الجماعة الإسلامية الباكستانية: السعودية قلب العالم الإسلامي.. وندعو إيران لعدم التدخل

عبد الغفار عزيز قال لـ «الشرق الأوسط» إن الوضع في كشمير مأساوي ويزداد سوءًا كل يوم.. وبنغلاديش على سطح صفيح ساخن

عبد الغفار عزيز مسؤول العلاقات الخارجية والرجل الثاني في «الجماعة الإسلامية» الباكستانية
عبد الغفار عزيز مسؤول العلاقات الخارجية والرجل الثاني في «الجماعة الإسلامية» الباكستانية
TT

الجماعة الإسلامية الباكستانية: السعودية قلب العالم الإسلامي.. وندعو إيران لعدم التدخل

عبد الغفار عزيز مسؤول العلاقات الخارجية والرجل الثاني في «الجماعة الإسلامية» الباكستانية
عبد الغفار عزيز مسؤول العلاقات الخارجية والرجل الثاني في «الجماعة الإسلامية» الباكستانية

قال الشيخ عبد الغفار عزيز، مسؤول العلاقات الخارجية والمتحدث الإعلامي والرجل الثاني في «الجماعة الإسلامية»، أكبر التيارات المعارضة في باكستان، إن «السعودية دولة محورية في المنطقة ومركز وقلب العالم الإسلامي.. وندعو إيران لعدم التدخل في شؤون المنطقة». عزيز، الذي يتحدث العربية الفصيحة بطلاقة، تواصلت معه «الشرق الأوسط» أثناء مشاركته في مؤتمر عن القدس في تركيا الأسبوع الماضي، ثم أرسلت له أسئلة عبر البريد الإلكتروني إلى مقر الجماعة الإسلامية في لاهور، أبرز في اجابته عنها مكانة السعودية في المنطقة كدولة محورية وقلب العالم الإسلامي، حيث يتوجه عشرات الملايين الباكستانيين يوميًا 5 مرات في صلواتهم إلى الكعبة المشرفة، ودعاء الباكستانيين حكومة وشعبًا أن يحفظ الله أرض المملكة، بالأمن الذي جعله الله للبلد الحرام. ويتحدث عزيز لـ«الشرق الأوسط»، كأنه كتاب مفتوح، عن المستقبل ولعبة الأحزاب السياسية في باكستان، والأزمة الطاحنة في إقليم كشمير، والحرب على الإرهاب، وتداعيات الأزمة السياسية في بنغلاديش، وقال: «بسبب الحرب على الإرهاب سلمنا 600 شخص إلى السلطات الأميركية، سواء كانوا من (القاعدة) أو من غيرها، سلمناهم إلى معتقلي غوانتانامو في كوبا وباغرام في أفغانستان، وخسرنا سمعتنا، ومع هذا ما زلنا تحت التهديد الأميركي الذي لا نأمن شره». وأوضح أن أميركا تتعامل مع باكستان بسياسة العصا والجزرة، وكلما لبت باكستان وحكومتها المطالب الأميركية جفت الجزرة وغلظت العصا. وهذه العصا الآن تغلظ يومًا فيومًا، وكلما قدمت باكستان وحكومتها واعتقلت أكثر فأكثر تأتي قوائم أخرى وتأتي مطالب أخرى. وجاء الحوار مع عبد الغفار عزيز على النحو التالي:
* ما تقييمكم لمستوى العلاقات المتبادلة بين السعودية وباكستان؟
- العلاقات الباكستانية - السعودية علاقات متميزة عبر التاريخ، ونرجو الله أن تتقوى وتتوسع هذه العلاقات الشاملة. فإن المملكة العربية السعودية هي أرض الحرمين الشريفين مهبط الوحي ومأوى القلوب، وهي دولة محورية في المنطقة، إننا ندرك في باكستان المخاطر التي تحيط بنا جميعًا. جميع قوى الشر تسعى لإثارة الفتن وتقسيم المقسم. والخرائط القديمة للشرق الأوسط الجديد سر مكشوف. فما يحصل من إراقة الدماء ونشر الدمار على يد جزار سوريا أو على يد الطائفيين الجناة في شمال المملكة، وما يرتكبه الحوثيون المتمردون من الجرائم في جنوب المملكة وما يروج من النعرات المقيتة هنا وهناك، ليس بمعزل عن ذلك المخطط الخبيث الذي تروج له إيران. ونأمل أن تصبح أرض الحرمين نقطة لقاء ووحدة بين جميع الشعوب المسلمة، وأن يرد الله كيد الكائدين ضد المملكة الشقيقة وضد الأقطار الإسلامية المختلفة إلى نحورهم وإلى ثغورهم، وندعو الله في صلواتنا أن يحفظ المملكة من أهل الخبث والخبائث ويرد نياتهم السيئة إلى نحورهم.
