السينما العربية في مهرجان لندن السينمائي.. تواجد مكثف وأفلام جريئة

يعرض 19 فيلماً من مصر والسعودية والإمارات

لقطة من الفيلم المصري «آخر أيام المدينة»
لقطة من الفيلم المصري «آخر أيام المدينة»
TT

السينما العربية في مهرجان لندن السينمائي.. تواجد مكثف وأفلام جريئة

لقطة من الفيلم المصري «آخر أيام المدينة»
لقطة من الفيلم المصري «آخر أيام المدينة»

في مهرجان لندن السينمائي الذي ختم عروضه هذا الأسبوع، شارك 19 فيلما من العالم العربي، تنوعت ما بين أفلام روائية طويلة، وأفلام قصيرة، وأفلام وثائقية، تم إنتاجها خلال العام الحالي، إلى جانب إعادة عرض جوهرة من الأرشيف وهو فيلم «وداعًا بونابرت» ليوسف شاهين.
ورممت شركة «أفلام مصر العالمية»، التي أسسها يوسف شاهين نفسه عام 1972، بالتعاون مع المركز الوطني للسينما، ومركز الفيلم الفرنسي، فيلم «وداعًا بونابرت»، الذي تم عرضه للمرة الأولى في مهرجان «كان» عام 1985. وإلى جانب كونه علامة بارزة في تاريخ السينما العربية، يعد عرض الفيلم بمثابة إجابة عن أسئلة خاصة بالتاريخ المصري جاءت في وقتها المناسب. ويتناول عدد من الأفلام الجريئة في برنامج المهرجان من مختلف أنحاء المنطقة أمورًا في التاريخ والسياسة.
تدور أحداث فيلم «آخر أيام المدينة»، ذي النبرة التي تحمل قدرًا من التنبؤ، لتامر السعيد في القاهرة بين شتاء عامي 2009 و2010. يتناول الفيلم قصة صانع أفلام يلعب دوره خالد عبد الله، الذي يحاول جاهدًا الانتهاء من فيلمه وسط ما يواجهه من صعوبات شخصية، وحالة أمه المريضة، وقلبه المكسور. يلامس الفيلم أجواء مختلفة متنقلا بين بيروت، وبغداد، وبرلين، باعتبارها مدينة ملجأ، يزوره أصدقاء قادمون منها، ويقول أحدهم: «القاهرة مدينة لا تكذب. إنك تتعامل معها كما هي، فإما أن تحبها، أو تكرهها». وتنتهي أحداث الفيلم في ديسمبر (كانون الأول) عام 2010، قبل شهر تقريبًا من ثورة 25 يناير (كانون الثاني). وما يزيد من مصداقية الفيلم، توقف السعيد عن تصوير الفيلم في ذلك الوقت. ومن تلك الفترة، يصور الفيلم توترات ملموسة بطريقة أكثر وضوحًا وعدوانية من العنف الظاهر الذي ألقى بظلاله على الوضع في مصر. ويعد الفيلم تصويرًا جليًا للإيقاع الذي أدى إلى الـ18 يوما التي غيرت الشعب المصري.
وكان فيلم «استعراض الحرب»، الوثائقي الذي يتناول تصاعد الاحتجاجات، وتطورها إلى حرب في سوريا، هو الأكثر تأثيرًا بين جميع الأفلام. أدارت عبيدة زيتون، مقدمة البرامج في الإذاعة في دمشق، الكاميرا لتصور نفسها، مع مجموعة قريبة جدًا من الأصدقاء المبدعين المؤيدين للسلام في بداية الانتفاضة عام 2011، ولم توقفها. وفي عام 2016 نرى الآن كيف تحول الوضع من مطالب شعبية بتغيير الحكومة إلى حرب أهلية مسلحة، وتطرف، وآثار على العالم لا يمكن محوها. ولم يختف التأثير الشخصي في الحرب، حيث يقدم الفيلم صورة توضح تأثير أحداث الحرب المدمرة فيها، وفي مجموعة الأصدقاء، حيث قادت الأحلام بعالم أفضل إلى فقدان أرواح البشر، والبيوت، والآمال. وينبغي مشاهدة هذا الفيلم، الذي قامت عبيدة بتصويره وإخراجه بنفسها؛ لفهم الثمن الذي دفعه البشر، والكارثة التي تتمثل في الحرب السورية التي نشهدها اليوم.
أما فيلم «بركة يلتقي بركة»، وهو فيلم كوميدي رومانسي سعودي، فهو مختلف تمامًا، حيث يصور روح العصر. يقدم الفيلم نسمات منعشة ويجمع مجموعة من صناع الأفلام الشباب المقيمين في جدة، الذين سيكون لهم بلا شك تأثير في مشهد الإنتاج الإبداعي المحلي، وربما الإقليمي. ويقدم الفيلم ملاحظات هزلية حول العام في مقابل الخاص، وحقوق الرجل في مقابل حقوق المرأة، والفروق بين الطبقات في المملكة العربية السعودية.
وجاءت الأفلام القصيرة في البرنامج متصلة من الناحية التاريخية والاجتماعية بالعالم اليوم. وتقدم لاريسا صنصور فيلم «في المستقبل أكلوا من أفخر أنواع البروسلين»، وهو أحدث أجزاء ثلاثية خيال علمي فلسطيني. ويتناول الفيلم قصة مجموعة متطرفة من علماء الآثار الذين صنعوا ماضيًا مزيفًا من أجل تأسيس مستقبل راسخ لدولة بلا اسم. ويتصور الفيلم محادثة في المستقبل تدور بين مسلحة، وطبيبها النفسي بشأن أهمية حماية رواية الناس للتاريخ.
وفي اليوم الأخير من المهرجان، تم الإعلان عن الجوائز لعام 2016، وفاز فيلم «تسعة أيام: من نافذتي في حلب» بجائزة أفضل فيلم قصير؛ وهو من إخراج المصور الفوتوغرافي عيسى توما. يعد الفيلم، الذي مدته 12 دقيقة، بمثابة مذكرات مصورة، حيث يوثق توما، من فتحة في الستائر، الأنشطة الغريبة التي تمارسها بعض الفصائل التي تقيم نقاط تفتيش في شارعها. من خلال تلك الفتحة في الستائر، نشاهد مستوى الصراع المسلح، والموت الذي يخنق سوريا.
ومن الأفلام الأخرى التي شاركت في مهرجان لندن السينمائي، فيلم «اشتباك» للمخرج محمد دياب. يقدم الفيلم مشهدًا مصغرًا للسياسة المصرية في صيف عام 2013، الذي شهد المرحلة الانتقالية من محمد مرسي إلى عبد الفتاح السيسي. وتدور أحداث الفيلم داخل عربة ترحيلات تجمع مؤيدين لأحزاب مختلفة، ومن خلفيات دينية مختلفة، معًا لمدة يوم خانق.
ومثل دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام الحالي فيلم «مختارون» لعلي مصطفى، الذي يمثل نقطة تحول كبرى مما نتوقعه عادة من الأفلام القادمة من تلك المنطقة. يتناول الفيلم قصة مجموعة من الناس تقيم في مدينة في أعقاب كارثة. تأتي قوى الشر لتهزّ عالم موارده النادرة، ويكون على هذه الأسرة أن تكون شديدة الحذر حتى تظل صامدة على قيد الحياة في مواجهة هذا الخطر الجديد.
تم تنظيم مهرجان لندن السينمائي بالاشتراك مع «أميريكان إكسبريس». وقدم المهرجان على مدى 12 يوما في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 245 فيلما من مختلف أنحاء العالم في 14 مكانا في لندن.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.