الانقلابيون خرقوا 4 هدن سابقة متحدين المجتمع الدولي

وزير يمني: نتمنى أن تكون الحالات السابقة دافعًا للحوثيين حتى يلتزموا

الانقلابيون خرقوا 4 هدن سابقة متحدين المجتمع الدولي
TT

الانقلابيون خرقوا 4 هدن سابقة متحدين المجتمع الدولي

الانقلابيون خرقوا 4 هدن سابقة متحدين المجتمع الدولي

كان من المقرر أن يتابع العالم ابتداء من منتصف ليل أمس مدى التزام الانقلابيين في اليمن، بخامس هدنة عرفتها البلاد، منذ دخول البلاد في حرب إثر انقلاب الميليشيات الحوثية وحلفائهم من أتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح على الشرعية عام 2014.
وكانت الحكومة اليمنية قد وافقت رسميًا على إعلان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد عن بدء وقف لإطلاق النار في اليمن، ابتداء من ليل الأربعاء - الخميس، لمدة 72 ساعة قابلة للتجديد. ولم يصدر على الفور تعليق رسمي من الانقلابيين بشأن موافقتهم على الالتزام بالهدنة الجديدة ووقف إطلاق النار في جميع الجبهات المشتعلة. إلا أن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أكد أنه تلقى تأكيدات من جميع الأطراف بأحكام وشروط وقف الأعمال القتالية المؤرخ في 10 أبريل (نيسان) 2016. ويرى مراقبون أن السلوك الانقلابي لم ولن ويتغير في مسألة خرق الهدن الإنسانية ومحاصرة المدن واستمرار القصف، ذلك لأن قرار وقف إطلاق النار ليس بيدهم وإنما ينتظرونه من طهران.
وفي تعليقه على مدى التزام الانقلابيين بهذه الهدنة الجديدة، قال الدكتور محمد السعدي وزير التجارة اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يتعين الاعتماد على الوعود اللفظية للانقلابيين وإنما يجب أن يكون هناك تطبيق عملي للهدنة. وأضاف: «حتى الآن لا يوجد ما يدعو للتفاؤل الكبير لكن نتمنى أن تكون الظروف المحيطة والأحداث القائمة والخسائر المتتالية، دافعًا للطرف الانقلابي حتى لا يخل بالهدنة وأن يكون وقف إطلاق النار مفتاحًا لمعالجات جديدة للأزمة في المستقبل». وتابع الوزير السعدي قائلاً: «التجارب الماضية يجب أن تكون مفيدة وألا يؤسس عليها المستقبل إلا للعبرة، ويفترض أن يكون هناك جدية في معالجة الأوضاع، ولا يمكن الاعتماد على الوعود اللفظية وحدها وإنما يجب أن يكون هناك تطبيق عملي، الفرص التي تتاح لإيقاف الاقتتال يجب الاستفادة منها».
وكان المبعوث الأممي قد دعا الليلة قبل الماضية كل الأطراف اليمنية والإقليمية والمجتمع الدولي إلى تشجيع الاحترام الكامل لوقف الأعمال القتالية حتى يفضي إلى نهاية دائمة للنزاع في اليمن. وقال: «أدعو إلى إعادة تفعيل فورية للجنة التهدئة والتنسيق وانتقال أعضائها إلى ظهران الجنوب بحسب ما تم الاتفاق عليه خلال مشاورات الكويت»، مذكرًا الأطراف بأن وقف الأعمال القتالية يشمل الالتزام بالسماح بحركة المساعدات الإنسانية والموظفين الإنسانيين، دون أي عوائق، إلى المناطق كافة.
بدوره، قال وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي، إن «الرئيس عبد ربه منصور هادي وافق على وقف لإطلاق النار لمدة 72 ساعة قابلة للتمديد، إذا التزم الطرف الآخر بوقف إطلاق النار، وتفعيل لجنة التهدئة وإنهاء الحصار عن مدينة تعز، وإيصال المواد الإغاثية والمساعدات الإنسانية دون قيود». وجدد المخلافي تأكيد حرص الحكومة على السلام، وأضاف: «السلام هو خيارنا الدائم، والحرب فرضت على الشرعية، جراء الانقلاب على الدولة ومؤسساتها». وأكد وزير الخارجية اليمني دعم جهود المبعوث الأممي إلى اليمن، وتعامل الحكومة اليمنية الإيجابي مع كل الدعوات الدولية من أجل السلام في اليمن، مبينًا أن ذلك وفقًا للمرجعيات الثلاث الممثلة بالقرار الأممي 2216 والقرارات ذات الصِلة، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وآخرها ما نتج عن الاجتماع الرباعي بشأن اليمن في لندن.
ويتوجس كثيرون من موقف الانقلابيين إزاء هذه الهدنة الجديدة بالنظر إلى مواقفهم من الهدن السابقة التي فشلت بسبب عدم التزام الميليشيات بها. فقد أعلنت الأمم المتحدة في 13 مايو (أيار) 2015 بموافقة أطراف النزاع وبترحيب من مجلس الأمن عن بدء هدنة إنسانية لمدة خمسة أيام لفتح المجال أمام تقديم المساعدات الإنسانية للسكان، لكن خلال أقل من ساعة على بدء سريانها، خرق الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح الاتفاق وحاولوا التقدم في تعز وقصفوا بعض المناطق في المدينة، كما سيطروا على مواقع جديدة داخل مدينة عدن آنذاك. وفي 10 يوليو (تموز) 2015 أعلنت الأمم المتحدة عن هدنة جديدة في اليمن لكنها لم تصمد أيضًا في ساعاتها الأولى، حيث قصف الحوثيون مدينة عدن وبدأوا معارك في مدينة تعز ومأرب وسط قصف عنيف متبادل بالمدفعية بين مقاتلي الحوثيين والمقاومة، في حين شن التحالف العربي سلسلة غارات على مواقع الحوثيين في مدن يمنية عدة. وكانت الهدنة الثالثة في 25 يوليو 2015، بعد أن أعلنت قيادة التحالف العربي عن هدنة إنسانية لمدة خمسة أيام لإرسال مساعدات إغاثية. لكن الانقلابيين خرقوها أيضًا واستمروا في حصار المدن وقصفها المتواصل.
وتزامنًا مع انطلاق مشاورات جنيف، أبلغت الحكومة اليمنية قيادة التحالف العربي إعلان مبادرة لوقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام من 15 ديسمبر (كانون الأول) 2015 وحتى 21 من الشهر نفسه، وفي نهاية المشاورات أعلنت الحكومة اليمنية تمديد وقف إطلاق النار قبل أن تعلن قيادة التحالف تمديد الهدنة التي انتهت في 2 يناير (كانون الثاني) 2016 بعد خرق الحوثيين لها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.