المعارضة تؤكد رفضها مغادرة حلب.. والائتلاف يحذر من {التهجير القسري}

السكان يتخوفون من ليل دام والأمم المتحدة تطالب بضمانات لإدخال المساعدات

سوريون يقفون على اطلال المباني المدمرة بعد غارات جوية للجيش الروسي على بلدة بستان القصر التي تسيطر عليها المعارضة في حلب أمس (غيتي)
سوريون يقفون على اطلال المباني المدمرة بعد غارات جوية للجيش الروسي على بلدة بستان القصر التي تسيطر عليها المعارضة في حلب أمس (غيتي)
TT

المعارضة تؤكد رفضها مغادرة حلب.. والائتلاف يحذر من {التهجير القسري}

سوريون يقفون على اطلال المباني المدمرة بعد غارات جوية للجيش الروسي على بلدة بستان القصر التي تسيطر عليها المعارضة في حلب أمس (غيتي)
سوريون يقفون على اطلال المباني المدمرة بعد غارات جوية للجيش الروسي على بلدة بستان القصر التي تسيطر عليها المعارضة في حلب أمس (غيتي)

رفضت المعارضة السورية مغادرة مسلحيها مدينة حلب ردًا على إعلان موسكو والنظام السوري يوم أمس الثلاثاء تجميد الغارات الجوية على مدينة حلب مؤقتًا فيما وصفته روسيا بـ«بادرة حسن نية» استعدادا للهدنة التي أعلنت أنّها ستمتد لـ8 ساعات يوم الخميس حتى يتسنى للمقاتلين المغادرة والتفرقة بينهم وبين «المتشددين»، على حد قولها.
فصائل المعارضة لم تتأخر بإعلان رفضها الانسحاب من المدينة وتأكيدها الاستمرار بالقتال، بينما عبّر أعضاء في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة المعارضة السورية» عن تخوفهم من أن يطرق مخطط «التهجير القسري» قريبا البوابة الحلبية. إذ قال زكريا ملاحفجي المسؤول السياسي لجماعة «فاستقم كما أمرت» إن «الفصائل ترفض الخروج بالمطلق والاستسلام»، بينما أكّد الفاروق أبو بكر، القيادي في «حركة أحرار الشام الإسلامية» أن مقاتلي المعارضة سيواصلون القتال، مشيرا إلى أنّهم عندما حملوا السلاح «بداية الثورة لندافع عن شعبنا الأعزل عاهدنا الله ألا نتركه حتى نسقط هذا النظام المجرم». وأضاف: «لا يوجد أي إرهابي في حلب».
من جانبه، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «أكثر من 14 ساعة عاشتها أحياء مدينة حلب يوم أمس من توقف القصف الجوي على قسمها الشرقي»، بعد ليل دام عاشته المدينة وكانت حصيلة القصف طوال 24 ساعة 55 قتيلا. وتحدث مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» عن «اشتباكات شهدتها محاور العويجة والإنذارات وجبهة 1070 بالتزامن مع قصف استهدف منطقة الراشدين». كذلك قال الدكتور حمزة الخطيب، مدير مشفى «القدس» الواقع في أحياء حلب الشرقية لـ«الشرق الأوسط» أن السكان هناك يتخوفون من عودة القصف بشدة خلال الليل بعد الهدوء الذي ساد طوال ساعات النهار، مستبعدا أن تكون هذه الهدنة مختلفة عن سابقاتها. وإذ جزم بعدم استعداد أي من المدنيين المحاصرين للخروج من منازلهم يوم الخميس خلال هدنة الـ8 ساعات المرتقبة، تحدث عن «استقرار الوضع بما يتعلق بغلاء الأسعار وفقدان كثير من المواد الأولية».
وعلى الصعيد السياسي، صرح محمد مكتبي، عضو «الائتلاف» المعارض لـ«الشرق الأوسط» بأن الهدنة التي تروّج لها موسكو حاليا: «حلقة من مسلسل المراوغة وخلط الأوراق»، متسائلا: «ماذا يُمكننا أن ننجز خلال 8 ساعات من وقف إطلاق النار إذا كانت قوافل المساعدات تحتاج أقله 12 ساعة للعبور، هذا إذا افترضنا أنّها محملة وجاهزة». ورأى مكتبي في تصريحه أن «الأرضية الحالية غير مواتية لعودة المفاوضات في ظل تمسك روسيا وإيران والأسد بخيارهم الاستراتيجي بالحل العسكري»، معبّرا عن مخاوف حقيقية من أن يطرق «التهجير القسري» بوابة حلب في ظل العجز الدولي غير المسبوق في التعاطي مع الأزمة السورية.