* كيف تقيم الوضع في كشمير اليوم؟ وما توقعاتك أمام التصعيد الهندي واتهام باكستان بالإرهاب وفرض حظر التجول على السكان المدنيين؟
- الوضع في كشمير مأساوي ويزداد سوءًا في كل يوم. يسود الولاية حظر التجوال منذ أكثر من مائة يوم، لم تهدأ الثورة الشعبية خلالها يومًا واحدًا. استخدمت الهند معظم أنواع الأسلحة الفتاكة واستشهد من جرائها أكثر من مائتي شهيد وجرح الآلاف. رشاشات «باليت» (Pallet Gun) أخطر، هذا السلاح الجديد تطلق منه رصاصات تنفجر وتصيب جسد الضحية بالكامل بالقروح وتفقأ الأعين. فقد مئات الكشميريين من جراء ذلك أبصارهم أو بترت أطرافهم.
أهم ما يميز هذه المرحلة من نضال الشعب الكشميري هو أنه نضال شعبي وعارم وسلمي مستمر. عندما عجزت القوات الهندية أمام هذه الحشود الشعبية الثائرة ألقت باللوم على باكستان وبدأت تنفخ في أبواق الإعلام ثم في أبواق الحرب. أثناء ذلك حدثت عملية عسكرية غريبة في منطقة أري، قتل فيها 18 جنديًا من الهنود. الغريب في العلمية أن أيًا من المنظمات الكشميرية الشعبية أو الثورية أو المسلحة لم تتبنها، خلافًا للمعهود. والأغرب من ذلك أن العملية كانت متزامنة مع قمة الأمم المتحدة، فكانت سلاحًا إعلاميًا ودبلوماسيًا خطيرًا في يد الهند، لإطلاق محاولتها اليائسة لاستصدار قرار يعتبر باكستان دولة إرهابية ترعى الإرهاب.
هذا الوضع المتفاقم في كشمير ينذر بانفلات الأوضاع في المنطقة. المؤسف أن المجتمع الدولي لا يوليه أي اهتمام يذكر، كأن أمن المنطقة وحياة الأبرياء في كشمير لا تعنيه. أو كأن هناك قوى عالمية شريرة معروفة تريد أن تدفع بالدولتين النوويتين إلى أتون الحرب، حتى تكتمل خارطة الفوضى الخلاقة، فتفتيت الدول، لا سمح الله.
