حرب شوارع في كركوك بعد اختراق «داعش» لها بعشرات الانتحاريين.. غالبيتهم أجانب

اشتباكات بين القوات الأمنية والمسلحين.. والبيشمركة تواصل تقدمها نحو الموصل من الشمال

الدخان يتصاعد  فيما يتخذ عناصر الأمن الكردي مواضعهم خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» محاصرين في مبنى بكركوك أمس (رويترز)
الدخان يتصاعد فيما يتخذ عناصر الأمن الكردي مواضعهم خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» محاصرين في مبنى بكركوك أمس (رويترز)
TT

حرب شوارع في كركوك بعد اختراق «داعش» لها بعشرات الانتحاريين.. غالبيتهم أجانب

الدخان يتصاعد  فيما يتخذ عناصر الأمن الكردي مواضعهم خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» محاصرين في مبنى بكركوك أمس (رويترز)
الدخان يتصاعد فيما يتخذ عناصر الأمن الكردي مواضعهم خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» محاصرين في مبنى بكركوك أمس (رويترز)

استيقظ سكان مدينة كركوك منتصف الليلة قبل الماضية على دوي انفجارات وأصوات إطلاقات نارية ناجمة عن شن مجموعة مؤلفة من نحو 30 مسلحا من تنظيم داعش، غالبيتهم انتحاريون أجانب، هجوما على مجموعة من المواقع الأمنية وسط المدينة. وذكرت مصادر أمنية أن مسلحي التنظيم قضي عليهم من قبل قوات البيشمركة والآسايش (الأمن الكردي) والشرطة والقوات الأمنية الأخرى والمواطنين في المحافظة بعد معركة امتدت حتى مساء أمس.
وقال قائد شرطة الأقضية والنواحي في محافظة كركوك العميد سرحد قادر لـ«الشرق الأوسط»: «هاجم مسلحون من تنظيم داعش في الساعة الثالثة من منتصف الليلة (قبل) الماضية مقرات لقوات الشرطة والآسايش والفنادق وبعض المباني العالية داخل كركوك، واندلعت إثر هذه الهجمات اشتباكات بين القوات الأمنية في المدينة وهؤلاء المسلحين أسفرت عن قتل عدد منهم، وحاصرت قوات البيشمركة والقوات الأمنية الأماكن التي يتواجدون فيها»، مبينا أن قسما من مسلحي التنظيم شنوا هجمات انتحارية فيما استخدم الآخرون الأسلحة في الهجوم. كاشفا أن مسلحي التنظيم كانوا من خارج محافظة كركوك وتسللوا إليها لتنفيذ الهجوم.
وبحسب مصادر أمنية مطلعة فإن غالبية المسلحين كانوا من الأجانب وبينهم مسلحون أفغان ودخلوا إلى مدينة كركوك عبر إحدى القرى التابعة لقضاء دبس غرب المدينة بمساعدة سكان القرية، واعتلى عدد من قناصة (داعش) المباني المرتفعة في كركوك وأطلقوا النار على القوات الأمنية والمواطنين، بينما هرع مواطنو كركوك إلى حمل السلاح ومحاربة التنظيم مع القوات الأمنية وقوات البيشمركة، وتمكنوا من قتل مجموعة منهم، فيما فجر مسلحون آخرون ستراتهم الناسفة. وذكرت هذه المصادر أن التنظيم إضافة إلى سيطرته على المباني المرتفعة فإنه سيطر على نصف مساحة حي الدوميز في كركوك، ومن ثم استطاع مواطنو الحي وبالتعاون مع البيشمركة والقوات الأمنية القضاء على كافة المسلحين واستعادة المساحة التي احتلها.
بدوره، بين نائب مسؤول مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك عاصي علي أنه «حسب المعلومات المتوفرة لدينا بلغ عدد مسلحي داعش المهاجمين نحو 35 مسلحا، قُتل حتى عصر اليوم (أمس) نحو 15 منهم والبعض منهم يتواجدون في الأبنية حيث يهاجمون قوات البيشمركة والقوات الأمنية الأخرى بينما يختبئ عدد منهم في منطقة (واحد حزيران)». وأوضح أن هجمات التنظيم استهدفت المبنى القديم لمديرية الشرطة والمحافظة وعددا من المباني الأخرى، ودخل عدد من مسلحيه إلى المدارس والمساجد في أحياء الواسطي والأسرى والمفقودين ودوميز وواحد حزيران وتسعين.
وفي سياق متصل، تعرضت محطة للطاقة الكهربائية في قضاء الدبس التابع لمحافظة كركوك فجر أمس لهجوم شنه عدد من مسلحي (داعش)، وقال مسؤول أمني في القضاء: «فجر ثلاثة انتحاريين من التنظيم أنفسهم في محطة الكهرباء أثناء هجومهم عليها، وأسفر الهجوم عن مقتل 12 عاملا وموظفا في المحطة وإصابة سبعة آخرين منهم». وورد أن بين القتلى أربعة إيرانيين يعملون في المشروع الذي تنفذه شركة إيرانية.
في غضون ذلك، استمرت المعارك بين قوات البيشمركة ومسلحي «داعش» في محاور ناوران وبعشيقة شمال وشرق الموصل. وقال ريبار شريفي، القيادي في حزب الحرية الكردستاني (إيران)، الذي تخوض قواته الحرب ضد «داعش» إلى جانب قوات البيشمركة، إن التنظيم «هاجم قوات البيشمركة بأربع سيارات مفخخة يقودها انتحاريون، لكن قوات البيشمركة وطيران التحالف الدولي تمكنا من تدمير هذه السيارات قبل أن تقترب من مواقعنا»، مشيرا إلى أن قوات البيشمركة قتلت أكثر من 100 مسلح من التنظيم خلال اليومين الماضيين في محاور بعشيقة وناوران.
وأضاف شريفي: «الاشتباكات استمرت في بلدة الفاضلية التابعة لناحية بعشيقة بين البيشمركة والتنظيم، ومسلحو التنظيم المتواجدون في الفاضلية كانوا يرفعون الأعلام البيضاء ويظهرون لنا أنهم مدنيون وعندما كان مقاتلو البيشمركة يترجلون من عجلاتهم ويحاولون إنقاذهم تحول هؤلاء المدنيون إلى مسلحين وأطلقوا النار على مقاتلي البيشمركة». وأكد أن قوات التحالف الدولي لعبت دورا مهما في إسناد قوات البيشمركة جوا، حيث قصفت طائراته مواقع التنظيم بكثافة ودمرت عددا من عجلاته المفخخة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».