دول «البريكس» تواجه التباطؤ الاقتصادي بتعزيز التعاون

قادة الصين والبرازيل والهند وروسيا وجنوب أفريقيا يعقدون قمتهم في الهند

جانب من اجتماع رؤساء أكبر اقتصادات ناشئة في قمة بريكس أمس (أ.ب)
جانب من اجتماع رؤساء أكبر اقتصادات ناشئة في قمة بريكس أمس (أ.ب)
TT

دول «البريكس» تواجه التباطؤ الاقتصادي بتعزيز التعاون

جانب من اجتماع رؤساء أكبر اقتصادات ناشئة في قمة بريكس أمس (أ.ب)
جانب من اجتماع رؤساء أكبر اقتصادات ناشئة في قمة بريكس أمس (أ.ب)

تسعى اقتصادات الدول الناشئة لتعزيز العمل فيما بينها، لمواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي يؤثر بالكاد على معدلات النمو في بلادهم، في ضوء زيادة الحاجة إلى التكامل الاقتصادي في العالم، لخلق فرص استثمارية وبالتالي وظائف.
وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ صاحب ثاني أكبر اقتصاد في العالم وضمن الدول الناشئة، إن «الاقتصاد العالمي لا يزال هشًا» في إشارة إلى المؤشرات المالية حول العالم التي تفيد بضعف التحفيزات من قبل المسؤولون عن السياسات المالية والنقدية في العالم.
ويجتمع رؤساء حكومات دول «بريكس» الخمس، في ولاية جوا الساحلية بجنوب الهند على مدار يومين السبت والأحد، لمواجهة التحديات الاقتصادية. وتضم المجموعة خمسة اقتصادات ناشئة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
وتشكلت منظمة بريكس التي تمثل 53 في المائة من إجمالي سكان العالم وإجمالي ناتج داخلي يقارب 16 ألف مليار دولار، في العام 2011 لإحداث توازن مع نفوذ الغرب في إدارة شؤون العالم.
وقال الرئيس الصيني في بيان أمس الأحد، إن «الاقتصاد العالمي ما زال يواجه انتعاشا محفوفا بالمخاطر» مضيفًا أنه «بسبب عوامل داخلية وخارجية في آن، تشهد دول بريكس نموًا اقتصاديا بطيئا بعض الشيء، وتواجه عددًا من التحديات الجديدة».
ورئيس الوزراء الهندي هو الوحيد الذي يمكنه التباهي بحصيلة بلاده الاقتصادية. وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، فإن الهند ستسجل نموًا بنسبة 7.6 في المائة للسنة المالية 2016-2017. وهي نسبة موازية للسنة المالية السابقة.
وسجلت روسيا والبرازيل مؤخرا انكماشا اقتصاديا، فيما تمكنت جنوب أفريقيا من تفادي الانكماش في اللحظة الأخيرة بتسجيلها تحسنا الشهر الماضي. أما الصين التي بقيت لفترة طويلة محركا للاقتصاد العالمي، فسجل نموها تباطؤا كبيرا.
وشدد رئيس الوزراء الهندي في القمة، على أنه من الأساسي أن تطور دول بريكس مستوى التعاون فيما بينها، داعيا إلى إزالة الحواجز التجارية وتشجيع إقامة البنى التحتية.
وقال: «إن تشجيع الترابط الاقتصادي والتجاري شكل الدفع الأساسي لمنظمة بريكس». لافتًا إلى أن الانفتاح الاقتصادي الذي باشرته حكومته أعطى ثمارًا ويمكن استخلاص العبر منه.
وتابع: «قمنا في الهند بجهود جوهرية لتحسين الحوكمة.. وجعلنا من الهند أحد الاقتصادات الأكثر انفتاحا في العالم».
من جهته، رأى الرئيس الصيني أنه ليس هناك ما يمنع ازدهار التكتل، داعيا الدول الأعضاء إلى «تحركات عملية لتعزيز الثقة». ولفت إلى أن توقعات التنمية «على الأمد البعيد تبقى إيجابية».
وقال كيه. في كاماث رئيس بنك التنمية الجديد الذي أسسته مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة، إن البنك سيزيد حجم قروضه إلى 2.5 مليار دولار العام المقبل بعد أن قدم أول قروض لدعم مشروعات خضراء.
وفي يوليو (تموز) وافقت دول «بريكس» على تأسيس بنك التنمية الجديد برأسمال مرخص مبدئي قدره 100 مليار دولار. وجرى تدشين البنك رسميًا بعد ذلك بعام.
ومع تراجع اقتصاد روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا والتباطؤ في الصين تبددت حالة الحماس التي صاحبت إطلاق البنك الجديد إلا أن رئيس البنك كاماث يرى أن الدول الأعضاء في بريكس ستستفيد كثيرا من تعزيز التعاون فيما بينها.
وقال: «في واقع الأمر أن هذه الدول مجتمعة ساهمت في السنوات القليلة الماضية بأكثر من 50 في المائة من حجم الثروة الاقتصادية التي تم جمعها على مستوى العالم. لا أتوقع أن يتغير ذلك». وأقر البنك حتى الآن قروضا تصل إلى 900 مليون دولار لمشروعات خضراء تحافظ على البيئة في كل من الدول الأعضاء.
ويرى كاماث أن ثمة مجالاً واسعًا لتأسيس بنوك جديدة مثل بنك التنمية الجديد والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تقوده الصين فضلا عن مؤسسات قائمة مثل البنك الدولي.
وقال: «البنية التحتية وحدها تحتاج بين تريليون و1.5 تريليون دولار سنويًا على مستوى العالم - جميع البنوك متعددة الأطراف تستطيع معًا ربما تقديم 15 في المائة من هذا الرقم.. ما أود قوله هو دعونا نتعاون ونعمل معا بدلا من التنافس. لا أرى المنافسة تحديا رئيسيا في هذا الصدد».