* ما الموقف الآن مع الهند؟ وإلى أين ستقود الاتهامات المتبادلة بين البلدين بخصوص كشمير المتنازع عليها؟
- لو استطاعت الهند لطورت النزاع والاتهامات إلى حرب مدمرة تأكل الأخضر واليابس، اليوم قبل الغد، لكن لأنها تدرك خطورة ذلك، ولأن الإمكانيات النووية الموازية تردعها، تظل تستمر في تنفيذ مخططاتها الرخيصة وتبقى مطية لقوى الشر. هذا رئيس وزرائها يهدد باكستان قبل أيام بفصل ولاية بلوشستان الباكستانية. وهنا لا بد من تذكير العالم بالجاسوس الهندي المعتقل لدى باكستان، وهو كلبوشن سنغ ياديو، وهو أول ضابط عسكري رفيع يعتقل وهو لم يزل في الخدمة في الجيش الهندي.. ألقي القبض عليه في بلوشستان قادمًا من مقره في مدينة تشابهار الإيرانية بجواز وتأشيرة مزورة. اعترف هذا الضابط الجاسوس في بيان الفيديو أنه كوّن شبكة التجسس في بلوشستان وكراتشي ووزع أموالاً طائلة لإراقة الدماء في المنطقة، وأن هناك مخططًا كبيرًا ينفذ لبتر مناطق استراتيجية شاسعة من باكستان. ليس هذا فحسب، بل تسعى الهند لأن تحاصر باكستان من جميع أطرافها، والمؤسف أن قوى عالمية وبعض الأطراف الإقليمية تعينها على ذلك بقصد أو من دون قصد. فالقواعد التجسسية في أفغانستان ومخيمات التدريب لبعض سكان الأقاليم الباكستانية المجاورة بغية تشجيعهم على الانفصال، ومواقع إلكترونية تدار من بعض الدول الشقيقة لم تعد سرًا.
* كنتم في أنقرة وشاركتم في مؤتمر القدس، بماذا تحدثتم في المؤتمر وأهم أعمال المؤتمر؟
- حضرت إلى تركيا للمشاركة في مؤتمر حول فلسطين بعنوان «الأقصى في خطر». شاركت في الجلسات الخاصة بدور العلماء ودور المنابر الإعلامية والتعليمية والاجتماعية في التعريف بقضية فلسطين. من ضمن ما قلته أثناء مداخلاتي إن «الأقصى» وحي يتلى وقبلة نبينا الأولى، لذلك يأتي دومًا على رأس قضايا الأمة، ولكن المؤلم أن جسد الأمة كله ينزف ولا يمكن أن نتبنى قضية دون أخرى، بل لا بد أن نلفظ ونرفض الظلم كله.
عندما تحترق كشمير وتدمَر سوريا ويستنزَف اليمن ويمزَق العراق، ويُشنق الأبرياء في بنغلاديش ويُسحق المظلومون ويُقتل الآلاف ويُسجن عشرات الآلاف من الأبرياء، فكل هذه القضايا هي قضايانا. إذا كان العدو يطمح ويخطط لأن يشغل الأمة بالتمزيق والتقتيل، فأولى الخطوات التي يجب أن نقوم بها إحياء روح الوحدة وتوحيد الجهود لحل جميع قضايانا العادلة.
* الوضع في بنغلاديش الدولة المسلمة يبدو أنه على صفيح ساخن ويتفاقم بمزيد من الإعدامات ضد قيادات المعارضة؟
- ما يحدث في بنغلاديش ليس بمعزل عن التطورات الشرق أوسطية الواسعة وعن الأطماع الهندية التوسعية. فحكومة حسينة واجد هناك ليست إلا واجهة لا تختلف عن الحكومات الأفغانية أو العراقية المتعاقبة. هناك الآن مقولة شائعة في بنغلاديش بأن جميع القرارات الرسمية. تصدر من نيو دلهي وتوقع وتذيل في دكا. لقد استطاعت الهند أن تحصل من بنغلاديش على امتيازات لم تكن تحلم بها على مر التاريخ. فالمصانع والقوافل التجارية البرية والبحرية الهندية تحصل على التراخيص وعلى الرسوم المخففة ما لم يحصل عليه البنغلاديشيون أنفسهم. والأنكى من ذلك تلك الهجمة الثقافية التي تستهدف تحريف العقول والقلوب للأجيال القادمة. لقد أوصت لجنة رسمية بتعديل المناهج التعليمية وصلت إلى حد حذف أبواب من السيرة النبوية وسير الصحابة وإضافة مواضيع عن الآلهة والأصنام والتقاليد الهندوسية. ولم تمنع الحكومة من تسريع الخطى نحو التنفيذ إلا خوفها من رد الفعل الشعبي.
