القصف الجوي التدميري يعطّل تقدّم فصائل المعارضة السورية في ريف حماه

النظام يستعيد بلدتي معردس وكوكب ويواجه مأزق دخول المدن

القصف الجوي التدميري يعطّل تقدّم فصائل المعارضة السورية في ريف حماه
TT

القصف الجوي التدميري يعطّل تقدّم فصائل المعارضة السورية في ريف حماه

القصف الجوي التدميري يعطّل تقدّم فصائل المعارضة السورية في ريف حماه

يبدو أن معركة محافظة ريف حماه الشمالي الشرقي، بشمال سوريا، تخضع لنفس التوازنات التي تتحكّم بمعركة حلب. إذ إن التفاؤل الذي رفعت سقفه المعارضة وراهنت فيه على تحرير مناطق استراتيجية تمهّد لوصولها إلى مدينة حماه ومطارها العسكري بسرعة قياسية، تراجع نسبيًا، خصوصًا بعد الهجوم المعاكس الذي شنّه النظام والميليشيات الموالية له في الأيام الأخيرة، تحت غطاء جوي روسي غير مسبوق، والذي تمكنوا خلاله من استعاد بعض القرى والبلدات التي حررتها المعارضة.
ولا تخفي الفصائل المسلّحة أن سلاح الجو الروسي والسوري بدّل الواقع الميداني، وإن مرحليًا، بعدما اعتمد النظام سياسة الأرض المحروقة، والقوة التدميرية، وفق ما أفاد الناطق الاعلامي باسم «جيش النصر» محمد رشيد، الذي أقرّ بالتقدم الذي أحرزه النظام وحلفاؤه خلال الأيام القليلة الماضية في ريف حماه. وعزا هذا التقدم إلى «القصف الجوي الهائل للطيران الروسي وطائرات النظام، وحجم الدمار الذي خلفه وعدد الشهداء الذين قضوا من المدنيين في هذا القصف».
ورغم اختلال ميزان القوّة لصالح نظام الأسد الذي يمهّد لكل هجوم، بقصف جوي تدميري، أكد رشيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الثوار خاضوا حرب شوارع لمدة يومين في مواجهة قوات النظام والميليشيات الداعمة لها في بلدة معردس»، كاشفًا أن «سربًا من الطيران الروسي الموجود في قاعدة حميميم مخصص لقصف ريف حماه فقط، وهذه الطائرات لا تغادر سماء المنطقة، بالإضافة إلى القصف المدفعي والصاروخي من ثكنة جبل زين العابدين المطل على المنطقة ومن مطار حماه العسكري». وأشار إلى أن الطيران الروسي «يستخدم القذائف الارتجاجية ذات القدرة التدميرية الهائلة».
وتشنّ قوات النظام منذ أسبوعين، هجومًا واسعًا مدعوما بالطيران الروسي، محاولة استعادة أكثر من مدينة وبلدة وقرية سيطرت عليها المعارضة من ضمن معركة «تحرير حماه» التي أطلقتها مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بالإضافة إلى عشرات الحواجز والنقاط العسكرية، والتي كانت تهدف إلى الوصول إلى مركز المحافظة ومطارها العسكري.
وقال محمد رشيد «منذ انطلاق الهجوم المعاكس الذي بدأ قبل أسبوعين، ورغم القدرات التدميرية الهائلة فإن النظام وحلفاءه لم يستعيدوا سوى قريتين هما معردس وكوكب، أما الإسكندرية فهي أصغر من قرية وعبارة عن تجمع لعدد من المنازل القريبة من معردس، بينما لا تزال المدن الكبرى بيد الثوار مثل صوران وحلفايا وطيبة الأمام، وهو يستميت لاستعادة أي منها». وأكد رشيد أن الطيران الحربي «يركز قصفه الآن على صوران». ثم أوضح الناطق الاعلامي باسم «جيش النصر» أنه «أمام ارتفاع وتيرة القصف الجوي تسعى الفصائل المقاتلة إلى تثبيت خطوطها الدفاعية، وشكّلت غرفة عمليات للصدّ، وبعد ذلك تنتقل من خطة الدفاع إلى الهجوم».
أما في التطورات الميدانية، فتحدثت المعلومات عن سيطرة قوات النظام أمس على بلدتي معردس والإسكندرية المتجاورتين في ريف حماه الشمالي، بعد اشتباكات مع فصائل المعارضة، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. ونقل «مكتب أخبار سوريا» المعارض، عن أبو الهمام الحموي القيادي العسكري بالجيش الحر في المنطقة، أن السيطرة على القريتين «تمت بعد مواجهات استمرت أكثر من سبع ساعات، أسفرت عن مقتل أكثر من عشرة عناصر للنظام وجرح آخرين، في حين لقي أربعة مقاتلين معارضين حتفهم وأصيب سبعة آخرون، كما دمرت الفصائل عربة ناقلة جند مدرعة للنظام، عبر استهدافها بصاروخ تاو أدى إلى مقتل طاقمها أيضًا».
وقال القيادي في الجيش الحرّ، إن المواجهات «تزامنت مع شنّ الطيران الحربي الروسي وطيران النظام أكثر من 170 غارة بالصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية على القريتين ومحيطهما، أدت إلى دمار عشرات المنازل»، وأردف أن «القوات النظامية باتت قريبة جدًا من مدينة طيبة الإمام»، وأن النظام «يستخدم سياسة الأرض المحروقة، في عملية سيطرته على المناطق بريف حماه، حيث شن الطيران الروسي والنظامي خلال اليومين الماضيين أكثر من 400 غارة، فضلا عن إلقاء الطيران المروحي مئات البراميل المتفجرة وسقوط أكثر من ألف قذيفة على المناطق التي تقدمت بها المعارضة مؤخرًا».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».