تحسن نشاط الأعمال في منطقة اليورو

منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
TT

تحسن نشاط الأعمال في منطقة اليورو

منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)

شهد نشاط الأعمال في منطقة اليورو تحسناً ملحوظاً هذا الشهر، فقد عاد قطاع الخدمات المهيمن إلى النمو، مما ساهم في تعويض الانكماش المستمر في قطاع التصنيع.

وارتفع «مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي» لمنطقة اليورو، الذي تُعِدّه «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 49.5 في ديسمبر (كانون الأول) الحالي من 48.3 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رغم أنه بقي دون مستوى الـ50 الذي يفصل بين النمو والانكماش. وكان استطلاع أجرته «رويترز» قد توقع انخفاضاً إلى 48.2.

وقال سايروس دي لا روبيا، كبير خبراء الاقتصاد في بنك «هامبورغ التجاري»: «نهاية العام جاءت أكثر تفاؤلاً مما كان متوقعاً بشكل عام. عاد نشاط قطاع الخدمات إلى منطقة النمو، مع تسارع ملحوظ في التوسع، مشابه للتوسع الذي شهدناه في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين».

وارتفع مؤشر قطاع الخدمات إلى 51.4 من 49.5، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى استقرار الوضع عند مستويات نوفمبر الماضي. ومع ذلك، فقد أظهرت البيانات أن الشركات لا تتوقع تحسناً سريعاً في النشاط؛ إذ حافظت على استقرار أعداد الموظفين بشكل عام، فقد تراجع مؤشر التوظيف في قطاع الخدمات إلى 50.1 من 51.0.

في المقابل، استقر مؤشر مديري المشتريات في قطاع التصنيع، الذي ظل دون 50 منذ منتصف عام 2022، عند 45.2 في نوفمبر، وهو أقل بقليل من توقعات الاستطلاع البالغة 45.3. كما تراجع مؤشر الناتج، الذي يغذي «مؤشر مديري المشتريات المركب»، إلى 44.5 من 45.1.

وأضاف دي لا روبيا: «لا يزال الوضع في قطاع التصنيع متدهوراً، فقد انخفض الناتج بوتيرة أسرع في ديسمبر الحالي مقارنة بأي وقت سابق من هذا العام، كما تراجعت الطلبات الواردة أيضاً».