* من وجهة نظركم، هل سلطات بنغلاديش تعمل على تصفية كل من يعارضها ويقف ضد مخططاتها، حيث تقول إنها ترى أن «الجماعة الإسلامية» تهدد سلطتها وتهدد النفوذ الهندي في بنغلاديش؟
- إعدام أبرز رموز المعارضة في بنغلاديش أمر محزن وأثيم. لقد أعدم إلى الآن 6 من خيرة العلماء وأخلص الزعماء الوطنيين. ذنبهم الوحيد أنهم عارضوا تفتيت وطنهم عام 1971، ووقفوا مع الجيش في حرب شنتها عليهم الهند لتبتر الشطر الشرقي من باكستان وتعلنها دولة مستقلة سميت بنغلاديش. لقد ارتكبت القوات الهندية الغازية وميليشياتها المسلحة جرائم تقشعر لهولها الأبدان. اليوم وبعد مرور 45 سنة على ذلك الفصل الدامي من تقسيم البلاد، تريد حكومة بنغلاديش أن تجعلها ذريعة للتخلص من جميع الأصوات المعارضة. كما تسعى الهند إلى إسكات جميع الأطراف الوطنية التي تعترض على تغلغلها في بنغلاديش. والجانب الأخطر هو جانب المخطط الهندوسي الصهيوني المشترك لفرض مشروع «سايكس - بيكو» جديد على الدول الإسلامية، من خلال إثارة الفتن الداخلية في جميع البلاد الإسلامية.
* ما خيارات الجماعة الإسلامية للتعامل مع وضع باكستان؟ وهل هناك طموحات سياسية تسعون لتحقيقها قبل الانتخابات المقبلة 2018؟ وكم نائبًا تطمحون أن يكون لكم في البرلمان؟ وكم أعضاء الجماعة في باكستان؟
- إن التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر حق لكل مواطن باكستاني يكفله الدستور. فعندما يرى المواطن أن الفساد قد طغى في البلاد. وأن حفظ المليارات من الاختلاس كفيل لتنمية البلاد، وإنقاذها من الابتزاز وضغوط المؤسسات العالمية، يرى من واجبه الاحتجاج على ذلك. إن تسريبات ويكيليكس ثم نشر وثائق بنما وضعت حكومة نواز شريف وعددًا من قادة المعارضة في قفص الاتهام. كان يجب على الحكومة أن تقوم بتحقيقات شفافة وتضع قانونًا وآلية تعاقب الجاني وتبرئ ساحة الأبرياء. لكن الحكومة ماطلت وأصدرت تصريحات متضاربة ومضطربة. إن هذا الوضع أعطى لبعض الأحزاب فرصة للخروج إلى الشارع، وهو أمر طبيعي إلى هذا الحد. لكن التطورات اللاحقة، ومنها إعلان أحد الزعماء السياسيين الاعتصام وإغلاق جميع مداخل العاصمة إسلام آباد بتاريخ 2 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لا تخلو من الريبة وعلامات الاستفهام الكبيرة. وموقف الجماعة الإسلامية من هذه التطورات هو أنه لا بد من القضاء على الفساد المستشري في جميع أركان البلاد، ولا بد من فرض مبدأ «من أين لك هذا؟» دون استثناء. الجماعة هي أول من قام بهذه المطالب وقمنا بمسيرات واجتماعات حاشدة في جميع المدن لتوعية الرأي العام بذلك، ولكن أن يتطور الأمر إلى فوضى أو إلى انفلات الأمور فهذا لا يجوز. وأخوف ما يخاف المرء منه هو استغلال أي طرف ثالث الأوضاع للقضاء على إرادة الشعب وعلى الشرعية، ومن ثم دفع البلاد مرة أخرى إلى نفق الحكم العرفي المظلم، لا سمح الله. إن دور الجماعة الإسلامية في مثل هذه الظروف هو دور الحفاظ على حقوق الطرفين المتصارعين وإخماد النار قبل أن يستفحل الخطر. تذكرون أن إسلام آباد شهدت اعتصامات طويلة قبل نحو عامين، ثم رضي الطرفان في النهاية بتحكيم أمير الجماعة الإسلامية السيناتور سراج الحق مع باقي أحزاب المعارضة، والحمد لله أن البلاد خرجت من عنق الزجاجة بعد 126 يومًا من الاعتصام في العاصمة.