أما مدير مركز جسور للدراسات محمد سرميني، فاعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم استجابة الثوار لدعوات الانسحاب والصمود بانتظار تنفيذ خطط فك الحصار، أمر متوقع ومنتظر». واعتبر أنّه «من اللافت اتجاه درع الفرات نحو طريق مدرسة المشاة والوصول لمفرق أم القرى ما يعني أقل من 10 كلم للمواجهة مع النظام». وحثّ سرميني على «الاستفادة من الهدنة، وإن كانت غير كافية على الإطلاق، لإدخال المساعدات وإخراج بعض الجرحى قبل عودة القصف كما السابق وبأقصى ما يملكه الروس من سلاح». الجدير بالذكر أنه يعيش 250 ألف شخص في أحياء شرق حلب في ظروف إنسانية صعبة تحت وطأة الغارات والحصار وتعذر إدخال المساعدات الإنسانية منذ ثلاثة أشهر.
هذا، وكان الكرملين قد أعلن يوم الثلاثاء أن الوقف الفوري للغارات الروسية والسورية في حلب يعتبر «بادرة حسن نية» من الجيش الروسي. وردا على سؤال من الصحافيين حول قرار موسكو المفاجئ وقف الضربات اعتبارا من صباح الثلاثاء في حلب، قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنه «غير مرتبط بأي شكل» بالانتقادات الصادرة من فرنسا وألمانيا لكنه يشكل فقط «بادرة حسن نية من العسكريين الروس». وفي الإطار نفسه قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي إنها «بادرة حسين نية على أمل أن نستفيد من الهدنة (ثماني ساعات) للفصل بين جبهة النصرة (أو جبهة فتح الشام) والمعارضة المدعومة من الولايات المتحدة وعدة دول في المنطقة». وكان الجيش الروسي أعلن الاثنين تعليق القصف الروسي والسوري لثماني ساعات يوم الخميس في حلب في إطار هدنة إنسانية قبل أن يعلن الثلاثاء بشكل مفاجئ وقفا بشكل فوري للضربات الجوية تمهيدا لتلك الهدنة.
من جهة أخرى، قالت الأمم المتحدة إن خطة روسيا لوقف إطلاق النار لن تعني تقديم أي إمدادات لمنطقة شرق حلب المحاصرة لأن روسيا و(قوات نظام) سوريا وجماعات أخرى تقاتل في المدينة لم تقدم بعد ضمانات لسلامة عمال الإغاثة. وذكر ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المنظمة الدولية تحتاج «لضمانات من كل أطراف الصراع وليس مجرد إعلان أحادي الجانب بأن ذلك سيتم»، وأضاف: «إننا نطلب من الجميع منحنا تلك التطمينات قبل أن نبدأ في اتخاذ أي إجراء له معنى». بينما أوردت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه لم يتضح بعد الوقت اللازم للحصول على ضمانات أمنية من كل الأطراف بما في ذلك مقاتلو المعارضة.
في هذه الأثناء، بدا لافتا ما نُقل عن حذر وسيط الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، عن أنه «إذا لم يتيسر العثور على حل للأزمة السورية، بين الوقت الحالي وديسمبر (كانون الأول) المقبل، لن تعود مدينة حلب موجودة بعد ذلك». وقال دي ميستورا عقب اجتماع مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ: «أصر على حقيقة أن مسألة حلب مسألة حيوية وحاسمة.. أي نوع من النقاش الذي يتجاهل حلب، سيسجله التاريخ ضد الأطراف المنخرطة في الحرب السورية».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.