نور»: «جرت اشتباكات عند مدخل المنزل»، حيث لا تزال جثث عناصر من تنظيم داعش ملقاة على الأرض وقد جفت دماؤهم، في حين قام عدد من المارة بالتقاط صور للمكان.
وعلى مسافة قريبة من المنزل بجوار جدار مبنى المحافظة، كانت هناك جثة ممددة لرجل بلحية طويلة بزي أفغاني. وفي منزل مجاور عثر على أشلاء أربعة مقاتلين فجروا أنفسهم. وذكر «أبو محمد» أن جميع المهاجمين كانوا يتحدثون بلهجة عراقية، ويبدو أنهم كانوا يعرفون الحي.
وعلى بعد أمتار قليلة من بوابة منزل «أبو محمد»، كانت هناك جثة المتطرف الذي هدده، وملامحه لا تدل على أنه تجاوز سن المراهقة، فيما توزع الذباب على وجهه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم