القوات الأمنية تواصل ملاحقة فلول «داعش» في كركوك.. ولا تفصلها عن الموصل سوى 5 كيلومترات

مسؤول كردي: البغدادي شوهد في عاصمة محافظة نينوى قبل ثلاثة أيام وهو يحض مسلحيه على القتال

عراقيون يعودون إلى بلدتهم بعد دحر فلول داعش جنوب الموصل (رويترز)
عراقيون يعودون إلى بلدتهم بعد دحر فلول داعش جنوب الموصل (رويترز)
TT

القوات الأمنية تواصل ملاحقة فلول «داعش» في كركوك.. ولا تفصلها عن الموصل سوى 5 كيلومترات

عراقيون يعودون إلى بلدتهم بعد دحر فلول داعش جنوب الموصل (رويترز)
عراقيون يعودون إلى بلدتهم بعد دحر فلول داعش جنوب الموصل (رويترز)

شهدت كركوك أمس، لليوم الثاني على التوالي، اشتباكات عنيفة بين ما تبقى من مسلحي «داعش» الذين هاجموها فجر أول من أمس والقوات الأمنية المتمثلة بقوات الآسايش (الأمن الكردية)، والشرطة، وقوات البيشمركة التابعة لنائب رئيس الإقليم كوسرت رسول علي، والمتطوعين من أبناء المدينة ومدن دهوك وأربيل وخانقين وكلار وكفري والسليمانية، والمدن الكردية الأخرى الذين وصلوا إلى كركوك للدفاع عنها ضد «داعش»، وتمكنت هذه القوات من القضاء على مسلحي «داعش» الذين تحصنوا في البيوت والمدارس في أحياء دوميز وتسعين والمناطق الأخرى من كركوك.
وغداة صدمة الهجوم على كركوك التي يسيطر عليها الأكراد، كان قناصة وانتحاريون لا يزالون يتحصنون أمس في مواقع مختلفة، ما دفع بغداد إلى إرسال تعزيزات عسكرية. من جهة أخرى، قال عميد في وزارة الداخلية يوجد في كركوك، لوكالة الصحافة الفرنسية أن «46 شخصًا قتلوا وأصيب 133 بجروح خلال الاشتباكات في مدينة كركوك». وأضاف أن «الغالبية العظمى من القتلى والجرحى من قوات الأمن». وأكد «مقتل ما لا يقل عن 25 من عناصر خلال الاشتباكات» التي ما زالت متواصلة في عدد من أحياء المدينة. وأكد مصدر طبي في مديرية صحة كركوك الحصيلة. ودعي أهالي كركوك إلى التبرع بالدم في مستشفيات المدينة، وفقًا للمصدر.
والهجوم الذي ينفذه الانغماسيون عادة وهم مسلحون يرتدون أحزمة ناسفة، هدفه خلق فوضى وقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين وقوات الأمن، وليس تحقيق نصر عسكري. واستخدموا مكبرات الصوت في المساجد للتكبير ومدح تنظيم داعش.
وظل أبو عمر 40 عامًا وهو قصاب لمدة 24 ساعة في داخل منزله، مع زوجته وأولاده الثلاثة. وقال: «شعرنا بأن هذا اليوم دام عامًا كاملاً، كنا نسمع إطلاق النار والانفجارات كل الوقت، لم نتمكن من الخروج لمشاهدة ماذا يحدث في الخارج». وقال أحد عناصر التنظيم ممن اعتقلتهم أجهزة الأمن الكردية إن الهجوم على كركوك خطط له زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، للفت الانتباه عن هجوم الموصل. ونقل مراسل وكالة الصحافة الفرنسية الذي حضر التحقيق عن المعتقل قوله إن «هجوم اليوم كان من مخططات الخليفة البغدادي، ليظهر من خلاله أن الدولة الإسلامية (داعش) ما زالت باقية وتتمدد، ويخفف الضغط على جبهة الموصل».
وقال حيدر عبد الحسين وهو مدرس من كركوك لوكالة الصحافة الفرنسية: «عند صلاة الصبح، شاهدت عددا من (الدواعش)، يدخلون مسجد المحمدي». وأضاف: «استخدموا مكبرات الصوت وبدأوا يكبرون، ويهتفون الله أكبر، دولة الإسلام باقية».