* هل هناك عضوات في الجماعة الإسلامية.. أو كانت لكم نائبات من قبل؟
- نعم للجماعة أعضاء في البرلمان المركزي وفى البرلمانات الإقليمية. نحن جزء من حكومة الائتلاف في إقليم خيبر (عاصمته بيشاور) ولنا 3 وزارات (المالية والبلديات وشؤون الزكاة)، والحمد لله أن الجميع يعترف بالأداء المتميز لوزرائنا. الانتخابات المقبلة تكون عام 2018، وإذا صارت الأمور بانسيابية ودستورية، ستكون الجماعة أحد أهم الأطراف فيها. أملنا كبير في أن تكون الانتخابات المقبلة أهم محطات الجماعة مع نتائج متميزة بإذن الله، وباكستان والحمد لله دولة حرة لا مكان فيها لأي بشار أو قذافي أو مبارك أو صالح أو من على شاكلتهم.
* وعود عمران خان بالمسيرات لإغلاق العاصمة إسلام آباد هل ستغير من الأمر شيء؟
- تأتي الجماعة الإسلامية على قمة جميع الأحزاب الباكستانية من حيث الالتزام بمبدأ الشورى وإجراء الانتخابات الداخلية الحقيقية بانتظام، لكون جميع نظمها وبرامجها شفافة ونزيهة ليس فيها أي سر أو غموض. كما أن الجماعة تلتزم التزامًا صارمًا بالمنهج الدعوي والتربوي المبني على القناعة والإقناع. لقد أوضح مؤسس الجماعة الشيخ أبو الأعلى المودودي منذ البداية أنه لا مكان لأي أنشطة سرية أو مسلحة في البلاد الآمنة. أما الجهاد المسلح لمواجهة الاحتلال والعدوان الخارجي فله شروطه وميادينه، ويجب أن يكون بصورة قانونية ومعلنة تتولى الدولة المسلمة أمرها.
* من وجهة نظركم.. هل هناك حل لمأزق الإخوان في مصر؟
- حتمًا.. ليس هناك أزمة أو مأزق إلا وله مخرج. لو منح الشعب المصري حقوقه الأساسية والتزم الجميع بدوره ودائرة عمله واختصاصه، فلن تبقى هناك أزمة. يجب أن يخرج الآلاف من الأبرياء من السجون وأن يجلس الجميع على طاولة الحوار ويشترك الكل في إنقاذ البلاد والعباد، وإلا فالدائرة المفرغة تصبح دوامة تلتهم الكل لا سمح الله.
