سقوط رايات «داعش» في العراق تفتح طريق انشقاقات «عُمالها» بأفريقيا

أخطر جماعة إرهابية في القارة السمراء تقتتل على الزعامة

مسؤولة في المجمع الرئاسي النيجيري تستقبل بعض الفتيات اللائي تم إطلاق سراحهن بعد أن اختطفتهن جماعة {بوكو حرام} قبل أكثر من سنتين في إحدى مدارس تشيبوك النيجيرية (أ.ب)
مسؤولة في المجمع الرئاسي النيجيري تستقبل بعض الفتيات اللائي تم إطلاق سراحهن بعد أن اختطفتهن جماعة {بوكو حرام} قبل أكثر من سنتين في إحدى مدارس تشيبوك النيجيرية (أ.ب)
TT

سقوط رايات «داعش» في العراق تفتح طريق انشقاقات «عُمالها» بأفريقيا

مسؤولة في المجمع الرئاسي النيجيري تستقبل بعض الفتيات اللائي تم إطلاق سراحهن بعد أن اختطفتهن جماعة {بوكو حرام} قبل أكثر من سنتين في إحدى مدارس تشيبوك النيجيرية (أ.ب)
مسؤولة في المجمع الرئاسي النيجيري تستقبل بعض الفتيات اللائي تم إطلاق سراحهن بعد أن اختطفتهن جماعة {بوكو حرام} قبل أكثر من سنتين في إحدى مدارس تشيبوك النيجيرية (أ.ب)