وفي إشارة إلى استمرار تدهور الوضع، تواصل تراجع الطلب على السلع المصنعة في منطقة اليورو، فقد انخفض مؤشر الطلبات الجديدة إلى 43.0 من 43.4.

ومع ذلك، أظهرت البيانات تحسناً في التفاؤل العام، حيث ارتفع «مؤشر التوقعات المستقبلية المركب» إلى أعلى مستوى له في 4 أشهر، مسجلاً 57.8 مقارنة بـ56.1 في الشهر السابق.

وفي فرنسا، انكمش قطاع الخدمات بشكل أكبر في ديسمبر، رغم تباطؤ وتيرة الانكماش، وفقاً لمسح تجاري أجرته «ستاندرد آند بورز غلوبال». وارتفع «مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات» التابع لمؤسسة «إتش سي أو بي» إلى 48.2 في ديسمبر من 46.9 في نوفمبر الذي سبقه، متجاوزاً بذلك توقعات المحللين التي كانت تشير إلى 46.7.

كما شهد القطاع الخاص الفرنسي الأوسع تحسناً طفيفاً، حيث ارتفع «مؤشر الناتج المركب لقطاع إدارة المشتريات» إلى 46.7 من 45.9، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى 45.9. ومع ذلك، تراجع نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 55 شهراً عند 39.6 مقارنة بـ41.1 في الشهر السابق.

وفي هذا السياق، قال طارق كمال شودري، الخبير الاقتصادي في بنك «هامبورغ التجاري»: «يظل قطاع الخدمات في حالة من الغموض، وباستثناء مدة قصيرة خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس، فقد واجه مقدمو الخدمات صعوبة في تحقيق زخم للنمو».

وأشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن عدم الاستقرار السياسي، وضعف ظروف الطلب، كانا من أبرز التحديات التي ساهمت في انخفاض حاد بالتوظيف. وبيّن الاستطلاع أنه رغم التحسن الطفيف في ثقة الأعمال، فإن التوقعات لا تزال ضعيفة في ظل استمرار حالة عدم اليقين السياسي.

أما في ألمانيا، فقد تراجع التباطؤ الاقتصادي بشكل طفيف في ديسمبر، لكن نشاط الأعمال ظل في حالة انكماش للشهر السادس على التوالي. وارتفع «مؤشر مديري المشتريات الألماني المركب»، الذي أعدته «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 47.8 من 47.2 في نوفمبر، رغم أنه ظل في منطقة الانكماش. وكان المحللون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا قراءة تبلغ 47.8.

كما ارتفع مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات في ألمانيا إلى 51 خلال ديسمبر من 49.3 في نوفمبر، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى 49.4. وفي هذا السياق، قال دي لا روبيا: «يمثل هذا التحسن في قطاع الخدمات توازناً جيداً مع تراجع الناتج الصناعي السريع، مما يبعث بعض الأمل في أن الناتج المحلي الإجمالي قد لا يكون قد انكمش في الربع الأخير من العام».

وكانت ألمانيا قد تفادت الركود الفني في الربع الثالث، لكن الحكومة تتوقع انكماش الناتج بنسبة 0.2 في المائة عام 2024 عموماً، مما يجعلها متخلفة عن بقية الاقتصادات العالمية الكبرى. وعانى الاقتصاد الألماني من تأثيرات ازدياد المنافسة من الخارج وضعف الطلب وتباطؤ الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، أدى الخلاف حول الموازنة إلى إسقاط الائتلاف الثلاثي في البلاد، مما ترك أكبر اقتصاد في أوروبا في حالة من الغموض السياسي حتى الانتخابات المبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وقال دي لا روبيا: «لم يقدم قطاع التصنيع أي مفاجآت إيجابية في العطلات. هذا ليس مفاجئاً بالنظر إلى الأخبار السلبية المستمرة حول الشركات التي تخطط لإعادة الهيكلة».

كما تدهور مؤشر التصنيع قليلاً، حيث انخفض إلى 42.5 من 43 في الشهر السابق، وظل بعيداً عن مستوى النمو. وكان المحللون يتوقعون زيادة طفيفة إلى 43.3.