صراع روسي ـ أميركي ميدانه الموصل وأداته «الحشد الشعبي» في تلعفر بالاتفاق مع طهران

مصدر عراقي رفيع لـ «الشرق الأوسط»: بوتين أبلغ العبادي رفضه عبور «داعش» إلى سوريا

صراع روسي ـ أميركي ميدانه الموصل وأداته «الحشد الشعبي» في تلعفر بالاتفاق مع طهران
TT

صراع روسي ـ أميركي ميدانه الموصل وأداته «الحشد الشعبي» في تلعفر بالاتفاق مع طهران

صراع روسي ـ أميركي ميدانه الموصل وأداته «الحشد الشعبي» في تلعفر بالاتفاق مع طهران

كشف مصدر عراقي رفيع أن «هناك تعارضا واضحا بين الإرادتين الأميركية والروسية على صعيد معركة الموصل، لا سيما لجهة التعامل مع مقاتلي تنظيم داعش ويبلغون بضعة آلاف؛ قسم منهم جرى تدريبه تدريبا عالي المستوى لخوض معارك شرسة بمن فيهم الانتحاريون والانغماسيون».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من لندن، مفضلا عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع، إن «الاستراتيجية الأميركية والتي تم إبلاغها إلى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فيما يتعلق بخطة تحرير الموصل تقوم بالدرجة الأساس على طرد مقاتلي هذا التنظيم عبر فضاء مفتوح نحو الحدود العراقية - السورية في وقت تعارض روسيا هذه الاستراتيجية وهو ما أبلغه الرئيس فلاديمير بوتين في مكالمته الأخيرة للعبادي قائلا له إن موسكو ترفض طرد هؤلاء إلى سوريا، بل تدعو إلى قتلهم داخل الأراضي العراقية»، مبينا أن «طرد مقاتلي (داعش) من العراق إلى سوريا يعقد مهمة روسيا في سوريا في وقت بدأ فيه تنظيم داعش يهيئ ما سماه جيش دابق الذي سيخوض المعركة الفاصلة والتي يريد أن يحقق النصر من خلالها».
ويتابع المصدر بالقول إن «الذي سوف ينتصر على ما يبدو هي الخطة الروسية والتي سوف تنفذها فصائل الحشد الشعبي من خلال توجهها إلى تلعفر من أجل تطويق المنطقة هناك ومنع توجه مقاتلي (داعش) إلى جهة منطقة البعاج ومن ثم يتمكنون من الخروج إلى الحدود العراقية - السورية للالتحاق بـ(جيش دابق) في حين أن منعهم من قبل مقاتلي الحشد الشعبي تنفيذا لإرادة بوتين وهي خطة متفق بموجبها مع طهران ومخالفة حتى لتوجهات وربما أوامر العبادي الذي يقول إن كل قادة الحشد يأتمرون بأمره، بينما الأمور على أرض الواقع تجري في سياق آخر».
إلى ذلك، حذرت رئاسة أركان الجيش الروسي أمس من أن هجوم الموصل يجب ألا يؤدي إلى «إخراج إرهابيي» تنظيم داعش من العراق إلى سوريا. وقال الجنرال فاليري غيراسيموف: «يجب عدم إخراج الإرهابيين من دولة إلى أخرى، إنما القضاء عليهم حيث هم». وأضاف: «نأمل في أن يكون شركاؤنا في التحالف الدولي على إدراك لما يمكن أن يحصل لهذه المجموعات المسلحة من تنظيم داعش وهي تندحر». وكشف أن الأقمار الصناعية العسكرية تراقب الوضع في الموصل وكذلك نحو عشر طائرات استطلاع وطائرات من دون طيار. وأضاف: «رغم صخب محطات التلفزة الغربية، يجب معرفة أن الهجوم لم يبدأ بالواقع بعد»، لافتا فقط إلى نيران مدفعية «وتركز وحدات» قرب الموصل.
وحسب المصدر العراقي فإن «تطويق (مقاتلي داعش) وعدم السماح لهم بمنفذ ومن ثم قتل من يحاول منهم الهرب من قبل الحشد الشعبي يعني أن تنظيم داعش سوف يعيد النظر بكل شيء وسوف ينظم صفوفه داخل الموصل لتتحول (دابق) من سورية إلى عراقية، بينما تتحول الموصل إلى كوباني (عين العرب) وهو ما قد يؤدي إلى حمام دم بالفعل داخل الموصل مثلما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لأن (داعش) لن يبقى أمامه حين ذاك وهو محاصر من كل الجهات سوى القتال حتى النهاية ومهما كانت الكلف والتضحيات».
وأعلنت هيئة ميليشيات الحشد الشعبي أن هذه الميليشيات المدعومة من إيران ستدعم هجوم الجيش العراقي على الموصل مما يثير خطر نشوب صراع طائفي في المنطقة. وقالت هذه الميليشيات إنها ستتمركز في تلعفر حيث تسكن أغلبية تركمانية شيعية. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول عراقي كبير طلب عدم نشر اسمه أن «الإيرانيين والحشد الشعبي يعتزمون السيطرة على تلعفر بسبب أهميتها للشيعة واستخدام ذلك كوسيلة للدخول إلى الموصل»، مضيفا: «لكنهم يريدون أيضا استخدامها كوسيلة للتأثير على القتال في سوريا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.