أعلنت رئاسة الجمهورية في نيجيريا قبل أيام نجاحها في إطلاق سراح 21 فتاة اختطفتهن جماعة «بوكو حرام» المتشددة عام 2014 في بلدة تشيبوك بشمال شرقي البلاد. وكانت هذه الجماعة المتطرفة قد بايعت زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي في مارس (آذار) عام 2014، وأطلقت على عناصرها مسمى «داعش نيجيريا». وللعلم، نفذت «بوكو حرام» خلال العام الماضي ما يقرب من 500 هجوم، وكان أول هجوم لها خارج نيجيريا على المناطق الحدودية لتشاد والكاميرون وقتل فيه 520 شخصًا ضمن 46 هجومًا، ثم تضاعفت العمليات ضد البلدان المجاورة حيث قتل 53 على الأقل في سلسلة من الهجمات حتى منتصف عام 2015.
يرى خبراء ومحللون أن سقوط رايات الخلافة - المزعومة - لتنظيم داعش الإرهابي في العراق، فتحت طريقا لانشقاقات «عُمالها» في جماعة «بوكو حرام» أخطر جماعة إرهابية في أفريقيا، ولقد سبق للجماعة أن أعلنت ولاءها لزعيم «داعش» أبو بكر البغدادي.
في هذا الصدد تفيد دراسة مصرية، أعدها مرصد الأزهر في القاهرة، أن «داعش» يفقد السيطرة على «بوكو حرام» التي تعد جناح التنظيم في غرب أفريقيا، بسبب الاقتتال الدائر على زعامة الجماعة من قادتها من ناحية، والاقتتال الدائر بين عناصرها وهروب كثير منهم عقب اكتشاف زيف مبادئ وأفكار وتوجهات الجماعة خاصة خلال الأشهر الأخيرة من ناحية أخرى.
ومعلوم أن نشاط «بوكو حرام» كان قد تزايد خصوصا بعد مبايعتها «داعش»، إذ اقتبست الجماعة من «داعش» وحشيته، ثم أضافت إليه، ففاقته من حيث عدد ضحاياه؛ إذ بينما كان «داعش» ينحر ويحرق المئات في العراق وسوريا، لم تتورع «بوكو حرام» عن إحراق قرى مسيحية بأكملها في نيجيريا. بل حتى المساجد لم تعد بمنأى عن هجماتها البربرية، بالإضافة إلى قتلها كثير من المواطنين الأبرياء، مما جعلها تحوز لقب «الجماعة الأكثر دموية في العالم» عن جدارة.
* بداية الانقسام
حسب الدراسة المصرية، فإن الانقسام يضرب «بوكو حرام» منذ قرار تنظيم داعش تغيير زعيم الجماعة أبو بكر شيكاو، وتنصيب أبو مصعب البرناوي خلفا له في أغسطس (آب) الماضي. وهو الأمر الذي كان بداية لسلسلة من الاضطرابات التي هزّت أركان الجماعة بقوة، فوجد الانقسام طريقه إلى داخل صفوفها، وتحديدًا، بين مؤيدين لشيكاو ومؤيدين للبرناوي. ولم تتوقف موجة الانقسامات التي ضربت الجماعة عند حد الحرب الكلامية، بل وجه كل من الجانبين اتهامات للآخر بالتخلي عن مبادئ الجماعة، والافتقار إلى أهلية القيادة.
ويشار إلى أنه في كتاب «إدارة التوحّش»، الذي يعد دستور جميع الحركات المتطرفة التي تمارس الإرهاب باسم الدين، يصبح التركيز على فترة التحوّل من مقاتلة «العدو القريب» المتمثل في الأنظمة السياسية والنخب العربية والإسلامية، إلى مقاتلة «العدو البعيد» المتمثل في الغرب بصفة عامة والولايات المتحدة الأميركية بصفة خاصة. وفي هذا الشأن - حسب مراقبين - «يعتمد (داعش) على جماعات بعيدة عنه في دول أخرى، من بينها (بوكو حرام) لتنفيذ مخططه، باستهداف الأجانب، ومواطني الدول الأخرى الأبرياء». وحقًا، كما تشير الدراسة المصرية، فإن «بوكو حرام» هي الجماعة الأكثر دموية، بدليل مسؤوليتها عن قتل 6 آلاف ونصف الألف شخص، وتسمى أيضا جماعة «أهل الدعوة والجهاد» ويترجم اسم «بوكو حرام» لدى أنصاره إلى «التعليم الغربي حرام».
* لمحة تاريخية
بعد نزاع مع السلطات النيجيرية، وبعد مقتل زعيمها الأسبق محمد يوسف في 2009 تبنت «بوكو حرام» حملة من العنف، وأعلن رئيسها السابق أبو بكر شيكاو ما أطلق عليه «الجهاد ضد الحكومة النيجيرية والولايات المتحدة الأميركية» في 2010، ووفق الدراسة المصرية «وصلت هذه الانقسامات لدرجة الاحتراب الداخلي في صفوف الجماعة». مضيفة أن «مواجهات وقعت بالفعل بين مقاتلين لـ(بوكو حرام) بعضهم البعض في منطقة مونجومو بولاية بُرنو على مقربة من بحيرة تشاد، ما قد ينذر بسقوط متوقع بين لحظة وأخرى خلال الفترة المقبلة للجماعة التي تصدرت الجماعات الإرهابية العام الماضي في القتل والعنف».
في هذه الأثناء، أعاد «داعش» تنظيم خطوطه في قارة أفريقيا بعد هزائمه المتتالية من قبل قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا وهروب مقاتليه. وكان، من ثم، يراهن على ذراعه الأفريقية «بوكو حرام» للتوسّع في القارة السمراء، إلا أن الانقسامات التي أخذت تعصف بالجماعة جعلته يفقد السيطرة عليها، وبالتالي، على فرص توسعه في غرب أفريقيا.
