ليبيا: مقتل 20 من «داعش» في معارك جديدة بسرت

المفتي ينتقد حذف السراج توصية لاعتبار المشير حفتر «مجرم حرب»

مقاتل ليبي موال لحكومة الوفاق الوطني خلال مواجهات مع فلول «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
مقاتل ليبي موال لحكومة الوفاق الوطني خلال مواجهات مع فلول «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
TT

ليبيا: مقتل 20 من «داعش» في معارك جديدة بسرت

مقاتل ليبي موال لحكومة الوفاق الوطني خلال مواجهات مع فلول «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
مقاتل ليبي موال لحكومة الوفاق الوطني خلال مواجهات مع فلول «داعش» في مدينة سرت (رويترز)

أعلنت قوات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج، أنها حققت أمس ما وصفته بتقدم مهم في منطقة عمارات الستمائة، وسيطرت على مساحات واسعة في منطقة العمارات داخل مدينة سرت الساحلية في مواجهة فلول تنظيم داعش المتطرف.
وقالت صفحة عملية «البينان المرصوص»، التي تشنها هذه القوات على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن القوات ألحقت ما سمته بـ«خسائر فادحة» في صفوف «داعش»، فيما أوقعت أكثر من 20 قتيلا في صفوفهم، مشيرة إلى أنها نجحت أيضا في إنقاذ وتحرير خمسة من الأسرى الأجانب، منهم اثنان من تركيا واثنان من الهند وبنغلاديشي.
إلى ذلك، وفي محاولة لتفادي حدوث توتر أكبر في العلاقات مع المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني في ليبيا، حذف أمس المجلس الرئاسي لحكومة السراج فقرة تنص على اعتبار حفتر «مجرم حرب»، كإحدى توصيات الملتقى السادس لضباط الجيش الذي عقد أول من أمس في العاصمة طرابلس.
وخلا البيان الختامي لملتقى ضباط الجيش الليبي من أي إشارة إلى حفتر، على الرغم من أن البث المباشر لجلساته على القنوات التلفزيونية المحلية، والتي حضرها قياديون في تنظيمات إرهابية محسوبة على شرق البلاد، أظهرت في وقت سابق من مساء أول من أمس اتفاق الملتقى على اعتبار حفتر «مجرم حرب»، وذلك بسبب المعارك التي تخوضها قوات الجيش لتحرير مدينة بنغازي من سيطرة المتطرفين عليها منذ نحو أربع سنوات.
لكن المفتي المقال من منصبه الصادق الغرياني أحرج حكومة السراج، حيث قال في مقال نشره أمس إن بيان الملتقى السادس للجيش الليبي الصادر في طرابلس «جرى تحريفه من طرف الحكومة على صفحتها، وحذفت منه إدانة الجيش لحفتر وانقلابه، وقالت: إنه لا صحة للإشاعات التي تذكر حفتر في البيان، مع أن البيان منشور بالصوت والصورة، ومتداول ويصف حفتر بأنه مجرم حرب، فبربكم ماذا يسمى هذا ولمصلحة مَنْ؟».
وقال بيان توضيحي صدر باسم ملتقى الضباط في ختام اجتماعهم المثير للجدل، والذي نشره مكتب إعلام السراج على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن بعض وسائل الإعلام تناولت ما وصفته بأخبار غير صحيحة حول الاجتماع، لافتا النظر إلى أنه عقد بمبادرة من بعض المناطق العسكرية في غرب البلاد، وأنه لا علاقة له بالتجاذبات السياسية.
وأوضح البيان أنه استهدف تقديم مقترحات بشأن معايير تولي المناصب القيادية في الجيش الليبي للقيادة السياسية، تمكنها من اختيار القيادات الجيدة. لكن إسماعيل شكري عضو اللجنة التحضيرية للملتقى، وأحد قيادات تنظيم مجلس مجاهدي شورى بنغازي المتطرف، أكد في المقابل لقناة «النبأ» التلفزيونية الموالية لجماعة الإخوان على أن ضباط الجيش الليبي، وفي إشارة ضمنية إلى حفتر من دون تسميته صراحة: «لا يريدون أن ينضم إليهم أي شخص متورط في سفك دماء الليبيين، سواء كان عسكريا أو ثائرا لأن الهدف هو الحفاظ على سلامة المواطن والوطن».
وكان السراج قد ألقى كلمة أمام الملتقى، الذي حضره بعض أعضاء مجلسه الرئاسي، وعبد الرحمن السويحلي رئيس المجلس الأعلى للدولة، الذي استولت حكومة طرابلس غير الشرعية على مقره في طرابلس الجمعة الماضي، دعا خلالها إلى توحيد المؤسسة العسكرية في جيش واحد تحت مظلة الوفاق الوطني، الذي يجمع كل الليبيين، دون إقصاء أو تهميش، وتابع موضحا «لن نعود إلى الخلف، ولن نسمح بإعادة إنتاج أي حكم ديكتاتوري أو عسكري، مبدأنا الفصل بين السلطات وإرساء دولة القانون».
والتزم الجيش الليبي والمشير حفتر الصمت حيال هذه الاتهامات، ولم يصدر أي بيان رسمي للرد عليها، بينما اعتبر علي القطراني، عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والمحسوب على المشير حفتر، أن هذا المؤتمر ما هو إلا ملتقى لمجموعات مسلحة خارجة عن القانون، وشرعية المؤسسة العسكرية بحضور السراج وبعض أعضاء مجلسه ووزراء الحكومة المرفوضة من مجلس النواب.
من جهة أخرى، قالت منظمة (سي ووتش) غير الحكومية للإنقاذ إن طاقما في قارب سريع حمل شعار «خفر السواحل الليبي» هاجم قاربا يحمل قرابة 150 مهاجرا، وضربهم بالعصي وتسبب في سقوط أربعة على الأقل في المياه وغرقهم. وأضافت في بيان أن «التدخل العنيف من خفر السواحل الليبي تسبب في حالة ذعر جماعي على متن القارب المطاطي، ودُمر أحد صمامات القارب المطاطي، مما تسبب في سقوط غالبية 150 راكبا في المياه».
ونقلت وكالة «رويترز» عن روبن نوجباور، المتحدث باسم المنظمة، أن طاقمها لا يزال ينفذ عمليات إنقاذ، وانتشل بالفعل أربع جثث، بينما قال متحدث باسم القوات البحرية الليبية في طرابلس إنه لم يسمع بالواقعة.
وتنتشر الفوضى في ليبيا منذ الثورة التي أطاحت بالعقيد الراحل معمر القذافي في 2011، بينما تواجه حكومة السراج التي تشكلت نهاية مارس (آذار) الماضي قوى لا تعترف بسلطتها بما في ذلك العاصمة طرابلس والمنطقة الشرقية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.