العمليات الإرهابية في سيناء تتمدد خارج نطاق المثلث الساخن باتجاه بئر العبد

مقتل 12 جنديًا و15 عنصرًا إرهابيًا في الاشتباكات الأعنف منذ عامين

صورة تعود للعام الماضي لإحدى العمليات الإرهابية في شمال سيناء (غيتي)
صورة تعود للعام الماضي لإحدى العمليات الإرهابية في شمال سيناء (غيتي)
TT

العمليات الإرهابية في سيناء تتمدد خارج نطاق المثلث الساخن باتجاه بئر العبد

صورة تعود للعام الماضي لإحدى العمليات الإرهابية في شمال سيناء (غيتي)
صورة تعود للعام الماضي لإحدى العمليات الإرهابية في شمال سيناء (غيتي)

قتل 12 جنديا مصريا وأصيب 6 آخرون في شمال سيناء أمس، إثر هجوم شنته عناصر إرهابية على كمين في نطاق بئر العبد، في أول عملية نوعية تشهدها المدينة التي ظلت بمنأى عن العمليات الإرهابية في شبه الجزيرة التي تعاني من نشاط إرهابي مكثف منذ ما يزيد على ثلاث سنوات. وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش المصري العميد محمد سمير إن 15 عنصرا إرهابيا قتلوا في العملية.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أول تعليق له على العملية الإرهابية «إن دماء أبناء مصر الغالية التي سالت على رمال سيناء العظيمة صباح اليوم (أمس) لن تزيدنا إلا إصرارًا وعزيمة على أن نستكمل معركتنا من أجل البناء والبقاء». وأضاف الرئيس عبر صفحته الرسمية على موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»: «رحم الله أبطالنا الأبرار ورزق ذويهم الصبر والسلوان».
وأوضح العميد سمير في بيان نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن مجموعة مسلحة من العناصر الإرهابية قامت صباح أمس بمهاجمة إحدى نقاط التأمين بشمال سيناء مستخدمة عربات الدفع الرباعي.
وقال الناشط السيناوي منظور رمضان إن هذا تطور في طبيعة العمليات في شمال سيناء، إذ تعد بئر العبد من المدن البعيدة عن المثلث الساخن في العريش ورفح والشيخ زويد.
وذكر شهود عيان أن هجوما إرهابيا بالأسلحة الرشاشة وقع ضد كمين أمني في منطقة زغدان شمال الحسنة وجنوب بئر العبد بنحو 40 كيلومترا، وأن سيارات إسعاف كثيرة هرعت للمكان.
وقال مصدر طبي إنه تم نقل الضحايا لمستشفى بئر العبد ومنها لمستشفيات العريش والإسماعيلية. ودفعت مديرية الصحة بأطقم طبية لمستشفى بئر العبد معلنة حالة الطوارئ بها.
وقال العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم «يعد تطورا جديدا بلا شك، أن تطال العمليات بئر العبد يعني أن الجماعات الإرهابية ترغب في إثبات حضورها على الساحة مجددا بعد أن أعيتها الاستراتيجية الأمنية في العريش والشيخ زويد ورفح».
ويقع كمين زقدان على مدخل منطقة مغارة على بداية الطريق المتفرع من طريق بئر العبد الجفجافة بوسط سيناء. وبحسب مصادر أمنية كان 30 جنديا في الموقع لحظة الهجوم.
ومنذ أوائل عام 2015 بعد الهجومين المروعين على كمين كرم القواديس، ومعسكر الكتيبة 101 تراجعت إلى حد بعيد عمليات الاشتباك المباشر، واعتمدت الجماعات الإرهابية على تكتيكات العبوات الناسفة.
وأشار العميد عكاشة إلى أن عملية بئر العبد تعد استئنافا لعمليات الإغارة التي يشنها الإرهابيون، وأضاف أنه بالتأكيد جرى الإعداد لهذه العملية والتحضير لها في مناطق جبل الحلال في وسط سيناء، وهي منطقة جبلية وعرة تشبه مسرح العمليات في اليمن وفي أفغانستان.
وتابع أنه «بالنظر لعدد القتلى من العناصر الإرهابية كان المهاجمون بين 30 إلى 40 مهاجما، كما يعكس عدد الضحايا من القوات المسلحة حجم الكثافة النيرانية التي شهدتها العملية، لكن من المؤكد أنه لم تكن نزهة للإرهابيين الذين سقط لهم 15 قتيلا». وأعلنت حالة الطوارئ في مناطق في شمال سيناء منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014، وفرض حظر للتجوال، وما زالت حالة الطوارئ معلنة في المنطقة التي تشهد نشاطا لتنظيم أنصار بيت المقدس، الذي بايع تنظيم داعش.
وكان الجيش المصري أعلن مقتل زعيم تنظيم أنصار بيت المقدس أبو دعاء الأنصار في عملية نوعية في أغسطس (آب) الماضي.
وقال العميد سمير في بيانه أمس إن القوات المسلحة تؤكد أن هذه الأعمال الدنيئة لن تثنيها عن تأدية واجبها في حماية الشعب المصري العظيم.
وقتل خلال السنوات الماضية المئات من عناصر الجيش والشرطة، بعد أن كثفت الجماعات الإرهابية من وتيرة عملياتها بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، إثر مظاهرات شعبية حاشدة.
من جانبه، أدان مجلس الوزراء «العمل الإجرامي»، وأكد شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أن الدولة عازمة على تطهير كل ربوع مصر من هذه العناصر الآثمة، ودحر قوى الظلام والجهل، واستكمال مسيرة البناء والتنمية.
كما ثمن رئيس الوزراء التضحيات الغالية التي يبذلها رجال القوات المسلحة البواسل، مشيرا إلى أن الجيش المصري يتذكر في عيد قواته الجوية بطولات نسوره في حرب أكتوبر المجيدة، ليؤكد دوما أنه سيبقى الدرع الذي يصون مقدرات الوطن، ويحمي أرواح المواطنين وممتلكاتهم.
وبدوره، أدان الأزهر الشريف بشدة الهجوم الإرهابي الذي وصفه بـ«الخسيس» الذي استهدف إحدى نقاط التأمين بشمال سيناء. وأكد الأزهر الشريف في بيان أمس أن شريعة الإسلام تجرم وتحرم بشكل قاطعٍ مثل هذه الأعمال الإرهابية البغيضة التي تتعارض تمامًا مع صحيح الدِّين ولا يقوم بها إلا كل مارق وجاحد.
وشدد الأزهر الشريف على أن ارتكاب هذه الأعمال الإرهابية الخسيسة دليل على جبن مرتكبيها، وتجردهم من أدنى درجات الوطنية والإنسانية، وهو ما يتطلب التعامل بكل حزم مع هؤلاء الإرهابيين، مجددًا تضامنه الكامل مع كل مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الجيش والشرطة؛ لدرء خطر الإرهاب الخبيث، واقتلاعه من جذوره.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.