ويرى محللون أنه عندما بايعت «بوكو حرام» تنظيم داعش أدت هذه المبايعة إلى زيادة قدراتها القتالية أكثر من ذي قبل. وعلى أثر ذلك أخذت الجماعة على عاتقها شأنها شأن «داعش» مهمة محاربة مؤسسات من تدعوها «الدولة الكافرة» - من وجهة نظرها -، والعمل حسب زعمها «من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية» وإقامة «دولة الخلافة» على الأرض، أو الموت دون ذلك.
ويضيف المحللّون، علاوة على ما سبق، أن الفكرة الرئيسة التي تؤمن بها «بوكو حرام»، وأيضا «داعش»، هي أن «دولة الخلافة» لا بد أن تسود الكرة الأرضية. ويلزم تحقيق هذا الغرض قتل غير المسلمين إذا ما باء إجبارهم على اعتناق الإسلام بالفشل، بل، حتى المسلمين الذين يعارضون أسلوبهم الوحشي وهجماتهم البربرية يكون مصيرهم المحتوم هو القتل.
* صراع الجناحين
وكشفت الدراسة المصرية، التي أعدها مرصد الأزهر، عن وجود تلاسن بين أنصار البُرناوي وأتباع شيكاو، وذلك عقب اتهام أتباع شيكاو أنصار البُرناوي بـ«الانحراف عن الفكر الجهادي الحقيقي» التي تزعم الجماعة اعتناقه، فضلا عن اعتناق منهج تنظيم داعش في قتل الأبرياء واستباحة دمائهم ونهب منازلهم، وإرسال انتحاريين إلى مناطق مزدحمة بالناس مثل الأسواق ومهاجمة المسلمين بشكل عشوائي في المساجد، مما أدى إلى خسارة تعاطف البعض ممن كانوا يرون خطأ أن «بوكو حرام» تحارب من أجل الدين. ومن ثم، تحولت قناعات المتعاطفين مع «بوكو حرام» ليكتشفوا أن الجماعة لا تحارب حقا من أجل الإسلام كما كانت تزعم.
كذلك، أوضحت الدراسة أن «داعش» قد يسعى لتغيير استراتيجية «بوكو حرام» باستهداف المسيحيين في نيجيريا. وقالت إن مثل هذا التحول في استراتيجية الجماعة قد يعيد للجماعة قوتها من جديد - على حد مزاعم عناصرها -، لا سيما إذا ما نجحت في استغلال التوترات الطائفية الموجودة في المناطق النيجيرية ذات الكثافة السكانية من المسلمين والمسيحيين؛ الأمر قد يشكل خطورة كبيرة جدا قد تنتهي باندلاع صراع طائفي أوسع، يتجاوز نيجيريا والدول المجاورة إلى دول أفريقية أخرى.
وقالت مصادر مصرية مطلعة، على هذا الجانب بالذات، إن جماعة «بوكو حرام» طرحت نفسها اليوم كمدافع عن الإسلام والمسلمين ضد المسيحيين، ما أكسبها لبعض الوقت نوعًا من التعاطف في أوساط بسطاء المسلمين.
* أبو مصعب البُرناوي
ويرى مراقبون أن وقوع اختيار «داعش» على أبو مصعب البُرناوي، قبل شهرين، رجّح وقتها أن يتبعه تزايد في وتيرة عمليات «بوكو حرام» ووحشيتها لإثبات كفاءة القيادة الجديدة، فضلا عن تغيير أهداف هذه العمليات لبيان تميز هذه القيادة، إلا أن الانشقاقات والاقتتال سرعان ما دبّت داخل الجماعة. وحسب الدارسة المصرية، فإن «الشقاق الحادث داخل (بوكو حرام) جعل المقاتلين يفكّرون جيدًا في مدى مصداقية الجماعة ومزاعمها التي تستقطب الشباب من خلالها». ومن ثم اكتشفوا حقًا «زيف ادعاءاتها وبطلان عقيدتها، فتراجعوا عن تأييدها ورفضوا البقاء ضمن صفوفها، فضلا عن هروب المقاتلين بسبب نقص الأسلحة».
من ناحية أخرى، يقول مراقبون إن جماعة «بوكو حرام» نجحت في إقامة شبكة علاقات قوية مع التنظيمات «القاعدية» في شمال أفريقيا، وخصوصا مع تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» من خلال إرسال الجماعة عددًا من مقاتليها للمشاركة في القتال في شمال جمهورية مالي، والحصول على التمويل والسلاح والتدريب لعناصرها. وتشير بعض المؤشرات في هذا الصدد إلى أن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» أمدّ الجماعة بكميات من الأسلحة نقلت إليه من ليبيا عبر دول الجوار، خاصة، النيجر وتشاد.
* الإفراج عن الفتيات
أخيرًا، في السياق نفسه، أعلن المتحدث باسم الرئيس النيجيري محمد بوخاري على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أنه تم الإفراج عن 21 فتاة من بين أكثر من مائتي فتاة اختطفن من قبل «بوكو حرام» من مدرسة في بلدة شيبوك بشمال شرقي نيجيريا عام 2014. وكانت «بوكو حرام» قد اختطفت 276 فتاة وشابة في أبريل (نيسان) عام 2014 من مدرستهن في البلدة، بينما تمكنت 50 فتاة فقط من الهروب من خاطفيهن.
ويشار إلى أنه في عام 2015، تم إنقاذ ما يقارب 700 امرأة وطفل من قبل الجيش النيجيري، بعدما كانوا محتجزين لدى «بوكو حرام». وقالت المصادر المطلعة إن محاولات مضنية من الجيش النيجيري لتحجيم هذه الجماعة والقضاء عليها، إذ مثلت ولا تزال تمثل صداعًا مزمنًا في رأس الحكومة النيجيرية.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».