أنباء عن اتصالات دبلوماسية بين أنقرة ودمشق.. والحكومة التركية تنفي

مصادر أكدتها لـ «الشرق الأوسط» وأرجعتها للتوافق مع موسكو

أنباء عن اتصالات دبلوماسية بين أنقرة ودمشق.. والحكومة التركية تنفي
TT

أنباء عن اتصالات دبلوماسية بين أنقرة ودمشق.. والحكومة التركية تنفي

أنباء عن اتصالات دبلوماسية بين أنقرة ودمشق.. والحكومة التركية تنفي

أكدت مصادر مطلعة على اتصالات جارية بين أنقرة ودمشق احتمال عقد لقاء قريب بين وفد من الخارجية التركية ومسؤولين سوريين في دمشق، فيما أكدت الحكومة التركية أنه لا صحة لما يتردد حول هذا الصدد.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، تعليقا على أنباء ترددت، أمس، حول احتمال توجه وفد من الخارجية التركية إلى دمشق قريبا ولقاء مسؤولين من النظام هناك، إن هناك اتصالات جارية في هذا الصدد، وهناك استراتيجية جديدة وضعتها أنقرة من خلال المشاورات مع موسكو للتعامل مع الملف السوري من منظور جديد خلال الفترة المقبلة، تركز على الحلول دون التمسك بشرط الرحيل الفوري لرئيس النظام السوري بشار الأسد، ستبدأ بتخفيف الخطاب التركي المتشدد تجاه الأسد في المرحلة المقبلة.
وأضافت هذه المصادر أن أنقرة تتحرك من منطلق العمل على وقف إراقة الدماء في سوريا وبشكل خاص ما يجري في حلب ووقف إطلاق النار وتأمين المساعدات العاجلة للمحاصرين والمحتاجين.
ولفتت المصادر إلى أن أنقرة لا تعول في هذه الفترة كثيرا على التنسيق مع الجانب الأميركي لكثير من الأسباب، أهمها عدم التوافق بشأن أكراد شمال سوريا، وأزمة ملف تسليم الداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه السلطات التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي، والموقف الأميركي المساند لحكومة حيدر العبادي في العراق، وإعلان واشنطن أن الوجود العسكري التركي في بعشيقة غير قانوني ولا علاقة له بالتحالف الدولي، مما سبب ضغطا على أنقرة بالنسبة لعملية الموصل.
وكان رفعت بالي الكاتب في صحيفة «أيدينلك» التركية المعروفة بقربها من حزب الوطن اليساري الذي قام مسؤولون منه من قبل بصفة منفردة بزيارات لدمشق ولقاء الأسد وعدد من كبار مسؤوليه، كتب أمس، «تحدثت مع مصدر رفيع يتابع التطورات الاستراتيجية جيدا وأخبره بأن وفدا سيتوجه من أنقرة إلى دمشق مما جعله يسأله بحذر أهو وفد غير رسمي؟ فقال لي لا إنه وفد من وزارة الخارجية».
وأضاف بالي في مقاله، أنه تباحث مع مسؤولين بارزين في الدولة قائلا: «أدركوا نتائج المصالحة مع بوتين، إذ تحدثت مع مسؤول بارز وأخبرني أن وفدا سيتوجه من أنقرة إلى دمشق، فسألته بحذر ما إن كان وفدا غير رسمي؟ فأبلغني أنه وفد من وزارة الخارجية أي شخصيات دبلوماسية. ومنحني بعض التفاصيل بأن الوفد سيتضمن دبلوماسيين يعرفون اللغة العربية وأنهم سيذهبون عما قريب في حدود 4 - 5 أيام تقريبا».
ولفت إلى أنه سأل أعضاء في حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكنهم أبلغوه بأنهم ليسوا على علم بالأمر، غير أنهم أكدوا أن الخطوة لا تتعارض مع المشهد البادي على الساحة.
غير أن وزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك عمر جليك، نفى ما جاء بالمقال، قائلا إن بلاده لم تجر أي اتصالات مباشرة أو غير مباشرة مع النظام السوري، وأنها لن تُجري أي شيء من هذا القبيل خلال الفترة المقبلة.
