لبنان: ريفي يعلن «المقاومة السلمية» للتصدي لانتخاب عون رئيسًا للجمهورية

نصر الله يحسم اليوم موقفه من الملف الرئاسي بعد تأزم العلاقة بين حليفيه

أشرف ريفي
أشرف ريفي
TT

لبنان: ريفي يعلن «المقاومة السلمية» للتصدي لانتخاب عون رئيسًا للجمهورية

أشرف ريفي
أشرف ريفي

أعلن وزير العدل المستقيل، أشرف ريفي، «المقاومة السلمية» للتصدي لانتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون رئيسا للبنان، وجاء هذا الموقف بعد تبني رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري دعمه ترشيح عون للرئاسة في أعقاب تعذر انتخاب أي من المرشحين الآخرين طوال العامين والنصف الماضيين بسبب تعطيل ما يسمى «حزب الله» وعون النصاب القانوني المطلوب توافره لعقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس.
ريفي اعتبر في كلمة ألقاها أمام مناصرين له، تجمعوا أمام مكتبه في مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، احتجاجا على ترشيح الحريري عون لرئاسة الجمهورية، أن «وصوله إلى بعبدا أو أي مرشح للنفوذ الإيراني، مرفوض وسيعرِّض البلد للمزيد من الانقسامات، وسيؤدي إلى اختطاف الدولة والمؤسسات وتجييرها لخدمة النفوذ الإيراني»، معلنا «المقاومة السلمية في وجه الوصاية الإيرانية على لبنان».
ونبّه ريفي من أننا اليوم «أمام مفترق طرق، فإما أن نعود إلى المرحلة التي سبقت اغتيال الشهيد رفيق الحريري مع إميل لحود آخر، الذي هو مرشح وصاية السلاح الإيراني، أو ننتصر لوطننا ونقف وقفة العز كما فعلنا بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري؛ فنمنع تكرار المأساة». ولفت ريفي إلى أن قرار تأييد عون «خيار مدمر لا يمكن تبريره أو القبول به»، وأردف أن «من ينتخبه أو ينتخب أي مرشح للوصاية الإيرانية والأسدية، إنما يغتال الشهداء مرة ثانية».
من ناحية ثانية، أكدت مصادر ريفي لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيتم اللجوء إلى كل أشكال الاعتراض السلمي لمواجهة وصول مرشح ما يسمى «حزب الله» إلى قصر بعبدا، متحدثة عن «تحركات شعبية مفتوحة تحت سقف القانون». وبحسب «الوكالة الوطنية للإعلام» جابت مسيرات سيّارة شوارع مدينة طرابلس وبثت أغاني وطنية تأييدا لموقف ريفي الرافض لترشيح عون لرئاسة الجمهورية. كذلك أزالت القوى الأمنية يوم أمس لافتات رفعت في شوارع المدينة مستنكرة ترشيح عون من قبل الحريري للرئاسة؛ وهو ما آثار حفيظة ريفي الذي قال: إن محافظ الشمال رمزي نهرا أزال اليافطات المعارضة لتبني ترشيح عون بإيعاز من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وتساءل «من لا يستطيع تحمل يافطة كيف يمكن له أن يتحمل معارضة؟».
ورد نهرا، في حديث إلى موقع إلكتروني إخباري، نافيًا وجود علاقة للمشنوق في موضوع إزالة اليافطات من مدينة طرابلس. ومما قاله المحافظ نهرا أن هناك قرارًا يمنع تعليق اليافطات بشكل عشوائي، والتعدي على الأملاك العامة والخاصة «بالإضافة إلى أنها تمس العيش المشترك وتتعرض لرموز وطنية كرئيس تكتل (التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري».
في هذه الأثناء، تنتظر معظم القوى السياسية اليوم إطلالة أمين عام ما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله، الذي سيكون له موقف من الموضوع الرئاسي هو الأول بعد تبني الحريري ترشيح عون، وتفاقم الخلاف بين حليفيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعون. واستباقا لموقف الحزب، أعلن وزير المال علي حسن خليل مشاركة نواب كتلة «التنمية والتحرير»، التي يرأسها بري، في جلسة الانتخاب المقررة في 31 من الشهر الحالي. وشدد في الوقت عينه على دقة المرحلة التي «لا تسمح بتناول طبيعة الحركة السياسية الأخيرة على المنابر». وقال خليل في تصريح «لا يمكن لأحد، لفريق أو مجموعة فرقاء أن ينفردوا بتحديد خيارات كل اللبنانيين؛ فالخيارات يجب أن تحترم من خلال صياغة تفاهمات وطنية عامة تسمح بالخروج من المأزق السياسي الذي نعيش فيه بأقل قدر من التداعيات السلبية على الاستقرار الوطني وتسمح أيضا بالانتقال إلى مرحلة جديدة من حياتنا السياسية، نريد ونحرص على أن تحصل بأسرع وقت».
من جانبه، شدد الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري على وجوب «إعانة سعد رفيق الحريري في خياره الرئاسي، لا أن ندينه، أو نزايد عليه، للعبور بالبلد إلى بر الأمان». ثم قال: «نعلم أن جزءا من شارعنا ليس راضيًا عن مبادرة الحريري الأخيرة، وهذا حقه، ونحترم رأيه، لكن كما قال الرئيس الحريري «هذه مخاطرة سياسية كبيرة، ونحن معه نقول أن نخاطر بشعبيتنا وبمستقبلنا السياسي من أجل لبنان أفضل من المخاطرة بلبنان وبناسه».
وكرر أحمد الحريري القول: إن رئيس الحكومة الأسبق «عطّل مفاعيل لتعطيل الذي كان يمارسه (حزب الله)، وقد دقت ساعة الامتحان، فلننتظر ونرَ من اليوم حتى جلسة الانتخاب في 31 الشهر، من يريد رئيسًا للجمهورية فعلاً، ومن لا يريد، ومن كان يناور بترشيح عون، ومن كان صادقًا معه. لا نريد أن نحكم على النوايا، نحن قمنا بواجبنا، وبرأنا ذمتنا، وإن جلسة الانتخاب لناظرها قريب».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.