تشكيل حكومة الانقلاب يهدد بنموذج ليبي.. وهادي: لا نتوقع منهم سوى التسويف

قبائل خولان ترفض تسييس حادثة «القاعة» من قبل الحوثيين

الرئيس اليمني أثناء لقائه سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا لدى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
الرئيس اليمني أثناء لقائه سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا لدى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
TT

تشكيل حكومة الانقلاب يهدد بنموذج ليبي.. وهادي: لا نتوقع منهم سوى التسويف

الرئيس اليمني أثناء لقائه سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا لدى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
الرئيس اليمني أثناء لقائه سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا لدى اليمن في الرياض أمس (سبأ)

قال الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إنه لا يتوقع من الانقلابيين إلا مزيدًا من المراوغة والتسويف والمماطلة، لكنه قال «مع ذلك سنظل متمسكين بخيارات السلام والتعامل الإيجابي مع مشروع الهدنة والتقيد بمحدداته باعتبار السلام خيارنا الذي لن نحيد عنه»، وأضاف: «تعاملنا على الدوام بمصداقية وإيجابية مع مختلف مساعي المجتمع الدولي وقراراته ذات الصلة ومحطات المشاورات المختلفة من بيل إلى جنيف، وصولاً إلى الكويت والتي للأسف تم نسف مجمل تلك الجهود من قبل الانقلابيين».
وجاء حديث الرئيس اليمني خلال استقباله أمس، السفيرين الأميركي والبريطاني لدى اليمن، ماثيو تولر، وإدموند فيتون براون. وشدد السفيران على حرصهما على أهمية إدخال المساعدات الإنسانية وفك حصار المدن والمناطق المحاصرة، مؤكدين حرص المجتمع الدولي الإيجابي في التعامل بحزم مع الخروقات باعتبار الهدنة وفرص السلام لن تتكرر على الدوام، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).
إلى ذلك، قال عضو مجلس الشورى اليمني، الشيخ علوي الباشا بن زبع، إن تحالف الانقلاب الحوثي – صالح، لا يرغبون في السلام ويصعّدون من إجراءاتهم كلما لاحت بارقة أمل في التوصل إلى سلام ينهي الحرب، التي أشعلها الانقلابيون ومن ورائهم مشروع المد الإيراني في المنطقة. وأضاف الباشا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تعليقا على إعلان الانقلابيين قرب تشكيل حكومة في صنعاء، إن «هذا دليل صارخ على أنهم لا يريدون سلاما ولم يشعروا بعد بمآسي الحرب على الشعب»، مؤكدا أن الانقلابيين يحاولون «ترسيخ سياسة الأمر الواقع في كل منعطف من منعطفات فرص السلام»، معتبرا أن ما يقدم عليه الانقلابيون من إجراءات أحادية الجانب «أمر متوقع ورسالة واضحة للمغرر بهم، مفادها أنكم يجب أن تموتوا من أجل أن يستمر الانقلاب ويتجزأ اليمن بسبب وهم القوة والعنف الذي لا يصنع سلاما ولا يحافظ على وحدة وطن».