* الأسبوع الماضي.. مرت 15 عامًا على التدخل الأميركي في أفغانستان وشنت الولايات المتحدة «حربًا على الإرهاب» ضد حركة طالبان في أفغانستان. لكن لا تزال أعمال العنف تودي سنويًا بآلاف الضحايا المدنيين في هذا البلد.. ما تعليقكم؟
- يقال إن أفغانستان مقبرة الطغاة وللإمبراطوريات. لقد غرقت في المستنقع الأفغاني الإمبراطورية البريطانية، ثم تلاشى فيه الاتحاد السوفياتي، ولم تعتبر أميركا من مصيرهما، والآن تواجه خيارين أحلاهما مر. إما الانسحاب الذي ترى فيه الذل، أو التشبث ببعض القواعد العسكرية التي تبقي نار المقاومة مشتعلة. وما نطق به الرئيس السابق حميد كرزاي يوضح نظرة أقرب، حيث قال «إن أميركا تعاملنا بوجهين وبمعايير مزدوجة». على القوى العالمية أن تكف عما تفعله في الشرق الأوسط وفى العالم الإسلامي باسم مكافحة الإرهاب، فهي التي تفرخ وترعى وتدعم المنظمات الإرهابية المختلفة، ثم تقوم بذر الرماد في العيون لتبتز مزيدًا من إمكانيات الدول الإسلامية، يجب أن تعرف أميركا وغيرها من القوى العالمية بأن عصر الاحتلال قد تولى.
* ما تفسيركم للتدخل الأميركي العسكري في باكستان؟ هل هو نتيجة ضعف الحكومة الباكستانية؟ أم هو في إطار التعاون مع الحكومة للتخلص من بقايا القاعدة؟
- على باكستان وعلى الدول الإسلامية كذلك أن تعي فترفض الإملاءات الخارجية التي لا تستهدف في النهاية إلا الخداع والإيقاع إلى القاع. لم تجنِ باكستان من الحرب الأميركية في أفغانستان إلا الوعود المعسولة ثم مزيدًا من الإرهاب وطمس الهوية. لقد خسرنا أكثر من 60 ألفًا روحًا بريئة حسب التقارير الأميركية نفسها. أما الخسائر الاقتصادية فتجاوزت 100 مليار دولار، حسب المصرف الوطني المركزي، وصدق علينا المثل الشعبي المحلي: «دلال الفحم لا يجني سوى السواد».
* عمليات «الدرون» الطائرات الأميركية دون طيار زادت في عهد الرئيس الأميركي أوباما عن عهد سلفه بوش.. هل تضغطون على الحكومة لقطع تعاونها مع الأميركيين؟
- التدخل الأميركي في باكستان تجاوز كل الحدود، والسبب الرئيسي لذلك هو انبطاح الحكومات المتعاقبة في باكستان أمام الأوامر الأميركية. إن سياسة العصا والجزرة الأميركية معنا تتلخص في كلمتهم «Do More» أو «افعلوا المزيد». فالأوامر الأميركية عبارة عن جهنم تكرر: «هل من مزيد...؟»، آن الأوان لأن نقول لهم: «كفى.. لقد طفح الكيل، كل دعمكم لأعدائنا وكل أعبائكم علينا؟ لن يستقيم الأمر هكذا».
* بعض الخبراء يقولون إن صمت أميركا على البرنامج النووي الباكستاني وسيطرة أميركا على الحكومات الباكستانية المتعاقبة جعلها لا تقلق من هذا البرنامج وآثاره؟
- البرنامج النووي الباكستاني صمام أمان للمنطقة. لو لا هذا الرادع الكبير وقبل ذلك رحمة ربنا وفضله علينا لشهدت المنطقة حربًا ضروسًا.



المدّعي العام للجنائية الدولية يطالب الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها

المحكمة الجنائية الدولية (رويترز)
المحكمة الجنائية الدولية (رويترز)
TT

المدّعي العام للجنائية الدولية يطالب الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عنها

المحكمة الجنائية الدولية (رويترز)
المحكمة الجنائية الدولية (رويترز)

طالب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الخميس، الدول الأعضاء في المحكمة، والبالغ عددها 124، بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف التي أصدرتها بحق كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، إضافة إلى القائد العسكري لحركة «حماس» محمد الضيف.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال خان، في بيان: «أدعو جميع الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي، عبر احترام هذه الأوامر القضائية والامتثال لها».