مصادر أوروبية: الغرب أظهر عجزه عن مواجهة «الآلة العسكرية» الروسية في حلب

الاتحاد الأوروبي يعتبر أن قصف المدينة قد يرقى إلى «جرائم حرب»

عناصر من قوات الدفاع المدني في حلب يبحثون عن ضحايا بين ركام الأبنية التي انهارت بفعل قصف طيران روسيا والأسد ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الدفاع المدني في حلب يبحثون عن ضحايا بين ركام الأبنية التي انهارت بفعل قصف طيران روسيا والأسد ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مصادر أوروبية: الغرب أظهر عجزه عن مواجهة «الآلة العسكرية» الروسية في حلب

عناصر من قوات الدفاع المدني في حلب يبحثون عن ضحايا بين ركام الأبنية التي انهارت بفعل قصف طيران روسيا والأسد ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الدفاع المدني في حلب يبحثون عن ضحايا بين ركام الأبنية التي انهارت بفعل قصف طيران روسيا والأسد ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)

سيكون الملف السوري يوم الخميس القادم، على رأس جدول أعمال القادة الأوروبيين في قمتهم الدورية في بروكسل. لكن مصادر دبلوماسية أوروبية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» استبعدت أن تقوم أوروبا بـ«خطوات أحادية» إزاء موسكو التي يحملها الأوروبيون جانبا كبيرا من المسؤولية فيما يحصل في حلب وعمليات القصف الجوي غير المسبوقة التي تعرفها أحياؤها الشرقية منذ 22 الشهر الماضي.
ويأتي كلام هذه المصادر، في الوقت الذي دان فيه الاتحاد الأوروبي، بشدة، أمس، روسيا لتسببها في «معاناة لا توصف» من خلال حملة القصف على مدينة حلب السورية، مشيرا إلى أن الغارات الجوية التي تشنها موسكو ودمشق قد ترقى إلى مستوى «جرائم الحرب».
وقال وزراء خارجية الاتحاد في بيان عقب محادثات في لوكسمبورغ: «منذ أن بدأ النظام وحلفاؤه، خصوصا روسيا، الهجوم أصبح من الواضح أن حجم وكثافة القصف الجوي على شرق حلب مفرطة في قوتها». وأضاف البيان أن «الاستهداف المتعمد للمستشفيات والطواقم الطبية والمدارس والبنى التحتية الأساسية إضافة إلى استخدام البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والأسلحة الكيميائية يشكل تصعيدا كارثيا للنزاع (..) وقد يرقى إلى جرائم حرب».
وأشارت المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إلى أن الأوروبيين وإن كانوا «متفقين إجمالا» على تشخيص الوضع، إلا أن بينهم خلافات عميقة مرتبطة بمصالحهم الاقتصادية مع روسيا ورغبتهم بالامتناع عن كل ما يفضي إلى توتير العلاقات «المتوترة سلفا» معها. وتضيف هذه المصادر أن أي إجراءات تعمد دول الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذها بحق روسيا، أكان ذلك بصورة فرض عقوبات اقتصادية أم مبادرات سياسية ـ دبلوماسية، لا بد أن تكون الولايات المتحدة «شريكا» فيها. وتضيف هذه المصادر أن هناك «انقسامات عميقة» داخل الاتحاد لجهة فرض مثل هذه العقوبات على موسكو، لا بل إن بعض المسؤولين الأوروبيين يعتقدون أنها ستعطي «نتائج عكسية» وستبين «الانقسامات» داخل الاتحاد. وبالمقابل، لا يواجه مشروع فرض عقوبات إضافية أو جديدة على شركات وشخصيات سوريا، ما يعني أنها ربما ستكون الإجراءات الملموسة «الوحيدة»، إلى جانب «التنديد» بما يقوم به النظام وداعموه في حلب.