وقال الباشا، إن «جهود المجتمع الإقليمي والدولي تريد صناعة سلام عاجل في اليمن، قبل أن تتدهور الأوضاع المعيشية وينهار ما تبقى من هيكل الدولة اليمنية التي يعيدون سلطة الانقلاب في صنعاء تفكيكها وتفصيلها على مقاسهم»، وأشار إلى أن «كل فرص السلام وجهود المجتمع الإقليمي والدولي، التي تصب في اتجاه صناعة السلام في اليمن القائم على المرجعيات الثلاثة (القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2216 والمبادرة المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني)، مرحب بها والحكومة الشرعية، وعلى رأسها الرئيس هادي متمسكة بخيار السلام القائم على هذه المرجعيات التي اعترفت بها سلطة الانقلاب في صنعاء من وقت مبكر»، كما أشار إلى أن الانقلابيين «وافقوا ووقعوا على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية من خلال حزب صالح، حليفهم حاليا، وليس أمامهم إلا أن يحترموا إرادة الشعب اليمني التي كانوا جزءا منها ووقعوا عليها بملء إرادتهم، بما فيها مخرجات الحوار التي كان الحوثيون جزءا منها».وحول نطاق الهدنة وما يطالب به الحوثيون من فرض قرار دولي بالهدنة ووقف إطلاق النار، قال عضو مجلس الشورى اليمني، إن «الهدنة واضحة من خلال تصريحات الوسيط الدولي ولد الشيخ والتي عبر عنها نصا بأنها ستجري وفق آلية وضوابط الهدنة السابقة وعودة التهدئة إلى الحدود وتفعيل اللجنة العسكرية ونقلها إلى ظهران الجنوب، كما كان عليه الحال في السابق»، مؤكدا أن الحكومة اليمنية الشرعية ترحب بذلك جملة وتفصيلا، كما «ترفض أي محاولات لحرف مسيرة السلام باتجاه الشرعنة للانقلاب». وذكر أن «من مصلحة تحالف الانقلاب أن ينطلق إلى التهدئة والعودة إلى طاولة المشاورات بنوايا سلام وليس بنوايا شرعنة سلطة الأمر الواقع»، مضيفا أنه «يجب أن تصدق النوايا من الطرف الآخر (الانقلابي) لإيجاد تسوية سياسية وفق المرجعيات المتوافق عليها»؛ لأن «أي هدنة أو جهود مصيرها الفشل في حال عدم توفر النوايا»، مشددا أن على الانقلابيين أن «يعلموا أن الوقت ينفد، وأن الشعب ينزف ويتضور جوعا، وأن الزوامل والأناشيد لا تحمي وحدة اليمن ولا تؤكّل الفقراء خبزا».
وأشار عضو مجلس الشورى اليمني، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي لا يمكن التفريط بها «لأنها الشرعية التي نمتلكها وتمتلكها الدولة اليمنية، التي يراد لها أن تسقط تماما وأن نصبح صومالا آخر، لا سمح الله»، وقال: «نحن متمسكون بشرعية الرئيس هادي؛ حتى تستعاد الدولة وتتم تسوية تحفظ اليمن ويجري تداول السلطة وفق آلية المبادرة الخليجية والإرادة الشعبية الجمعية عبر صناديق الاقتراع»، مؤكدا أن «مسألة أمن دول الجوار وسحب الأسلحة الثقيلة من أيدي الميليشيات الحوثية وغير الحوثية، بما فيها أي ميليشيا فرضتها ظروف الحرب، أمر يهم المجتمعَين الإقليمي والدولي، وأن كل جهود السلام التي لا تركز على قلق دول الجوار من هذه المسألة هي جهود عبثية ومضيعة للوقت»، وخاطب الباشا الحوثيين، على وجه التحديد، قائلا: «إن كنتم تريدون سلاما، فنحن أكثر رغبة في السلام وإن كنتم تريدون يمنا يخرج من المنزلق الخطير الذي ذهبتم به إليه، عليكم أن تراجعوا مواقفكم وألا تصدقوا وعود الخارج، وكفى حروبا ومغامرات باليمن وشعبه»، مؤكدا أنه «إذا لم يحدث سلام حقيقي، فإن اليمن قد يكون في طريقه إلى النموذج الليبي، خصوصا لو أعلنوا حكومة موازية في صنعاء».
وكان الانقلابيون في صنعاء (الحوثي – صالح)، استبقوا بدء سريان هدنة وقف إطلاق النار، بالإعلان عن قرب موعد إعلان تشكيلة الحكومة الانقلابية، التي كلف بتشكيلها السياسي الموالي للمخلوع علي عبد الله صالح، الدكتور عبد العزيز بن حبتور، مطلع الشهر الحالي. وقال ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى»، الذي شكله الانقلابيون في أغسطس (آب) الماضي، إنه سيتم، خلال الأيام القليلة المقبلة، الإعلان عن التشكيلة الحكومية الانقلابية.
