مقاتلو قوات المعارضة في حلب يؤكدون قدرتهم على الصمود شهرين

منظمة دولية تقول إنه يجري قصف كل المساحات المدنية

مقاتلو قوات المعارضة في حلب يؤكدون قدرتهم على الصمود شهرين
TT

مقاتلو قوات المعارضة في حلب يؤكدون قدرتهم على الصمود شهرين

مقاتلو قوات المعارضة في حلب يؤكدون قدرتهم على الصمود شهرين

لم ترخ اجتماعات لوزان التي تسعى لإعادة تفعيل مسار الحل السياسي للأزمة السورية ظلالها على الجبهات المشتعلة في مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، إذ أفاد ناشطون باحتدام عمليات القصف الجوي بالتزامن مع استمرار الاشتباكات على أكثر من محور.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحدث أمس عن «غارات استهدفت أحياء مساكن هنانو والميسّر وضهرة عواد، وإنذارات مناطق أخرى تحت سيطرة الفصائل في مدينة حلب»، تزامنت مع «استمرار الاشتباكات على محاور عدة وتحديدا في حي الشيخ سعيد جنوبا وحي بعيدين شمالا، ومنطقة حلب القديمة».
في حين أفاد مصدر عسكري معارض في حلب لـ«الشرق الأوسط»، بأن قوات النظام وحلفاءه ماضون بالمرحلة الرابعة من خطتهم، التي بدأت بقطع طريق الإمداد عن الأحياء الشرقية، وانتقلت إلى التطويق ومن ثم القصف الشديد، وصولا للمرحلة الحالية التي تقضي بالاقتحام. ولفت المصدر إلى أن الهجوم يتركز على محورين، هما: محور الشيخ سعيد باتجاه العامرية ومحور الكاستيلو - بستان الباشا. وأضاف المصدر «الهدف الأساسي للهجومين تقسيم المنطقة الشرقية إلى شمالية وجنوبية وصولا إلى عزل كل حي عن الآخر في هذه المناطق».
وإذ تحدث المصدر العسكري المعارض عن قدرة ثوار المعارضة على «الصمود لشهرين بالمقومات الحالية»، توقع أن تكون هناك «أعمال عسكرية من خارج حلب للتخفيف من الضغوط على الثوار في الداخل»، لافتا إلى أن المعركة في المدينة بينهم وبين قوات النظام وحلفائه باتت «معركة كسر عظم». وأردف: «ليس هدفنا استرجاع طريق الإمداد فقط بل ضمان عدم استرجاعه كما حصل أخيرًا».
في هذا الوقت، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» من الغارات الجوية المستمرة على القطاع المحاصر الذي تسيطر عليه المعارضة بمدينة حلب، وقالت إنها حولت المدينة إلى «منطقة موت» بالنسبة للأطفال. وذكر رئيس بعثة المنظمة لسوريا كارلوس فرنسيسكو، أنه «يجري قصف جميع أشكال المساحات المدنية، حيث تتعرض المدارس للدمار. والواقع أن الأطفال يموتون كل يوم فيما يبدو أنها منطقة موت». ولقي 114 طفلا على الأقل حتفهم بالإضافة إلى إصابة 321 في هجمات على شرق حلب التي تسيطر عليها المعارضة في الأسابيع الثلاثة الماضية، وفق ما أفادت به «أطباء بلا حدود». وأضافت المنظمة التي تدعم ثمانية مستشفيات بمنطقة المعارضة في المدينة أن السلطات الطبية في شرقي المدينة تقلق أيضا بسبب ارتفاع عدد الأطفال الذين يعانون من الأمراض التي تنقلها المياه، فضلا عن عدم وجود التطعيمات الأساسية. وتابعت أن «استهداف محطة ضخ المياه عن طريق الضربات والقصف أدى إلى ندرة المياه النظيفة». وقالت إن المستشفيات شرق حلب أفادت بأن الأطفال يعانون من الإسهال والجفاف والالتهاب الكبدي الوبائي «أ».
من ناحية ثانية، يبدو أن أزمة المياه التي ترزح تحتها حلب منذ أشهر، سلكت طريق الحل، إذ نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر مسؤول في إدارة الخدمات العامة التابعة للمعارضة، أن «اللجنة توصلت إلى اتفاق مع القوات الحكومية السورية لتحييد مضخات المياه في المدينة عن الأعمال العسكرية وإعادة تأهيلها وصيانتها». وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن اللجنة توصلت مع قوات النظام إلى اتفاق لصيانة محطة النيرب والعمل على صيانة محطة سليمان الحلبي المحطة الرئيسية في المدينة. وأوضح أنّ العمل جارٍ لإصلاح باقي المضخّات، لتحسين وزيادة معدل الضخ إلى أحياء المدينة. وكشف المصدر أن محطة سليمان الحلبي تعرضت نهاية الشهر الماضي خلال العمليات العسكرية على أحياء حلب الشرقية إلى أضرار قاربت 70 في المائة، لا سيما استخدام القنابل الخارقة للتحصينات، التي تسبب دمارًا هائلاً في البنى التحتية.
وتقع محطة سليمان الحلبي وهي المحطة الرئيسية التي تغذي كل مدينة حلب في حي سليمان الحلبي، الذي يعتبر خط تماس عسكريا بين فصائل المعارضة السورية، وقوات النظام والمسلحين الموالين لهًا. وكانت مختلف أحياء مدينة حلب، الخاضعة لسيطرة كل من النظام والمعارضة، قد عانت من أزمة مياه خانقة خلال الأشهر الماضية بسبب استهداف خطوط المياه من قبل طيران النظام ومدفعيته وقطع مسلحي المعارضة المياه عن أحياء حلب الغربية التي مصدرها محطة سليمان الحلبي. وقال «ح.خ»، وهو أحد سكان المنطقة الشرقية في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن المياه لا تصل أبدا إلى منازلهم، وإنّهم يعتمدون على خزانات مشتركة موضوعة في الشوارع يتم ملؤها من خلال الصهاريج.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.