وتعتقد فدريكا موغيريني أن الاتحاد الأوروبي يملك «أدوات كثيرة أخرى» للضغط على روسيا والنظام السوري غير العقوبات. لكن المسؤولة الأوروبية لم توضح نوعية التدابير التي تشير إليها. والمرجح، أنها تلمح للضغوط السياسية والدبلوماسية التي تعتبر المصادر الأوروبية المشار إليها، أنها «لم تثبت حتى الآن فاعليتها»، مذكرة بأن فشل مهمة الوزير كيري في إعادة إحياء الهدنة الأخيرة التي توصل إليها مع لافروف في التاسع من الشهر الماضي سببه أنه لم يكن يحمل في جعبته إلا الضغوط السياسية والدبلوماسية و«الأخلاقية»، بعد أن استبعدت واشنطن أي خيارات أخرى بما فيها تزويد المعارضة بالأسلحة النوعية التي من شأنها «تحييد» سلاحي الجو السوري والروسي.
وتقول المصادر الأوروبية إن اجتماعي لوزان ولندن «لم يأتيا بجديد» يمكن التعويل عليه. وتذهب هذه المصادر إلى اعتبار أن ما حصل في الأيام التي تلت انهيار الهدنة الأخيرة والجدار المسدود الذي وصل إليه الغربيون في مجلس الأمن الدولي، عناصر تعكس كلها العجز الغربي عن «مواجهة المحدلة العسكرية الروسية» التي كانت وصفتها سابقا بأنها تطبق «الطريقة الشيشانية» في سوريا. وتذهب هذه المصادر إلى اعتبار أن الغربيين ينتقلون من تراجع إلى تراجع آخر.
وقبل دخولها قاعة الاجتماع الوزاري في لوكسمبورغ، سارعت موغيريني إلى قطع الطريق على أي محاولة للبحث في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا. وفي تصريحها المشار إليها، اتهمت ضمنا عددا من الدول الأعضاء باتباع سياسة «مزدوجة» وجهها الأول تصريحات إعلامية ووجهها الثاني مواقف رسمية أثناء الاجتماعات. وقالت موغيريني إنها «لم تسمع أيا من الأعضاء» داخل الاجتماعات يطالب بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا.
أما وزير خارجية ألمانيا وولتر فرانك شتاينماير، فقد اعتبر، في معرض تبرير الامتناع عن اللجوء إلى العقوبات على المستوى الأوروبي، إنها «لن تساهم في تحسين وضع المدنيين في حلب»، مضيفا أن المحادثات «لا تزال أفضل وسيلة» للعودة إلى الهدنة ووقف عمليات القصف. لكن الناطق باسم الحكومة الألمانية كان قد أشار في السابع من الشهر الحالي إلى أن برلين «تتفهم» الحاجة لبحث كافة الخيارات ومنها العقوبات. أما التقهقر الأبرز فقد حققه وزير خارجية بريطانيا الذي انتقل من إبراز العضلات قبل الأسبوع الماضي في حديثه عن الحاجة لمزيد من المساهمة العسكرية البريطانية في سوريا، إلى «دبلوماسية الاستعطاف» في دعوته أول من أمس إيران وروسيا إلى «إظهار الرأفة» في حلب. أما الوزير كيري الذي ما زال يكرر أن الرئيس أوباما يدرس «كافة الخيارات» فإنه اعترف أنه مستمر في محاولاته الدبلوماسية «لأن هذه هي الأدوات المتاحة».
بعد انتهاء اجتماع لوكسمبورغ، أعلن الوزير جان مارك أيرولت أن الوزراء الأوروبيين «لم يتخيلوا اللجوء إلى القوة العسكرية «لوقف الهجوم على حلب»، ولكن ما نريد استخدامه هو القوة السياسية والأخلاقية ونحن نقول للروس: عليكم أن توقفوا هذه المجزرة ونحن إلى جانبكم بلا تردد إذا أردتم الاستمرار في الحرب على داعش والنصرة. ولكننا نضع شرطا مسبقا وهو وقف عمليات القصف وإيصال المساعدات الإنسانية».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».