وكان لافتا، غياب بن حبتور عن الاجتماع الذي عقد لمناقشة موضوع تشكيل الحكومة، مساء أول من أمس، وعدم الإشارة إليه أو ذكره في الخبر الذي بثته وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، النسخة التي يسيطر عليها الانقلابيون، وهو الأمر الذي يعزز من تسرب من معلومات بأن ابن حبتور اعتذر عن تشكيل الحكومة، وأنه تلقى تهديدات من قيادات انقلابية بالتصفية إن لم يمضِ في تشكيل الحكومة.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة، دعت، الأحد الماضي، الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والانقلابيين إلى إعلان وقف لإطلاق النار خلال أيام. وصرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري عقب محادثات دبلوماسية رفيعة المستوى في لندن «الآن هو وقت تطبيق اتفاق وقف إطلاق نار غير مشروط، وبعد ذلك يتم الانتقال نحو طاولة التفاوض».
وشارك موفد الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في الاجتماع إلى جانب كيري ووزراء خارجية بريطانيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة. وأوضح كيري، أن ولد الشيخ أحمد ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون دعوا إلى أن ينفذ وقف إطلاق النار «في أسرع وقت».
على صعيد آخر، أشادت قبائل خولان الطيال اليمنية بالموقف «الحكيم» لأسرة «آل الرويشان» على خلفية حادثة القاعة الكبرى، ورفضت الزج بها في الحرب والتوظيف السياسي للحادثة، ونأت القبائل بنفسها عن دعوات التحريض ضد السعودية ودول التحالف، التي أطلقها المخلوع علي عبد الله صالح وشريكه في الانقلاب، عبد الملك الحوثي. وقالت القبائل، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «نثمن موقفهم الحكيم والمسؤول في التعامل مع الحادث»، مؤكدين مساندتنا الكاملة لهم ووقوفنا معهم فيما فيه إحقاق الحق ومعاقبة المتسبب في الخطأ بالعقوبة المقرة شرعا وقانونا وبما يجبر المصاب الجلل ويشفي صدور المكلومين من أهل العزاء وأولياء الدم، وبما يتناسب مع قدسية الدماء وحرمتها وكرامة النفوس وعزتها». وخولت قبائل خولان النقيب (منصب قبلي) محمد بن يحي الرويشان «المشهود له بالحكمة والحنكة، مقدمنا لتحقيق ما سبق بصورة مرضية وعادلة؛ كونه صاحب الشأن العارف بما يجب ويلزم».
وشدد بيان قبائل خولان اليمنية على «ضرورة الحفاظ على صف خولان وصحبها ووجوب العمل على ما فيه حقن دماء أبناءها وأمنها ونسيجها الاجتماعي»، وطالبت القبائل «التحالف والحكومة بتحمل مسؤوليتهم القانونية والأخلاقية تجاه ما حدث، وأن يسلكوا المسلك الذي يصحح المسار ويتلافى الخطأ ويحفظ الدماء ويعزز الأمن والاستقرار، ويحافظ على الأخوة والصحب ويجبر الضرر».
وجاء بيان قبائل خولان الطيال، وهو الثاني منذ خلال أقل من أسبوعين، بعد محاولات يائسة من قبل الانقلابيين لتأجيج القبائل ومحاولة عقد اجتماع لبعض أفراد قبائل خولان المؤيدين للانقلاب، بعيدا عن كبار القبيلة ذات التاريخ المشهود في الحركة الوطنية اليمنية، ومحاولة حث القبائل على الزج بأبنائها في القتال ضد الجيش الوطني، وكذا محاولة الحصول على أموال لما يسمى «المجهود الحربي».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.