ليبيا: طبول الحرب تدق في العاصمة.. وبرلمان طرابلس يستعد للسيطرة على مقر السراج

حكومة الوفاق تتحرك لاستعادة مقر المجلس الأعلى للدولة واعتقال من اقتحموه

مقاتلون موالون للحكومة خلال مواجهات مع أتباع داعش في سرت (رويترز)
مقاتلون موالون للحكومة خلال مواجهات مع أتباع داعش في سرت (رويترز)
TT

ليبيا: طبول الحرب تدق في العاصمة.. وبرلمان طرابلس يستعد للسيطرة على مقر السراج

مقاتلون موالون للحكومة خلال مواجهات مع أتباع داعش في سرت (رويترز)
مقاتلون موالون للحكومة خلال مواجهات مع أتباع داعش في سرت (رويترز)

أبلغ مسؤول في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في ليبيا، «الشرق الأوسط» أن الميلشيات التابعة للبرلمان تستعد للسيطرة على مقر حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، في وقت كشف فيه رئيسها فائز السراج النقاب عن أنه أصدر تعليمات باعتقال المتورطين في عملية اقتحام مقر المجلس الأعلى للدولة، الذي سيطرت عليه مؤخرا ميلشيات تابعة لحكومة الإنقاذ الوطني الموالية لبرلمان طرابلس.
وقال مسؤول في برلمان طرابلس رفض تعريفه: «ربما سنطرد خلال اليومين المقبلين السراج وحكومته و(الإخوان)، وإذا أرادوا حربا واستخدموا القوة، فلن نسمح لهم بالبقاء في العاصمة».
لكن المسؤول نفسه رفض الإفصاح عن طبيعة الخطوات التي يعتزم برلمان طرابلس وحكومة خليفة الغويل الموالية له، اتخاذها. لكنه لمح إلى أن مقر المجلس الرئاسي لحكومة السراج في القاعدة البحرية الرئيسية بطرابلس قد يكون هدفا رئيسيا.
وقال مصدر موثوق به في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان السابق وحكومة الغويل بسطا سيطرتهما على كامل العاصمة، مشيرا إلى أن الأمن الرئاسي تحت قيادتهما، وأضاف موضحا أنه «لم يبق لحكومة السراج إلا القاعدة البحرية التي استقبلتهم أول مرة في شهر مارس (آذار) الماضي بدعم فرنسي وإيطالي»، لافتا إلى أن «المقرات الرئاسية ليست خاضعة لهم.. وإنما أغلبها بات خاضعا لسيطرة المؤتمر الوطني وحكومة الغويل.. وما بقي من هذه المقرات ما زال تحت سيطرة الكتائب والميلشيات المسلحة التي تحرسها، التي ما زالت تراقب الأوضاع الأمنية والعسكرية».
وكشف المصدر النقاب عن أن حكومة الغويل بدأت بالفعل في مفاوضات مع هذه الكتائب لتسليم المقرات، معتبرا أن المسألة «مسألة وقت لا غير»، على حد تعبيره.
وتشهد شوارع طرابلس مناوشات بين الميلشيات المتناحرة المؤيدة للحكومتين المتنازعتين على السلطة في المدينة، حيث قال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات في الهواء اندلعت بين كتائب طرابلس التابعة لوزارة الداخلية ورئاسة الأركان، وبين قوات الأمن الرئاسي المنقلبة على المجلس الأعلى للدولة.
وأشار المصدر إلى ما وصفه باحتمال التصعيد والدخول في اشتباكات مباشرة، مشيرا إلى تعرض مخيم لاجئي تاورغاء، الكائن بمنطقه الفلاح بطرابلس، إلى إطلاق نار مباشر أسفر عن وفاة امرأة وجرح 6 آخرين بينهم أطفال.
وقال السراج لدى حضوره حفل تخرج دفعة جديدة من كلية الشرطة بمقر وزارة الداخلية وسط العاصمة طرابلس، إنه أعطى تعليمات لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعة لها بتنفيذ مذكرة النائب العام بشأن ضبط وإحضار الذين قاموا باقتحام مقرات للدولة، والتخطيط لذلك في اليومين الماضيين.
وأوضح، وفقا لبيان أصدره مكتبه الإعلامي، أنه أعطى الأوامر أيضا بإخلاء هذه المقار، وتأمينها بالتنسيق مع وزارة الداخلية وجهاز الحرس الرئاسي التابع لحكومته، مؤكدا أنه لن يتهاون أبدًا مع من يحاول زعزعة الأمن وإثارة الفوضى في البلاد، وطلب من جميع الليبيين الوقوف صفًا واحدًا في هذه الظروف.
وفي محاولة لتأكيد وجوده، وزع المكتب الإعلامي للسراج صورا فوتوغرافية لمشاركته في حفل تخرج دفعة جديدة من كلية الشرطة. كما قام السراج بجولة تفقدية لمستشفى بوسليم ومستشفى الخضراء على بعد نحو مائتي متر فقط من المقر الذي سيطرت عليه حكومة الغويل المناوئة له. وقبل ساعات من تصريحات السراج وظهوره، أعلن رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الصديق الصور، أنه أمر البحث الجنائي في طرابلس بإخلاء قصور الضيافة، وضبط وإحضار جميع المتهمين.
وطبقا لما أعلنته مصادر أمنية، فإن قائمة المطلوب اعتقالهم تشمل خليفة الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ، وسليمان عبد الصادق نائب رئيس برلمان طرابلس الموالية له.
وكان حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، قد أعرب عن إدانته اقتحام مقر مجلس الدولة، وندد بما سماها «الأفعال الخارجة عن القانون، والتي تؤدي إلى زعزعة أمن واستقرار العاصمة». وطالب الحزب في بيان له السراج بضرورة تفعيل الحرس الرئاسي وبنود الترتيبات الأمنية الواردة في الاتفاق السياسي، الموقع في منتجع الصخيرات نهاية العام الماضي برعاية غربية وأممية، ومتابعته وزارة الداخلية لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضبط أمن واستقرار العاصمة. ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح من الدول التي تدعم الأطراف المعرقلة لتنفيذ الاتفاق، والتي تعلن صراحة موقفها الرافض له.
كما أعلن محمد صوان، رئيس الحزب، في بيان منفصل، أن اقتحام المجلس الأعلى للدولة عمل خارج عن القانون، معتبرا أن التحركات والبيانات المتبادلة بين الغويل وعبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة الموالية لمجلس النواب بشرق البلاد، تدل على وجود تنسيق مسبق بين من كانوا طرفي نقيض ورأسي الانقسام السياسي، على حد قوله.
من جهته، شدد مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة، على أن وحدة البلاد أساسية لضمان الأمان في ليبيا، وقال في تغريدة له عبر موقع «توتير»: «يحزنني جدا وقوع ضحايا مدنيين بينهم أطفال في طرابلس وبنينا في بنغازي.. تعاطفي مع أهالي الضحايا».
في المقابل، عقد مجلس النواب جلسة رسمية أمس بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، لكن جدول أعمالها خلا من أي إشارة تتعلق بحكومة السراج أو النزاع الدائر مع حكومة الغويل في طرابلس.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».