وقال جليك، ردّا على سؤال لأحد نواب حزب الشعوب الديمقراطي المعارض بشأن تقارير إعلامية تدعي استعداد أنقرة للتشاور مع نظام الأسد لتنفيذ حرب مشتركة ضد الأكراد مقابل انسحاب فصائل المعارضة المدعومة من تركيا: «لم نجر أي اتصال دبلوماسي مباشر أو غير مباشر أو مكشوف أو مغلق مع نظام الأسد، ولن يكون لنا أي اتصال معه لاحقا؛ لأنه من غير الممكن أن نتواصل مع شخص غير شرعي يقتل شعبه بالمقاتلات والأسلحة الكيميائية».
وقال الوزير التركي، إن بلاده تنتهج موقفًا صريحًا تجاه الأزمة السورية، مضيفًا: «النظام السوري نظام إجرامي، والأسد شخص قاتل؛ لذلك فإن جميع الأنباء التي صدرت في وسائل الإعلام الدولية عارية عن الصحة».
وردّا على استخدام النائب المعارض كلمة «العصابات» لوصف فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا، قال جليك: «نحن نرفض مثل هذا الوصف، لأن تركيا تدعم الجيش السوري الحر منذ البداية كجزء من المعارضة السورية الشرعية، وهذه السياسة ليست خاصة بتركيا وإنما تلقى قبول كثير من الحلفاء».
كما انتقد جليك تصريحات بعض المعارضين التي تتهم الحكومة بالعداء للأكراد في سوريا، مؤكّدا أن حكومته لا تنتهج شيئا من هذا القبيل، وإنما تعارض حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي وصفه بأنه تنظيم إرهابي، وذراع لحزب العمال الكردستاني في سوريا.
وكانت أنقرة ألمحت من قبل بإمكانية تطبيع العلاقات مع سوريا على غرار ما حدث مع روسيا وإسرائيل، وأنها قد تقبل ببقاء الأسد لمرحلة انتقالية على ألا يكون مخاطبا لها.
في غضون ذلك، عقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قمة أمنية ضمت رئيس الوزراء وعددا من الوزراء ورئيس الأركان وقادة الأجهزة الأمنية، هي الثانية خلال الأسبوع الجاري، لبحث تطورات عملية درع الفرات التي ينفذها الجيش التركي في شمال سوريا لدعم قوات من الجيش الحر لتطهير الحدود التركية من التنظيمات الإرهابية، وكذلك عملية الموصل المرتقبة ضد «داعش»، والتوتر المتصاعد بين أنقرة وبغداد حولها، إضافة إلى مكافحة الإرهاب داخل تركيا.
وفي هذا الصدد، أكدت مصادر أن تعزيز تركيا من إجراءاتها لمكافحة الإرهاب في الداخل يعطي مؤشرا على عزم الحكومة التركية إجراء عمليات موسعة في سوريا والعراق، دون التفات إلى المواقف الخارجية أو الإقليمية، استنادا إلى الرؤية الجديدة للتنسيق مع موسكو بما يحقق المصالح القومية لتركيا.
كما أكد خبراء عسكريون أن حجم العتاد المستخدم في عملية درع الفرات وعدد الجنود المشاركين فيها، يشير إلى أن العملية لن تقتصر على تحرير مناطق غرب الفرات فقط.
وكان رئيس الوزراء التركي أعلن منذ أيام أن عملية الفرات ستتقدم إلى مناطق شرق الفرات التي تتمركز بها القوات الكردية إذا لزم الأمر.
وقال الأميرال في البحرية التركية، نصرت غونار، إن الحكومة تصرح بأن هدفها هو منع الاتحاد الديمقراطي من الانتقال إلى الغرب من الفرات، حتى لا يتمكن من الوصول إلى أحد المنافذ البحرية فيما بعد، متسائلاً أليس تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي دولة «كردستان» الحبيسة يشكل أيضًا خطرًا على المصالح القومية الاستراتيجية لتركيا؟
ولفت في تصريحات صحافية إلى أن تركيا تُظهر شجاعة في التحرك في جرابلس ومحورها، ولكن يجب عليها أن تحرص على عدم السقوط في عزلة دولية أو تحد للدول الكبرى، موضحًا أن انخراطها في عملية درع الفرات التي تشمل غرب الفرات فقط جاء في إطار حملة دبلوماسية بارعة جديدة يمكنها الانتقال إلى الشرق من الفرات، فالعتاد العسكري المتدفق إلى هناك يفصح عن قدرة تركيا في إجراء تحرك عسكري موسع.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.