روسيا تعلن هدنة 8 ساعات في حلب.. والأمم المتحدة تعتبرها غير كافية

كيلو لـ«الشرق الأوسط»: موسكو تحاول إيجاد «تنفيس» للاستعصاء السياسي

روسيا تعلن هدنة 8 ساعات في حلب.. والأمم المتحدة تعتبرها غير كافية
TT

روسيا تعلن هدنة 8 ساعات في حلب.. والأمم المتحدة تعتبرها غير كافية

روسيا تعلن هدنة 8 ساعات في حلب.. والأمم المتحدة تعتبرها غير كافية

أعلن الجيش الروسي، أمس، أنه سيوقف القصف لمدة 8 ساعات الخميس في مدينة حلب التي دمرتها الغارات الجوية والمعارك الشرسة، وذلك ضمن إطار «هدنة إنسانية»، في وقت دان الاتحاد الأوروبي بشدة روسيا لتسببها في «معاناة لا توصف» من خلال حملة القصف على مدينة حلب السورية.
وقال الجنرال سيرغي رودسكوي، من هيئة الأركان العامة في مؤتمر صحافي: «ستكون هناك هدنة إنسانية في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في مدينة حلب من الساعة 8:00 حتى 16:00» بالتوقيت المحلي. وأضاف أن «القوات الروسية والسورية ستوقف خلال هذه الفترة الغارات الجوية والهجمات الأخرى».
ويأتي هذا الإعلان بموازاة إدانات دولية للحرب المحتدمة، التي بلغت التصعيد حد مقتل عشرات المدنيين في قصف استهدف حي القاطرجي في حلب الأحد الماضي. وقال عضو الائتلاف الوطني السوري ميشال كيلو لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الإعلان «لا يمكن فصله عن الإدانة العالمية لممارسات موسكو في حلب، وهي إدانة ذات بعد قانوني، بالنظر إلى الحديث عن مجازر ترتكب ضد الإنسانية».
ورأى كيلو أن روسيا تعيش في عزلة دولية، في ظل «الاستعصاء على المستوى السياسي»، وعليه «يحاولون إيجاد تنفيسات لهذا الاستعصاء من خلال الإيحاء بأنهم مستعدون لتوقيف القصف لساعات محددة، أو أنهم يفكرون بإيقاف القصف، أو يتباحثون مع النظام لحثه على تخفيف القصف»، معتبرًا أن ذلك «يندرج ضمن محاولات موسكو للقول إنهم غير مصممين على الحل العسكري، رغم أنهم يواصلون التصعيد العسكري».
وقال كيلو: «الغرض الروسي من الإعلان عن هذه الخطوة، هو تمرير الخطة الآيلة لمحاولة كسر المقاومة السورية والثورة وتمرير حل عسكري يمضون به». كما أشار إلى تقدير ثالث مرتبط بالمعارك الجارية، قائلاً: «ما يجري في حلب، يعطي انطباعًا دوليًا بأن ما يفعلونه هو الأكثر وحشية، بالتزامن مع معارك الموصل، وأنهم وصلوا للذروة في وحشية غير مسبوقة بالحروب والثورات».
ولفت كيلو إلى أن تلك الهدنة المعلن عنها: «تتزامن مع ارتفاع أصوات في داخل روسيا من صحافيين ومحللين وضباط عسكريين سابقين، إضافة إلى 27 في المائة من السكان بحسب بيانات استطلاع للرأي، يعارضون الأداء العسكري الروسي في سوريا»، معتبرًا أن الإعلان الروسي إزاء ذلك «هو رسالة للداخل بأنهم يقاتلون حسب خطة تتضمن فواصل وهدن واستراحات». وأضاف: «رغم تلك الاعتبارات، فإن الروس يواصلون خطة الحل العسكري، وقصفوا أخيرًا بقنابل ارتجاجية ضخمة تستخدم لأول مرة»، مشيرًا إلى أن الروس «يحسنون يوميًا آلة القتل ويكثفونها ويستخدمون ذخائر غير مسبوق استخدامها ضد المدنيين وفي الأحياء المأهولة بالمدنيين».
وقبل إعلان روسيا عن وقف لإطلاق النار في حلب الخميس المقبل، قال وزراء خارجية الاتحاد في بيان عقب محادثات في لوكسمبورغ: «منذ أن بدأ النظام وحلفاؤه، خصوصا روسيا، الهجوم أصبح من الواضح أن حجم وكثافة القصف الجوي على شرق حلب مفرطة في قوتها»، مؤكدين أنهم سيمضون قدما في توسيع العقوبات ضد النظام السوري، إلا أنهم لم يهددوا بفرض إجراءات ضد روسيا على خلفية النزاع السوري.
وتعد الإشارة إلى جرائم الحرب مهمة، لأنه في حال متابعتها فقد يتم رفع القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
الى ذلك رحبت الأمم المتحدة بالإعلان الروسي لوقف إطلاق النار في حلب لمدة 8 ساعات، وقال الناطق الرسمي باسم امين عام الامم المتحدة، ستيفان دوجارك أن اعلان روسيا وقفا لاطلاق النار لمدة ثماني ساعات في حلب السورية مرحب به إلا انه غير كافٍ.
وقال دوجاريك في المؤتمر الصحفي اليومي ان الهدنة ضرورية يحتاجها المدنيون السوريون الا انها ليست كافية لادخال المساعدات الانسانية. وأضاف دوجاريك اننا «نرحب باي توقف في القتال، ولكن نحتاج الى توقف اطول من اجل ادخال المساعدات» الى المدينة التي تتعرض لقصف شديد. مضيفا ان الامم المتحدة كانت طلبت وقف القتال لمدة 48 ساعة على الاقل.
ميدانيًا، احتدمت المعارك على المحور الجنوبي الغربي لمدينة حلب، فيما لم تستطع قوات النظام تحقيق تقدم ميداني في جبهات مدينة حلب. وتصاعدت وتيرة القصف الجوي على الأحياء المحاصرة، حيث قتل العشرات من المدنيين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية جراء غارات كثيفة استهدفت الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب السورية.
وأفاد «المرصد» بمقتل «13 مدنيا على الأقل بينهم تسعة أطفال قتلوا، أمس، جراء غارات لم تعرف إذا كانت سورية أم روسية على حي المرجة». وتأتي هذه الحصيلة غداة مقتل 33 شخصا أول من أمس (الأحد)، 18 منهم على الأقل جراء غارات روسية استهدفت مبنيين سكنيين في حي القاطرجي. وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن متطوعي الدفاع المدني كانوا يعملون صباحا في القاطرجي على البحث عن نحو عشرين مفقودا تحت الأنقاض. ونقل عن عنصر في الدفاع المدني قوله إن تحليق الطائرات في الأجواء ليلا حال دون استمرار أعمال الإنقاذ خشية تجدد القصف.
وتتعرض الأحياء الشرقية في حلب منذ 22 سبتمبر (أيلول) الماضي لهجوم يشنه جيش النظام في محاولة للسيطرة عليها.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».