أول مواجهة تركية كبيرة مع الأكراد في سوريا.. واتهامات بارتكابهم تطهيرًا عرقيًا

مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط»: الاتصالات مستمرة لإخراج «النصرة» من حلب

أول مواجهة تركية كبيرة مع الأكراد في سوريا.. واتهامات بارتكابهم تطهيرًا عرقيًا
TT

أول مواجهة تركية كبيرة مع الأكراد في سوريا.. واتهامات بارتكابهم تطهيرًا عرقيًا

أول مواجهة تركية كبيرة مع الأكراد في سوريا.. واتهامات بارتكابهم تطهيرًا عرقيًا

أعلن الجيش التركي في بيان أمس أن مقاتلات تركية نفذت 26 ضربة جوية على 18 هدفا لمسلحي «وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سوريا، وقتلت ما بين 160 و200 من المسلحين في وقت متأخر مساء الأربعاء، ودمرت 9 مبان وعربة مدرعة و4 مركبات أخرى تابعة لـ«الوحدات» الكردية.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع الغارات، وقال إنها طالت المواقع الكردية في قرى الحصية وأم القرى وأم حوش التي انتزعتها «قوات سوريا الديمقراطية» من تنظيم داعش.
وكانت أنقرة أعلنت، في أغسطس (آب) الماضي، بدء عملية «درع الفرات» العسكرية في شمال سوريا، بمشاركة قوات خاصة تركية وفصائل من الجيش السوري الحر لتطهير المنطقة المتاخمة لحدودها من «داعش» ووقف تمدد «وحدات حماية الشعب» التي تعد الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري، اللذين تعدهما تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة إرهابية.
وقال الجيش التركي إن «قوات حماية الشعب» الكردية أطلقت 5 قذائف هاون من بلدة عفرين السورية على أراض خالية في المنطقة التابعة لإشراف مخفر «جونتبه» الحدودي في مدينة هطاي جنوب البلاد.
وأضاف في بيانه أن المدفعية التركية ردت بصواريخ «العاصفة»، وأن الهجوم من جانب القوات الكردية لم يسفر عن أي خسائر في الأرواح أو الممتلكات في الجانب التركي.
وأكد الجيش أن إطلاق صواريخ «العاصفة» المتمركزة على الحدود التركية - السورية على أهداف تابعة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في بلدة عفرين السورية، جاء في إطار قواعد الاشتباك المعلنة سابقًا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن مؤخرا أن تركيا ستقوم بما يلزم إذا لم تنفذ واشنطن وعدها بانسحاب القوات الكردية إلى شرق الفرات.
وقال نعمان كورتولموش، نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، في لقاء مع إحدى القنوات التركية، إن «لتركيا خطوطا حمراء؛ هي تطهير الحدود الجنوبية مع سوريا من المنظمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي»، مؤكدا أن تركيا لن تسمح لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية بأن تحكم أي منطقة على حدود تركيا مع سوريا.
وأوضح أن مساحة عمليات القوات التركية في شمال سوريا هي بطول 90 كلم وبعرض 65 إلى 68 كلم، مؤكدا أن تركيا لا تهدف إلى توطين ثلاثة ملايين لاجئ سوري، وإنما إلى توطين أهالي الشمال فقط، كما أكد حرص تركيا على وحدة سوريا وعدم تقسيمها، متهما «وحدات حماية الشعب» الكردية والاتحاد الديمقراطي بأنهما يقومان بعمليات تطهير عرقي في سوريا.
وقال كورتولموش إن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط هو حرب بالوكالة بين روسيا والولايات المتحدة، وقد وصلت إلى أعلى سقفها في سوريا والعراق، وعد أن حلب والموصل ستحددان مصير المنطقة، وأنه «بعد مرور مائة عام، هناك (سايكس بيكو) جديدة، حيث تجري عمليات تقسيم على أسس عرقية وطائفية»، داعيا شعوب الشرق الأوسط إلى الاستيقاظ.
وعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لقاءين منفصلين، أمس، مع رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان، ورئيس أركان الجيش الفريق أول خلوصي أكار، وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاءين ركزا على التطورات في سوريا في ظل الهدنة التي أعلنت من جانب روسيا وقوات النظام السوري في حلب، أمس، كذلك تطورات عملية «درع الفرات» التي يدعم فيها الجيش التركي مقاتلين من الجيش السوري الحر في شمال سوريا، إضافة إلى عملية الموصل التي انطلقت فجر الاثنين الماضي لتحرير المدينة من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي.
وكان رئيس أركان الجيش التركي شارك مطلع الأسبوع الحالي في اجتماع رؤساء هيئات الأركان في دول التحالف الدولي لضرب «داعش»، في واشنطن، وقدم مقترحا تركيا بشأن المشاركة في عملية تحرير الموصل، كما نقل التحفظات التركية بشأن هذه العملية؛ أهمها على مشاركة مليشيات «الحشد الشعبي» الشيعي فيها، كما تناول معهم تطورات عملية «درع الفرات» التي تتقدم حاليا باتجاه مدينة الباب لتمهيد الطريق لعملية «الرقة» معقل «داعش» في شمال سوريا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.