وفجر خمسة انتحاريين أنفسهم على الأقل ضد مبانٍ حكومية ومركز الشرطة الرئيسي، وقتل إثرها خمسة من الشرطة و12 عنصرًا من المتطرفين في الاشتباكات. وقال ضابط شرطة رفيع إن «العقبة الأساسية التي عطلت ملاحقة المهاجمين هي القناصة». وقرر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إرسال تعزيزات عسكرية إلى كركوك، حسبما أفاد مكتبه الإعلامي.
في غضون ذلك وجه رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، أمس رسالة إلى مواطني محافظة كركوك جاء فيها: «هذه الهجمة الإرهابية المباغتة، ليست إلا محاولة يائسة من قبل الإرهابيين لتعويض خسائرهم وفشلهم في جميع جبهات القتال، وبهذا الصدد أطمئن المواطنين في مدينة كركوك وكل شعب كردستان، بأننا بعون الله تعالى وبإرادة قوية وبوحدة صف قوات البيشمركة والجماهير المخلصة، سنواجه الإرهاب وسنقف في وجهه، وسنقضي على مخططاته كافة». وتابع بارزاني: «منذ بدء هجمات يوم الجمعة، أجريتُ مراجعة دقيقة للأوضاع، ووجهت نائب رئيس الإقليم ومحافظ كركوك وعدد من المسؤولين العسكريين والأمنيين للسعي للسيطرة على الوضع بأقصى سرعة». وشدد بارزاني في ختام رسالته بالقول: «ستبقى كركوك محمية، ولن تقع تحت أيدي الأعداء مهما كان الثمن».
وعلى صعيد معارك الموصل، مركز محافظة نينوى، أعلنت قيادة العمليات المشتركة أمس اقتحام الفرقة التاسعة بلدة قرة قوش (الحمدانية) المسيحية الواقعة شرق الموصل. والسيطرة على قرة قوش ستسمح للقوات العراقية بالوصول إلى أطراف مدينة الموصل، بعد أن فرضت سيطرتها على بلدة برطلة الصغيرة قرب قرة قوش. وأعلنت العمليات المشتركة تقدم قواتها من الجهة الشمالية باتجاه بلدة تلكيف الواقعة ضمن منطقة سهل نينوى.
وتشن القوات الكردية كذلك هجومًا كبيرًا في الجانب الشمالي الشرقي، لكنهم يتذمرون من ضعف الإسناد الجوي من قبل التحالف الدولي. وقال كريم سنجاري، وزير داخلية حكومة إقليم كردستان الذي يقوم بمهام وزير الدفاع وكالة، إن القوات العراقية على بعد خمسة كيلومترات من الموصل، لكنه أضاف أن من غير المتوقع أن تنتهي المعركة قريبا. وأضاف لوكالة «رويترز» أن مقاتلي الدولة الإسلامية المعتقد أن عددهم بين أربعة آلاف وثمانية آلاف سيبدون مقاومة شرسة؛ بسبب أهمية الموصل الرمزية عند التنظيم المتشدد. وأضاف أنه إذا أبدى التنظيم مقاومة في المدينة خاصة في الموصل القديمة فستكون معركة كبيرة، فالطرق ضيقة جدًا، ولا يمكن للمركبات السير فيها ولا الدبابات؛ لذا فستكون معركة من شخص لشخص. وأعرب سنجاري عن اعتقاده بأن معركة الموصل ستكون أطول من معركة الفلوجة وتكريت، مشيرًا إلى أن الموصل مدينة كبيرة. وأضاف أن القوات الكردية سيطرت حتى الآن على 20 قرية، فيما سيطر الجيش العراقي على عشر.
وحول مكان وجود زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، أشار سنجاري: «ليس من الواضح إن كان البغدادي سيخاطر بحياته أو باعتقاله وينضم لمقاتليه في معركة الموصل، وهي مدينة أغلب سكانها من السنة، ويقطنها أكثر من 1.5 مليون نسمة». وقال سنجاري إن تقارير غير مؤكدة تشير إلى أن أبو بكر البغدادي كان في الموصل منذ ثلاثة أيام، وشاهده بعض الأشخاص وهو يزور المقاتلين ويحفزهم، لكنه أضاف أنهم ليسوا متأكدين من وجوده. وقال إن القوات العراقية لن تتمكن من هزيمة الدولة الإسلامية دون مساعدة من الداخل، مثل المخبرين أو الجواسيس والتعاون من العشائر السنية.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.